للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنْ كَانَ الْعَدُوُّ كَافِرًا وَأَطْلَقَ مُقَاوَمَتَهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ الْخُرُوجُ لِلْحَجِّ وَيُقَاتِلُهُ لِيَنَالَ ثَوَابَ الْحَجِّ، وَالْجِهَادِ وَيُكْرَهُ بَذْلُ الْمَالِ لِلرَّصَدِيِّ إذْ فِيهِ تَحْرِيضٌ عَلَى الطَّلَبِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْبَاذِلُ لَهُ هُوَ الْإِمَامَ، أَوْ نَائِبَهُ وَجَبَ الْحَجُّ كَمَا نَقَلَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ عَنْ الْإِمَامِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَّا مَنْ قَطَعَا بَلْ الظَّنُّ كَافٍ وَلَا الْأَمْنُ الْمَعْهُودُ حَضَرَا فَأَمْنُ كُلِّ مَكَان بِحَسْبِهِ فَالْخَوْفُ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ يَمْنَعُ الْوُجُوبَ، وَالْمُرَادُ الْخَوْفُ الْعَامُّ حَتَّى لَوْ كَانَ الْخَوْفُ فِي حَقِّهِ وَحْدَهُ قُضِيَ مِنْ تَرِكَتِهِ كَالزَّمِنِ بِخِلَافِ مَنْ حَجَّ أَوَّلَ مَا تَمَكَّنَ فَأُحْصِرَ مَعَ الْقَوْمِ ثُمَّ تَحَلَّلَ وَمَاتَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْحَجِّ إذْ لَا يَجِدُ إلَيْهِ سَبِيلًا بِنَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ غَيْرَهُ مِثْلُهُ فِي خَوْفِ الْعَدُوِّ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْأُمِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْمَالِ الَّذِي يُخَافُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ الَّذِي لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ لِلْمُؤَنِ أَمَّا لَوْ أَرَادَ اسْتِصْحَابَ مَالٍ خَطِيرٍ لِلتِّجَارَةِ وَكَانَ الْخَوْفُ لِأَجْلِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِعُذْرٍ

(وَغَلَبَتْ سَلَامَةٌ فِي الْبَحْرِ) أَيْ: وَمَعَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ فِي الْبَحْرِ الَّذِي تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِيَجِبَ رُكُوبُهُ فَإِنْ غَلَبَ هَلَاكُهُ، أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ لَمْ يَجِبْ بَلْ يَحْرُمُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ وَلَيْسَ النَّهْرُ الْعَظِيمُ كَجَيْحُونَ فِي مَعْنَى الْبَحْرِ؛ لِأَنَّ الْمَقَامَ فِيهِ لَا يَطُولُ وَخَطَرُهُ لَا يَعْظُمُ

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي حَقِّ عَامَّةِ الْمُبَاشِرِينَ أَخَذَ فِي بَيَانِ مَا يَخْتَصُّ بِبَعْضِهِمْ فَقَالَ (وَمَعَ خُرُوجِ مَحْرَمٍ) بِنَسَبٍ، أَوْ غَيْرِهِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ -

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ الْخُرُوجُ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ وُجُوبِ الْخُرُوجِ لِلْجِهَادِ وَإِنْ دَخَلَ الْكُفَّارُ بِلَادَنَا وَفِيهِ كَلَامٌ يُرَاجَعُ

(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ بَذْلُ الْمَالِ لِلرَّصَدِيِّ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ كَرَاهَةُ الْإِعْطَاءِ لِلرَّصَدِيِّ الْكَافِرِ، وَالْمُسْلِمِ وَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي بَابِ مَوَانِعِ إتْمَامِ الْحَجِّ مِنْ تَخْصِيصِهَا بِالْكَافِرِ لِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَإِعْطَاءُ الْمَالِ أَسْهَلُ مِنْ قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا قَبْلَهُ فَلَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ لِارْتِكَابِ الذُّلِّ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِلرَّصَدِيِّ) بِخِلَافِهِ لِلْمُسْلِمِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ ح ج (قَوْلُهُ: هُوَ الْإِمَامُ، أَوْ نَائِبُهُ) وَكَذَا أَجْنَبِيٌّ عَلَى الْأَوْجَهِ حَيْثُ لَا يُتَصَوَّرُ خَوْفٌ مِنْهُ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ بِوَجْهٍ ح ج

(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ الْخَوْفُ الْعَامُّ) بِخِلَافِ الْخَاصِّ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ كَابْنِ الرِّفْعَةِ وَصَوَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَبَيَّنْتُ مَا فِيهِ فِي الْحَاشِيَةِ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الَّذِي فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ خِلَافُهُ ح ع (قَوْلُهُ: النَّهْرُ الْعَظِيمُ) أَيْ: وَإِنْ سَارَ فِيهِ طُولًا

(قَوْلُهُ: مَعَ خُرُوجِ مُحْرِمٍ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَهَلْ وُجُودُ نَحْو الْمُحْرِمِ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْيَوْمَ مِنْ الْحُجَّاجِ فِي جَدَّةَ (قَوْلُهُ: اُسْتُحِبَّ إلَخْ) هَذَا إذَا لَمْ يَعْبُرُوا بِلَادَنَا، وَإِلَّا وَجَبَ قِتَالُهُمْ مُطْلَقًا. اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر

(قَوْلُهُ: أَيْضًا اُسْتُحِبَّ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ قِتَالُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَزِيدُوا عَلَى الضِّعْفِ وَإِلَيْهِ يَمِيلُ كَلَامُ الْإِمَامِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْحَجِيجِ الْجُبْنُ وَعَدَمُ اتِّفَاقِ الْكَلِمَةِ وَجَمْعُ الْأَخْلَاطِ مِمَّنْ لَا يُوثَقُ مِنْهُمْ بِقِتَالٍ فَكَانَتْ تِلْكَ أَعْذَارًا فِي عَدَمِ مُقَاتَلَتِهِمْ وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ مَا فِيهِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ لَكِنَّ قَوْلَ م ر وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ قِتَالُ الْكُفَّارِ عِنْدَ عَدَمِ زِيَادَتِهِمْ عَلَى مِثْلَيْنَا؛ لِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ وَهَذَا بِخِلَافِهِ يُقَيِّدُ الْوُجُوبَ هُنَا عِنْدَ عَدَمِ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْبَاذِلُ إلَخْ) هَلْ يَجِبُ الْبَذْلُ عَلَى الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ

مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ

(قَوْلُهُ: الْإِمَامَ أَوْ نَائِبَهُ) وَكَذَا أَحَدُ الرَّعِيَّةِ إنْ بَذَلَهُ عَنْ الْجَمِيعِ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ الْخَوْفُ الْعَامُّ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ. اهـ. ق ل وَغَيْرُهُ قَالَ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ: وَاخْتَارَ شَيْخُنَا طب التَّفْصِيلَ فَإِنْ خَصَّهُ الْخَوْفُ لِأَجْلِ نَحْوِ تِجَارَةٍ يَصْحَبُهَا لَزِمَهُ وَإِنْ خَصَّهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ كَأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَتَعَرَّضُ لَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ صَدَرَ مِنْهُ يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ تَحَلَّلَ) أَيْ: ثُمَّ زَالَ الْإِحْصَارُ عَنْ الْقَوْمِ لِيَكُونَ شَبِيهًا بِالْخَوْفِ الْخَاصِّ مِنْ جِهَةٍ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَغَلَبَتْ سَلَامَةٌ فِي الْبَحْرِ) مِثْلُهُ الْبِرُّ كَمَا فِي شَرْحِ م ر لِلْمِنْهَاجِ وَسَمِّ وَفِي شَرْحِ م ر الْمَذْكُورِ وَلَوْ جُهِلَ مَانِعُ الْوُجُوبِ مِنْ نَحْوِ وُجُودِ عَدُوٍّ أَوْ عَدَمِ زَادٍ اُسْتُصْحِبَ الْأَصْلُ وَعُمِلَ بِهِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا وَجَبَ الْخُرُوجُ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْمَانِعِ وَيَتَبَيَّنُ وُجُوبُ الْخُرُوجِ بِتَبَيُّنِ عَدَمِ الْمَانِعِ لَوْ ظَنَّهُ فَتَرَكَ الْخُرُوجَ (قَوْلُهُ: بَلْ يَحْرُمُ) حَتَّى فِي الِاسْتِوَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ مَحَلِّيٌّ

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ النَّهْرُ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ إنَّهُ فِي وَقْتِ هَيَجَانِهِ كَالْبَحْرِ. اهـ. ق ل وَغَيْرُهُ

(قَوْلُهُ: وَمَعَ خُرُوجِ إلَخْ) فَخُرُوجُ مَنْ ذُكِرَ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلَا يَقْضِي مِنْ تَرِكَتِهَا لَوْ مَاتَتْ وَقِيلَ شَرْطٌ لِلتَّمَكُّنِ فَيَقْضِي مِنْ تَرِكَتِهَا لَوْ مَاتَتْ وَلَمْ تَحُجَّ وَمِثْلُ خُرُوجِ مَنْ ذُكِرَ إذْنُ الزَّوْجِ فَهُوَ شَرْطٌ فِي اسْتِطَاعَتِهَا بِنَاءً عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْهُ وَأَنَّهَا مَمْنُوعَةُ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ إذْنِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي مَيْدَانِهِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ وَاعْتُرِضَ تَرَتُّبُ الْقَضَاءِ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ لِلتَّمَكُّنِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْوُجُوبِ مِنْ التَّمَكُّنِ مِنْ الْأَدَاءِ نَظِيرُهُ قَوْلُهُمْ إنَّ الْحَوْلَ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَالتَّمَكُّنَ مِنْ الْإِخْرَاجِ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّمَكُّنِ إمْكَانُ الْأَدَاءِ وَقَدْ ثَبَتَ الْوُجُوبُ وَلَا يَجِبُ الْأَدَاءُ حَالًا لِتَوَقُّفِهِ عَلَى شَرْطٍ كَمَا تَجِبُ زَكَاةُ الْحَبِّ بِالِاسْتِعْدَادِ وَيَتَوَقَّفُ الْإِخْرَاجُ عَلَى التَّصْفِيَةِ وَقَدْ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ بِأَنَّ إمْكَانَ الْأَدَاءِ لَيْسَ شَرْطًا لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ قَالَا كَالصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَالْحَجِّ وَهُوَ قِيَاسُ مَا فِي الزَّكَاةِ أَنَّ التَّمَكُّنَ مِنْ نَحْوِ النِّسْوَةِ هُنَا شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ فَلَوْ لَمْ تَجِدْهُنَّ وَجَبَ الْحَجُّ وَلَا يَجِبُ الْأَدَاءُ إلَّا عِنْدَ التَّمَكُّنِ فَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَهُ لَمْ يُقْضَ مِنْ تَرِكَتِهَا كَمَا لَوْ أَفْطَرَتْ فِي رَمَضَانَ لِمَرَضٍ وَلَمْ تَتَمَكَّنْ مِنْ الْأَدَاءِ حَتَّى مَاتَتْ لَمْ يَقْضِ عَنْهَا وَلَا فِدْيَةَ. اهـ. شَرْحُ عب (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: وَيَكْفِي فِي الْجَوَازِ لِلْوَاجِبِ أَيْ: الَّذِي يُوصَفُ بِالْوُجُوبِ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَإِلَّا فَهُوَ الْآنَ جَائِزٌ امْرَأَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>