للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْإِبَاحَةُ فِي الْحَجِّ بِشَرْطِ الْمُبَادَرَةِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَإِذَا مَاتَ قَبْلَهُ أَشْعَرَ الْحَالُ بِالتَّقْصِيرِ

وَاعْتِبَارُ إمْكَانِ السَّيْرِ إلَى مِنًى، وَالرَّمْيِ بِهَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ التَّهْذِيبِ وَأَقَرَّاهُ وَرَدَّهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّهُ لَيْسَ رُكْنًا وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ وَاجِبًا وَلَهُ دَخْلٌ فِي التَّخَلُّلِ اُعْتُبِرَ إمْكَانُ فِعْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رُكْنًا لِبُعْدِ التَّأْثِيمِ بِدُونِهِ قَالَ: وَلَا بُدَّ مِنْ زَمَنٍ يَسَعُ الْحَلْقَ، أَوْ التَّقْصِيرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ رُكْنٌ، وَالْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةِ لَا يَجِبُ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ فَيَكْفِي فِي زَمَنِ الْمَذْكُورَاتِ إمْكَانُ إيقَاعِهَا عَقِبَ نِصْفِ اللَّيْلِ لِإِمْكَانِ السَّيْرِ إلَيْهَا قَبْلَهُ وَيُعْتَبَرُ الْأَمْنُ فِي السَّيْرِ إلَى مَكَّةَ لَيْلًا. اهـ.

ثُمَّ إثْمُهُ مِنْ آخِرِ سِنِي الْإِمْكَانِ لِجَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَيْهَا وَقِيلَ مِنْ أَوَّلِهَا لِاسْتِقْرَارِ الْفَرْضِ فِيهَا وَأَثَرُ ذَلِكَ يَظْهَرُ فِي شَهَادَتِهِ إذَا لَمْ يَحْكُمْ بِهَا الْقَاضِي حَتَّى مَاتَ فَلَا يُحْكَمُ بِهَا لِبَيَانِ فِسْقِهِ وَفِي نَقْضِ مَا حُكِمَ فِيهِ بِهَا أَمَّا إذَا مَاتَ، أَوْ عَضَبَ قَبْلَ حَجِّ النَّاسِ فَلَا إثْمَ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ بَانَ أَنْ لَا إمْكَانَ (لَا مَعَ هَلَاكِ مَالِهِ قَبْلَهُمَا) أَيْ: قَبْلَ الْمَوْتِ، وَالْعَضْبِ (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَرْجِعَ أَهْلُ الْوَطَنِ) إلَى وَطَنِهِمْ فَلَا يَأْثَمُ؛ لِأَنَّ مُؤْنَةَ الرُّجُوعِ لَا بُدَّ مِنْهَا وَيَأْثَمُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ كَمَا عُلِمَ إلَّا إذَا هَلَكَ مَالُهُ بَعْدَ عَضْبِهِ بَيْنَ حَجِّهِمْ وَرُجُوعِهِمْ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمَيِّتِ لِتَبَيُّنِ اسْتِغْنَائِهِ عَنْ مُؤْنَةِ الرُّجُوعِ فَافْتَرَقَ حَكَمَا الْمَوْتِ وَالْعَضْبِ فِي هَذَا وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ يَمُتْ إلَى هُنَا سِتُّونَ صُورَةً غَيْرَ صُوَرِ السَّلَامَةِ مِنْ الْمَوْتِ، وَالْعَضْبِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ التَّقْيِيدِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَبْلَ الْوُقُوفِ لِإِمْكَانِ السَّعْيِ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ

(قَوْلُهُ: آخِرُ سِنِي الْإِمْكَانِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَوْ تَمَكَّنَ سِنِينَ، ثُمَّ مَاتَ، أَوْ عَضَبَ فَعِصْيَانُهُ مِنْ السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ فَيَتَبَيَّنُ بَعْدَ مَوْتِهِ، أَوْ عَضْبِهِ فِسْقُهُ فِيهَا قَالَ فِي شَرْحِهِ أَيْ: فِي السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ بَلْ وَفِيمَا بَعْدَهَا فِي الْمَعْضُوبِ إلَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ. اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ إذَا نَدِمَ الْمَعْضُوبُ وَعَزَمَ عَلَى الْحَجِّ، أَوْ الِاسْتِنَابَةِ مَتَى قَدَرَ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ فَلَا يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ: وَيَنْقُضُ مَا شَهِدَ بِهِ فِي السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: بَلْ وَفِيمَا بَعْدَهَا فِي الْمَعْضُوبِ إلَى مَا ذُكِرَ. اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَعَلَيْهِ أَيْ: كُلٍّ مِنْ الْمَيِّتِ، أَوْ وَارِثِهِ، وَالْمَعْضُوبِ أَنْ يَسْتَنِيبَ فَوْرًا. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَيَخْرُجُ بِقَوْلِهِ، أَوْ عَضَبَ مَا لَوْ بَلَغَ مَعْضُوبًا فَإِنَّ لَهُ تَأْخِيرَ الِاسْتِنَابَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمَيِّتِ) وَبِالْأَوْلَى فِيهِ إذَا كَانَ الْهَلَاكُ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ أَيْضًا (قَوْلُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ) أَيْ: وَمِنْ لَازِمِهِ أَنَّهُ قَبْلَ الْحَجِّ، وَالرُّجُوعِ لِأَنَّ مَوْتَهُ قَبْلَهُمَا فَقَوْلُهُ: قَبْلَ حَجِّهِمْ إلَخْ خَاصٌّ بِقَوْلِهِ، أَوْ بَعْدَهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْعُبَابِ لِحَجَرٍ مَعَ الْمَتْنِ وَيَكْفِي فِي حُصُولِ الْإِمْكَانِ فِي الْمَوْتِ إمْكَانُ فِعْلِ الْأَرْكَانِ بَعْدَ نِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ فَإِذَا مَاتَ بَعْدَ انْتِصَافِهَا وَمَضَى إمْكَانُ الطَّوَافِ لَا السَّيْرِ إلَيْهِ لِإِمْكَانِ تَقْدِيمِهِ عَلَى نِصْفِ اللَّيْلِ وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ مَبِيتِ مُزْدَلِفَةَ؛ لِأَنَّ الذَّهَابَ إلَيْهِ عُذْرٌ فِي مَبِيتِهَا كَمَا يَأْتِي وَكَذَا السَّعْيُ إنْ دَخَلَ الْحَاجُّ مَكَّةَ بَعْدَ الْوُقُوفِ أَوْ قَبْلَهُ بِزَمَنٍ لَا يَسَعُهُ مَعَ طَوَافِ الْقُدُومِ مَاتَ عَاصِيًا وَلَوْ شَابًّا وَإِنْ لَمْ تَرْجِعْ الْقَافِلَةُ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْ الرُّجُوعِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَلِفَ مَالُ الْحَيِّ قَبْلَ إمْكَانِ الرُّجُوعِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّ مُؤْنَةَ الرُّجُوعِ لَا بُدَّ مِنْهَا، وَالْمُرَادُ إمْكَانُ الرُّجُوعِ إلَى مَحَلِّهِ عَلَى الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ سَوَاءٌ رَجَعَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقَافِلَةِ أَمْ لَا. اهـ. بِاخْتِصَارٍ وَقَوْلُهُ وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ مَبِيتِ مُزْدَلِفَةَ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لَهُ زَمَنٌ لِحُصُولِهِ بِالْمُرُورِ فِيهَا بَعْدَ النِّصْفِ كَمَا أَنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لِلتَّقْصِيرِ لِحُصُولِهِ بِإِزَالَةِ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ وَهُوَ مَاشٍ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَلَعَلَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الذَّهَابَ لِلطَّوَافِ لَيْسَ بِعُذْرٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: مِنْ آخِرِ سِنِي الْإِمْكَانِ) هَلْ الْمُرَادُ بِهِ مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ آخِرِهَا أَوْ قَبْلَ فَجْرِ النَّحْرِ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَاَلَّذِي يَنْقَدِحُ أَنْ يُقَالَ يَتَبَيَّنُ فِسْقُهُ مِنْ وَقْتِ خُرُوجِ قَافِلَةِ بَلَدِهِ لِتَبَيُّنِ أَنَّ هَذَا الْوَقْتَ هُوَ الَّذِي كَانَ يَلْزَمُهُ الْمُضِيُّ مَعَهُمْ فِيهِ كَذَا فِي حَاشِيَتِي لِلْإِيضَاحِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ شَيْخِنَا فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ مَا يُؤَدِّي ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ عَيَّنَهُ حَيْثُ قَالَ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ الَّذِي لَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ لَمْ يَسَعْهُ، انْتَهَتْ. اهـ. حَجَرٌ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ: أَيْ: قَبْلَ الْمَوْتِ، وَالْعَضْبِ) ، وَالنُّسُكُ بَاقٍ فِي حَقِّهِ قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى التَّرَاخِي خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمِّ ر

(قَوْلُهُ: سِتُّونَ صُورَةً) عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ لَزِمَهُ الْحَجُّ إنْ مَاتَ قَبْلَ حَجِّهِمْ فَلَا عِصْيَانَ سَوَاءٌ تَلِفَ مَالُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ أَمْ بَعْدَ حَجِّهِمْ وَإِيَابِهِمْ أَمْ بَيْنَهُمَا أَمْ بَعْدَهَا أَمْ لَمْ يَتْلَفْ أَصْلًا وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ حَجِّهِمْ وَقَبْلَ إيَابِهِمْ فَإِنْ تَلِفَ مَالُهُ قَبْلَ حَجِّهِمْ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَعْصِ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْإِيَابِ لَا بُدَّ مِنْهَا أَوْ تَلِفَ بَعْدَ مَوْتِهِ بَعْدَ إيَابِهِمْ أَوْ قَبْلَهُ عَصَى كَمَا لَوْ لَمْ يَتْلَفْ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ اسْتَغْنَى عَنْ الرُّجُوعِ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ حَجِّهِمْ وَإِيَابِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ مَالُهُ أَوْ تَلِفَ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ قَبْلَهُ بَعْدَ حَجِّهِمْ وَإِيَابِهِمْ عَصَى أَوْ قَبْلَ مَوْتِهِ وَبَيْنَ الْحَجِّ، وَالْإِيَابِ أَوْ قَبْلَهُمَا لَمْ يَعْصِ فَهَذِهِ خَمْسَ عَشْرَةَ صُورَةً فِي الْمَوْتِ وَيَأْتِي مِثْلُهَا فِي الْعَضْبِ لَكِنْ لَوْ لَمْ يَتْلَفْ مَالُهُ وَلَكِنَّهُ عَضَبَ قَبْلَ حَجِّهِمْ أَوْ بَيْنَ حَجِّهِمْ وَإِيَابِهِمْ لَمْ يَعْصِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ مُدَّةَ الرُّجُوعِ لَا بُدَّ مِنْهَا كَمَا مَرَّ وَيَأْتِي مِثْلُ هَذِهِ الثَّلَاثِينَ صُورَةً فِي الْعُمْرَةِ لَكِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا بَعْدَ زَمَنِ إمْكَانِ الْوُصُولِ إلَى مَكَّةَ مُضِيُّ زَمَنٍ يَسَعُ أَعْمَالَهَا كُلَّهَا. اهـ.

وَقَالَ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَبَعْضُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ مَا نَصُّهُ أَفْهَمَ كَلَامُ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ إذَا عَضَبَ بَعْدَ حَجِّ النَّاسِ، ثُمَّ تَلِفَ مَالُهُ قَبْلَ إيَابِهِمْ عَصَى كَالْمَوْتِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَوْ عَضَبَ قَبْلَ إيَابِهِمْ مَعَ بَقَاءِ مَالِهِ لَمْ يَعْصِ؛ لِأَنَّ دَوَامَ الِاسْتِطَاعَةِ إلَى الْعَوْدِ شَرْطٌ وَمِنْهَا الثُّبُوتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ بِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ تَلَفَ مَالِ الْحَيِّ قَبْلَ إيَابِهِمْ يُسْقِطُ الْوُجُوبَ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ الْوُجُوبِ فَالْعَضْبُ أَوْلَى لِتَعَذُّرِ الْإِيَابِ مَعَهُ بِخِلَافِ فَقْدِ الْمَالِ فَإِنَّهُ قَدْ يَسْتَعِينُ عَلَى الْعَوْدِ بِالْكَسْبِ أَوْ السُّؤَالِ وَبِأَنَّ كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>