للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

؛ لِأَنَّهُ غَالِبًا أَكْثَرُ عَمَلًا وَلِأَنَّ عُمَرَ وَعَلِيًّا فَسَّرَا بِهِ إتْمَامَ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] وَفَعَلَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَهَذَا فِي الْمَكِّيِّ وَمَنْ سَكَنَهُ دُونَ الْمِيقَاتِ وَكَذَا فِي غَيْرِهِمَا عَلَى مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِيهِ أَنَّ إحْرَامَهُ مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْلَى لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ.

وَلَمْ يَثْبُتْ لَهَا مُعَارِضٌ وَلِأَنَّ مِنْ مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ بِالتَّقْدِيمِ عُسْرًا وَتَعْزِيرًا بِالْعِبَادَةِ ثُمَّ إحْرَامُ الْمَكِّيِّ مِنْ بَابِ دَارِهِ يَكُونُ بَعْدَ مَجِيئِهِ مِنْ صَلَاةِ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إذْ الْإِحْرَامُ لَا يُسَنُّ عَقِبَ الصَّلَاةِ بَلْ عِنْدَ الْخُرُوجِ إلَى عَرَفَاتٍ ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ مُحْرِمًا لِطَوَافِ الْوَدَاعِ لَا لِلصَّلَاةِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ أَنَّهُ إذَا اُسْتُحِبَّ لَهُ فِعْلُ الرَّكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَشْكَلَ ذَلِكَ بِتَصْحِيحِ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ بَابِ دَارِهِ ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ؛ لِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ

(وَ) مَكَانُ الْإِحْرَامِ (وَلِلْأَجِيرِ مَا عَيَّنَ مُكْتَرٍ) أَيْ: مَا عَيَّنَهُ لَهُ مُكْتَرِيه بِقَيْدٍ سَيَأْتِي (وَلَنْ يُحَتِّمَا) عَلَى الْمُكْتَرِي (تَعْيِينَهُ) أَيْ: مَكَانَ الْإِحْرَامِ وَيَتَعَيَّنُ مِيقَاتُ بَلَدِهِ عَلَى الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ كَمَكَانِ التَّسْلِيمِ فِي السَّلَمِ (وَ) مَكَانُ الْإِحْرَامِ (فِي الْقَضَا أَرْضٌ) الْإِحْرَامِ، أَوْ مِثْلُهَا مَسَافَةً فِي (الْأَدَا) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ فِيهِ قَطْعُ الْمَسَافَةِ مِنْهَا مُحْرِمًا ثُمَّ قَيَّدَ مَسْأَلَةَ الْأَجِيرِ وَهَذِهِ بِقَوْلِهِ (إنْ كَانَ)

ــ

[حاشية العبادي]

بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ غَالِبًا أَكْثَرُ عَمَلًا وَإِنْ أَرَادَ بِهِ بَقِيَّةَ مَكَّةَ وَبَقِيَّةَ الْقَرْيَةِ السَّاكِنِ بِهَا مِنْ دُونِ الْمِيقَاتِ وَيَكُونُ فِي قَوْلِهِ، أَوْلَى مِنْ الْمِيقَاتِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا تَسَمُّحًا، وَالْمُرَادُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا، أَوْلَى مِنْ بَقِيَّةِ الْمِيقَاتِ فَفِيهِ أُمُورٌ الْأَوَّلُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُرِدْ بِبَابِ الدَّارِ بَابَ دَارِهِ بِمَعْنَى سَكَنِهِ بَلْ أَرَادَ بَلَدَهُ، أَوْ قَرْيَتَهُ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْمِيقَاتِ وَلِهَذَا عَبَّرُوا عَنْ ذَلِكَ بِدُوَيْرَةِ أَهْلِهِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْأَفْضَلُ فِي حَقِّ مَنْ سَكَنَهُ دُونَ الْمِيقَاتِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ بَابِ سَكَنِهِ لَا مِنْ طَرِيقِ قَرْيَتِهِ مَثَلًا الْأَبْعَدِ مِنْ مَكَّةَ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ سُنَّ الْإِحْرَامُ مِنْ الطَّرَفِ الْأَبْعَدِ فِي غَيْرِهِ مَوْجُودٌ فِيهِ وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ ذَلِكَ إلَّا الْمَكِّيُّ لَمَّا تَقَرَّرَ فِي الْهَامِشِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، وَالثَّالِثُ أَنَّهُ يُنَافِي فِي السَّكَنِ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَبَدْؤُهُ أَيْ: كُلٍّ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَالْمَسْكَنِ أَيْ: أَوَّلُهُ أَوْلَى إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ غَالِبًا) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ احْتَرَزَ بِغَالِبًا عَنْ الْمَكِّيِّ الَّذِي دَارُهُ فِي طَرَفِ مَكَّةَ مِنْ جِهَةِ عَرَفَةَ مَثَلًا فَالْإِحْرَامُ مِنْ بَابهَا أَفْضَلُ مِنْ الْإِحْرَامِ مِنْ بَقِيَّةِ مَكَّةَ الَّتِي هُوَ الْمِيقَاتُ وَلَيْسَ أَكْثَرَ عَمَلًا فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ غَالِبًا) كَأَنَّهُ احْتَرَزَ عَمَّنْ مَسْكَنُهُ بَيْنَ مَكَّةَ، وَالْمِيقَاتِ (قَوْلُهُ: مُحْرِمًا لِطَوَافِ الْوَدَاعِ) لَا لِلصَّلَاةِ ح

(قَوْلُهُ: بِقَيْدٍ سَيَأْتِي) أَيْ: فِي قَوْلِهِ إنْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَبْعَدَ (قَوْلِهِ وَلَنْ يُحَتَّمَا إلَخْ) شَرَحَهُ الْعِرَاقِيُّ بِقَوْلِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ التَّعْيِينُ وَيَتَعَيَّنُ مِيقَاتُ بَلَدِ الْعَقْدِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَتَعَيَّنُ مِيقَاتُ بَلَدٍ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَوْ عَدَلَ أَيْ: الْأَجِيرُ عَنْ الْمِيقَاتِ الْمُتَعَيِّنِ إلَى مِيقَاتٍ مِثْلِهِ فِي الْمَسَافَةِ، أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى جَازَ أَيْ: فَلَا يَلْزَمُهُ دَمٌ وَلَا حَطٌّ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ أَقْرَبَ مِنْهُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ لِأَصْلِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْغَزَالِيُّ لَكِنْ فِي الْمُهَذَّبِ، وَالتَّتِمَّةِ، وَالشَّامِلِ، وَالْبَيَانِ وَغَيْرِهِمَا الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ وَعَدَمِ لُزُومِ شَيْءٍ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَقَامَ بَعْضَ الْمَوَاقِيتِ مُقَامَ بَعْضٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَمَا ذَكَرَهُ هَؤُلَاءِ مُنَافٍ لِلتَّعْيِينِ الَّذِي نَحْنُ نُفَرِّعُ عَلَيْهِ، ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ كَلَامًا نَقَلَهُ عَنْ الطَّبَرِيِّ شَارِحِ التَّنْبِيهِ. اهـ. وَسَيَأْتِي بِهَامِشِ الْآتِيَةِ عَنْ الْعُبَابِ مُوَافَقَةُ هَؤُلَاءِ وَأَنَّ صَاحِبَ الْمَجْمُوعِ قَالَ: إنَّهُ الْأَصَحُّ

ــ

[حاشية الشربيني]

فَإِنَّ إحْرَامَهُ حِينَئِذٍ خِلَافُ الْأَوْلَى عِنْد الْكُلَّ اِ هـ شَرْحُ عب لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ) أَيْ: «بِإِحْرَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمِيقَاتِ» لَا يُقَالُ فَعَلَ ذَلِكَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ مَهَّلَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ إلَخْ فَأَيُّ دَلِيلٍ دَلَّ عَلَى مَنْعِهِ حَتَّى تَبَيَّنَ جَوَازُهُ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ تَكَرَّرَ إحْرَامُهُ مِنْهُ وَلَمْ يُحْرِمْ مِنْ الْمَدِينَةِ قَطُّ وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّ بَيَانَ الْجَوَازِ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا فَعَلَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّاتٍ يَسِيرَةً وَدَاوَمَ فِي عُمُومِ أَحْوَالِهِ عَلَى أَكْمَلِ الْهَيْئَاتِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ: مِيقَاتُ بَلَدِهِ) وَلَوْ كَانَ الْعَقْدُ بِغَيْرِهَا بِخِلَافِ مَكَانِ التَّسْلِيمِ فِي السَّلَمِ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ بَلَدُ الْعَقْدِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: بَلَدُهُ) أَيْ: الْمَحْجُوجُ عَنْهُ. اهـ. تُحْفَةٌ وَهَذَا عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْبَغَوِيّ وَالْغَزَالِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ مِنْ اعْتِبَارِ مِيقَاتِ بَلَدٍ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ مِنْ مَيِّتٍ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَ الشَّيْخُ جَمَالُ الدِّينِ الطَّبَرِيُّ اعْتِبَارَ مِيقَاتِ بَلَدِ الْأَجِيرِ. اهـ. سم فِي شَرْحِ ع

(قَوْلُهُ: أَوْ مِثْلُهَا مَسَافَةً) الْأَوْلَى تَأْخِيرُ أَوْ مِثْلُهَا مَسَافَةً عَنْ قَوْلِهِ الْأَدَاءُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَيَّدَ إلَخْ) أَيْ: مِنْ زِيَادَتِهِ كَمَا فِي النَّاشِرِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>