للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَا فِدْيَةَ كَالْمَرِيضِ الْمَرْجُوِّ الْبُرْءِ (كَدَافِعِ الْهَلَكِ) بِغَرَقٍ، أَوْ غَيْرِهِ عَنْ شَخْصٍ مُحْتَرَمٍ فَإِنَّهُ إذَا أَفْطَرَ لِدَفْعِ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ؛ لِأَنَّهُ فِطْرٌ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ بَدَلَانِ الْقَضَاءُ، وَالْكَفَّارَةُ كَمَا فِي الْحَامِلِ، وَالْمُرْضِعِ.

وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ النَّفْسِ، وَالْمَالِ، وَاَلَّذِي فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ عَدَمُ لُزُومِ ذَلِكَ فِي الْمَالِ وَفَرْضُهُ فِي مَالِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصٌ وَاحِدٌ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَالُ لِغَيْرِهِ لَزِمَهُ الْمُدُّ؛ لِأَنَّهُ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ

(وَمَنْ) أَيْ وَكَمَنْ (قَدْ أَمْكَنَهُ) قَضَاءُ مَا فَاتَهُ مِنْ رَمَضَانَ (وَأَخَّرَ الْقَضَاءَ عَنْ كُلِّ سَنَةٍ) إلَى رَمَضَانَ ثَانٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ رَمَضَانَ لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ «مَنْ أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ فَأَفْطَرَ لِمَرَضٍ، ثُمَّ صَحَّ وَلَمْ يَقْضِهِ حَتَّى أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ صَامَ الَّذِي أَدْرَكَهُ ثُمَّ يَقْضِي مَا عَلَيْهِ، ثُمَّ يُطْعِمُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَضَعَّفَاهُ قَالَا وَرُوِيَ مَوْقُوفًا عَلَى رِوَايَةٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ سِتَّةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ وَخَرَجَ بِالْإِمْكَانِ الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْقَضَاءُ بِأَنْ اسْتَمَرَّ مُسَافِرًا، أَوْ مَرِيضًا حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِالتَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْأَدَاءِ بِهَذَا الْعُذْرِ جَائِزٌ فَتَأْخِيرُ الْقَضَاءِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ وَأَفَادَ قَوْلُهُ: عَنْ كُلِّ سَنَةٍ أَنَّ الْمُدَّ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ إذْ الْحُقُوقُ الْمَالِيَّةُ لَا تَتَدَاخَلُ بِخِلَافِهِ فِي الْكِبَرِ وَنَحْوِهِ لَا يَتَكَرَّرُ بِذَلِكَ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ وَقَدْ تَلَخَّصَ أَنَّ الْفِدْيَةَ تَجِبُ بِفَوْتِ الصَّوْمِ وَبِفَوْتِ وَقْتِهِ وَبِتَأْخِيرِ الْقَضَاءِ

. (وَمَنْ قَضَى الْوَاجِبَ) صَوْمًا أَوْ غَيْرَهُ بِأَنْ شَرَعَ فِيهِ (فَلْيُتِمَّا) أَيْ فَلْيُتِمَّهُ وُجُوبًا وَإِنْ كَانَ مُوَسَّعًا كَمَا يَجِبُ إتْمَامُ أَدَائِهِ (كَذَا صَلَاةُ مَيِّتٍ) وَجِهَادٌ لِمَا سَيَأْتِي (لَا الْعِلْمَا) أَيْ يُتِمَّ الْوَاجِبَ الْعَيْنِيَّ لَا الْعِلْمَ غَيْرَ الْعَيْنِيِّ وَإِنْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: كَدَافِعِ الْهَلَكِ) أَيْ الْهَلَاكِ وَاسْتِثْنَاءُ الْمُتَحَيِّرَةِ السَّابِقِ يَأْتِي هُنَا كَمَا هُوَ صَرِيحُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: عَنْ شَخْصٍ مُحْتَرَمٍ) قَالَ: الْجَوْجَرِيُّ يُؤْخَذُ مِنْ إطْلَاقِ الْإِرْشَادِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْآدَمِيِّ الْمَعْصُومِ، وَالْبَهِيمَةِ الْمُحْتَرَمَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ.

، وَالظَّاهِرُ أَنَّ عُضْوَ الْمُحْتَرَمِ وَمَنْفَعَتَهُ كَالنَّفْسِ بِرّ (قَوْلُهُ: فِي مَالِ نَفْسِهِ) كَذَا قَالَ غَيْرُهُ وَإِنْ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ م ر

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَلْزَمُ إلَخْ) قَالَ: فِي الْعُبَابِ إنْ لَمْ يُوجِبْ فِطْرُهُ كَفَّارَةً اهـ.

فَإِنْ أَوْجَبَهُ كَالْجِمَاعِ قَالَ: الْقَاضِي فَهَلْ يَلْزَمُهُ لِلتَّأْخِيرِ فِدْيَةٌ؟ فِيهِ جَوَابَانِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ كَفَّارَةٌ فَلَا يَجْتَمِعُ اثْنَانِ، وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ لِلتَّأْخِيرِ، وَالْكَفَّارَةَ لِلْهَتْكِ اهـ.

وَلَعَلَّ الثَّانِيَ هُوَ الْأَوْجَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا وَهَلْ يَجُوزُ الصَّوْمُ عَنْ هَذَا الْمُدِّ؟ وَجْهَانِ وَلَعَلَّ الْمَنْعَ أَوْجَهُ؛ لِأَنَّ الْمُدَّ أَصْلٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْأَدَاءِ بِهَذَا الْعُذْرِ إلَخْ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ فَاتَ شَيْءٌ بِلَا عُذْرٍ وَأَخَّرَ قَضَاءَهُ بِسَفَرٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ تَلْزَمْهُ الْفِدْيَةُ وَبِهِ جَزَمَ الْمُتَوَلِّي وَسُلَيْمٌ الرَّازِيّ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ تَبَعًا لِمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ التَّهْذِيبِ وَأَقَرَّهُ أَنَّ التَّأْخِيرَ لِلسَّفَرِ حَرَامٌ وَقَضِيَّتُهُ لُزُومُهَا اهـ.

وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ عَدَمُ اللُّزُومِ إنْ قُلْنَا التَّأْخِيرُ لَيْسَ بِحَرَامٍ (قَوْلُهُ: بِفَوْتِ الصَّوْمِ) أَيْ وَذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ مَاتَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ الثَّانِي وَحَقِّ الْهَرِمِ وَنَحْوِهِ وَقَوْلُهُ: وَبِفَوْتِ وَقْتِهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

كَدَافِعِ الْهَلَكِ إلَخْ) فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْفِطْرُ مَتَى تَوَقَّفَ الدَّفْعُ عَلَيْهِ وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَلَيْسَ الْإِكْرَاهُ الشَّرْعِيُّ هُنَا كَالْحِسِّيِّ لِوُقُوعِ الْفِطْرِ هُنَا وَسِيلَةً لِشَيْءٍ آخَرَ لَا مَقْصُودًا تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَيْضًا كَدَافِعِ الْهَلَكِ) أَيْ وَهُوَ لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ لَوْلَا الْإِنْقَاذُ أَمَّا مَنْ يُبَاحُ لَهُ لِعُذْرٍ كَسَفَرٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَأَفْطَرَ فِيهِ لِلْإِنْقَاذِ وَلَوْ بِلَا نِيَّةِ التَّرَخُّصِ فَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ وَيُتَّجَهُ تَقْيِيدُهُ بِأَنْ أَفْطَرَ لِنَحْوِ السَّفَرِ لَا لِلْإِنْقَاذِ كَمَا مَرَّ اهـ.

م ر (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ فِطْرٌ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ) يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالْمُرْضِعِ مَنْ أَفْطَرَ لِإِنْقَاذِ مُشْرِفٍ عَلَى هَلَاكٍ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْخَوْفُ عَلَى الْمُشْرِفِ وَحْدَهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَهُوَ قِيَاسُ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُسَافِرًا وَأَفْطَرَ بِقَصْدِ السَّفَرِ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ) حَاصِلُ مَا اعْتَمَدَهُ حَجَرٌ فِي كُتُبِهِ أَنَّ الْحَيَوَانَ الْمُحْتَرَمَ آدَمِيًّا، أَوْ غَيْرَهُ تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِالْفِطْرِ لِإِنْقَاذِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ إنْ كَانَ حُرًّا ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ الْمُنْقِذُ، وَالْمُنْقَذُ وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا، أَوْ حَيَوَانًا غَيْرَهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ فَكَذَلِكَ، أَوْ لِغَيْرِهِ ارْتَفَقَ بِهِ ثَلَاثَةُ أَشْخَاصٍ هُمَا وَمَالِكُ الْمُنْقَذِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَإِنْ غَيْرَ الْحَيَوَانِ مِنْ سَائِرِ الْأَمْوَالِ إنْ كَانَ لِغَيْرِهِ فَالْفِدْيَةُ لِارْتِفَاقِ الْمُنْقِذِ بِالْفِطْرِ وَمَالِكِ الْمَالِ بِتَخْلِيصِ مَالِهِ مِنْ التَّلَفِ وَإِنْ كَانَ لَهُ فَلَا فِدْيَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْتَفِقْ بِهِ إلَّا شَخْصٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْمَالِكُ الْمُنْقِذُ، وَالْجَمَادُ نَفْسُهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ ارْتِفَاقٌ وَاعْتَمَدَ م ر فِي الْحَيَوَانِ لُزُومَ الْفِدْيَةِ وَأَطْلَقَ عَدَمَهَا فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَمْوَالِ اهـ.

مَدَنِيٌّ

(قَوْلُهُ: قَضَاءُ مَا فَاتَهُ) لَوْ أَخَّرَ قَرِيبُ الْمَيِّتِ التَّدَارُكَ عَنْ الْمَيِّتِ حَتَّى جَاءَ رَمَضَانُ آخَرُ فَإِنْ أَرَادَ الْفِدْيَةَ عَنْهُ لَزِمَ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدَّانِ مُدٌّ لِلْفَوَاتِ وَمُدٌّ لِلتَّأْخِيرِ وَإِنْ أَرَادَ الصَّوْمَ عَنْهُ لَزِمَهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ لِلتَّأْخِيرِ مَعَ الصَّوْمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَمُولِيُّ فِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهِ اهـ.

مَدَنِيٌّ عَلَى شَرْحِ حَجَرٍ لِبَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: عَنْ كُلِّ سَنَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ: وَصَرْفُ مُدٍّ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ: سِتَّةٌ) هُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعَلِيُّ وَابْنُ عُمَرَ وَجَابِرٌ وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ - اهـ.

مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ: إنَّ الْمُدَّ يَتَكَرَّرُ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ فَوَّتَهُ وَتَمَكَّنَ مِنْ قَضَائِهِ لَزِمَهُ الْمُدُّ وَتَكَرَّرَ وَمَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ إنْ فَوَّتَهُ بِعُذْرٍ فَفِي وُجُوبِ الْمُدِّ خِلَافٌ وَعَلَى وُجُوبِهِ فَفِي تَكَرُّرِهِ خِلَافٌ اهـ.

مَرْصِفِيٌّ (قَوْلُهُ: بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ) أَيْ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْإِمْكَانُ مَعَ كَوْنِهِ عَامِدًا عَالِمًا فَلَا فِدْيَةَ عَلَى نَاسٍ، أَوْ جَاهِلٍ وَلَوْ لِمَا فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مُوسِرًا بِمَا فِي الْفِطْرَةِ كَمَا قَالَهُ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُعْتَبَرُ الزِّيَادَةُ عَلَى مُؤْنَةِ الْعُمُرِ الْغَالِبِ؛ لِأَنَّهَا كَفَّارَةٌ فَلَا يَلْزَمُ لِعَامٍ عَجَزَ فِيهِ كَمَا مَرَّ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَنَقَلَ الْعَلَّامَةُ سم عَنْ شَيْخِنَا م ر أَنَّهُ يَكْفِي تَمَكُّنُهُ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ: فَلْيُتِمَّهُ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>