للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِأَنْ يَبْقَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ السَّيْرُ إلَى الْحَجِّ السَّيْرَ الْمَعْهُودَ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إنَّمَا هُوَ شَرْطُ اسْتِقْرَارِهِ فِي ذِمَّتِهِ لِيَجِبَ قَضَاؤُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْحَجِّ وَلَيْسَ شَرْطًا لِأَصْلِ الْوُجُوبِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ فِي الْحَالِ كَالصَّلَاةِ تَجِبُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ يَسَعُهَا وَتَسْتَقِرُّ فِي الذِّمَّةِ بِمُضِيِّ زَمَنِ التَّمَكُّنِ مِنْ فِعْلِهَا وَصَوَّبَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَوَّلَ لِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ وَأَجَابَ عَنْ الصَّلَاةِ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لِإِمْكَانِ تَتْمِيمِهَا

(وَيَنْصِبُ الْوَلِيُّ) وُجُوبًا (لِلْمَحْجُورِ) عَلَيْهِ (بِالسَّفَهِ) إنْ لَمْ يَخْرُجْ مَعَهُ (الْقَيِّمَ) أَيْ: قَيِّمًا وَلَوْ بِأُجْرَةٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِ فِي طَرِيقِهِ بِالْمَعْرُوفِ صَوْنًا لِمَالِهِ

(ثُمَّ لِيُمْنَع) الْوَلِيُّ، أَوْ الْقَيِّمُ (زِيَادَةَ الْإِنْفَاقِ) فِي السَّفَرِ عَلَى الْإِنْفَاقِ فِي الْحَضَرِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ أَنَّهُ يُوصَفُ عَلَى الثَّانِي بِالْوُجُوبِ فَيَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ اتِّفَاقًا بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ يَعْنِي فَإِنَّهُ يَجْرِي فِي صِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ الْخِلَافُ فِي صِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ عَمَّنْ مَاتَ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ حَجَّ وَلَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ فَفِي جَوَازِ الْإِحْجَاجِ عَنْهُ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ، وَالثَّانِي الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ لِوُقُوعِهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ. اهـ. وَقَوْلُهُ طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ إشَارَةٌ إلَى الْقَوْلَيْنِ فِي قَوْلِهِ قَبْلُ إنَّ فِي اسْتِنَابَةِ الْوَارِثِ عَنْ الْمَيِّتِ قَوْلَيْنِ أَظْهَرُهُمَا الْجَوَازُ

(قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ تَتْمِيمِهَا) بِحَسَبِ الظَّاهِرِ مِنْ الْبَقَاءِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْحَجِّ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

عَلَيْهِ مَا تَقَرَّرَ وَقَدْ سَبَقَهُ فِي هَذَا الْفَرْقِ مُجَلِّي فِي ذَخَائِرِهِ انْتَهَتْ وَبِهَا تَنْدَفِعُ جَمِيعُ التَّوَقُّفَاتِ السَّابِقَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَبْقَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ إلَخْ) مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ أَنْ يَبْقَى إلَخْ أَيْ: أَنْ يَبْقَى مِنْ حِينِ اسْتِطَاعَتِهِ زَمَنٌ إلَخْ إنْ تَصَوَّرَ بِأَنْ يَخْرُجَ أَهْلُ بَلَدِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ، ثُمَّ تَطْرَأَ لَهُ الِاسْتِطَاعَةُ، وَالْبَاقِي لَا يُمْكِنُهُ فِيهِ السَّيْرُ الْمُعْتَادُ فَعِنْدَ ابْنِ الصَّلَاحِ وَجَبَ وَلَمْ يَسْتَقِرَّ وَعِنْدَ غَيْرِهِ لَمْ يَجِبْ وَبِهِ صَدَّرَ ح ل تَبَعًا لِلرَّمْلِيِّ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يُوهِمُهُ آخِرُ عِبَارَةِ الشَّرْحِ. اهـ. شَيْخُنَا ذ عَلَى الْمَحَلِّيِّ فَيُفِيدُ أَنَّ الْمُنَظَّرَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ إنَّمَا هُوَ الْوُجُوبُ آخِرَ الْوَقْتِ لَا أَوَّلَهُ لَكِنَّ التَّعْبِيرَ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِي هَذَا الشَّرْحِ وَالْمَحَلِّيِّ، وَالرَّوْضَةِ يُوهَمُ خِلَافَ ذَلِكَ كَمَا قَالَ وَمَا صَوَّرَ بِهِ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُوَ صَرِيحُ فَرْقِ الشَّرْحِ بِإِمْكَانِ تَتْمِيمِهَا أَيْ: بَعْدَ الْوَقْتِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَحَجَرٌ

(قَوْلُهُ: نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ) فَإِمْكَانُ السَّيْرِ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذُكِرَ عَلَى كَلَامِ الْأَئِمَّةِ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ، وَالِاسْتِقْرَارِ وَعَلَى كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ شَرْطٌ لِلِاسْتِقْرَارِ فَقَطْ وَأَمَّا الْوُجُوبُ فَيَكْفِي فِيهِ الِاسْتِطَاعَةُ حَالًا مِنْ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ حُرٍّ وَأَمَّا قَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ لَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ السَّيْرِ وَلَكِنْ مَضَى وَقْتُ الْحَجِّ وَهُوَ مُوسِرٌ كَمَا إذَا مَلَكَ مِصْرِيٌّ مَالًا فِي الْقِعْدَةِ وَمَاتَ فِي الْمُحَرَّمِ قَضَى مِنْ تَرِكَتِهِ فَهُوَ لَا يُوَافِقُ طَرِيقَةَ الْأَصْحَابِ وَلَا طَرِيقَةَ ابْنِ الصَّلَاحِ. اهـ. حَجَرٌ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ وَقَوْلُهُ كَمَا إذَا مَلَكَ مِصْرِيٌّ إلَخْ أَيْ: وَتَعَذَّرَ السَّفَرُ بَرًّا وَبَحْرًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ لَا يُوَافِقُ إلَخْ لَعَلَّ مُرَادَ الْبُلْقِينِيِّ جَوَازُ الِاسْتِطَاعَةِ عَنْهُ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ

(قَوْلُهُ: وَأَجَابَ عَنْ الصَّلَاةِ إلَخْ) هَذَا الْفَرْقُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهِمَا وَاحِدٌ إذَا مَاتَ فِي أَثْنَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ قَبْلَ إمْكَانِ فِعْلِهَا تَبَيَّنَّا عَدَمَ الْوُجُوبِ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَلَا يُنَافِي الْوُجُوبَ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ وَهَكَذَا الْحَجُّ إذَا اسْتَطَاعَ، وَالْوَقْتُ مُتَّسِعٌ حَكَمْنَا بِالْوُجُوبِ ظَاهِرًا فَإِذَا مَاتَ قَبْلَ الْإِمْكَانِ تَبَيَّنَّا عَدَمَ الْوُجُوبِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَنْهَجِ نَاقِلًا لَهُ عَنْ السُّبْكِيّ. اهـ.

وَهَذَا يُنَافِي التَّصْوِيرَ الَّذِي صَوَّرَ بِهِ شَيْخُنَا ذ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ صَرِيحُ الْفَرْقِ بِإِمْكَانِ التَّتْمِيمِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ تَتْمِيمِهَا) أَيْ: فِي الْوَقْتِ ظَاهِرًا بِخِلَافِ الْحَجِّ حَيْثُ كَانَتْ صُورَةُ النِّزَاعِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ فِعْلَهُ فَيَكُونُ ابْنُ الصَّلَاحِ قَاسَ الْحَجَّ إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِهِ مَا يَسَعُهُ عَلَى الصَّلَاةِ أَوَّلَ وَقْتِهَا وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ فَتَأَمَّلْ وَقَوْلُنَا حَيْثُ كَانَتْ إلَخْ أَمَّا لَوْ كَانَتْ صُورَتُهُ مَا إذَا اسْتَطَاعَ، ثُمَّ عَجَزَ أَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ، وَالْحَجِّ فِي إمْكَانِ الْفِعْلِ ظَاهِرًا لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ إرَادَةَ نَحْوِ هَذِهِ الصُّورَةِ بَعِيدَةٌ إذْ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْحَجِّ بِاشْتِرَاطِهَا بَلْ غَيْرُهُ مِثْلُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ تَتْمِيمِهَا) فِي الْكَنْزِ لِشَيْخِنَا الْبَكْرِيِّ وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاةَ تَجِبُ بِتَكْبِيرَةٍ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ ثَمَّ امْتِدَادُ السَّلَامَةِ مَعَ ذَلِكَ وَتَصْوِيرُ ذَلِكَ هُنَا لَا يَأْتِي فَتَأَمَّلْهُ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَجِّ، وَالصَّلَاةِ فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ أَوْ حَاضَتْ قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُهَا تَبَيَّنَ أَنَّهَا لَمْ تَجِبْ وَكَذَا هَذَا إذَا اسْتَطَاعَ وَقَدْ بَقِيَ وَقْتٌ يَسَعُهُ حَكَمْنَا بِالْوُجُوبِ فَإِذَا مَاتَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ تَبَيَّنَ أَنْ لَا وُجُوبَ وَلَيْسَ كَالزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ، ثُمَّ تَسْقُطُ بِفَوَاتِ التَّمَكُّنِ. اهـ. وَحَاصِلُ مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّ الْوَقْتَ فِي الصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ، وَالتَّمَكُّنُ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ وَخَالَفَ السُّبْكِيُّ فِي الصَّلَاةِ فَجَعَلَهَا كَالْحَجِّ فِي أَنَّ التَّمَكُّنَ فِيهِمَا سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ، وَالْجُمْهُورُ مَعَهُ فِي الْحَجِّ دُونَهَا وَكُلُّ ذَا يَحْتَاجُ لِفَرْقٍ بَيِّنٍ فَلْيُحَرَّرْ وَعَلَى مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ شَيْخِنَا ذ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا إشْكَالَ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: بِالسَّفَهِ) خَرَجَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَيُمْنَعُ مِنْهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِأَمْوَالِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْحَجُّ فَوْرِيًّا بِأَنْ أَفْسَدَ الْحَجَّ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ. ع ش عَلَى م ر

<<  <  ج: ص:  >  >>