للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَدْ أُيِسَا) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ: الزَّمَانَةُ، وَالْمَرَضُ أَيْ: أَيِسَ زَوَالُهُمَا فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مُقَامَهُ فَانْقَلَبَ الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ مَرْفُوعًا وَتَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّأْوِيلِ أَيْ: وَإِنَّمَا يُنِيبُ زَمِنٌ، أَوْ مَرِيضٌ أَيِسَا مِنْ بُرْئِهِمَا (أَوْ هَرِمُ) لِعَجْزِهِمْ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْأَصِحَّاءِ وَمَرْجُوِّي الْبُرْءِ وَتَقَدَّمَ أَدِلَّةُ ذَلِكَ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَلَمْ يُقَيِّدْ الْهَرِمَ بِالْيَأْسِ لِإِجْرَاءِ عَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ لَا يُعِيدُ قُوَّتَهُ وَمِنْ ثَمَّ عَدَلَ النَّاظِمُ إلَى التَّعْبِيرِ بِهِ عَنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِالْكَبِيرِ (فَإِنْ شُفُوا) مِنْ عِلَّتِهِمْ بَعْدَ إتْيَانِ نُوَّابِهِمْ بِالنُّسُكِ (فَلَا وُقُوعَ) لَهُ (عَنْهُمْ) لَا فَرْضًا لِتَبَيُّنِ عَدَمِ عَجْزِهِمْ وَلَا تَطَوُّعًا لِامْتِنَاعِ تَقَدُّمِ التَّطَوُّعِ عَلَى الْفَرْضِ وَكَذَا لَوْ أَنَابَ مَرْجُوُّ الْبُرْءِ فَمَاتَ بِتِلْكَ الْعِلَّةِ، أَوْ عُضِبَ لِامْتِنَاعِ إنَابَتِهِ (وَلَيْسَ) لِلنَّائِبِ (أَجْرٌ) فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ لِوُقُوعِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ الْمُنِيبُ

(وَ) يُنِيبُ (لِمَيْتٍ) بِالتَّخْفِيفِ (مَنْ أَحَبْ) أَيْ: مَنْ شَاءَ مِنْ وَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ (وَلَوْ بِلَا إيصَائِهِ) بِالْإِنَابَةِ كَقَضَاءِ دَيْنِهِ وَلِظَاهِرِ خَبَرَيْ «حُجَّ عَنْ أَبِيك» «وَحُجِّي عَنْ أُمِّك» السَّابِقَيْنِ، أَمَّا الزَّمِنُ وَنَحْوُهُ فَيُعْتَبَرُ إذْنُهُمْ كَمَا عُلِمَ مِنْ إسْنَادِ الْإِنَابَةِ إلَيْهِمْ لِافْتِقَارِ النُّسُكِ إلَى النِّيَّةِ وَهُمْ أَهْلٌ لَهَا وَلِلْإِذْنِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لَهُمَا وَبِخِلَافِ قَضَاءِ دَيْنِ غَيْرِهِ لِعَدَمِ افْتِقَارِهِ إلَى نِيَّةٍ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ النَّظْمِ جَوَازُ مُبَاشَرَةِ مَنْ أَحَبَّ عَنْ الْمَيِّتِ وَمَحَلُّ عَدَمِ اعْتِبَارِ إيصَائِهِ إذَا كَانَ النُّسُكُ وَاجِبًا وَإِلَّا اُعْتُبِرَ بِهِ الْإِيصَاءُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا يُنِيبُ كُلٌّ مِمَّنْ ذُكِرَ (فِيمَا وَجَبْ) مِنْ النُّسُكِ (مُكَلَّفًا حُرًّا) لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ غَيْرِهِ لِلْوَاجِبِ (وَإِنْ لَمْ يَجِبْ) بِأَنْ كَانَ نَفْلًا (أَنَابَ هَذَيْنِ) أَيْ: الْمُكَلَّفَ، وَالْحَرَّ يَعْنِي مُكَلَّفًا حُرًّا (وَعَبْدٌ، أَوْ صَبِيّ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ وَإِنَّمَا قَبِلَ النَّفَلُ النِّيَابَةَ مَعَ أَنَّهُ ضَرُورَةٌ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ النُّسُكَ عِبَادَةٌ يَقْبَلُ فَرْضُهَا النِّيَابَةَ فَيَقْبَلُهَا نَفْلُهَا كَأَدَاءِ الصَّدَقَاتِ وَنَقَضَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْله فَإِنْ شُفُوا) يَنْبَغِي فَرْضًا يَتَأَتَّى إيقَاعُ النُّسُكِ فِيهِ أَمَّا لَوْ شُفُوا فِي غَيْرِ وَقْتِ الْحَجِّ وَلَوْ زَمَنًا يَسَعُ الْحَجَّ، أَوْ فِي وَقْتِهِ زَمَنًا لَا يَسَعُهُ، ثُمَّ عَادَ الْعَارِضُ الَّذِي لَا يُرْجَى فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِمْ وَدَوَامُ الْوُقُوعِ عَنْهُمْ نَعَمْ لَوْ شُفُوا فِي وَقْتِ الْحَجِّ زَمَنًا لَا يَسَعُ، ثُمَّ مَاتُوا عَقِبَهُ فَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الْوُقُوعِ عَنْهُمْ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْعَجْزِ بِالْعَارِضِ، وَالظَّاهِرُ السَّلَامَةُ مِنْ الْعَارِضِ لَوْ عَاشُوا فَلْيُرَاجَعْ م ر (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلنَّائِبِ أَجْرُ) فَإِنْ كَانَ دَفَعَ إلَيْهِ الْأَجْرَ قَبْلَ الشِّفَاءِ فَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ اسْتِرْدَادَهُ

(قَوْلُهُ: وَيُنِيبُ لِمَبِيتٍ) لَوْ جُنَّ وَقَالَ الْأَطِبَّاءُ: لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ لَمْ يَلْتَحِقْ بِالْمَيِّتِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنْ هَلْ يُحْرِمُ عَنْهُ الْوَلِيُّ كَمَا سَلَفَ أَوَّلَ الْبَابِ وَيُجْزِئُهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ هُوَ مُحْتَمَلٌ وَسَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ مَا قَدْ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ وَعُلِمَ إلَخْ) كَأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّ جَوَازَ الْإِنَابَةِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْمُبَاشَرَةِ (قَوْلُهُ مَحَلُّ عَدَمِ اعْتِبَارِ إيصَائِهِ إلَخْ) لَا يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِهَذَا التَّقْيِيدِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْوَاجِبِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا وَجَبَ لِأَنَّا: نَقُولُ بَلْ الْكَلَامُ فِي الْأَعَمِّ بِدَلِيلِ وَإِنْ لَمْ يُحِبَّ إلَخْ فَقَوْله فِيمَا وَجَبَ لِتَفْصِيلِ مَنْ تَصِحُّ اسْتِنَابَتُهُ فِي الْوَاجِبِ وَفِي غَيْرِهِ لَا لِتَقْيِيدِ الِاسْتِنَابَةِ بِالْوَاجِبِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْ تَقْيِيدِ الشَّرْحِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْله يَعْنِي مُكَلَّفًا حُرًّا) أَيْ: الْمُرَادُ اجْتِمَاعُ الْوَصْفَيْنِ لَا كُلٌّ وَحْدَهُ بِدَلِيلِ وَعَبْدٌ، أَوْ صَبِيّ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِنَفْسِهِ أَوْ مُتَطَوِّعٌ عَنْ مَيِّتٍ تَخَيَّرَ عَلَى التَّرَاخِي لِتَأَخُّرِ الْمَقْصُودِ فَلَهُ الْفَسْخُ، وَالتَّأْخِيرُ لِيَحُجَّ الْأَجِيرُ فِي الْعَامِ الثَّانِي أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ مَاتَ الْمَعْضُوبُ قَبْلَ الْفَسْخِ لَمْ يَفْسَخْ وَارِثُهُ؛ لِأَنَّهُ مِيرَاثٌ لَهُ فِي الْأُجْرَةِ وَبِهِ فَارَقَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ وَلِيُّ مَيِّتٍ بِمَالِهِ فَسَخَ بِالْمَصْلَحَةِ إلَّا إذَا أَوْصَى الْمَيِّتُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ مُعَيَّنٌ. اهـ. وَلَعَلَّهُ فِي الْمَعْضُوبِ إنْ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِنَابَةُ فَوْرًا حَرِّرْ

(قَوْلُهُ: قَدْ أَيِسَا إلَخْ) أَيْ: بِإِخْبَارِ طَبِيبَيْنِ عَدْلَيْنِ كَمَا فِي الْعُبَابِ ع ش عَلَى م ر وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّهُ لَهُ الْعَمَلُ بِمَعْرِفَةِ نَفْسِهِ إنْ كَانَ طَبِيبًا وَلَوْ لَمْ يَجِدْ عَارِفًا يُخْبِرُهُ بِهِ بِشَرْطِهِ لَمْ تَجُزْ لَهُ الِاسْتِنَابَةُ وَإِنْ جَوَّزْنَا لَهُ التَّيَمُّمُ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ لِسَهْوٍ لَهُ أَمْرُهُ (قَوْلُهُ: فَمَاتَ بِتِلْكَ الْعِلَّةِ) نَعَمْ إنْ أَتَى بِالْحَجِّ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَجْزَأَ لِوُقُوعِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي زَمَنٍ تَصِحُّ فِيهِ النِّيَابَةُ كَذَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ

وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا وَقَعَ بَعْدَ عَضْبِهِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَيِّتَ يَصِحُّ التَّبَرُّعُ عَنْهُ بِمَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْحَيِّ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلنَّائِبِ أَجْرٌ) بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ لِحَجِّ التَّطَوُّعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لَهُ مِنْ الْقَادِرِ أَوْ مِنْ الْمَعْضُوبِ عَلَى مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْأَجِيرِ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى بَلْ أَجْرُهُ الْمِثْلُ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ فِي الثَّانِي مَوْجُودٌ حَالَ الْعَقْدِ وَإِنْ جَهِلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ، وَالْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَهُوَ جَازِمٌ بِحُصُولِهَا وَأَمَّا الْأُولَى فَالصِّحَّةُ، وَالْفَسَادُ فِيهَا مَجْهُولُ الْعَاقِبَةِ عِنْدَ الْعَقْدِ إذْ لَا يَدْرِي حِينَئِذٍ أَيَبْرَأُ أَوْ يَسْتَمِرُّ فَالْعَامِلُ مُتَرَدِّدٌ فِي اسْتِحْقَاقِهِ الْأُجْرَةَ وَعَدَمِهِ، وَالْعَمَلُ مَعَ التَّرَدُّدِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ فَإِذَا لَمْ تُسَلِّمْ بَانَ أَنْ لَا اسْتِحْقَاقَ. اهـ. وَأَجَابَ هُوَ بِغَيْرِ هَذَا فَانْظُرْهُ

ثُمَّ اسْتِحْقَاقُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِيمَا مَرَّ مَشْرُوطٌ بِجَهْلِ الْأَجِيرِ الْفَسَادَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ قَطْعًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا

(قَوْلُهُ: وَعَبْدًا أَوْ صَبِيًّا) بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ إذَا كَانَ الِاسْتِئْجَارُ عَنْ مَيِّتٍ لَمْ يُجِزْ الِاسْتِئْجَارَ مُكَلَّفٌ ثِقَةٌ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ عَنْ الْغَيْرِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>