للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي الْمَجْمُوعِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّ نَفْلَهُ لَا يَقْبَلُهَا قَطْعًا مَعَ أَنَّ فَرْضَهُ يَقْبَلُهَا عَلَى الْمُخْتَارِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْجَدِيدِ وَبِأَنَّ الصَّوْمَ أَضْيَقُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ فِي الْحَيَاةِ بِخِلَافِ النُّسُكِ

(وَضُيِّقَتْ إنَابَةٌ) فِي الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ، أَوْ أَحَدِهِمَا (إنْ وَجَبَا) عَلَيْهِ (كِلَاهُمَا، أَوْ وَاحِدٌ) مِنْهُمَا وَأَمْكَنَهُ الْأَدَاءُ (فَعُضِبَا) بَعْدَ الْوُجُوبِ، أَوْ خَافَ الْعَضْبَ كَمَا يَتَضَيَّقُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّوْمِ، وَالصَّلَاةِ بِتَفْوِيتِهِمَا بِلَا عُذْرٍ لِتَقْصِيرِهِ

(مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجْبِرَهُ مَنْ حَكَمَا)

أَيْ: الْحَاكِمُ (عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْإِنَابَةِ إذَا امْتَنَعَ مِنْهَا لِبِنَاءِ النُّسُكِ عَلَى التَّرَاخِي وَلِأَنَّهُ لَا حَقَّ فِيهِ لِلْغَيْرِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ، أَمَّا إذَا عَضَبَ قَبْلَ الْوُجُوبِ، أَوْ مَعَهُ، أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يُمْكِنْهُ الْأَدَاءُ فَلَا تَتَضَيَّقُ عَلَيْهِ الْإِنَابَةُ فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ صِلَةُ يُجْبَرُ

(، وَالْإِحْرَامُ) بِمَعْنَى نِيَّةِ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ (رُكْنٌ لَهُمَا) كَغَيْرِهِمَا وَلِخَبَرِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَلَهُمَا أَرْكَانٌ أُخَرُ تَأْتِي وَلِلْإِحْرَامِ مِيقَاتَانِ زَمَانِيٌّ وَمَكَانِيٌّ وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِ الزَّمَانِيِّ فَقَالَ (وَوَقْتُهُ لِلْحَجِّ شَوَّالٌ) وَمَا بَعْدَهُ (إلَى صُبْحٍ مِنْ النَّحْرِ) كَمَا فَسَّرَ بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ قَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: ١٩٧] أَيْ: وَقْتُ الْإِحْرَامِ بِهِ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ إذْ فِعْلُهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى أَشْهُرٍ وَأَطْلَقَ الْأَشْهُرَ عَلَى شَهْرَيْنِ وَبَعْضِ شَهْرٍ تَنْزِيلًا لِلْبَعْضِ مَنْزِلَةَ الْكُلِّ، أَوْ إطْلَاقًا لِلْجَمْعِ عَلَى مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ} [النور: ٢٦] أَيْ: عَائِشَةُ وَصَفْوَانُ

وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ النَّظْمِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَصِحُّ إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ إذَا ضَاقَ زَمَنُ الْوُقُوفِ عَنْ إدْرَاكِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ قَالَ وَهَذَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْجُمُعَةِ لِبَقَاءِ الْحَجِّ بِفَوْتِ الْوُقُوفِ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ (وَ) الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ (قَبْلُ) أَيْ: قَبْلَ شَوَّالِ (جُعِلَا لِعُمْرَةٍ) أَيْ: يَقَعُ لَهَا وَتَكْفِيهِ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ لِشِدَّةِ لُزُومِ الْإِحْرَامِ لِانْعِقَادِهِ مَعَ الْجِمَاعِ الْمُفْسِدِ لَهُ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ كَمَا سَيَأْتِي فَإِذَا لَمْ يَقْبَلْ الْوَقْتُ مَا أَحْرَمَ بِهِ انْصَرَفَ إلَى مَا يَقْبَلُهُ هَذَا فِي الْحَلَالِ فَلَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ بِحَجٍّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ عُمْرَةً؛ لِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ عَلَى الْعُمْرَةِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَلَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ شَكَّ هَلْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ فَهُوَ عُمْرَةٌ وَلَوْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ وَشَكَّ هَلْ كَانَ فِي أَشْهُرِهِ، أَوْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: بِخِلَافِ النُّسُكِ) فَالْمُرَادُ قَبُولُ النِّيَابَةِ مُطْلَقًا فِي الْجُمْلَةِ

(قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَهُ الْأَدَاءُ) قَدْ يُقَالُ إنَّ إمْكَانِ الْأَدَاءِ لَازِمٌ لِلْوُجُوبِ عَلَى السَّلِيمِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شُرُوطِهِ السَّابِقَةِ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى مَعَ فَرْضِ الْوُجُوبِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ إمْكَانِ الْأَدَاءِ وَعَدَمِ إمْكَانِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الشِّهَابَ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ وَأَجَابَ بِمَا تَوَقَّفَ فِيهِ سم (قَوْلُهُ: أَوْ خَافَ الْعَضْبَ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّهُ عِنْدَ خَوْفِ الْعَضْب يَشِيبُ وَتَتَضَيَّقُ الِاسْتِنَابَةُ مَعَ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الِاسْتِنَابَةُ حِينَئِذٍ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْمُبَاشَرَةِ بِنَفْسِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم

(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجْبِرَهُ) هَذَا خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَجْمُوعِ فِي شَرْحِ بِطَاعَةٍ لَا الْمَالُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْإِنَابَةِ تَبَرُّعًا وَهَذَا فِيهَا بِالِاسْتِئْجَارِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ رَأَيْت مَا تَقَدَّمَ فِي الْهَامِشِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ عَلَى التَّرَاخِي) بِالنَّظَرِ إلَى أَصْلِهِ بِرّ

(قَوْلُهُ: بِمَعْنَى نِيَّةِ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِمَعْنَى الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي قَوْلُهُ وَانْعَقَدَ بِنِيَّةٍ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَوَّلًا وَآخِرًا الدُّخُولُ فِي النُّسُكِ رُكْنٌ وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ بِنِيَّةٍ وَعَلَى مَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ يَصِيرُ الْمَعْنَى وَانْعَقَدَتْ النِّيَّةُ بِنِيَّةٍ وَكَوْنُهُ يَحْمِلُ الْإِحْرَامَ الْآتِيَ عَلَى الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ عُدُولٌ إلَى تَعَسُّفٍ لَا دَاعِيَ لَهُ لَكِنَّ عُذْرَهُ فِي ارْتِكَابِهِ أَنَّ الْوَاقِعَ فِي كَلَامِهِمْ عَدُّ النِّيَّةِ رُكْنًا لَا عَدُّ الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ بِرّ

(قَوْلُهُ: بِمَعْنَى نِيَّةِ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ) كَأَنَّ وَجْهَ التَّفْسِيرِ بِذَلِكَ أَنَّ النِّيَّةَ أَنْسَبُ بِالرُّكْنِيَّةِ مِنْ الدُّخُولِ وَإِنْ كَانَ الْأَنْسَبُ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَانْعَقَدَ بِنِيَّةِ التَّفْسِيرِ بِالدُّخُولِ وَبِهَذَا يُجَابُ عَمَّا، أَوْرَدَهُ شَيْخُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَوَقْتُهُ) أَيْ: الْإِحْرَامِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: عَلَى الْمُخْتَارِ) وَهُوَ الْقَدِيمُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْجَدِيدِ) وَهُوَ مَنْعُ صَوْمِ الْوَلِيِّ عَنْهُ وَوُجُوبُ الْفِدْيَةِ

(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْأَدَاءُ) فِيهِ أَنَّ إمْكَانَ الْأَدَاءِ بِنَفْسِهِ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ إلَّا أَنْ يُرَادَ الْوُجُوبُ ظَاهِرًا بِأَنْ كَانَ قَادِرًا ظَاهِرًا، ثُمَّ عَضَبَ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنِ الذَّهَابِ، وَالرُّجُوعِ

(قَوْلُهُ: وَوَقْتُهُ لِلْحَجِّ شَوَّالٌ) لَوْ أَخْطَأَ الْوَقْتَ كُلُّ الْحَجِيجِ فَهَلْ يُغْتَفَرُ خَطَأُ الْوُقُوفِ أَوْ يَنْعَقِدُ عُمْرَةً، وَالْفَرْقُ أَنَّا لَوْ أَبْطَلْنَا الْوُقُوفَ فِي الْعَاشِرِ أَبْطَلْنَاهُ مِنْ أَصْلِهِ وَفِيهِ إضْرَارٌ وَأَمَّا هُنَا فَيَنْعَقِدُ عُمْرَةً وَجْهَانِ نَقَلَهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرُّويَانِيُّ الْأَوْفَقُ مِنْهُمَا الثَّانِي لِمَا ذُكِرَ. اهـ. عب وَشَرْحِهِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ الْحَجِّ حَجًّا) فَيَنْعَقِدُ حَجًّا وَيَتَحَلَّلُ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ وَيَقْضِي مِنْ قَابِلٍ وَيُجْزِئُهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وح ل خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: يَنْعَقِدُ عُمْرَةً. اهـ. ق ل وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: أَيْ: يَقَعُ لَهَا) قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: يَجُوز أَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى إحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ أَبَدًا وَيُكْمِلُهَا مَتَى شَاءَ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ وَأَوْجَبَ التَّحَلُّلَ. اهـ. عَمِيرَةُ وق ل

وَهَذِهِ طَرِيقَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَيْضًا لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ إذَا أَحْرَمَ بِهَا فِي عَامٍ أَنْ يُؤَخِّرَ أَعْمَالَهَا لِلْعَامِ الَّذِي بَعْدَهُ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. اهـ. جَمَلٌ

(قَوْلُهُ: قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ) أَيْ: فِي الْوَاقِعِ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي ظَنِّهِ فَبَانَ إحْرَامُهُ فِيهِ أَيْ: الْوَقْتِ أَجْزَأَهُ لِمُصَادَفَةِ نِيَّتِهِ لِلْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ شَدِيدُ التَّثَبُّتِ، وَاللُّزُومِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ شَكَّ إلَخْ) مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ عُمْرَةً. اهـ. م ر وَحَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَشَكَّ هَلْ كَانَ فِي أَشْهُرِهِ) صُورَتُهُ أَنَّهُ يُحْرِمُ فِي زَمَنٍ لَا يَعْرِفُهُ بِعَيْنِهِ وَشَكَّ هَلْ كَانَ الْوَقْتُ الَّذِي أَحْرَمَ فِيهِ مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ لَا أَمَّا لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>