إذْ الثَّانِي اعْتِكَافٌ جَدِيدٌ إلَّا أَنْ يَعْزِمَ عِنْدَ خُرُوجِهِ عَلَى الْعَوْدِ
ــ
[حاشية العبادي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[حاشية الشربيني]
يُجْعَلَ الْخُرُوجُ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْهَا فَإِذَا عَادَ وَلَوْ بَعْدَ أَنْ طَالَ الزَّمَنُ وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَى الْعَوْدِ لَمْ يُجَدِّدْ النِّيَّةَ وَحُسِبَ الزَّمَنُ مِنْ الْمُدَّةِ مَا لَمْ يَكُنْ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ أَوْ طَالَ الزَّمَنُ عَنْ الْحَاجَةِ أَوْ أَتَى بِمَا يُنَافِي الِاعْتِكَافَ وَإِلَّا انْقَطَعَ حُكْمُهُ.
فَإِذَا عَادَ جَدَّدَ النِّيَّةَ وَقَضَى الزَّمَنَ بَانِيًا عَلَى مَا اعْتَكَفَهُ نَعَمْ يَسْتَأْنِفُ الْيَوْمَ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُفَرِّقُ وَإِذَا خَرَجَ لِغَيْرِ التَّبَرُّزِ انْقَطَعَ اعْتِكَافُهُ إذْ لَا ضَرُورَةَ لِهَذَا الْخُرُوجِ وَلَا مُقْتَضَى لِبَقَاءِ حُكْمِ الِاعْتِكَافِ لِجَوَازِ تَفْرِيقِهِ كَمَا مَرَّ وَبِهَذَا فَارَقَ مَرْتَبَةَ التَّتَابُعِ الْآتِيَةَ فَإِذَا عَادَ وَلَوْ فَوْرًا جَدَّدَ النِّيَّةَ وَقَضَى زَمَنَ الْخُرُوجِ بَانِيًا عَلَى مَا اعْتَكَفَهُ وَيَسْتَأْنِفُ فِي صُورَةِ الْيَوْمِ كَمَا عَلِمْت وَشَمِلَ الْخُرُوجُ لِغَيْرِ التَّبَرُّزِ الْخُرُوجَ لِنَحْوِ أَكْلٍ وَغُسْلِ جَنَابَةٍ غَيْرِ مُفْطِرَةٍ وَأَذَانٍ رَاتِبٍ مِنْ كُلِّ مَا يُطْلَبُ الْخُرُوجُ لَهُ وَلَا يَطُولُ زَمَنُهُ عَادَةً وَهَذَا مَا عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَصَاحِبِ الْعُبَابِ حَيْثُ أَلْحَقَا الْمَذْكُورَاتِ بِالتَّبَرُّزِ قَالَا؛ لِأَنَّهَا مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ كَالتَّبَرُّزِ وَلِذَا أُلْحِقَتْ بِهِ فِي الْمَرْتَبَةِ الْآتِيَةِ وَضَعَّفُوهُ بِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ يَعْلَمُ عِنْدَ النِّيَّةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ التَّبَرُّزِ وَلَا كَذَلِكَ الْمَذْكُورَاتُ وَإِنَّمَا لَحِقَتْ بِهِ فِي الْمَرْتَبَةِ الْآتِيَة لِضَرُورَةِ بَقَاءِ التَّتَابُعِ الْمُتَوَسَّعِ فِيمَا لَا يَقْطَعُهُ تَرْغِيبًا فِيهِ وَفِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ مَا يُفِيدُ أَنَّ خُرُوجَ الرِّيحِ كَالتَّبَرُّزِ؛ لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ لِغَيْرِ التَّبَرُّزِ عَازِمًا عَلَى الْعَوْدِ لَا يَكْفِيهِ هَذَا الْعَزْمُ فَإِذَا عَادَ جَدَّدَ النِّيَّةَ وَبِهِ أَفْتَى م ر لَكِنْ قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ بِكِفَايَتِهِ وَتَبِعَهُ بَعْضُ الْحَوَاشِي قِيَاسًا عَلَى الْمَرْتَبَة الْأُولَى بِالْأَوْلَى فَإِنَّ مَا بَعْدَ الْعَوْدِ فِيهَا اعْتِكَافٌ جَدِيدٌ وَقَدْ اكْتَفَوْا فِيهِ بِالْعَزْمِ فَبِالْأَوْلَى مَا إذَا كَانَ مَا بَعْدُ بَقِيَّةً لِمَا قَدَّرَهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعَزْمَ هُنَا لَيْسَ عَزْمًا عَلَى ابْتِدَاءِ زِيَادَةٍ حَتَّى يَكُونَ كَالْعَزْمِ فِي مَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ الَّتِي قَاسَ عَلَيْهَا الشَّيْخُ النَّوَوِيُّ كَمَا مَرَّ، وَالْأَوْلَوِيَّةُ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ صِحَّةِ الْقِيَاسِ. اهـ.
وَقَوْلُ شَيْخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَضَعَّفُوهُ إلَخْ يَعْنِي أَنَّ تَعْلِيلَ عَدَمِ لُزُومِ التَّجْدِيدِ فِي قَضَاءِ الْحَاجَةِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ لَا يَقْتَضِي إلْحَاقَ كُلِّ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ بِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ إلَخْ فَهُوَ مُسْتَثْنًى ضِمْنًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الِاعْتِكَافُ مُسْتَحَبًّا عَلَيْهِ فِي حَالِ خُرُوجِهِ لَهُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي بِخِلَافِ غَيْرِهِ. اهـ. شَرْحُ الْعُبَابِ.
وَقَوْلُهُ قَبْلَ ذَلِكَ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَصَاحِبِ الْعُبَابِ إلَخْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ اخْتِصَاصَ عَدَمِ الْقَطْعِ بِالتَّبَرُّزِ: وَقَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ إنْ خَرَجَ لِأَمْرٍ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَجَبَ التَّجْدِيدُ وَإِنْ خَرَجَ لِأَمْرٍ لَا يَقْطَعُهُ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ بُدٌّ كَقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَالْغُسْلِ لِلِاحْتِلَامِ لَمْ يَجِبْ التَّجْدِيدُ وَإِنْ كَانَ مِنْهُ بُدٌّ أَوْ طَالَ الزَّمَنُ فَفِي التَّجْدِيدِ وَجْهَانِ. اهـ. الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ التَّقْدِيرُ بِمُدَّةٍ مَشْرُوطٍ تَتَابُعُهَا مُعَيَّنَةٍ بِاسْمٍ أَوْ إشَارَةٍ أَمْ لَا أَوْ غَيْرِ مَشْرُوطٍ تَتَابُعُهَا وَهِيَ مُعَيَّنَةٌ كَذَلِكَ فَفِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ يَلْزَمُ التَّتَابُعُ فِي الْأَدَاءِ وَكَذَا فِي قَضَاءِ مَا شُرِطَ تَتَابُعُهُ فَإِذَا خَرَجَ لِمَا لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ مِمَّا يَأْتِي وَعَادَ لَمْ يُجَدِّدْ النِّيَّةَ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَى الْعَوْدِ بِشَرْطِهِ الْمَارِّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ هُنَا لِلْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ نَظَرًا لِبَقَاءِ التَّتَابُعِ، ثُمَّ إنْ كَانَ مَا خَرَجَ لَهُ لَا يَطُولُ زَمَنُهُ عَادَةً وَلَا يُنَافِي الِاعْتِكَافَ كَالتَّبَرُّزِ وَإِخْرَاجِ الرِّيحِ، وَالْأَكْلِ وَغُسْلِ الْجَنَابَةِ غَيْرِ الْمُفْطِرَةِ، وَالْأَذَانِ الرَّاتِبِ وَأَدَاءِ شَهَادَةٍ وَإِقَامَةِ حَدٍّ عَلَى مَا يَأْتِي لَمْ يَقْضِ زَمَنَهُ لِقِصَرِهِ وَإِنْ اتَّفَقَ طُولُهُ أَوْ طَالَ مَجْمُوعُهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَطُولُ أَوْ يُنَافِي الِاعْتِكَافَ كَالْعِدَّةِ لَا بِسَبَبِهَا، وَالْجُنُونِ، وَالسُّكْرِ، وَالْإِغْمَاءِ بِلَا تَعَدٍّ، وَالْحَيْضِ الَّذِي لَا تَخْلُو الْمُدَّةُ عَنْهُ بِمَعْنَى أَنَّهَا عُرْضَةٌ لِطُرُوِّهِ كَأَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا قُضِيَ زَمَنُهُ مُتَتَابِعًا فِيمَا شُرِطَ فِيهِ التَّتَابُعُ دُونَ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ الَّتِي لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا التَّتَابُعُ فَيَجُوزُ فِي قَضَائِهَا التَّفْرِيقُ؛ لِأَنَّ التَّتَابُعَ فِيهَا لِلتَّعْيِينِ فِي الْأَدَاءِ وَقَدْ فَاتَ.
وَإِذَا خَرَجَ عَامِدًا عَالِمًا مُخْتَارًا لَا لِعُذْرٍ أَوْ لِعُذْرٍ يَقْطَعُ الْخُرُوجُ لَهُ التَّتَابُعَ كَالْعِدَّةِ بِسَبَبِهَا بِأَنْ طَلَّقَتْ مَنْ فُوِّضَ إلَيْهَا الطَّلَاقُ نَفْسَهَا أَوْ لَا بِسَبَبِهَا وَقَدْ أَذِنَتْ فِي الِاعْتِكَافِ أَوْ فِي إتْمَامِهِ وَكَعِيَادَةِ الْمَرَضِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَوْ طَرَأَ مَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ كَالْحَيْضِ الَّتِي لَا تَخْلُو عَنْهُ الْمُدَّةُ بِمَعْنَى أَنَّهَا لَيْسَتْ عُرْضَةً لِطُرُوِّهِ كَخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِإِمْكَانِ اعْتِكَافِهَا فِي زَمَنِ الطُّهْر وَكَالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ بِتَعَدٍّ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ أَيْ: انْقَطَعَ لَا حُبُوطُهُ بِالْكُلِّيَّةِ لِبَقَاءِ ثَوَابِ مَا اعْتَكَفَهُ وَاسْتَأْنَفَ مَا شُرِطَ فِيهِ التَّتَابُعُ مُتَتَابِعًا وَبُنِيَ فِيمَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ التَّتَابُعُ مَعَ جَوَازِ التَّفْرِيقِ كَذَا قَالُوا لَكِنْ اسْتَوْجَهَ سم فِي الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ الْمَشْرُوطِ تَتَابُعُهَا عَدَمَ وُجُوبِ اسْتِئْنَافِهَا؛ لِأَنَّ مَا اعْتَكَفَهُ فِيهَا مَقْصُودٌ بِمُقْتَضَى التَّعْيِينِ فَلَا يُلْغَى وَقَدْ يُقَالُ فَوَاتُ الْمُلْتَزَمِ يَقْتَضِي الِاسْتِئْنَافَ
أَمَّا الْمُعَيَّنَةُ الَّتِي لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute