للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَدُسْتُ ثَوْبٍ لَائِقٍ بِحَالِهِ وَمَسْكَنٍ وَخَادِمٍ يَحْتَاجُهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَا نَفِيسَيْنِ فَيَأْتِي فِيهِمَا مَا مَرَّ ثَمَّةَ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالْجَارِيَةُ النَّفِيسَةُ الْمَأْلُوفَةُ كَالْعَبْدِ إنْ كَانَتْ لِلْخِدْمَةِ فَإِنْ كَانَتْ لِلتَّمَتُّعِ لَمْ يُكَلَّفْ بَيْعَهَا قَالَ وَهَذَا التَّفْصِيلُ لَمْ أَرَهُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ قَالَ: وَكَلَامُهُمْ يَشْمَلُ الْمَرْأَةَ الْمَكْفِيَّةَ بِإِسْكَانِ الزَّوْجِ وَإِخْدَامِهِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ قَدْ تَنْقَطِعُ فَتَحْتَاجُ إلَيْهِمَا وَكَذَا الْمَسْكَنُ لِلْمُتَفَقِّهَةِ السَّاكِنِينَ بُيُوتَ الْمَدَارِسِ، وَالصُّوفِيَّةُ بِالرُّبُطِ وَنَحْوِهَا. اهـ.

وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ بَلْ الْمُتَّجِهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ مُسْتَطِيعُونَ لِاسْتِغْنَائِهِمْ فِي الْحَالِ فَإِنَّهُ الْمُعْتَبَرُ وَلِهَذَا تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى مَنْ كَانَ غَنِيًّا لَيْلَةَ الْعِيدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا يَكْفِيهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ فِي غَيْرِ الزَّوْجَةِ

(وَ) بَعْدَ وِجْدَانِ (مُؤَنِ النِّكَاحِ إنْ خَافَ الْعَنَتَ) أَيْ: الزِّنَا؛ لِأَنَّ حَاجَةَ النِّكَاحِ نَاجِزَةٌ، وَالنُّسُكُ عَلَى التَّرَاخِي وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ عَدَمُ وُجُوبِ النُّسُكِ حِينَئِذٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ، لَكِنْ كَثِيرٌ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ قَالُوا بِوُجُوبِهِ، لَكِنَّ تَقْدِيمَ النِّكَاحِ أَوْلَى قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ الْأَصَحُّ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ وَعَلَّلَهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ الْمَلَاذِ فَلَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْحَجِّ وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا كَوْنُ ذَلِكَ بَعْدَ وِجْدَانِ الْكُتُبِ الشَّرْعِيَّةِ لِلْفَقِيهِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنْ كِتَابٍ نُسْخَتَانِ فَيَكْتَفِي بِوَاحِدَةٍ

وَبَعْدَ وِجْدَانِ خَيْلِ الْجُنْدِيِّ وَسِلَاحِهِ (وَأَجْرِ تَخْفِيرٍ) مَنْ خَفَّرْته مُثَقَّلًا مِنْ خَفَرْته مُخَفَّفًا إذَا أَجَرْتُهُ وَكُنْتُ لَهُ خَفِيرًا أَيْ مُجِيرًا تَمْنَعُهُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ أَيْ وَبَعْدَ وِجْدَانِ أُجْرَةِ الْخِفَارَةِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا فَتَلْزَمُهُ أُجْرَتُهَا؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مِنْ أُهْبَةِ الطَّرِيقِ فَهِيَ كَالرَّاحِلَةِ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ تَصْحِيحِ الْإِمَامِ وَصَحَّحَاهُ وَمُقَابَلَةٌ لَا تَلْزَمُهُ أُجْرَتُهَا؛ لِأَنَّهَا خُسْرَانٌ لِدَفْعِ الظُّلْمِ كَالدَّفْعِ إلَى ظَالِمٍ؛ وَلِأَنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا زَادَ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ وَأُجْرَتِهِ فِي الزَّادِ، وَالرَّاحِلَةِ فَلَا يَجِبُ الْحَجُّ مَعَ طَلَبِهَا وَنَقَلَ هَذَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاهِيرِ الْعِرَاقِيِّينَ، والْخُراسانِيِينَ ثُمَّ قَالَ: فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالْخِفَارَةِ مَا يَأْخُذُهُ الرَّصَدِيُّ فِي الْمَرَاصِدِ وَهَذَا لَا يَجِبُ الْحَجُّ مَعَهُ بِلَا خِلَافٍ فَلَا يَكُونُونَ مُتَعَرِّضِينَ لِمَسْأَلَةِ الْإِمَامِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا الصُّورَتَيْنِ فَيَكُونُ خِلَافَ مَا قَالَهُ لَكِنَّ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ أَصَحُّ وَأَظْهَرُ فِي الدَّلِيلِ فَيَكُونُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ لِلتَّمَتُّعِ لَمْ يُكَلَّفْ بَيْعَهَا) قُلْت يَنْبَغِي أَنْ لَا تَكُونَ مَانِعَةً لِلْوُجُوبِ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَى النِّكَاحِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَلَاذِّ فَلَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْحَجِّ بِرّ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ لِلْخِدْمَةِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَالْمُتَّجِهُ أَنَّهَا كَالْعَبْدِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْعُلْقَةَ فِيهَا كَالْعُلْقَةِ فِيهِ قُلْت وَقَدْ يُؤَيِّدُ مَا يَأْتِي قَرِيبًا فِي حَاجَةِ النِّكَاحِ شَرْحُ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: الْمُتَّجِهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ مُسْتَطِيعُونَ) شَامِلٌ لِلزَّوْجَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي غَيْرِ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ) أَيْ: الْحَالَ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ تَقْدِيمَهُ النِّكَاحَ، أَوْلَى) وَعِبَارَة الرَّوْضُ أَفْضَلُ وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ ذَلِكَ بِأَنَّ أَفْضَلِيَّةَ النِّكَاحِ مَعَ وُجُوبِ الْحَجِّ الْمُقْتَضِيَ أَنَّهُ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ فِعْلِهِ تَبَيَّنَ عِصْيَانُهُ تُؤَدِّي إلَى أَنْ يُؤْمَرَ الْإِنْسَانُ بِمَا يُؤَدِّي لِعِصْيَانِهِ لِأَنَّ قَضِيَّةَ الْأَفْضَلِيَّةِ طَلَبُ تَأْخِيرِهِ الْمُؤَدِّي لِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْأَفْضَلِيَّةُ مَشْرُوطَةٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ كَالْجَوَازِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَفِيهِ مَا فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ) وَعَلَى هَذَا يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ فَيُقْضَى مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِهِ

(قَوْلُهُ: وَعَلَّلَهُ صَاحِبُ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ إعْفَافَ الْأَبِ مَانِعٌ مِنْ الْوُجُوبِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) جَزَمَ م ر فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ لَكِنَّ شَرْحَهُ لِلْمِنْهَاجِ كَهَذَا الشَّرْحِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ بِزِيَادَةٍ

(قَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ) مُعْتَمَدُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لَكِنَّ تَقْدِيمَ النِّكَاحِ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً وَدَرْءَ مَفْسَدَةٍ وَفِي الْحَجِّ مَصْلَحَةٌ فَقَطْ فَكَانَ الْأَوَّلُ أَوْلَى فَلَا يُقَالُ إنَّ النِّكَاحَ لَا يَجِبُ وَإِنْ خَافَ الْعَنَتَ، وَالْحَجُّ وَاجِبٌ فَكَيْفَ قُدِّمَ غَيْرُ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ نَعَمْ لَوْ يَضِيقُ بِإِفْسَادٍ أَوْ خَوْفِ عَضْبِهِ اتَّجَهَ أَوْلَوِيَّةُ تَقْدِيمِهِ بَلْ وُجُوبُهُ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْحَجِّ فَهَلْ يَتَبَيَّنُ عِصْيَانُهُ مِنْ آخِرِ سِنِي الْإِمْكَانِ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَهُ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ أَوَّلًا لِعُذْرِهِ قَضِيَّةُ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ أَخْذًا مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ الزَّكَاةَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ لِانْتِظَارِ نَحْوِ قَرِيبٍ فَتَلِفَتْ ضَمِنَهَا وَقَدْ يُقَالُ قِيَاسُ الزَّكَاةِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الثَّانِي فَإِنَّهُ كَمَا لَا يَتَبَيَّنُ ثَمَّ عِصْيَانُهُ بِالتَّلَفِ فَكَذَا هُنَا وَأَمَّا الضَّمَانُ ثَمَّ فَهُوَ نَظِيرُ الْإِحْجَاجِ هُنَا مِنْ تَرِكَتِهِ عَنْهُ لَا نَظِيرُ الْإِثْمِ وَهُنَا يَجِبُ الْإِحْجَاجُ عَنْهُ كَمَا يَجِبُ ثَمَّ عَلَيْهِ الضَّمَانُ فَاسْتَوَيَا فِيمَا قُلْنَاهُ لَا فِيمَا قَالَهُ فَتَأَمَّلْهُ

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَمْ أَرَ لِلنَّاسِ كَلَامًا فِيمَنْ لَا يَصْبِرُ عَنْ الْجِمَاعِ لِعِلْمِهِ هَلْ شَرْطُ وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهِ قُدْرَتُهُ عَلَى اسْتِصْحَابِ زَوْجَةٍ أَوْ سُرِّيَّةٍ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْقَوْلُ بِهِ مُسْتَبْعَدٌ مَعَ الْحَاجَةِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي التُّحْفَةِ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَرْكِ الْجِمَاعِ لَا يُشْتَرَطُ قُدْرَتُهُ عَلَى زَوْجَةٍ أَوْ سُرِّيَّةٍ يَسْتَصْحِبُهَا فَيَسْتَقِرُّ الْحَجُّ فِي ذِمَّتِهِ قَالَ ابْنُ الْجَمَّالِ فِي شَرْحِ الْإِيضَاحِ: ظَاهِرُهُ وَإِنْ ظَنَّ لُحُوقَ ضَرَرٍ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ لَوْ تَرَكَ الْجِمَاعَ بِالتَّجْرِبَةِ أَوْ إخْبَارَ عَدْلَيْ رِوَايَةٍ عَارِفَيْنِ وَهُوَ غَيْرُ وَاضِحٍ وَمِنْ ثَمَّةَ اسْتَظْهَرَ فِي الْمَنْهَجِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِلْوُجُوبِ اشْتِرَاطَ قُدْرَتِهِ عَلَى حَلِيلَةٍ يَسْتَصْحِبُهَا وَجَزَمَ بِهِ تِلْمِيذُهُ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَمَالَ إلَيْهِ مَوْلَانَا السَّيِّدُ عُمَرُ الْبَصْرِيُّ قَالَ: وَعَلَيْهِ فَيَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَ مُبِيحِ التَّيَمُّمِ حُصُولُ الْمَشَقَّةِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً. اهـ. مَدَنِيٌّ وَفِي عِدَّةِ الْوُضُوحِ نَظَرٌ إذَا كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِتَرْكِ الْحَجِّ وَيَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ فَيُقْضَى مِنْ تَرِكَتِهِ

(قَوْلُهُ: بِمَنْزِلَةِ مَا زَادَ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْل وَأُجْرَتِهِ) وَذَلِكَ يَمْنَعُ الْوُجُوبَ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ وَكَوْنُ الْحَجِّ لَا يَدُلُّ لَهُ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ يُعَارِضُهُ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>