للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْجُنُونُ كَمَا فُهِمَا مِنْهُ بِالْأَوْلَى قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَكِنَّ حَجَّ الْمَجْنُونِ يَقَعُ نَفْلًا كَحَجِّ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَحَكَاهُ عَنْهُ الشَّيْخَانِ وَأَقَرَّاهُ وَاسْتُشْكِلَ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ: وَالْإِمْلَاءِ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَاتَهُ الْحَجُّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْجُنُونَ لَا يُنَافِي الْوُقُوعَ نَفْلًا فَإِنَّهُ إذَا جَازَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ الْمَجْنُونِ ابْتِدَاءً فَفِي الدَّوَامِ أَوْلَى أَنْ يَتِمَّ حَجَّهُ فَيَقَعُ نَفْلًا بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ إذْ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُحْرِمَ عَنْهُ ابْتِدَاءً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُتِمَّ حَجَّهُ

(ثُمَّ الطَّوَافُ لَهُمَا) أَيْ: لِلْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ قَالَ: تَعَالَى {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩] (سَبْعًا) مِنْ الْمَرَّاتِ وَلَوْ مُتَفَرِّقَةً وَفِي الْأَوْقَافِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا مَاشِيًا كَانَ، أَوْ رَاكِبًا بِعُذْرٍ، أَوْ غَيْرِهِ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (مَا) الْمُفِيدَةُ زِيَادَةَ الشُّيُوعِ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى سِتٍّ لَمْ يُجْزِهِ؛ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَافَ سَبْعًا وَقَالَ: خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَأَفَادَ بِثُمَّ وُجُوبَ كَوْنِ الطَّوَافِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَالْوُقُوفِ فِي الْحَجِّ وَبَعْدَ الْإِحْرَامِ فِي الْعُمْرَةِ فَهُوَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ لِلْحَجِّ، وَالثَّانِي لِلْعُمْرَةِ مُبْتَدِئًا بِهِ (مِنْ أَوَّلِ) الْحَجَرِ (الْأَسْوَدِ) مِنْ جِهَةِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَقَدْ (حَاذَى الْحَجَرَا بِكُلِّهِ) أَيْ: بِكُلِّ بَدَنِهِ فِي مُرُورِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَقَدَّمُ جَزْءٌ مِنْ بَدَنِهِ عَلَى جَزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ لَكِنَّ قَوْلَهُ مِنْ أَوَّلُ يُفْهِمُ اعْتِبَارَ مُحَاذَاتِهِ كُلَّ الْحَجَرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَوْ حَاذَى بَعْضَهُ بِكُلِّ بَدَنِهِ كَأَنْ كَانَ نَحِيفًا وَجَعَلَهُ عَنْ يَسَارِهِ أَجْزَأَهُ كَمَا يُجْزِئُهُ أَنْ يَتَوَجَّهَ بِكُلِّ بَدَنِهِ بَعْضَ الْكَعْبَةِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ.

وَالْمُرَادُ بِكُلِّ الْبَدَنِ كُلُّ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ، أَمَّا لَوْ بَدَأَ بِغَيْرِ الْحَجَرِ، أَوْ بِهِ، لَكِنْ لَمْ يُحَاذِهِ بِكُلِّ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَنْ يَتِمَّ حَجَّهُ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِأَنَّهُ يَتِمُّ حَجَّهُ أَنَّهُ يُبَاشِرُ بِهِ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَعْمَالِ بِأَنْ يَطُوفَ بِهِ وَيَسْعَى بِهِ وَيُحْضِرَ الْمَوَاقِفَ كَمَا لَوْ كَانَ مَجْنُونًا مِنْ الِابْتِدَاءِ وَأَحْرَمَ عَنْهُ لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْوَلِيَّ يُبَاشِرُ عَنْهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حُضُورِهِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ فَتَأَمَّلْ سم م ر

(قَوْلُهُ: الطَّوَافُ بِهِمَا) (فَرْعٌ) لَوْ أَرَادَ طَوَافَ تَطَوُّعٍ فَهَلْ يَصِحُّ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ أَسَابِيعَ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ فِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي الْجَوَازُ وَقَدْ سُئِلَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَزِدْ فِي الْجَوَابِ عَلَى أَنَّ مُطْلَقَ النِّيَّةِ يَنْحَطُّ عَلَى أُسْبُوعٍ وَاحِدٍ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُطْلِقْ النِّيَّةَ جَازَ الْجَمْعُ بَيْنَ أَسَابِيعَ وَأَنَّهُ عِنْدَ إطْلَاقِ النِّيَّةِ تَمْتَنِعُ الزِّيَادَةُ عَلَى السَّبْعِ بِخِلَافِ صَلَاةِ النَّفْلِ نَعَمْ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ لِلشِّهَابِ كَلَامٌ طَوِيلٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَرَاجِعْهُ

(قَوْلُهُ: عَلَى جَزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

كَالطَّوَافِ، وَالسَّعْيِ، وَالرَّمْيِ إلْحَاقًا لِلدَّوَامِ بِالِابْتِدَاءِ وَكَذَا الْمُغْمَى عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ فَإِنْ رُجِيَ بُرْؤُهُ لَمْ يُكْمِلْهُ عَنْهُ فَيَفُوتُهُ الْحَجُّ فَإِنْ صَحَّا بَعْدَ ذَلِكَ تَحَلَّلَ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَلَمْ يَصِحَّ حَجُّهُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا وَأَمَّا السَّكْرَانُ الَّذِي لَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ بِسَبَبِ سُكْرِهِ فَحَجُّهُ صَحِيحٌ وَيَقَعُ عَنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ إنْ لَمْ يَتَعَدَّوْا وَإِلَّا فَكَالْمُغْمَى عَلَيْهِ. اهـ. لَكِنَّ التَّقْيِيدَ بِعَدَمِ التَّعَدِّي ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ التَّعْمِيمُ كَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ الْقُوَيْسِنِيِّ. اهـ. عِبَارَةُ سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ وَيَقَعُ حَجُّ السَّكْرَانِ نَفْلًا وَإِنْ تَعَدَّى بِسُكْرِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ لَكِنْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ وُقُوعَهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ لِنُفُوذِ تَصَرُّفَاتِهِ لَهُ وَعَلَيْهِ وَقِيَاسًا عَلَى صِحَّةِ إسْلَامِهِ بِخِلَافِ صَلَاتِهِ لِافْتِقَارِهِ إلَى نِيَّةٍ وَرُدَّ بِأَنَّ إلْحَاقَهُ بِالصَّاحِي فِي التَّصَرُّفَاتِ إنَّمَا هُوَ لِلتَّغْلِيظِ عَلَيْهِ، وَالتَّغْلِيظُ عَلَيْهِ هُنَا فِي إلْحَاقِهِ بِالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ النَّافِذَةَ مَا لَا تَغْلِيظَ عَلَيْهِ فِيهِ. اهـ. وَهُوَ مُنَافٍ لِلتَّفْصِيلِ السَّابِقِ فَلْيُحَرَّرْ

(قَوْلُهُ: لَكِنْ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ اشْتِرَاطَ عَدَمِ السُّكْرِ الزَّائِلِ بِهِ الْعَقْلُ، وَالْجُنُونُ إنَّمَا هُوَ لِلْوُقُوعِ فَرْضًا (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ إلَخْ) أَجَابَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فَاتَهُ الْحَجُّ أَيْ: الْحَجُّ الْوَاجِبُ. اهـ. وَمُقْتَضَاهُ وُقُوعُهُ نَفْلًا وَأَنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُتِمَّ حَجَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْإِحْرَامُ عَنْهُ ابْتِدَاءً وَيُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ الطَّوَافُ) وَلَا تَجِبُ نِيَّتُهُ إذَا كَانَ فِي ضِمْنِ نُسُكٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ وَجَبَ قَصْدُ الْبَيْتِ فَلَوْ دَارَ بِالْبَيْتِ وَلَمْ يَعْلَمْهُ لَمْ يَكْفِ كَمَا شُرِطَ فِي الرَّمْيِ قَصْدُ الْمَرْمَى وَإِنْ لَمْ تَجِبْ نِيَّتُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَتَقَدَّمُ إلَخْ) هَذَا صَادِقٌ مَعَ تَقَدُّمِ جَمِيعِ بَدَنِهِ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ الْحَجَرِ مَعَ عَدَمِ تَقَدُّمِ شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى الْجُزْءِ الْأَخِيرِ إذْ الْمُرَادُ بِالْجُزْءِ فِي قَوْلِهِ عَلَى جَزْءٍ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُمْ هُنَا فَتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ عَمِيرَةَ كَتَبَ عَلَى قَوْلِ الْمَحَلِّيِّ بِأَنْ لَا يَتَقَدَّمَ جَزْءٌ مِنْ بَدَنِهِ عَلَى جَزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ مَا نَصُّهُ أَيْ: بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْجُزْءُ جَاوَزَ الْحَجَرَ إلَى جِهَةِ الْبَابِ فَهَذَا هُوَ الْمُضِرُّ لَا تَقَدُّمُ جَمِيعِ الْبَدَنِ عَنْ أَوَّلِ الْحَجَرِ الَّذِي فِي جِهَةِ الرُّكْنِ الْيَمَانِي يَدُلُّك عَلَى ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْبَعْضِ الْآتِيَةُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ. اهـ. وَفِي الْمِنَحِ لَوْ سَامَتَ الْحَجَرَ بِنِصْفِ بَدَنِهِ وَنِصْفُهُ الْآخَرُ إلَى جِهَةِ الْيَمَانِيِّ أَوْ الْبَابِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ إذَا انْفَتَلَ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ الْحَجَرِ إلَى الْبَابِ فَقَدْ حَاذَى كُلَّ الْحَجَرِ فِي الْأُولَى وَبَعْضَهُ فِي الثَّانِيَةِ بِجَمِيعِ شِقِّهِ الْأَيْسَرِ. اهـ. وَلَوْ حَاذَى آخَرُ جُزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ أَوَّلَ طَوَافِهِ وَآخِرَهُ كَمَا هُوَ الْوَاجِبُ، ثُمَّ أَرَادَ طَوَافًا آخَرَ لَمْ تَكْفِ النِّيَّةُ فِي مَحَلِّهِ إذْ هُوَ آخِرُ طَوَافِهِ الْأَوَّلِ فَيُتِمُّهُ وَيُحَاذِي مُحَاذَاةً أُخْرَى نَبَّهَ عَلَيْهِ حَجَرٌ فِي شَرْحِ عب (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَتَقَدَّمُ إلَخْ) وَلَا بُدَّ أَنْ يُحَاذِيَ آخِرَ طَوَافِهِ مَا حَاذَاهُ أَوَّلًا أَوْ مُقَدَّمًا إلَى جِهَةِ الْبَابِ لِيَحْصُلَ اسْتِيعَاب الْبَيْت بِالطَّوَافِ وَزِيَادَةُ ذَلِكَ الْجُزْءِ كَمَا يَجِبُ غَسْلُ جَزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ مَعَ الْوَجْهِ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يُحَاذِيَ آخِرًا بِكُلِّ بَدَنِهِ مَا حَاذَاهُ بِهِ أَوَّلًا سَوَاءٌ كَانَ كُلُّ الْحِجْرِ أَوْ بَعْضُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْبَعْضُ طَرَفُهُ مِمَّا يَلِي الْبَابَ أَوْ لَا سم عَلَى ع

(قَوْلُهُ: بَعْضَهُ) أَيْ: وَلَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>