للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيْ: كُلٌّ مِمَّا عَيَّنَهُ الْمُكْتَرِي وَمَكَانُ الْإِحْرَامِ بِالْأَدَاءِ (فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَبْعَدَا) مِنْ الْمِيقَاتِ فَخَرَجَ بِهِ مِنْ الْأُولَى مَا لَوْ كَانَ مَا عَيَّنَهُ أَقْرَبَ مِنْ الْمِيقَاتِ، أَوْ مِثْلَهُ فَلَا يَتَعَيَّنُ لِلْإِحْرَامِ بَلْ لَا يَجُوزُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْأَقْرَبِ؛ لِأَنَّ تَعَيُّنَ الْإِحْرَامِ مِنْهُ شَرْطٌ فَاسِدٌ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ، لَكِنْ يَقَعُ النُّسُكُ لِلْمُكْتَرِي لِلْإِذْنِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمِنْ الثَّانِيَةِ مَا لَوْ كَانَ إحْرَامُهُ بِالْأَدَاءِ مِنْ مِثْلِ الْمِيقَاتِ، أَوْ دُونَهُ مُسِيئًا، أَوْ غَيْرَ مُسِيءٍ فَلَا يَتَعَيَّنُ مَكَانُ الْأَدَاءِ بَلْ لَهُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ بَلْ يَتَعَيَّنُ فِي الثَّانِيَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسِيءَ ثَانِيًا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ فِي الثَّالِثَةِ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَقَلَهُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ تَصْحِيحِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ سُلُوكًا بِالْقَضَاءِ مَسْلَكَ الْأَدَاءِ وَلِهَذَا لَوْ اعْتَمَرَ الْمُتَمَتِّعُ مِنْ الْمِيقَاتِ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ وَأَفْسَدَهُ، أَوْ أَفْرَدَ الْحَجَّ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ ثُمَّ أَفْسَدَهَا لَا يَلْزَمُهُ فِي الْقَضَاءِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْمِيقَاتِ بَلْ يَكْفِيهِ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ وَبِالْعُمْرَةِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ، لَكِنْ صَحَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَالْمَجْمُوعِ تَعَيُّنَهُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَنَقَلَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ عَنْ التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ الْوَجْهَانِ فِيمَنْ لَمْ يَرْجِعْ مُحْرِمًا بِالْأَدَاءِ إلَى الْمِيقَاتِ

فَإِنْ رَجَعَ ثُمَّ عَادَ تَعَيَّنَ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَجَعَ إلَيْهِ مُحْرِمًا كَانَ كَمَنْ أَحْرَمَ مِنْهُ وَلَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ مِنْهُ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ بِالْقَضَاءِ مِنْهُ وَمَحَلُّهَا أَيْضًا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ فِيمَنْ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ ثُمَّ عَادَ وَمَرَّ بِالْمِيقَاتِ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ فَإِنْ اسْتَمَرَّ مُقِيمًا إلَى قَابِلِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مَكَانِ إحْرَامِهِ بِالْأَدَاءِ قَطْعًا ثُمَّ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ إنْ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ -

ــ

[حاشية العبادي]

وَرَدَّ بَعْضُهُمْ دَعْوَى الْمُهِمَّاتِ الْمُنَافَاةُ الْمَذْكُورَةِ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلتَّعْيِينِ إلَّا مَنْعُ الْمَكِّيِّ مِنْ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ الْآفَاقِيِّ مِنْ مَكَّةَ لَا مَنْعُ الْآفَاقِيِّ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَقْرَبَ لِمَا سَيَأْتِي بِأَعْلَى هَامِشِ الْآتِيَةِ مِنْ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا وَحُمِلَ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَصَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْغَزَالِيُّ عَلَى الْمَكِّيِّ الْمَذْكُورِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَتَعَيَّنُ مِيقَاتُ بَلَدِهِ إلَخْ) أَيْ: وَلَهُ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهِ أَيْ: مِيقَاتِ الْمُكْتَرِي كَمَا قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلِلْأَجِيرِ الْعُدُولُ أَيْ: عَنْ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ إلَى مِثْلِهِ وَأَطْوَلُ. اهـ. أَيْ: وَإِلَى أَقْصَرَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ عَدَلَ عَنْ طَرِيقِ الْمِيقَاتِ الْمُعَيَّنِ أَيْ: بِالشَّرْطِ، أَوْ الشَّرْعِ إلَى طَرِيقِ مِيقَاتٍ آخَرَ وَأَحْرَمَ مِنْهُ وَهُوَ دُونَ الْمُعَيَّنِ مَسَافَةً جَازَ وَلَا دَمَ وَلَا حَطَّ أَيْ: عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَعَلَيْهِ فَلَوْ اُسْتُؤْجِرَ مَكِّيٌّ عَنْ آفَاقِيٍّ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الْمُؤَجِّرُ مِيقَاتًا جَازَ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ عَنْهُ مِنْ مَكَّةَ وَلَا يُكَلِّفُ الْعُدُولَ عَنْهَا وَرُدَّ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا سَلَكَ الْأَجِيرُ طَرِيقَ مَكَّةَ لَكِنْ عَدَلَ إلَى طَرِيقٍ آخَرَ مِيقَاتُهُ أَقْرَبُ فَلَمْ يَتَوَفَّرُ عَلَيْهِ إلَّا صِفَةُ الْإِحْرَامِ مِنْ الْأَبْعَدِ وَهِيَ لَا تُقَابَلُ بِشَيْءٍ مَعَ مَا قَرَّرُوهُ مِنْ أَنَّ الشَّرْعَ أَقَامَ بَعْضَ الْمَوَاقِيتِ مَقَامَ بَعْضٍ وَأَمَّا قَطْعُ الْمَسَافَةِ فَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِيهِمَا، وَالْمَكِّيّ الْمُسْتَأْجَرُ عَنْ آفَاقِيٍّ لَمْ يَقْطَعْ شَيْئًا مِنْ الْمَسَافَةِ الْمَقْصُودِ قَطْعُهَا بِالنَّظَرِ إلَى الْمَحْجُوجِ عَنْهُ فَلَزِمَهُ الدَّمُ، وَالْحَطُّ

(قَوْلُهُ: فَلَا يَتَعَيَّنُ إلَخْ) لَوْ عَيَّنَ الْمِيقَاتَ فَالْوَجْهُ التَّعَيُّنُ قُلْته بَحْثًا وَمَعْنَى كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ مِثْلِ الْمِيقَاتِ فَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الْمَكَانُ بَلْ لَهُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ لَكِنْ هَلْ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ الظَّاهِرُ الْجَوَازُ بِرّ لَكِنَّ قَوْلَهُ بَلْ لَهُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ هَلْ، أَوْ مِنْ مِثْلِ مَسَافَةِ الْمُعَيَّنِ وَقَوْلُهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَبْعَدَ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْأَبْعَدُ لَيْسَ مِيقَاتًا مَعَ أَنَّ الْإِحْرَامَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ مَفْضُولٌ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: بَلْ لَا يَجُوزُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْأَقْرَبِ) شَامِلٌ لِاسْتِئْجَارِ الْمَكِّيِّ عَنْ الْآفَاقِيِّ لِيُحْرِمَ مِنْ مَكَّةَ وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ الرَّوْضُ: وَإِنْ اسْتَأْجَرَ الْآفَاقِيَّ لِيُحْرِمَ مِنْ مَكَّةَ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِحُرْمَةِ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ رَوْضٌ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَتَخْصِيصُهُ الْأَجِيرَ بِالْآفَاقِيِّ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي فِي الْمَكِّيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمِيقَاتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلِهَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ آفَاقِيٌّ مَكِّيًّا لِلتَّمَتُّعِ لَزِمَهُ دَمٌ وَلَا نَظَرَ إلَى كَوْنِ الْآتِي بِهِ مَكِّيًّا نَقَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ. اهـ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَتَعَيَّن) أَيْ: الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ

(قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) يَعْنِي قَوْلَهُ، أَوْ غَيْرَ مُسِيءٍ (قَوْلُهُ بَلْ يَكْفِيهِ) أَيْ: فِي الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَبِالْعُمْرَةِ) أَيْ: فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: تَعَيُّنِهِ) أَيْ: تَعَيُّنِ ذَلِكَ أَيْ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ

(قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ) أَيْ: جَزْمًا (قَوْلُهُ: بِالْأَدَاءِ قَطْعًا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ وَلَا بِالْعُمْرَةِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ) أَيْ: بِقَوْلِهِ وَلِهَذَا إلَخْ (قَوْلُهُ: مَحَلُّ وِفَاقٍ) أَيْ: لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الِاحْتِجَاجَ بِالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: مِنْ الْمِيقَاتِ) أَيْ: مِيقَاتِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ

(قَوْلُهُ: لَكِنْ يَقَعُ النُّسُكُ إلَخْ) اُنْظُرْ عَلَى مَنْ يَجِبُ الدَّمُ لِلْمُجَاوَزَةِ وَهَلْ هُوَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِإِذْنِهِ فِيهِ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْقِرَانِ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ الْعُبَابِ قَالَ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ الْوَلِيُّ: يُحْرِمُ عَنْهُ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ مَا نَصُّهُ، وَالدَّم عَلَى الْوَلِيِّ قَالَ شَارِحُهُ: وَمِثْلُ الْوَلِيِّ فِي ذَلِكَ الْمَعْضُوبُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَّطَهُ فِيهِ كَذَا نَقَلَهُ الدَّارِمِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ وَنَقَلَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ الْمَرْزُبَانِ أَنَّهُ عَلَى الْأَجِيرِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي مُبَاشِرِ الْحَرَامِ أَنَّ عَلَيْهِ آثَارَهُ

(قَوْلُهُ: بَلْ يَتَعَيَّنُ) أَيْ: الْمِيقَاتُ أَوْ مِثْلُ مَسَافَتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ مِيقَاتَهُ حَيْثُ أَحْرَمَ فَعَوْدُهُ لَا يُخْرِجُ الْأَوَّلَ عَنْ كَوْنِهِ مِيقَاتَهُ لِذَلِكَ الْإِحْرَامِ فَيَنْبَغِي الْقَضَاءُ عَلَى الْخِلَافِ وَلَوْ سُلِّمَ لَكَانَ مُقْتَضَاهُ الْفَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعُودَ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ أَمْ لَا. اهـ. نَاشِرِيٌّ (قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>