للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَظَهَرَتْ نَجَابَتُهُ فِيهِ (وَ) لَا (الْفَرْضُ عَنْ كِفَايَةِ) غَيْرِ مَا مَرَّ فَلَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُ شَيْءٍ مِنْهُمَا (إنْ شَرَعَا فِيهِ) لِئَلَّا يُغَيِّرُ الشُّرُوعُ حُكْمَ الْمَشْرُوعِ فِيهِ وَإِنَّمَا خُولِفَ ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ، وَالْجِهَادِ لِئَلَّا تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ الْمَيِّتِ وَيَحْصُلُ الْخَلَلُ بِكَسْرِ قُلُوبِ الْجُنْدِ؛ وَلِأَنَّ الْعِلْمَ لَيْسَ كَالْخَصْلَةِ الْوَاحِدَةِ بَلْ كُلُّ مَسْأَلَةٍ مِنْهُ مَطْلُوبٌ بِرَأْسِهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، وَالْجِهَادِ وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ إذَا شَرَعَ فِي مَسْأَلَةٍ لَزِمَهُ إتْمَامُهَا، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ عَمَلًا بِالتَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ (وَلَا عِبَادَةٌ تَطَوُّعًا) صَوْمًا، أَوْ غَيْرَهُ إلَّا الْحَجَّ، وَالْعُمْرَةَ كَمَا سَيَأْتِيَانِ بَابُهُمَا وَذَلِكَ لِمَا مَرَّ آنِفًا وَلِخَبَرِ «الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ إنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ إسْنَادَهُ وَلِخَبَرِ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْكَلَامِ عَلَى نِيَّةِ الصَّوْمِ.

وَيُقَاسُ بِالصَّوْمِ غَيْرُهُ نَعَمْ يُكْرَهُ قَطْعُ ذَلِكَ بِلَا عُذْرٍ وَإِذَا قَطَعَهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَا يُثَابُ عَلَى مَا مَضَى؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَمْ تَتِمَّ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْوَجْهُ إنْ قَطَعَهُ بِعُذْرٍ، وَالتَّطَوُّعُ (كَصَوْمِ يَوْمِ عَرَفَاتٍ) ، وَهُوَ تَاسِعُ ذِي الْحِجَّةِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ قَالَ الْإِمَامُ: وَالْمُكَفَّرُ الصَّغَائِرُ وَيَوْمُ عَرَفَةَ أَفْضَلُ أَيَّامِ السَّنَةِ (لَا لِمَنْ فِي الْحَجِّ) فَمَنْ كَانَ حَاجًّا لَا يُسَنُّ لَهُ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ بَلْ يُسَنُّ لَهُ فِطْرُهُ (إنْ كَانَ إذَا صَامَ وَهَنَ) أَيْ ضَعُفَ وَهَذَا وَجْهٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ فِطْرُهُ وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِيَقْوَى عَلَى الدُّعَاءِ فَصَوْمُهُ فِيهِ خِلَافُ الْأَوْلَى بَلْ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ لِلنَّوَوِيِّ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَفِيهَا أَنَّهُ يُسَنُّ صَوْمُهُ لِحَاجٍّ لَمْ يَصِلْ عَرَفَةَ إلَّا لَيْلًا لِفَقْدِ الْعِلَّةِ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْمُسَافِرِ أَمَّا الْمُسَافِرُ فَيُسَنُّ فِطْرُهُ فِيهِ مُطْلَقًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ نَقَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيُسَنُّ صَوْمُ ثَامِنِ ذِي الْحِجَّةِ احْتِيَاطًا لِعَرَفَةَ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ بَلْ يُسَنُّ صَوْمُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ غَيْرِ الْعِيدِ وَقَوْلُ النَّظْمِ لَا لِمَنْ فِي الْحَجِّ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) كَصَوْمِ (سِتِّ) أَيَّامٍ مِنْ (شَوَّالٍ) بَعْدَ يَوْمِ الْعِيدِ قَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

ــ

[حاشية العبادي]

هُوَ فِي حَقِّ الْمُرْضِعِ، وَالْحَامِلِ وَدَافِعِ الْهَلَكِ، وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ فَظَاهِرٌ وَاعْلَمْ أَنَّ الْقِسْمَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ يَجِبُ فِيهِمَا الْقَضَاءُ، وَالْفِدْيَةُ، وَالْأَوَّلُ تَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ لَا غَيْرُ بِرّ

(قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُنْتَهَكَ حُرْمَةُ الْمَيِّتِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ نَحْوَ الْمَيِّتِ وَدَفْنَهُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنْ شَاءَ صَامَ) أَيْ أَتَمَّ صَوْمَهُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) كَانَ مَعْنَاهُ سَوَاءٌ أَكَانَ حَاجًّا، أَوْ لَا فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الْأَذْرَعِيِّ مَحَلُّ النَّصِّ مَحْمُولٌ عَلَى مُسَافِرٍ جَهَدَهُ الصَّوْمُ (قَوْلُهُ: كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ) قَالَ: الْأَذْرَعِيُّ: النَّصُّ مَحْمُولٌ عَلَى مُسَافِرٍ جَهَدَهُ الصَّوْمُ (قَوْلُهُ: وَسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ لَوْ صَامَ سِتَّةً مِنْ شَوَّالٍ عَنْ نَحْو نَذْرٍ، أَوْ قَضَاءٍ حَصَلَ مَعَ مَا نَوَاهُ سِتَّةُ شَوَّالٍ أَيْضًا وَأَفْتَى بِأَنَّهُ: لَوْ أَفْطَرَ رَمَضَانَ وَصَامَ عَنْهُ شَوَّالًا صَامَ السِّتَّةَ مِنْ الْقَعْدَةِ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ: هَذَا الْإِفْتَاءَ يُخَالِفُ مَا اعْتَمَدَهُ مِمَّا ذُكِرَ وَأُجِيبُ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا وُجِدَ صَارِفٌ عَنْ سِتَّةِ شَوَّالٍ بِأَنْ صَامَ شَوَّالًا عَنْ الْقَضَاءِ قَاصِدًا تَأْخِيرَ السِّتَّةِ إلَى مَا بَعْدَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْيَوْمَ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَا الْفَرْضَ عَنْ كِفَايَةٍ) يَنْبَغِي إنْ عَلِمَ، أَوْ ظَنَّ أَنَّ غَيْرَهُ يَقُومُ بِهِ، وَالْأَوْجَبُ الْإِتْمَامُ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي أَصْلِ الشُّرُوعِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ فَرْضُ الْكِفَايَةِ إنْ انْحَصَرَ الْعِلْمُ بِهِ فِي وَاحِدٍ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَإِلَّا أُجْبِرَ كُلٌّ فَإِنْ فَعَلَهُ الْبَعْضُ سَقَطَ الطَّلَبُ وَإِلَّا أَثِمُوا كُلُّهُمْ؛ لِأَنَّ كُلًّا تَرَكَ مَا لَزِمَهُ وَلَوْ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ اهـ.

(قَوْلُهُ: إذَا شَرَعَ فِي مَسْأَلَةٍ) قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ فِي حَوَاشِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ إنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا يُتَصَوَّرُ الشُّرُوعُ فِيهَا وَتَرْكُهَا مِنْ غَيْرِ إتْمَامٍ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ التَّصْدِيقِ، وَالتَّصْدِيقُ لَا يَتَبَعَّضُ كَذَا بِهَامِشِ الشَّارِحِ اهـ.

وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ هُنَا مَا يَعُمُّ تَصَوُّرَ الْمَوْضُوعِ، وَالْمَحْمُولِ (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالتَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْوَاحِدَةَ لَمْ تَجِبْ بِخُصُوصِهَا بَلْ لِانْدِرَاجِهَا فِيمَا يَجُوزُ قَطْعُهُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: كَصَوْمِ يَوْمِ عَرَفَاتٍ) وَلَوْ حَصَلَ الشَّكُّ فِي هَلَاكِ الْحُجَّةِ فَلَا تَحْرِيمَ وَلَا كَرَاهَةَ فِي صَوْمِهِ كَمَا فِي صِيَامِ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ بَعْدَ الشَّكِّ فِي أَوَّلِهِ قَالَهُ مَوْهُوبٌ الْجَحْدَرِيُّ اهـ.

عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ إلَخْ) أَيْ إنْ وَجَدَ شَيْئًا، وَإِلَّا زِيدَ بِهِ حَسَنَاتٌ فَلَا يُقَالُ: إنَّ الْوُضُوءَ، وَالصَّلَاةَ، وَالْجُمُعَةَ وَرَمَضَانَ وَغَيْرَهَا مُكَفِّرَاتٌ فَمَعْنَى أَنَّ كُلًّا مِنْ ذَلِكَ مُكَفِّرٌ أَنَّهُ صَالِحٌ لِلتَّكْفِيرِ وَوَجْهُ كَوْنِ عَرَفَةَ تُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ وَعَاشُورَاءَ سَنَةً أَنَّ عَرَفَةَ مِنْ خَصَائِصِنَا بِخِلَافِ عَاشُورَاءَ وَأَعْمَالُنَا يُضَاعَفُ ثَوَابُهَا عَلَى أَعْمَالِ بَقِيَّةِ الْأُمَمِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ اهـ.

شَرْحُ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ يُكَفِّرُ الْكَبَائِرَ لَكِنْ مَالَ إلَيْهِ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ، وَالْمُرَادُ بِالصَّغَائِرِ الَّتِي يُكَفِّرُهَا هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ هِيَ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِالْآدَمِيِّ قَالَ النَّوَوِيُّ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ صَغَائِرُ فَيُرْجَى أَنْ يَحْتُتْ مِنْ الْكَبَائِرِ اهـ.

شَرْحُ الْعُبَابِ وق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: لَا لِمَنْ فِي الْحَجِّ) مِثْلُهُ الْمُسَافِرُ وَلَوْ سَفَرًا قَصِيرًا إذَا أَجْهَدَهُ الصَّوْمُ ع ش وَمِثْلُ صَوْمِ عَرَفَةَ فِي هَذَا غَيْرُهُ بِالْأَوْلَى اهـ.

بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: لَا يُسَنُّ لَهُ صَوْمُ عَرَفَةَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>