للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زَمَانَتِهِ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ فِي مَعْنَى التَّفْسِيرِ لِلزَّمِنِ، وَالْمُعْتَبَرُ شِدَّةُ مَشَقَّةِ الثُّبُوتِ عَلَى الرَّاحِلَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: عَنْ الْمُتَوَلِّي وَمَحَلُّ إنَابَةِ الْمَعْضُوبِ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ الْإِنَابَةُ لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ فِي الْمُبَاشَرَةِ حِينَئِذٍ

وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمَيِّتِ الْمُرْتَدُّ فَإِنَّهُ لَا يُنَابُ عَنْهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَذَكَرَ فِيهِ فِي الْبَحْرِ احْتِمَالَيْنِ أَحَدُهُمَا يُنَابُ عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ كَمَا يُخْرَجُ مِنْهَا الزَّكَاةُ، وَالْكَفَّارَةُ، وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ لَوْ صَحَّتْ لَوَقَعَتْ عَنْ الْمَنُوبِ عَنْهُ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ هُنَا

وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ الْإِنَابَةِ خَبَرُ أَبِي رَزِينٍ السَّابِقُ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فِي الْحَجِّ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكْتُ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ قَالَ نَعَمْ» وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَلَمْ تَحُجَّ قَالَ: حُجِّي عَنْ أُمِّك»

ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ النَّوْعِ الثَّانِي فَقَالَ (وَكَيْ يَجِبْ أَنْ يَتَوَلَّى هُوَ بِالْإِنْفَاقِ لَهُ وَلِلَّذِي يَمُونُهُ) أَيْ: وَالشَّرْطُ فِي كِلَيْهِمَا لِوُجُوبِ تَوْلِيَتِهِ أَيْ: مُبَاشَرَتِهِ بِنَفْسِهِ مَا مَرَّ مَعَ وِجْدَانِ نَفَقَتِهِ مِنْ الزَّادِ وَأَوْعِيَتِهِ وَمَا يَحْتَاجُهُ فِي السَّفَرِ وَنَفَقَةُ مُمَوَّنِهِ (وَ) مَعَ وِجْدَانِ (الرَّاحِلَهْ) الصَّالِحَةِ لِمِثْلِهِ وَثُبُوتِهِ عَلَيْهَا

أَمَّا الزَّادُ، وَالرَّاحِلَةُ فَلِتَفْسِيرِ السَّبِيلِ فِي الْآيَةِ بِهِمَا فِي خَبَرِ الْحَاكِمِ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَأَمَّا الْأَوْعِيَةُ وَنَحْوُهَا فَلِلضَّرُورَةِ إلَيْهَا وَصَرَّحَ الدَّارِمِيُّ بِمَنْعِهِ مِنْ الْحَجِّ حَتَّى يَتْرُكَ لِمُمَوَّنِهِ نَفَقَةُ الذَّهَابِ، وَالْإِيَابِ وَيُعْتَبَرُ وِجْدَانُهُ مَا ذُكِرَ (إلَى الرُّجُوعِ) إلَى وَطَنِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِ عَشِيرَةٌ لَمَا فِي الْغُرْبَةِ مِنْ الْوَحْشَةِ وَلِنَزْعِ النُّفُوسِ لِلْأَوْطَانِ (لَا بِدَيْنِهِ) الَّذِي (عَلَى) مَا (سِوَاهُ فِي وَقْتِ الْخُرُوجِ أُجِّلَا) أَيْ: لَا إنْ كَانَ وِجْدَانُهُ مِمَّا ذُكِرَ بِدَيْنِهِ الَّذِي عَلَى غَيْرِهِ مُؤَجَّلًا وَقْتَ خُرُوجِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ النُّسُكُ إذْ هَذَا كَالْمَعْدُومِ وَقَدْ يُجْعَلُ هَذَا وَسِيلَةً إلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ فَيَبِيعُ مَالَهُ نَسِيئَةً قَبْلَ وَقْتِ الْخُرُوجِ إذَا الْمَالُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ حِينَئِذٍ وَمِثْلُهُ الْحَالُ إنْ كَانَ عَلَى مُنْكِرٍ بِلَا بَيِّنَةٍ، أَوْ مُعْسِرٍ بِخِلَافِهِ إذَا كَانَ عَلَى مَلِيءٍ مُقِرٍّ، أَوْ مُنْكِرٍ وَعَلَيْهِ بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّهُ كَالْحَاصِلِ بِيَدِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

الْإِنَابَةِ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ النُّسُكُ (قَوْلُهُ: فِي الْمُبَاشَرَةِ حِينَئِذٍ) نَعَمْ الْأَوْجَهُ أَنَّ مَنْ لَا يُمْكِنُهُ الثُّبُوتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ بِوَجْهٍ تَصِحُّ إنَابَتُهُ وَإِنْ كَانَ مَكِّيًّا حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) ، أَوْ يُعَلِّمُهُ الْحَاكِمُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَوْ أَمْكَنَهُ الظَّفْرُ مِنْ مَالِهِ بِقَدْرِهِ وَوُجِدَتْ شُرُوطُ الظَّفْرِ حَجَرٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: شِدَّةُ مَشَقَّةِ الثُّبُوتِ) بِأَنْ كَانَتْ مَشَقَّةُ الثُّبُوتِ عَلَى الرَّاحِلَةِ كَمَشَقَّةِ الْمَشْيِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنْ يَخْشَى مِنْهُ مُبِيحَ التَّيَمُّمِ أَوْ يَحْصُلَ لَهُ مَشَقَّةٌ لَا يُطَاقُ الصَّبْرُ عَلَيْهَا عَادَةً كَذَا فِي الْعُبَابِ وَالشَّارِحِ لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ الْإِنَابَةُ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ وَلَوْ بِمَشَقَّةٍ وَإِلَّا فَيُحْتَمَلُ جَوَازُ الِاسْتِنَابَةِ لِلضَّرُورَةِ وَيُحْتَمَلُ مَنْعُهَا مَا دَامَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ حَجَّ عَنْهُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَنْ لَا يُمْكِنُهُ الثُّبُوتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ بِوَجْهٍ تَصِحُّ إنَابَتُهُ وَإِنْ كَانَ مَكِّيًّا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ: لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ حِينَئِذٍ) وَإِنْ كَانَتْ تُبِيحُ التَّيَمُّمَ كَمَا نَقَلَهُ الْمَدَنِيُّ عَنْ حَجَرٍ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ وم ر وخ ط وَغَيْرُهُمْ قَالَ خ ط فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ: يُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ عَدَمُ اللُّزُومِ عِنْدَ كَثْرَتِهَا وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ وَاعْتَمَدَهُ فِي الْمُغْنِي أَيْضًا وَحَجَرٌ فِي شَرْحَيْ الْإِرْشَادِ وم ر فِي النِّهَايَةِ وَاعْتَمَدَ حَجَرٌ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى مَتْنِ الْعُبَابِ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِلْمَكِّيِّ مُطْلَقًا، وَالصِّحَّةَ عَلَى مَنْ هُوَ عَلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ وَلَوْ عَلَى سَرِيرٍ يَحْمِلُهُ رِجَالٌ. اهـ. وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا يَأْتِي فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ) فِيهِ خُرُوجٌ عَنْ مَسْأَلَةِ الْمَعْضُوبِ إذْ هُوَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الرُّكُوبَ أَصْلًا أَوْ إلَّا بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْقِلَّةَ، وَالشِّدَّةَ مِنْ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ، وَالشَّدِيدَةُ فِي التَّعْرِيفِ هِيَ الَّتِي تُوَازِي مَشَقَّةَ الْمَشْيِ، وَالْقَلِيلَةُ فِي كَلَامِ الْمُتَوَلِّي هِيَ الَّتِي لَا يَعْظُمُ تَحَمُّلُهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَرِيبِ إلَى مَكَّةَ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى مَشَقَّةِ الْمَشْيِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُغْتَفَرُ عَادَةً فِي جَنْبِ مُبَاشَرَتِهِ الْحَجَّ بِنَفْسِهِ وَعَدِّ أَهْلِ الْعُرْفِ لَهُ مُسْتَطِيعًا لِذَلِكَ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ: وَمَعَ وِجْدَانِ الرَّاحِلَةِ) أَيْ: الْمُوصِلَةِ جَمِيعَ الْمَسَافَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَجَدَ رَاحِلَةً تُوَصِّلُهُ إلَى مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَقَدَرَ عَلَى مَشْيِ مَا بَقِيَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَ مُقَدَّمَةِ الْوَاجِبِ لَا يَجِبُ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ قَوْلُهُ: لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: الرَّاحِلَةُ) النَّاقَةُ الصَّالِحَةُ لِلْحَمْلِ وَأَلْحَقَ الطَّبَرِيُّ بِهَا كُلَّ دَابَّةٍ اُعْتِيدَ الْحَمْلُ عَلَيْهَا مِنْ نَحْوِ بَغْلٍ أَوْ حِمَارٍ م ر أَيْ: وَكَانَتْ تَلِيقُ بِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ تَلِيقُ بِمِثْلِهِ ع ش وَقَالَ ز ي وَحَجَرٌ: وَإِنْ لَمْ تَلِقْ بِهِ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِنَظِيرِهِ فِي الْجُمُعَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْحَجُّ لَا بَدَلَ لَهُ بِخِلَافِهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُعَادِلِ الْآتِي بِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِمُجَالَسَتِهِ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ ع ش أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِ إلَخْ) أَيْ: إذَا كَانَ لَهُ وَطَنٌ وَنَوَى الرُّجُوعَ إلَيْهِ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَإِلَّا فَمَنْ لَا وَطَنَ لَهُ وَلَهُ بِالْحِجَازِ مَا يُغْنِيهِ لَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ مُؤْنَةُ الْإِيَابِ لِاسْتِوَاءِ سَائِرِ الْبِلَادِ إلَيْهِ وَكَذَا مَنْ نَوَى الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ أَوْ قُرْبَهَا وَإِنْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ وَوَطَنٌ. اهـ. حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجْعَلُ إلَخْ) وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>