للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنَّمَا أَعْمَرَ عَائِشَةَ مِنْ التَّنْعِيمِ مِنْ أَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ أَفْضَلُ لِضِيقِ الْوَقْتِ، أَوْ لِبَيَانِ الْجَوَازِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ وَلَيْسَ التَّفْضِيلُ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ فَإِنَّ الْجِعْرَانَةَ، وَالْحُدَيْبِيَةَ مَسَافَتُهُمَا إلَى مَكَّةَ وَاحِدَةٌ سِتَّةُ فَرَاسِخَ، وَالتَّنْعِيمُ وَبِهِ مَسْجِدُ عَائِشَةَ مَسَافَتُهُ إلَيْهَا فَرْسَخٌ فَهُوَ أَقْرَبُ إلَيْهَا مِنْهُمَا كَمَا زَادَهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ (أَدْنَى) أَيْ: وَهُوَ، أَوْ حَالَةَ كَوْنِهِ أَدْنَى (إلَى مَكَّةَ مِمَّا وَلِيَّهْ) قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ فَإِنْ لَمْ يُحْرِمْ مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ نُدِبَ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَرَمِ بَطْنَ وَادٍ ثُمَّ يُحْرِمَ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ وَغَيْرِهَا وَحَكَاهُ فِي الْإِبَانَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ

(وَ) مَكَانُ الْإِحْرَامِ (بِكِلَا هَذَيْنِ) أَيْ: الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ لِغَيْرِ مَنْ بِمَكَّةَ

(ذُو الْحُلَيْفَةْ) لِأَهْلِهَا، وَالْمَارِّ بِهَا مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَهِيَ (مِيلٌ عَنْ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةْ) وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ تَبِعَ فِيهِ الرَّافِعِيَّ، لَكِنْ فِي الْبَسِيطِ أَنَّهَا عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقِيلَ سَبْعَةٌ وَفِي الْمُهِمَّاتِ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ الْمُشَاهَدُ إنَّهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ، أَوْ تَزِيدُ قَلِيلًا

(وَقَرْنٍ) بِسُكُونِ الرَّاءِ لِأَهْلِهِ، وَالْمَارُّ بِهِ مِنْ طَرِيقِ نَجْدٍ الْحِجَازِ، أَوْ الْيَمَنِ وَوَهِمَ الْجَوْهَرِيُّ فِي تَحْرِيكِ الرَّاءِ وَفِي قَوْلِهِ إنَّ أُوَيْسًا الْقَرَنِيَّ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ مَنْسُوبٌ إلَى قَرَنٍ قَبِيلَةٍ مِنْ مُرَادٍ كَمَا ثَبَتَ فِي مُسْلِمٍ (، وَالْجَحْفَةُ) لِأَهْلِهَا، وَالْمَارُّ بِهَا مِنْ طَرِيقِ الشَّامِ وَمِصْرَ، وَالْمَغْرِبِ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ خَمْسُونَ فَرْسَخًا (أَوْ يَلَمْلَمُ) وَفِي نُسْخَةٍ، وَالْيَلَمْلَمُ وَيُقَالُ فِيهِ الْمُلِمُّ لِأَهْلِهِ، وَالْمَارُّ بِهِ مِنْ طَرِيقِ الْيَمَنِ أَيْ: تِهَامَتِهِ دُونَ نَجْدِهِ (وَذَاتُ عِرْقٍ) لِأَهْلِهَا، وَالْمَارُّ بِهَا مِنْ طَرِيقِ الْمَشْرِقِ الْعِرَاقُ وَخُرَاسَانُ، وَالْأَفْضَلُ لَهُمْ أَنْ يُحْرِمُوا مِنْ الْعَقِيقِ وَادٍ فَوْقَ ذَاتِ عِرْقٍ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ وَلِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، لَكِنْ رَدَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَبَيْنَ مَكَّةَ وَكُلٍّ مِنْ قَرْنٍ وَيَلَمْلَمَ وَذَاتِ عِرْقٍ مَرْحَلَتَانِ وَإِلَى مَنْ ذَكَرْته مِمَّنْ يُحْرِمُ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ أَشَارَ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (أَهْلُ كُلٍّ) مِنْهَا (عَلِمُوا) وَهُوَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَفِي بِالْغَرَضِ مُسْتَغْنَى عَنْهُ بِمَا ذَكَرَهُ كَالْحَاوِي بَعْدُ بِقَوْلِهِ لِأَهْلِهَا، وَالْمَارُّ وَلَوْ ذَكَرَاهُ هُنَا كَانَ أَوْلَى لِيَعُودَ ضَمِيرُ بِهَا الْمَحْذُوفُ إلَى الْمَوَاقِيتِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَقَطْ إذْ عَوْدُهُ إلَى مَا يَأْتِي أَيْضًا غَيْرُ صَحِيحٍ.

وَالْأَصْلُ فِي الْمَوَاقِيتِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ وَقَالَ هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ، وَالْعُمْرَةَ وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلَ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ» وَخَبَرُ النَّسَائِيّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَقَّتَ لِأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ» وَذَكَرَهُ ابْنُ السَّكَنِ فِي صِحَاحِهِ

(وَحَيْثُ حَاذَى قَبْلَ إحْدَاهُنَّ) أَيْ: وَمَكَانُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ لِغَيْرِ مَنْ بِمَكَّةَ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ بِالْمَوَاقِيتِ وَلَا مَارًّا بِهَا

ــ

[حاشية العبادي]

يَقْتَضِي تَفْضِيلَ الْإِحْرَامِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: مِنْ أَدْنَى) مُتَعَلِّقٌ بِالْجَوَازِ

(قَوْلُهُ: سِتَّةُ فَرَاسِخَ) ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا

(قَوْلُهُ: ذُو الْحُلَيْفَةِ) عَلَى نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ وَتَصْحِيحُ الْجُمْهُورِ وَغَيْرِهِ إنَّهَا عَلَى سِتَّةٍ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ أَقْصَى عُمْرَانِ الْمَدِينَةِ وَحَدَائِقِهَا مِنْ جِهَةِ تَبُوكَ، أَوْ خَيْبَرَ وَالرَّافِعِيُّ أَنَّهَا مِيلٌ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ عُمْرَانِهَا الَّذِي كَانَ مِنْ جِهَةِ الْحُلَيْفَةِ حَجَرٌ د (قَوْلُهُ كَالْيَمَنِ) عَطْفٌ عَلَى الْحِجَازِ (قَوْلُهُ: وَيُقَالُ فِيهِ الْمُلِمُّ) وَهُوَ أَصْلُهُ قُلِبَتْ هَمْزَتُهُ يَاءً وَيَرَمْرَمُ بِرَاءَيْنِ شَرْحُ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ لَا يَفِي بِالْغَرَضِ) إذْ لَا يُفِيدُ تَعْيِينَ الْمُرَادِ (قَوْلُهُ: لِيَعُودَ ضَمِيرُهُ بِهَا الْمَحْذُوفُ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ، وَالْمَارُّ إذْ تَقْدِيرُهُ، وَالْمَارُّ بِهَا (قَوْلُهُ: إذْ عَوْدُهُ إلَى مَا يَأْتِي أَيْضًا غَيْرُ صَحِيحٍ) أَمَّا عَدَمُ صِحَّةِ عَوْدِهِ لِلْمَكَانِ الَّذِي عَنَّ فِيهِ النُّسُكُ وَمَكَانُ السُّكْنَى فَلِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِمَكَانِ إحْرَامٍ لِلْمَارِّ بِهِمَا إذْ لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ مِمَّنْ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ إلَيْهِمَا وَإِنْ قَصَدَ الْمُرُورَ عَلَيْهِمَا وَإِنَّمَا هُوَ مَكَانُ إحْرَامٍ لِمَنْ لَمْ يُرِدْ الْإِحْرَامَ إلَّا بَعْدَ وُصُولِهِ، ثُمَّ، وَالسَّاكِنُ هُنَاكَ دُونَ غَيْرِهِمَا وَأَمَّا عَدَمُ صِحَّةِ عَوْدِهِ لِمَكَانِ الْمُحَاذَاةِ فَلِاخْتِصَاصِ مَكَانِ الْمُحَاذَاةِ بِالْمُحَاذِي وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ وَحَيْثُ حَاذَى فَقَوْلُهُ بَعْدُ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَهِيَ أَبْعَدُ الْمَوَاقِيتِ مِنْ مَكَّةَ

(قَوْلُهُ: مَسَافَتُهُمَا إلَى مَكَّةَ إلَخْ) هُوَ فِي الْأُولَى مُخَالِفٌ لِمَا قَالُوهُ فِي تَحْدِيدِ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّهَا آخِرَهُ ضَبَطُوهُ بِأَنَّهُ تِسْعَةُ أَمْيَالٍ وَفِي الثَّانِيَةِ مُخَالِفٌ لِلْمُشَاهَدِ فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فِيهِمَا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا م ر أَنَّ الْحُدَيْبِيَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ مِنْ مَكَّةَ وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ الْمُشَاهَدُ وَبَعْضُهَا مِنْ الْحِلِّ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا آخِرُهُ قَالَ الْمَدَنِيُّ: بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحَرَّةِ نَحْوُ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ اثْنَا عَشَرَ مِيلًا (قَوْلُهُ: مَسْجِدُ عَائِشَةَ) نُسِبَ إلَيْهَا لِإِحْرَامِهَا مِنْهُ

(قَوْلُهُ: وَهِيَ مِيلٌ عَنْ الْمَدِينَةِ إلَخْ) لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ عُمْرَانِ الْمَدِينَةِ الَّذِي مِنْ جِهَةِ الْحُلَيْفَةِ وَتَصْحِيحُ الْمَجْمُوعِ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ أَقْصَى عُمْرَانِ الْمَدِينَةِ وَحَدَائِقِهَا مِنْ جِهَةِ تَبُوكَ أَوْ خَيْبَرَ. اهـ. م ر

(قَوْلُهُ: لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ) لَكِنْ لَهُمْ طَرِيقٌ آخَرُ عَلَى الْجُحْفَةِ فَيُحْرِمُ سَالِكُهَا مِنْهَا. اهـ. عُبَابٌ وَفِيهِ أَنَّ سَالِكَهَا حَاذَى ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِلْمُحَاذَاةِ حُكْمُ الْمُرُورِ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ نَعَمْ إنْ فُرِضَ أَنَّ سَالِكِي طَرِيقِ الْجُحْفَةِ لَمْ يُحَاذُوا ذَا الْحُلَيْفَةِ يَمِينًا وَلَا يَسَارًا كَانَ مِيقَاتُهُمْ الْجُحْفَةَ لِمَا يَأْتِي أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمُحَاذَاةِ بِهَذَيْنِ لَا بِالْأَمَامِ، وَالْخَلْفِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ

. (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ حَاذَى إلَخْ) حَاصِلُ مَسْأَلَةِ الْمُحَاذَاةِ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ أَبْعَدَ إلَى مَكَّةَ مِنْ الثَّانِي أَوْ هُمَا إلَيْهَا سَوَاءٌ أَوْ الثَّانِي أَبْعَدَ إلَيْهَا مِنْ الْأَوَّلِ وَيُصَوَّرُ ذَلِكَ بِانْحِرَافِهِ عَنْ طَرِيقِ مَكَّةَ أَوْ وُعُورَةِ طَرِيقِهِ وَعَلَى كُلٍّ هُمَا إلَى الشَّخْصِ سَوَاءٌ أَوْ الْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ الثَّانِي أَوْ بِالْعَكْسِ فَالْجُمْلَةُ تِسْعُ صُوَرٍ وَحَاصِلُ الْحُكْمِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَوَّلُ أَبْعَدَ إلَى مَكَّةَ أَوْ كَانَا مُسْتَوِيَيْنِ إلَيْهَا وَكَانَ الْأَوَّلُ أَقْرَبَ إلَى الشَّخْصِ أَوْ اسْتَوَيَا إلَيْهِ فَمِيقَاتُهُ مَا حَاذَاهُ أَوَّلًا وَكَذَا إنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَقْرَبَ إلَى مَكَّةَ وَأَقْرَبَ إلَيْهِ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمِيقَاتُ الثَّانِي أَقْرَبَ إلَى الشَّخْصِ سَوَاءٌ كَانَ أَبْعَدَ إلَى مَكَّةَ أَوْ أَقْرَبَ أَوْ اسْتَوَيَا إلَيْهَا فَمِيقَاتُهُ الثَّانِي وَكَذَا إذَا اسْتَوَيَا إلَيْهِ وَكَانَ الثَّانِي

<<  <  ج: ص:  >  >>