للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَخَصَّ نَفْسَهُ بِالْآخَرِ فَلِيَقَعَا لِنَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّ نِسْكَيْ الْقِرَانِ لَا يَفْتَرِقَانِ وَلَا يُمْكِنُ صَرْفُ مَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ الْمُسْتَأْجَرُ إلَيْهِ فَوَقَعَا لِلْفَاعِلِ وَكَذَا لَوْ نَوَاهُمَا مَعًا لِلْمُسْتَأْجِرِ

(وَكَيْ تَجِبْ إنَابَةُ) مَعْطُوفٌ عَلَى لِلْفَرِيضَةِ بِإِعَادَةِ الْعَامِلِ إلَّا أَنَّهُ أَبْدَلَ اللَّامَ بِكَيْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لِلتَّعْلِيلِ مَعَ سَلَامَةِ عَرُوضِهِ مَعَهَا مِنْ الْخَبْلِ أَيْ: وَالشَّرْطُ فِي كِلَيْهِمَا لِلْفَرِيضَةِ مَا مَرَّ وَلِوُجُوبِ الْإِنَابَةِ مَا مَرَّ مَعَ الِاسْتِطَاعَةِ الْآتِي بَيَانُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: ٩٧] وَهِيَ نَوْعَانِ اسْتِطَاعَةُ مُبَاشِرَةٍ وَسَتَأْتِي وَاسْتِطَاعَةُ إنَابَةٍ وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (بِأُجْرَةٍ) أَيْ: وَتَجِبُ الْإِنَابَةُ بِمَا مَرَّ مَعَ وِجْدَانِ أُجْرَةِ أَجِيرٍ وَلَوْ مَاشِيًا إذْ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ مَشْيُ أَجِيرِهِ بِخِلَافِ مَشْيِهِ وَفِي مَعْنَى مَشْيِهِ مَشْيُ بَعْضِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهَا أُجْرَةَ الْمِثْلِ لَا أَكْثَرَ وَكَوْنُهَا فَاضِلَةً عَنْ حَاجَاتِ النَّوْعِ الْآخَرِ لَكِنَّ الْعِبْرَةَ هُنَا فِي مُؤْنَتِهِ وَمُؤْنَةِ أَهْلِهِ بِيَوْمِ الِاسْتِئْجَارِ لَا بِفَرَاغِ الْأَجِيرِ لِإِمْكَانِ تَحْصِيلِهَا إذْ لَمْ يُفَارِقْهُمْ كَمَا لَا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ، وَالْكَفَّارَةِ إلَّا مُؤْنَةُ الْيَوْمِ (أَوْ) مَعَ وِجْدَانِ (مُحْتَسِبْ) أَيْ: مُتَبَرِّعٍ عَنْهُ (بِطَاعَةٍ) بِأَنْ يَحُجَّ، أَوْ يَعْتَمِرَ

ــ

[حاشية العبادي]

إذْنِ وَارِثٍ كَمَا يَقْضِي دَيْنَهُ. اهـ. وَقَوْلُهُ وَقَعَا لَهُ بِلَا خِلَافٍ هَذَا وَاضِحٌ إذَا كَانَ عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ مَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ فَقَطْ فَهَلْ يَنْصَرِفَانِ لِلْأَجِيرِ لِأَنَّ الْأَجِيرَ تَطَوَّعَ، وَالتَّطَوُّعُ لَا يَصِحُّ عَنْ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ إذْنٍ، أَوْ إيصَاءٍ، أَوْ يَقَعُ الْمُسْتَأْجَرُ لَهُ عَنْ الْمَيِّتِ وَيَلْغُو الْآخَرُ النَّفَلَ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ مَا لَا يَجُوزُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَلَا يَقَعُ الْآخَرُ لِلْأَجِيرِ لِأَنَّ النُّسُكَيْنِ لَا يَفْتَرِقَانِ فِيهِ نَظَرٌ

(قَوْلُهُ: لَا يَفْتَرِقَانِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى أَحَدَهُمَا عَنْ مَيِّتٍ، وَالْآخَرَ عَنْ مَيِّتٍ آخَرَ انْصَرَفَا جَمِيعًا لَهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَفْتَرِقَانِ وُقُوعُهُمَا لِأَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ (قَوْله مَعًا لِلْمُسْتَأْجِرِ) وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصَانِ شَخْصًا لِيَحُجَّ عَنْ وَاحِدٍ وَيَعْتَمِرَ عَنْ الْآخَرِ فَقَرَنَ قَاصِدًا عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَقَعُ لِلْأَجِيرِ بِرّ وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِمَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَعَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَقَعُ لِلْأَجِيرِ

(قَوْلُهُ مَعَ الِاسْتِطَاعَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَلِوُجُوبِ الْإِنَابَةِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ نَوْعَانِ) أَيْ: الِاسْتِطَاعَةُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ أَيْ: وَتَجِبُ الْإِنَابَةُ بِمَا مَرَّ) مَعَ وِجْدَانِ أُجْرَةٍ، أَوْ مَعَ وِجْدَانِ مُحْتَسِبٍ أَيْ: عَلَى الْفَوْرِ إنْ حَصَلَ الْعَضْبُ بَعْدَ الْوُجُوبِ لِتَقْصِيرِهِ وَإِلَّا فَعَلَى التَّرَاخِي كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ الْآتِي آنِفًا فَيَجِبُ سُؤَالُهُ إذَا تَوَسَّمَ فِيهِ الطَّاعَةَ يَنْبَغِي أَنَّ مَعْنَاهُ الْوُجُوبُ حَقِيقَةً فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَبِمَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: مَشَى بَعْضُهُ) اُنْظُرْ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ

(قَوْلُهُ: فِي الْفِطْرَةِ، وَالْكَفَّارَةِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

وَلَا يُمْكِنُ إلَخْ) أَيْ: لَوْ قُلْنَا إنَّهُمَا لَا يَفْتَرِقَانِ بَلْ يَقَعَانِ لِلْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ إلَخْ) أَيْ: وَلَمْ يَنْوِ عَنْهُ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: وَلِوُجُوبِ الْإِنَابَةِ مَا مَرَّ إلَخْ) لَكِنَّ هَذَا الْكَلَامَ عَامٌّ لِلْمَعْضُوبِ، وَالْمَيِّتِ كَمَا يَأْتِي مَعَ أَنَّ وُجُوبَ قَبُولِ الْمُطِيعِ خَاصٌّ بِالْعُضُوبِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْحَاوِي فَلَوْ تَطَوَّعَ آخَرُ عَنْ مَيِّتٍ بِفِعْلِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْوَارِثِ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ الِاسْتِقْلَالَ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ كَمَا مَرَّ. اهـ. شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ: وَتَجِبُ الْإِنَابَةُ) أَيْ: فَوْرًا إنْ طَرَأَ الْعَجْزُ عَلَى الِاسْتِطَاعَةِ الْمُعْتَبَرَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُقَصِّرٌ، وَإِلَّا كَمَنْ بَلَغَ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ فَعَلَى التَّرَاخِي. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ مَعَ زِيَادَةٍ عَنْ شَيْخِ شَيْخِنَا الدَّمْهُوجِيِّ وَبِهَذَا مَعَ مَا كَتَبْنَاهُ عَلَى قَوْلِهِ بِطَاعَةٍ يُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ الِاسْتِئْجَارِ، وَالِاسْتِنَابَةِ فِي الْفَوْرِيَّةِ وَأَنَّهَا تَجِبُ مُطْلَقًا فِي الْإِنَابَةِ وَفِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ كَمَا فِي سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ الْإِنَابَةُ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْعَاقِدَيْنِ أَعْمَالَ الْحَجِّ فَرْضًا وَنَفْلًا حَتَّى لَوْ تَرَكَ مَنْدُوبًا سَقَطَ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا يُقَابِلُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاشِيًا) أَيْ: بِأَنْ كَانَ مَا يَجِدُهُ أُجْرَةً تَكْفِي الْمَاشِيَ دُونَ الرَّاكِبِ

(قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَى مَشْيِهِ مَشْيُ بَعْضِهِ) وَلَوْ مُسْتَأْجَرًا وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا أُجْرَةَ مَاشٍ، وَالسَّفَرُ طَوِيلٌ لَزِمَهُ اسْتِئْجَارُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا بِالْمَشْيِ لَوْ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ إذْ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي مَشْيٍ مَا لَمْ يَكُنْ أَصْلًا أَوْ فَرْعًا فَلَا يَلْزَمُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بِطَاعَةٍ) وَلَوْ كَانَ مَاشِيًا إنْ كَانَ غَيْرَ بَعْضٍ خِلَافًا لِمَا فِي ق ل وَعَزْوُهُ لِشَرْحِ م ر غَيْرُ صَحِيحٍ نَعَمْ إنْ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ يَرْتَكِبُ التَّغْرِيرَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَجِبْ الْإِذْنُ لَهُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، ثُمَّ إنَّ الْإِذْنَ لِلْمُطِيعِ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْتَطِيعِ بِنَفْسِهِ أَنَّ وُجُوبَ الْمُبَاشَرَةِ عَلَى الشَّخْصِ يَحْمِلُهُ عَلَى الْفِعْلِ فَوُكِلَ إلَى دَاعِيَتِهِ وَذَلِكَ مُنْتَفٍ فِي حَقِّ الْغَيْرِ فَوَجَبَتْ الْمُبَادَرَةُ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ

وَقَوْلُنَا أَوْ لَا إنْ كَانَ غَيْرَ بَعْضٍ مِثْلَ الْبَعْضِ الْمَرْأَةُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ لَكِنَّ الَّذِي فِي شَرْحِ الرَّوْضِ التَّقْيِيدُ بِمُوَلِّيَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْأَبْعَاضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>