للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التَّمَتُّعُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي وَهَذَا وَإِنْ عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ ذَكَرَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِمُقِيمِ مَكَّةَ مُقِيمُهَا حَقِيقَةً (وَدَعْ مَكَانَهْ) أَيْ: وَصَيَّرَ مَكَانَ الْإِحْرَامِ (بِالْعُمْرَةِ) لِمَنْ بِمَكَّةَ (الْحِلُّ) فَيَجِبُ الْخُرُوجُ مِنْ الْحَرَمِ وَلَوْ بِقَلِيلٍ مِنْ أَيِّ جَانِبٍ شَاءَ لِلْجَمْعِ فِيهَا بَيْنَ الْحِلِّ، وَالْحَرَمِ كَالْجَمْعِ فِي الْحَجِّ بَيْنَهُمَا بِوُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ عَائِشَةَ بِالْخُرُوجِ إلَى الْحِلِّ لِلْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَلَوْ لَمْ يَجِبْ الْخُرُوجُ لَأَحْرَمَتْ مِنْ مَكَانِهَا لِضِيقِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَ رَحِيلِ الْحَاجِّ فَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا مِنْ الْحَرَمِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ أَسَاءَ وَلَزِمَهُ دَمٌ كَمَا سَيَأْتِي (بَلْ) انْتِقَالِيَّةٌ لَا إبْطَالِيَّةٌ (الْجِعْرَانَهْ) وَهِيَ بِإِسْكَانِ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِ الْعَيْنِ وَتَثْقِيلِ الرَّاءِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ عَلَى الثَّانِي ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْأَوَّلُ مُتَعَيِّنٌ فِي كَلَامِ النَّظْمِ أَيْ:، وَالْجِعْرَانَةُ لِلْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ مِنْهَا (أَفْضَلُ) مِنْ غَيْرِهَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ

(فَالتَّنْعِيمُ) «لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَائِشَةَ بِالِاعْتِمَارِ مِنْهُ» (فَالْحُدَيْبِيَة) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ أَفْصَحُ مِنْ تَثْقِيلِهَا؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَمَّ بِالِاعْتِمَارِ مِنْهَا فَصَدَّهُ الْكُفَّارُ فَقُدِّمَ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ أَمْرُهُ ثُمَّ هَمُّهُ كَذَا» قَالَ الْغَزَالِيُّ: إنَّهُ هَمَّ بِالِاعْتِمَارِ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ كَانَ «أَحْرَمَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ إلَّا أَنَّهُ هَمَّ بِالدُّخُولِ إلَى مَكَّةَ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ» كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ: لِدَفْعِ تَوَهُّمِ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنَّ وَجْهَ الدَّفْعِ أَنَّ مُقَابَلَتَهُ بِمُقِيمِ مَكَّةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَيْرُ الْمُقِيمِ، أَوْ أَعَمُّ (قَوْلُهُ: مُقِيمُهَا حَقِيقَةً) قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَقِيسَ بِأَهْلِهَا غَيْرُهُمْ يَقْتَضِي الْحَمْلَ عَلَى الْمُقِيمِ حَقِيقَةً وَيُجَابُ بِالْمَنْعِ وَإِنَّمَا ذُكِرَ الْقِيَاسُ بِالنَّظَرِ لِمَا فِي الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ لِمَنْ بِمَكَّةَ) هَلَّا قَالَ بِالْحَرَمِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا مِنْ الْحَرَمِ وَلَمْ يَخْرُجْ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ لَا إسَاءَةَ وَلَعَلَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ قَاصِدًا الْخُرُوجَ وَلَوْ أَحْرَمَ مِنْ الْحَرَمِ إحْرَامًا مُطْلَقًا، ثُمَّ صَرَفَهُ لِلْعُمْرَةِ وَلَمْ يَخْرُجْ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ فَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا إسَاءَةَ وَلَا دَمَ لِعَدَمِ التَّعَدِّي حَالَ الْإِحْرَامِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ لَا إسَاءَةَ وَلَعَلَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ قَاصِدًا الْخُرُوجَ (قَوْلُهُ: الْجِعْرَانَةُ) بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ اثْنَا عَشَرَ مِيلًا وَقِيلَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَجَزَمَ بِهِ جَمْعٌ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْمِيلَ كَمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ حَجَرٌ ج (قَوْلُهُ: بِالْحُدَيْبِيَةِ) بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ مَا مَرَّ فِي الْجِعْرَانَةِ حَجَرٌ ج

(قَوْلُهُ: بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ) الْأَخِيرَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ هَمَّ بِالدُّخُولِ إلَى مَكَّةَ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ) أَقُولُ وَعَلَى هَذَا فَالِاسْتِدْلَالُ عَلَى الْمَطْلُوبِ حَاصِلٌ لِأَنَّ تَخْصِيصَهَا بِالْهَمِّ مِنْ الدُّخُولِ مِنْهَا يَدُلُّ عَلَى مَزِيَّةٍ لَهَا عَلَى غَيْرِهَا وَهَذَا

ــ

[حاشية الشربيني]

حَيْثُ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُ مَكَّةَ، وَالْإِحْرَامُ مِنْ خَارِجِهَا سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْحَرَمُ، وَالْحِلُّ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَيَجُوزُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ جَمِيعِ نَوَاحِي مَكَّةَ بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ عَنْ نَفْسِ الْمَدِينَةِ وَسُورِهَا. اهـ. إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى غَيْرِ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهَا وَهُوَ الْأَقْرَبُ سم عَلَى ع ش

(قَوْلُهُ: عِنْدَ رَحِيلِ الْحَاجِّ) أَيْ: مِنْ الْمُحَصَّبِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ: فَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ يَأْثَمُ إذَا أَحْرَمَ وَلَمْ يَعُدْ مِنْ حِينَئِذٍ لَا مِنْ وَقْتِ الْإِحْرَامِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُمْ يَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ مِنْ مَكَّةَ نَعَمْ إنْ عَزَمَ وَقْتَ الْإِحْرَامِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ أَثِمَ بِذَلِكَ الْعَزْمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ كَذَا نَقَلَهُ الْمَدَنِيُّ عَنْ الْبَصْرِيِّ مَعَ زِيَادَةِ قَوْلِنَا نَعَمْ إلَخْ وَفِي شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ لِسُمِّ وَفِي مَعْنَى مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ الْحَرَمِ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إلَى الْحِلِّ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي أَفْعَالِهَا كَانَ مُسِيئًا كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِنْ خَرَجَ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ جَازَ وَلَا دَمَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِيمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ فَأَحْرَمَ، ثُمَّ عَادَ أَنَّ ذَلِكَ قَدْ انْتَهَى إلَى الْمِيقَاتِ عَلَى قَصْدِ النُّسُكِ، ثُمَّ جَاوَزَهُ فَكَانَ مُسِيئًا حَقِيقَةً وَهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يُوجَدْ هُنَا بَلْ هُوَ شَبِيهٌ بِمَنْ أَحْرَمَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ. اهـ. وَهُوَ فَرْقٌ حَسَنٌ وَإِنْ اخْتَارَ سم فِي ذَلِكَ الشَّرْحِ بَعْدَ هَذَا التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا فَتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت حَجَرًا فِي شَرْحِ عب صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَى مَنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ مَكَّةَ حَيْثُ قَالَ: الْمُحْرِمُ مِنْ الْحَرَمِ لَا إثْمَ عَلَيْهِ بِتَرْكِهِ الْإِحْرَامَ مِنْ مِيقَاتِهِ الَّذِي هُوَ أَدْنَى الْحِلِّ، ثُمَّ إنْ عَادَ إلَيْهِ بِشَرْطِهِ فَلَا دَمَ وَإِلَّا لَزِمَ الدَّمُ بِخِلَافِ مَنْ جَاوَزَ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ فَإِنَّ عَلَيْهِ إثْمَ الْمُجَاوَزَةِ وَعَلَى هَذَا يَفْتَرِقَانِ حَالَ الْإِطْلَاقِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَفِي حَاشِيَةِ سم عَلَى التُّحْفَةِ مَا يُفِيدُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَكِّيَّ قَدْ انْتَهَكَ حُرْمَةَ الْمِيقَاتِ بِعَدَمِ الْخُرُوجِ إلَى الْحِلِّ عِنْدَ الْإِحْرَامِ كَمَا انْتَهَكَ ذَلِكَ بِالْمُجَاوَزَةِ. اهـ. وَفِيهِ تَأَمُّلٌ يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ

(قَوْلُهُ: الْجِعْرَانَةُ) قَالَ يُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ: اعْتَمَرَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ ثَلَثُمِائَةِ نَبِيٍّ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَشَرْحُ عب لِحَجَرٍ قَالَ وَهِيَ فِي طَرِيقِ الطَّائِفِ

(قَوْلُهُ: الْحُدَيْبِيَةُ) هِيَ بِئْرٌ بَيْنَ طَرِيقِ جَدَّةَ وَطَرِيقِ الْمَدِينَةِ بَيْنَ جَبَلَيْنِ عَلَى سِتَّةِ فَرَاسِخَ مِنْ مَكَّةَ عَلَى مَا فِي الشَّرْحِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ

(قَوْلُهُ: فَقَدَّمَ فِعْلَهُ إلَخْ) وَلَا يُنَافِي هَذَا قَاعِدَةَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْأُصُولِ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ الْقَوْلُ، وَالْفِعْلُ وَعُلِمَ التَّارِيخُ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ نَاسِخًا؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ بِالِاعْتِمَارِ مِنْ التَّنْعِيمِ وَإِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا عُلِمَ أَنَّهُ لِضِيقِ الْوَقْتِ فَلَمْ يَكُنْ مُعَارِضًا لِفِعْلِهِ حَتَّى يَكُونَ نَاسِخًا لَهُ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ هَمَّ إلَخْ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ هَمَّ أَوَّلًا بِالِاعْتِمَارِ مِنْهَا، ثُمَّ هَمَّ بِالدُّخُولِ أَيْضًا مِنْهَا. اهـ. م ر

(قَوْلُهُ: ذِي الْحُلَيْفَةِ) عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>