للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النُّسُكِ قَالَ الدَّارِمِيُّ: إنْ كَانَ قَدْ تَمَكَّنَ مِنْ أَدَائِهِ قَضَى مِنْ مَالِهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ ثُمَّ قَالَ: وَفِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ مِنْ مَالِهِ نَظَرٌ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَنْ يُطِيعُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِطَاعَتِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ مَوْرُوثٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ النُّسُكُ عَلَى الصَّحِيحِ قَالَ: الرَّافِعِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ لَا يَجِبُ بِحَالٍ فَإِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالِاسْتِطَاعَةِ وَلَا اسْتِطَاعَةَ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمَالِ، وَالطَّاعَةِ

(لَا الْمَالِ) أَيْ: لَا مُحْتَسَبٌ بِالْمَالِ وَإِنْ كَانَ وَلَدُهُ فَإِنَّهُ لَا تَجِبُ الْإِنَابَةُ بِهِ لِعِظَمِ الْمِنَّةِ فِيهِ لَكِنْ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَلَدُ الْبَاذِلُ لِلطَّاعَةِ عَاجِزًا عَنْ الْحَجِّ أَيْضًا وَقَدَرَ عَلَى أَنْ يَسْتَأْجِرَ لَهُ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَبَذَلَ لَهُ ذَلِكَ وَجَبَ الْحَجُّ عَلَى الْمَبْذُولِ لَهُ وَجْهًا وَاحِدًا وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي لَوْ اسْتَأْجَرَ الْمُطِيعُ إنْسَانًا لِيَحُجَّ عَنْ الْمَعْضُوبِ فَالْمَذْهَبُ لُزُومُهُ إنْ كَانَ وَلَدًا لِتَمَكُّنِهِ فَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَوَجْهَانِ اهـ. وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ لُزُومُهُ وَكَلَامُ الْبَغَوِيّ عَدَمُ لُزُومِهِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَكَالْوَلَدِ فِي هَذَا الْوَالِدُ

(فَرْعٌ) مِنْ الْمَجْمُوعِ إذَا طَلَبَ الْوَالِدُ مِنْ وَلَدِهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ إجَابَتُهُ وَلَا تَلْزَمُهُ بِخِلَافِ إعْفَافِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا ضَرَرَ هُنَا عَلَى الْوَالِدِ بِامْتِنَاعِ وَلَدِهِ مِنْ الْحَجِّ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ فَإِنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا بِامْتِنَاعِ وَلَدِهِ مِنْ إعْفَافِهِ (وَاسْتُثْنِيَ) مِنْ الْمُحْتَسِبِ بِالطَّاعَةِ (وَلَدْ) لِلْمُطَاعِ (يَمْشِي) فَلَا تَجِبُ إنَابَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ مَشْيُهُ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ

ــ

[حاشية العبادي]

مِنْ هُنَا تَعْلَمُ أَنَّ الْوُجُوبَ، وَالِاسْتِقْرَارَ قَدْ يَحْصُلَانِ حَالَ الْعَضْبِ دُونَ مَا قَبْلَهُ

(قَوْلُهُ: تَمَكَّنَ مِنْ أَدَائِهِ) أَيْ: قَبْلَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: قَضَى مِنْ مَالِهِ) أَيْ: مِنْ مَالِ الْمُطَاعِ م ر (قَوْلُهُ: مِنْ مَالِهِ) أَيْ: مَالِ الْمُطِيعِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ التَّنْظِيرِ الْمَذْكُورِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا هُوَ مَنْشَأُ قَوْلِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَفِي كَلَامِ الْمَجْمُوعِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الِاسْتِقْرَارَ إنَّمَا هُوَ فِي ذِمَّةِ الْمُطِيعِ إلَخْ مَا فِي أَسْفَلِ الْهَامِشِ السَّابِقِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ مَالِ الْمُطَاعِ فَيَنْدَفِعُ التَّنْظِيرُ وَلَا يَرِدُ أَنَّهُ لَمْ يُفْرَضْ مَوْتُ الْمُطَاعِ لِإِمْكَانِ الْحَمْلِ عَلَيْهِ، وَالْمَعْنَى قُضِيَ مِنْ مَالِهِ إنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِهِ وَلَهُ مَالٌ وَلَا أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ قَضَى مِنْهُ مُطْلَقًا فَيُنَافِي قَوْلَهُ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَجِدْ مُطِيعًا وَلَا أَجِيرًا إلَى أَنْ مَاتَ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ) وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّ الِاسْتِقْرَارَ إنَّمَا هُوَ فِي ذِمَّةِ الْمُطِيعِ غَيْرُ مُرَادٍ إذْ كَيْفَ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ مَعَ جَوَازِ رُجُوعِهِ كَمَا مَرَّ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ صَحِيحٌ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ: قَالَ الدَّارِمِيُّ: وَلَوْ بَذَلَ الِابْنُ الطَّاعَةَ فَقَبِلَهَا الْأَبُ، ثُمَّ مَاتَ الْبَاذِلُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدَرَ عَلَى الْحَجِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَدَرَ وَلَمْ يَحُجَّ قَضَى مِنْ مَالِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لِلْبَاذِلِ الرُّجُوعَ لِلْوَارِثِ الرُّجُوعُ وَفِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ قَضَائِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ نَظَرٌ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ. اهـ. فَتَنْظِيره فِيهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى فَرْضِ اعْتِمَادِهِ وَإِلَّا فَكَلَامُ الدَّارِمِيِّ هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ إذَا قَبِلَ الْبَاذِلُ لَزِمَهُ وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ وَحِينَئِذٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ فِي تَرِكَتِهِ نَظَرًا لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَا نَظَرَ إلَيْهِ الدَّارِمِيُّ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ وُجُوبِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَهُوَ مَا نَظَرَ إلَيْهِ النَّوَوِيُّ فَعُلِمَ أَنَّ كَلَامَ الْمَجْمُوع لَا يَقْتَضِي مَا مَرَّ إلَّا بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ لَا مُطْلَقًا ح ج عب (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي الْكِفَايَةِ إلَخْ) يَتَحَصَّلُ مِنْهُ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا الْمَالُ إنْ بَذَلَ الْمَالَ لَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَبَذْلُ الِاسْتِئْجَارِ بِالْمَالِ يَجِبُ قَبُولُهُ إمَّا بِشَرْطِ عَجْزِ الْبَاذِل كَمَا فِي عِبَارَةِ الْكِفَايَةِ، أَوْ مُطْلَقًا كَمَا فِي عِبَارَةِ الْمَجْمُوعِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَفْسِ الْمَالِ، وَالِاسْتِئْجَارِ بِهِ لَائِحٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ وَلَدًا لِتَمَكُّنِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَاجِزًا فَيَكُونُ أَعَمَّ مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ الْكِفَايَةِ

(قَوْلُهُ: وَلَدٌ يَمْشِي) وَلَوْ كَانَ الْمُحْتَسِبُ مُقْتَدِرًا بِنَفْسِهِ لَمْ تَجِبْ إجَابَتُهُ مُطْلَقًا بَعْضًا كَانَ، أَوْ أَجْنَبِيًّا م ر

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ) فَتَجِبُ إنَابَته وَلَوْ مَاشِيًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ حَجَرٌ عب م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

أَيْ: مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ فَقَطْ. اهـ. حَجَرٌ فِي تُحْفَتِهِ أَيْ: لَا مِنْ بَابِ إلْزَامِهِ بِذَلِكَ بِالْحُكْمِ عَلَيْهِ حَتَّى يُبَاعَ مَالُهُ فِيهِ وَنَحْوُهُ فَلَا يُنَافِي مَا فِي الْمَجْمُوعِ بَعْدُ مِنْ تَصْحِيحِ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يُجْبِرُهُ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ وَلَا يَسْتَأْجِرُ عَنْهُ. اهـ. شَرْحُ عُبَابٍ لِحَجَرٍ قَالَ: وَإِنَّمَا لَمْ يَجْبُرْهُ عَلَى الِاسْتِئْجَارِ لِمَا أَشَارَ لَهُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّهُ لَا غَرَضَ لَهُ فِي تَأْخِيرِ الْإِذْنِ لِلْمُطِيعِ وَلَهُ غَرَضٌ فِي تَأْخِيرِ الِاسْتِئْجَارِ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِمَالِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) مِثْلُهُ النَّوَوِيُّ وَأَجَابَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُسْتَطِيعًا بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ الْعِصْيَانِ لَكِنَّهُ مُسْتَطِيعٌ بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبٍ الْحَجِّ عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ قَالَ: وَبِمَا ذَكَرُوهُ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِقَوْلِهِمْ يَجِبُ عَلَى الْمَعْضُوبِ الْحَجُّ بِبَذْلِ الطَّاعَةِ هُوَ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَنْ يَثِقُ بِطَاعَتِهِ إذَا أَمَرَهُ فَيَجِبُ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَبْذُلْ الْمُطِيعُ (قَوْلُهُ: عَاجِزًا عَنْ الْحَجِّ) قَيَّدَ بِهِ لِيَكُونَ وُجُوبُ الْحَجِّ عَنْ الْمَبْذُولِ لَهُ وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ عُذْرَهُ بِعَجْزِهِ يُسَوِّغُ لَهُ الِاسْتِئْجَارَ وَجْهًا وَاحِدًا بِخِلَافِ الْقَادِرِ فَإِنَّ فِيهِ خِلَافًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، وَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ أَيْضًا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْمَجْمُوعِ فَإِنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِعَجْزٍ فَافْهَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ. اهـ. حَجَرٌ شَرْحُ عُبَابٍ وَقَوْلُهُ، وَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ أَيْ: جَوَازُ الِاسْتِئْجَارِ فَيَجِبُ الْحَجُّ عَلَى الْمُطَاعِ وَلْيَحْذَرْ مَا فِي ع ش هُنَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّشِيدِيُّ

(قَوْلُهُ: وَبَذَلَ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ: بَذَلَ لَهُ الْمَالَ يَسْتَأْجِرُ هُوَ بِهِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ إلَخْ) لَكِنْ فِي الرَّشِيدِيِّ أَنَّ ضَمِيرَ لَهُ عَائِدٌ لِلْأَجِيرِ فَيُقَيَّدُ أَنَّهُ لَوْ بَذَلَ الْمَالَ لِلْمُطَاعِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَبُولُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى عُمُومِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ لُزُومُهُ إلَخْ) فِيمَا إذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا، وَالْأَصَحُّ عَدَمُ اللُّزُومِ. اهـ. م ر فِي الشَّارِحِ

(قَوْلُهُ: وَلَدٌ لِلْمُطَاعِ بِمَشْيٍ) نَعَمْ لَوْ كَانَ بَيْنَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>