للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَصَحُّ عَلَى الْجُمْلَةِ وُجُوبَ الْحَجِّ وَقَدْ صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ مَعَ اطِّلَاعِهِمَا عَلَى عِبَارَةِ الْأَصْحَابِ الَّتِي ذَكَرْتهَا وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الدَّلِيلِ وَإِنْ أَشْعَرَتْ عِبَارَةُ الْأَكْثَرِينَ بِخِلَافِهِ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ الْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ فَقَدْ أَجَابَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ النَّوَوِيُّ فِي التَّصْحِيحِ وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ النَّصِّ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَنْبَغِي أَنْ تَتَقَيَّدَ الْأُجْرَةُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَلَوْ طَلَبَ أَكْثَرَ مِنْهَا لَمْ تَجِبْ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ (وَ) بَعْدَ وِجْدَانِ (شِقِّ مَحْمِلٍ) وَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ وَبِالْعَكْسِ خَشَبَةٌ يَكُونُ الرَّاكِبُ فِيهَا (مَعَ) وِجْدَانِ (الشَّرِيكِ) الَّذِي يَجْلِسُ فِي الشِّقِّ الْآخَرِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى مُؤْنَةِ الْمَحْمِلِ بِتَمَامِهِ قَالَ فِي الْوَسِيطِ؛ لِأَنَّ بَذْلَ الزَّائِدِ خُسْرَانٌ لَا مُقَابِلَ لَهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَا يَحْتَاجُهُ مِنْ زَادٍ وَغَيْرِهِ إذَا أَمْكَنَتْ الْمُعَادَلَةُ بِهِ يَقُومُ مَقَامَ الشَّرِيكِ وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي تَعَيُّنَ الشَّرِيكِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَهُوَ الْمُتَّجِهُ؛ لِأَنَّ الْمُعَادَلَةَ بِغَيْرِهِ لَا تَقُومُ فِي السُّهُولَةِ مَقَامَهُ عِنْدَ النُّزُولِ

وَالرُّكُوبِ وَنَحْوِهِمَا وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيمَا قَالَهُ بِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ يَسْتَسْهِلُ ذَلِكَ عَلَى الْمُعَادَلَةِ بِالشَّرِيكِ وَقَدْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: اعْتِبَارُ وِجْدَانِ الشَّرِيكِ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَظَاهِرُ النَّصِّ وَكَلَامُ الْجُمْهُورِ خِلَافُهُ بَلْ إذَا أَمْكَنَهُ مُعَادَلَةً زَادَهُ وَثَقَّلَهُ فَالْوَجْهُ الِاكْتِفَاءُ بِهَا وَلَا حَاجَةَ إلَى وِجْدَانِ شَرِيكٍ (لَوْ بِحَاجَةٍ بُلِي) أَيْ: وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ وِجْدَانُهُ شِقَّ الْمَحْمِلِ، وَالشَّرِيكَ إذَا اُبْتُلِيَ بِالْحَاجَةِ إلَيْهِمَا بِأَنْ يَلْحَقَهُ بِرُكُوبِهِ عَلَى الرَّاحِلَةِ بِدُونِهِمَا مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ قَالَ فِي الشَّامِلِ: فَلَوْ لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ بِرُكُوبِ الْمَحْمِلِ اُعْتُبِرَ لَهُ كَنِيسَةٌ وَهِيَ أَعْوَادٌ مُرْتَفِعَةٌ بِجَوَانِبِ الْمَحْمِلِ عَلَيْهَا سِتْرٌ يَدْفَعُ الْحَرَّ، وَالْبَرْدَ وَيُسَمَّى فِي الْعُرْفِ مَجْمُوعُ ذَلِكَ مَحَارَةً وَأَطْلَقَ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ اعْتِبَارَ الْمَحْمِلِ لِلْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَا يَلِيقُ بِهَا رُكُوبُهَا بِدُونِهِ، أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهَا أَمَّا غَيْرُهَا فَالْأَشْبَهُ أَنَّهَا كَالرَّجُلِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ وَحَيْثُ اُعْتُبِرَ الْمَحْمِلُ، وَالرَّاحِلَةُ فَالْمُرَادُ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْهُمَا بِمِلْكٍ، أَوْ إجَارَةٍ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، أَوْ أُجْرَتِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَى هَذِهِ الْجِهَةِ، وَالْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ لَهَا يُوجِبَانِ الْحَجَّ بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِخُصُوصِهِ وَقَبِلَهُ، أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ وَصَحَّحْنَاهُ فَلَا شَكَّ فِي الْوُجُوبِ نَعَمْ لَوْ حَمَلَهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَأَهْلِ وَظَائِفِ الرَّكْبِ مِنْ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهِمْ فَفِي الْوُجُوبِ نَظَرٌ انْتَهَى

وَالْأَوْجَهُ الْوُجُوبُ مَعَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ لِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا نَدَبَ أَحَدًا لِمُهِمٍّ يَتَعَلَّقُ

بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ

لَزِمَهُ الْقَبُولُ

(وَ) مَعَ (أَمْنِ طُرْقٍ مِنْ مَرِيدِي خُسْرِ) أَيْ: نَقْصٍ فِي الْبَدَنِ، أَوْ الْبُضْعِ، أَوْ الْمَالِ كَقَاطِعِ طَرِيقٍ وَعَدُوٍّ وَرَصَدِيٍّ وَهُوَ مَنْ يَأْخُذُ مَالًا عَلَى الْمَرَاصِدِ وَلَوْ يَسِيرًا نَعَمْ

ــ

[حاشية العبادي]

مَعَ أَنَّهُ مِنْ الْمَلَاذِّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ فِي حُقُوقِ النَّفْسِ مَا لَا يُتَسَامَحُ فِي حُقُوقِ الْغَيْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَعَ وِجْدَانِ الشَّرِيكِ) أَيْ: مَعَ وِجْدَانِ شَرِيكٍ عَدْلٍ تَلِيقُ بِهِ مُجَالَسَتُهُ وَلَيْسَ بِهِ نَحْوُ بَرَصٍ وَلَا جُذَامٍ وَيُوَافِقُهُ عَلَى الرِّضَا بِالرُّكُوبِ بَيْنَ الْمَحْمِلَيْنِ عِنْدَ نُزُولِهِ لِنَحْوِ قَضَاءِ حَاجَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ فِي الْكُلِّ حَجَرٌ (قَوْلُهُ بَلْ إذَا أَمْكَنَهُ مُعَادَلَةُ زَادِهِ وَثِقَلِهِ) بِحَيْثُ لَمْ يَخْشَ مَيْلًا وَوَجَدَ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ فَاضِلَةٍ عَمَّا مَرَّ مَنْ يُمْسِكُهُ لَهُ لَوْ مَالَ عِنْدَ نُزُولِهِ لِنَحْوِ قَضَاءِ حَاجَةٍ لَمْ يَحْتَجْ لِلشَّرِيكِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: كَنِيسَةٌ) فَإِنْ لَحِقَهُ بِهَا مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ اُعْتُبِرَ مِحَفَّةٌ فَسَرِيرٌ يَحْمِلُهُ رِجَالٌ وَإِنْ بَعُدَ مَحَلُّهُ فِيمَا يَظْهَرُ إذْ الْغَرَضُ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى مُؤَنِ ذَلِكَ فَاضِلَةً عَمَّا مَرَّ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ الْمَحَامِلِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ إجَارَةٌ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْعَارِيَّةُ (قَوْلُهُ، أَوْ إجَارَةٌ) أَمَّا وُجُودُ ذَلِكَ بِاسْتِقْرَاضٍ، أَوْ إعَارَةٍ وَنَحْوِهِمَا فَلَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ تَضَيَّقَ عَلَيْهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ حِينَئِذٍ ع (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَرَاصِدِ) أَيْ: الْمَوَاضِعِ الَّذِي يَرْصُدُ النَّاسَ أَيْ: يَرْقُبُهُمْ فِيهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

الْحَجَّ عَلَى التَّرَاخِي أَيْ: لَوْ وَجَبَ مَعَ تِلْكَ الزِّيَادَةِ لَكَانَ عَلَى التَّرَاخِي فَلَا يُقَالُ إنَّ الْكَلَامَ فِي الْوُجُوبِ، وَالتَّرَاخِي وَصْفُ الْأَدَاءِ بَعْدَ الْوُجُوبِ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: عَلَى الْجُمْلَةِ) أَيْ: مُرَاعَاةً لِلِاحْتِمَالِ الثَّانِي أَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَمَقْطُوعٌ بِهِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: الَّتِي ذَكَرْتهَا) إلَى هُنَا عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ: مَحْمِلٌ) هُوَ شَيْءٌ مِنْ خَشَبٍ أَوْ نَحْوِهِ يُجْعَلُ فِي جَانِبِ الْبَعِيرِ لِلرُّكُوبِ فِيهِ بِلَا شَيْءٍ يَسْتُرُ الرَّاكِبَ فَإِنْ كَانَ مَعَ شَيْءٍ يَسْتُرُهُ يُسَمَّى كَنِيسَةً مِنْ الْكَنْسِ أَيْ: السَّتْرِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} [التكوير: ١٦] . اهـ. مَدَنِيٌّ وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلشَّارِحِ الْآتِي (قَوْلُهُ: بَلْ إذَا أَمْكَنَهُ إلَخْ) أَيْ: وَكَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِذَلِكَ فِي مِثْلِهِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ) هِيَ الَّتِي تُبِيحُ التَّيَمُّمَ. اهـ. حَجَرٌ شَرْحُ بَافَضْلٍ زَادَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ أَوْ لَا يَخْشَى مَحْذُورَ تَيَمُّمٍ وَلَكِنَّهُ لَا يُطَاقُ الصَّبْرُ عَلَيْهِ عَادَةً. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْمُوصِي بِمَنْفَعَتِهِ لَهَا) يُفِيدُ أَنَّ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ لَهُ لَا يَلْزَمُهُ فِيهِ الْقَبُولُ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ حَجَرٌ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ قَالَ: لَا يَلْزَمُهُ فِيهِ الْقَبُولُ لِلْمِنَّةِ لَكِنْ فِي شَرْحِ الرَّمْلِيِّ وَابْنِ عَلَّانَ لِلْإِيضَاحِ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهِ وَفِي شَرْحِ عَبْدِ الرَّءُوفِ لِلْمُخْتَصَرِ أَوْ وَصِيَّةٌ لَهُ أَوْ لِجِهَةِ الْحَمْلِ وَظَاهِرُ الْأَوَّلِ وَصَرِيحُ الثَّانِي خِلَافُ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ أَوْ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْحَمْلِ لِمَكَّةَ أَوْ مُوصٍ بِمَنْفَعَتِهِ لِذَلِكَ

(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ حَمَلَهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ مَالِهِ. اهـ. تُحْفَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ يَسِيرًا) كَذَا فِي جَمِيعِ كُتُبِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْخَطِيبِ وَالرَّمْلِيِّ وَحَجَرٍ إلَّا الْإِيعَابَ، وَالْمِنَحَ لَهُ فَجَرَى فِيهِمَا عَلَى أَنَّ الْقَلِيلَ الَّذِي لَا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الْخَفَارَةِ لَا أَثَرَ لَهُ. اهـ. مَدَنِيٌّ وَيَظْهَرُ أَنَّ مِنْ ذَلِكَ مَا يُؤْخَذُ

<<  <  ج: ص:  >  >>