للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي الْعَبِيدِ، وَالصِّبْيَانِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَيْنِ لَا يَتَوَجَّهَانِ إلَيْهِمْ وَبِأَنَّ فِي حَجِّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْهِ فَرْضُ عَيْنٍ جِهَتَيْنِ جِهَةَ تَطَوُّعٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فَرْضُ عَيْنٍ وَجِهَةُ فَرْضِ كِفَايَةٍ مِنْ حَيْثُ إحْيَاءُ الْكَعْبَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَفِيهِ الْتِزَامُ السُّؤَالِ إذْ لَمْ يَخْلُصْ لَنَا حَجُّ تَطَوُّعٍ عَلَى حِدَتِهِ وَفِي الْأَوَّلِ الْتِزَامُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُكَلَّفِينَ ثُمَّ إنَّهُ لَا يَبْعُدُ وُقُوعُهُ مِنْ غَيْرِهِمْ فَرْضًا وَيَسْقُطُ بِهِ فَرْضُ الْكِفَايَةِ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ كَمَا فِي الْجِهَادِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ. اهـ.

(وَكَذَاكَ الْعُمْرَةُ) فَرْضٌ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] وَلِمَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ عَنْ «عَائِشَةَ قَالَتْ: قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ قَالَ: نَعَمْ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ» وَلِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ «أَنَّ أَبَا رَزِينٍ لَقِيطَ بْنَ عَامِرٍ الْعُقَيْلِيَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَلَا الْعُمْرَةَ وَلَا الظَّعْنَ قَالَ: حُجَّ عَنْ أَبِيك وَاعْتَمِرْ» وَلَا يُغْنِي عَنْهَا الْحَجُّ وَإِنْ اشْتَمَلَ عَلَيْهَا وَيُفَارِقُ الْغُسْلَ حَيْثُ يُغْنِي عَنْ الْوُضُوءِ بِأَنَّ الْغُسْلَ أَصْلٌ فَأَغْنَى عَنْ بَدَلِهِ وَالْحَجُّ، وَالْعُمْرَةُ أَصْلَانِ

وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي أَنَّهَا لَيْسَتْ فَرْضًا لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ قَالَ: لَا وَأَنْ تَعْتَمِرْ فَهُوَ أَفْضَلُ» وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِضَعْفِ الْخَبَرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى ضَعْفِهِ وَلَا يُغْتَرَّ بِقَوْلِ التِّرْمِذِيِّ فِيهِ حَسَنٌ صَحِيحٌ

(بِالتَّرَاخِي) أَيْ: كُلٌّ مِنْهُمَا فَرْضٌ مَعَ التَّرَاخِي؛ لِأَنَّ الْحَجَّ فُرِضَ سَنَةَ خَمْسٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ هُنَا، أَوْ سَنَةَ سِتٍّ كَمَا صَحَّحَهُ فِي السِّيَرِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَأَخَّرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى سَنَةِ عَشْرٍ بِلَا مَانِعٍ وَقِيسَ بِهِ الْعُمْرَةُ وَتَضْيِيقُهُمَا بِنَذْرٍ، أَوْ بِخَوْفِ عَضْبٍ، أَوْ بِقَضَاءٍ لَزِمَهُ كَمَا سَيَأْتِي عَارِضٌ ثُمَّ التَّأْخِيرُ إنَّمَا يَجُوزُ بِشَرْطِ الْعَزْمِ عَلَى الْفِعْلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الصَّلَاةِ (مَرَّةً) لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقِ وَلِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيّ «عَنْ سُرَاقَةَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عُمْرَتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ فَقَالَ: لَا بَلْ لِلْأَبَدِ» وَوُجُوبُهُمَا أَكْثَرُ مِنْ مَرَّةٍ بِنَذْرٍ، أَوْ قَضَاءٍ عَارِضٍ

ثُمَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَرْبَعُ مَرَاتِبَ الصِّحَّةُ الْمُطْلَقَةُ وَصِحَّةُ الْمُبَاشَرَةِ، وَالْوُقُوعُ عَنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ، وَالْوُجُوبِ وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (، وَالشَّرْطُ) لِلصِّحَّةِ الْمُطْلَقَةِ (فِي كِلَيْهِمَا الْإِسْلَامُ) فَقَطْ فَلَا يَصِحَّانِ مِنْ كَافِرٍ وَلَا عَنْهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْعِبَادَةِ وَلَا يَجِبَانِ عَلَيْهِ وُجُوبَ أَدَاءً بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ كَالصَّلَاةِ (فَعَنْ سِوَى الْمُكَلَّفِ الْإِحْرَامُ جَازَ لِمَنْ فِي الْمَالِ ذُو تَصَرُّفٍ كَالْأَبِ) أَيْ: وَإِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ لِلصِّحَّةِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ فَيَجُوزُ لِلْوَلِيِّ الَّذِي هُوَ ذُو تَصَرُّفٍ فِي مَالِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَلَوْ مُمَيِّزًا الْإِحْرَامُ عَنْهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ مَأْذُونِهِ؛ لِأَنَّ «السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ قَالَ حَجَّ بِي أَبِي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

ــ

[حاشية العبادي]

كَانَ مُعَلَّقًا بِقَوْلِهِ نَعَمْ سم

(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ إلَخْ) لَوْ قَالَ: مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِقْدَامُ، وَجِهَةُ فَرْضِ كِفَايَةٍ مِنْ حَيْثُ الْوُقُوعُ

(قَوْلُهُ: وَفِي الْأَوَّلِ الْتِزَامُهُ) لَيْسَ السُّؤَالُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُكَلَّفِينَ حَتَّى يَرِدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّهُ لَا يَبْعُدُ وُقُوعُهُ مِنْ غَيْرِهِمْ فَرْضًا) قَدْ يُقَالُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِمْ يُوصَفُ بِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ طَلَبًا جَازِمًا فَهُوَ مَمْنُوعٌ إذْ فِعْلُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ لَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ بِذَلِكَ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ تَطَوُّعٌ لَكِنَّهُ سَدَّ عَنْ فَرْضِ الْمُكَلَّفِينَ فَهَذَا تَطَوُّعٌ عَلَى حِدَتِهِ، وَالسَّدُّ الْمَذْكُورُ لَا يُنَافِي ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَكَتَبَ أَيْضًا أَيْ: فَلَمْ يَخْلُصْ لَنَا تَطَوُّعٌ عَلَى حِدَتِهِ هُنَا أَيْضًا وَفِيهِ مَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: أَوْ بِقَضَاءٍ لَزِمَهُ) لَوْ فَسَدَ الْحَجُّ فِي الصَّغِيرِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ فَإِذَا بَلَغَ وَتَعَلَّقَتْ بِهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ كَانَتْ فَوْرِيَّةً لِأَنَّ الْقَضَاءَ فَوْرِيٌّ وَهُوَ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهَا بِرّ حَجّ وَفَوْرِيَّةُ قَضَاءِ مَا أَفْسَدَهُ حَالَ الصِّغَرِ سَيَأْتِي فِي هَامِشِ مَسَائِلِ السَّفِيهِ خِلَافُهُ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ بَلْ لِلْأَبَدِ) هَذَا مِنْ الْأَدِلَّةِ الْوَاضِحَةِ عَلَى وُجُوبِهَا إذْ لَوْ كَانَتْ سُنَّةً لَمْ تَكُنْ لِلْأَبَدِ مَعَ كَثْرَةِ النُّصُوص الطَّالِبَةِ لِتَكْرِيرِهَا كَمَا لَا يَخْفَى

(قَوْلُهُ: ثُمَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَرْبَعٌ) بَلْ خَمْسٌ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ، وَالْخَامِسَةُ الْوُقُوعُ عَنْ النَّذْرِ وَشَرْطُهُ الْإِسْلَامُ، وَالتَّمْيِيز، وَالتَّكْلِيفُ فَيَدْخُلُ الرَّقِيقُ (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحَّانِ مِنْ كَافِرٍ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَصْلِيًّا كَانَ، أَوْ مُرْتَدًّا قَوْلُهُ (بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْكَافِرِ الْكَافِرَ الْأَصْلِيَّ

ــ

[حاشية الشربيني]

عَلَى التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ بِهِ فَرْضُ الْكِفَايَةِ) ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ سُقُوطِهِ هُنَا كَرَدِّ السَّلَامِ وَصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ بِغَيْرِ الْمُكَلَّفِ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ

(قَوْلُهُ: أَصْلٌ) فَإِنَّهُ كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ هُوَ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُحْدِثِ، ثُمَّ نُسِخَ بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ تَخْفِيفًا. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: بِلَا مَانِعٍ) أَيْ: فِي بَعْضِ تِلْكَ السِّنِينَ وَهُوَ سَنَةُ ثَمَانٍ وَتِسْعٍ وَأَمَّا سَنَةُ سِتٍّ وَسَبْعٍ فَلَمْ تَكُنْ مَكَّةُ فُتِحَتْ فِيهِمَا وَإِنَّمَا فُتِحَتْ سَنَةَ ثَمَانٍ كَمَا فِي ع ش

(قَوْلُهُ: أَرْبَعُ مَرَاتِبَ) حَاصِلُ مَا فِي الرَّوْضِ، وَالْإِرْشَادِ أَنْ يُقَالَ يُشْتَرَطُ إسْلَامٌ لِلصِّحَّةِ مَعَ تَمْيِيزٍ لِلْمُبَاشَرَةِ مَعَ التَّكْلِيفِ لِلنَّذْرِ لِيَدْخُلَ الْعَبْدُ مَعَ الْحُرِّيَّةِ لِلْوُقُوعِ عَنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ مَعَ الِاسْتِطَاعَةِ لِلْوُجُوبِ. اهـ. عَمِيرَةُ سم وَأَمَّا مَعْرِفَةُ الْأَعْمَالِ فَلَيْسَتْ شَرْطًا لِإِمْكَانِ مَعْرِفَتِهَا بَعْدَهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ: لِمَنْ فِي الْمَالِ إلَخْ) مِثْلُهُ السَّيِّدُ فِي عَبْدِهِ غَيْرِ الْبَالِغِ وَفِي الْمُبَعَّضِ يُشْتَرَطُ إحْرَامُ الْوَلِيِّ، وَالسَّيِّدِ عَنْهُ جَمِيعًا مَعًا بِأَنْ تَقَعَ صِيغَةُ الْإِحْرَامِ مِنْهُمَا عَنْهُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. اهـ. ق ل وَغَيْرُهُ أَيْ: وَلَا مَدْخَلَ لِلْمُهَايَأَةِ هُنَا كَمَا فِي ق ل أَيْضًا. اهـ. وَقَوْلُنَا مَعًا أَيْ: لِئَلَّا يَلْزَمَ إحْرَامُ بَعْضِ الشَّيْخَيْنِ دُونَ بَعْضٍ وَهُوَ لَا يُتَصَوَّرُ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُمَيَّزًا) تَوَقَّفَ فِيهِ الشَّوْبَرِيُّ لِقَوْلِهِمْ مَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ لَا يَقُومُ فِيهِ غَيْرُهُ مَقَامَهُ لَكِنْ فِي الْمَحَلِّيِّ الْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُحْرِمَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: الْإِحْرَامُ عَنْهُ) ، ثُمَّ إنْ جَعَلَهُ قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعًا فَالدَّمُ عَلَى الْوَلِيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الصَّبِيُّ مُمَيِّزًا وَإِنْ ارْتَكَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>