للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَعَلَّهُ زِيدَ فِي آخِرِهِ قَالَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْقِفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالصَّخَرَاتِ نَحْوُ مِيلٍ وَيُطِيفُ بِمُنْعَرَجَاتِ عَرَفَاتٍ جِبَالٌ وُجُوهُهَا الْمُقْبِلَةُ مِنْ عَرَفَاتٍ (وَبِكَثِيرٍ غَلَّطُوا لَا النَّزْرِ) أَيْ: وَرُكْنُ الْحَجِّ لِلْكَثِيرِ لَا لِلْقَلِيلِ إذْ غَلِطُوا بِالْعَاشِرِ فَظَنُّوهُ التَّاسِعَ بِأَنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ فَأَكْمَلُوا عِدَّةَ ذِي الْقِعْدَةِ ثَلَاثِينَ ثُمَّ بَانَ أَنَّ الْهِلَالَ أَهَلَّ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ أَنْ يَحْضُرُوا بِعَرَفَاتٍ (بَيْنَ زَوَالِ نَحْرِهِمْ، وَالْفَجْرِ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد مُرْسَلًا «يَوْمُ عَرَفَةَ الَّذِي يَعْرِفُ النَّاسُ فِيهِ» وَلِأَنَّهُمْ لَوْ كُلِّفُوا بِالْقَضَاءِ لَمْ يَأْمَنُوا وُقُوعَ مِثْلِهِ فِيهِ وَلِأَنَّ فِيهِ مَشَقَّةً عَامَّةً بِخِلَافِ مَا إذَا قَلُّوا عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ فِي الْحَجِيجِ.

وَلَيْسَ مِنْ الْغَلَطِ الْمُرَادِ لَهُمْ مَا إذَا وَقَعَ ذَلِكَ بِسَبَبِ الْحِسَابِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَلَوْ غَلِطُوا بِالْحَادِيَ عَشَرَ، أَوْ بِالْمَكَانِ لَمْ يَكْفِ مُطْلَقًا لِنُدْرَةِ ذَلِكَ، أَوْ بِالثَّامِنِ فَكَذَلِكَ

وَفَارَقَ الْغَلَطُ بِالْعَاشِرِ بِأَنَّ تَأْخِيرَ الْعِبَادَةِ عَنْ وَقْتِهَا أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِسَابِ مِنْ تَقْدِيمِهَا وَبِأَنَّ الْغَلَطُ بِالتَّقْدِيمِ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ لِغَلَطٍ فِي الْحِسَابِ، أَوْ لِخَلَلٍ فِي الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا بِتَقْدِيمِ الْهِلَالِ

وَالْغَلَطُ بِالتَّأْخِيرِ قَدْ يَكُونُ بِالْغَيْمِ الْمَانِعِ مِنْ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَهُوَ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَلَوْ بَانَ الْحَالُ قَبْلَ زَوَالِ شَمْسِ الْعَاشِرِ فَوَقَفُوا بَعْدَهُ أَجْزَأَهُمْ كَمَا لَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ لَيْلَةَ الْعَاشِرِ وَهُمْ بِمَكَّةَ لَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ الْوُقُوفِ لَيْلًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُمْ الْوُقُوفُ غَدًا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَهُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِ النَّظْمِ غَلِطُوا وَفِي التَّهْذِيبِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ وَقَفُوا عَلَى يَقِينِ الْفَوَاتِ وَهُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِ الْحَاوِي غَالِطِينَ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ، وَالْوَصْفُ بِهِ بَعْدَ زَوَالِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ مَجَازٌ وَعِبَارَةُ الْأَكْثَرِينَ الْعَاشِرُ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَمُخْرِجٌ لِلَّيْلَةِ وَعِبَارَةُ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ بِالْعَكْسِ وَهِيَ مُوَافَقَةٌ لِمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِاللَّيْلَةِ، لَكِنْ صَحَّحَ الْقَاضِي عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِهَا

(وَلَوْ) كَانَ الْحُضُورُ (مَعَ الرُّقَادِ) فَإِنَّهُ يَكْفِي (دُونَ) الْحُضُورِ مَعَ (الِاغْمَا) لِوُجُودِ أَهْلِيَّةِ الْعِبَادَةِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي كَالصَّوْمِ وَكَالْإِغْمَاءِ فِي ذَلِكَ السُّكْرُ

ــ

[حاشية العبادي]

وَإِنَّ الْمُرَادَ إنْ كَانَ هُنَاكَ خُطُورٌ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخُطُورِ الْإِرَادَةُ أَيَّ جَزْءٍ أَرَادَ الْحُضُورَ فِيهِ وَفِيهِ أَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ هُنَاكَ إرَادَةٌ كَمَا فِي النَّائِمِ (قَوْلُهُ: فَلَعَلَّهُ زِيدَ فِي آخِرِهِ) أَيْ: أَوْ لَعَلَّ الْمُرَادَ لَيْسَ كُلُّهُ مِنْهَا بَلْ بَعْضُهُ (قَوْلُهُ: بَيْنَ زَوَالِ نَحْرِهِمْ، وَالْفَجْرِ) أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ يَوْمَ الْعِيدِ فِي حَقِّهِمْ هُوَ الْحَادِيَ عَشَرَ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ ثَلَاثَةٌ بَعْدَ الْحَادِي عَشَرَ فَيَثْبُتُ لِذَلِكَ حُكْمُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَثْبُتُ لِلْحَاجِّ فَقَطْ لَا مَنْ عَدَاهُمْ وَإِنْ حَضَرُوا عَرَفَاتٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِسَبَبِ الْحِسَابِ) مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَعْتَقِدُوا مَثَلًا التَّاسِعَ، وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ هُوَ يَوْمُ الثَّلَاثِينَ لِغَلَطِهِمْ فِي حِسَابِ الْأَيَّامِ وَعَدَدِهَا بِرّ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَامَتْ إلَخْ) يَقْتَضِي صِحَّةَ سَمَاعِهَا وَفِي قِيَامِهَا بَعْدَ الْمَغْرِبِ مِنْ يَوْمِ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ قَالُوا لَا تُسْمَعُ فَمَا الْفَرْقُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَأَقُولُ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّهَا هُنَاكَ أُقِيمَتْ بَعْدَ فَوَاتِ وَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدِ فَلَمْ تَكُنْ فَائِدَةٌ إلَّا تَفْوِيتَ الصَّلَاةِ حَالَ قِيَامِهَا وَهُنَا أُقِيمَتْ وَوَقْتُ الْوُقُوفِ بَاقٍ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ مَنَعَ مِنْ فِعْلِهِ عَارِضٌ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّهَا لَوْ قَامَتْ بَعْدَ فَجْرِ الْعَاشِرِ لَمْ تُسْمَعْ وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ سم

(قَوْلُهُ: لَيْلَةَ الْعَاشِرِ) مَعْمُولُ قَوْلِهِ قَامَتْ (قَوْلُهُ: مُخْرِجٌ لِلْبَلَدِ) أَيْ: الَّتِي بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بِالْعَكْسِ) أَيْ: يَشْمَلُ اللَّيْلَ وَيَخْرُجُ مَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَخُرُوجُ مَا قَبْلَ الزَّوَالِ هُوَ الْوَجْهُ (قَوْلُهُ: مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِاللَّيْلَةِ) اعْتَمَدَهُ م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

الشَّافِعِيِّ فِي آخِرِهِ (قَوْلُهُ: مُنْعَرَجَاتٍ) جَمْعُ مُنْعَرَجٍ فِي الْمِصْبَاحِ مُنْعَرَجُ الْوَادِي حَيْثُ يَمِيلُ يَمِينًا وَيَسَارًا

(قَوْلُهُ: دُونَ الْحُضُورِ مَعَ الْإِغْمَاءِ) أَيْ: حَيْثُ لَمْ يُفِقْ مِنْ إغْمَائِهِ زَمَنَ الْوُقُوفِ لَحْظَةً وَحِينَئِذٍ لَا يَبْنِي الْوَلِيُّ عَلَى فِعْلِهِ إنْ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ إفَاقَتِهِ عَلَى مَا قَيَّدَ بِهِ حَجَرٌ فَلَا يَقَعُ حَجُّهُ حِينَئِذٍ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا (قَوْلُهُ: السُّكْرُ) أَيْ: الَّذِي لَمْ يُزِلْ الْعَقْلَ وَلَيْسَ مَعَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ فَحَجُّهُ صَحِيحٌ أَوْ زَالَ عَقْلُهُ فَكَالْمَجْنُونِ وَحُكْمُهُ أَنْ يَبْنِيَ الْوَلِيُّ عَلَى فِعْلِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ الْإِحْرَامَ عَنْهُ ابْتِدَاءً كَمَا مَرَّ وَيَقَعُ حَجُّهُ نَفْلًا وَسَوَاءٌ تَعَدَّى السَّكْرَانُ، وَالْمَجْنُونُ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ بِمَا فَعَلُوهُ أَوْ لَا فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَجْنُونَ يَصِحُّ وُقُوفُهُ وَيَقَعُ حَجُّهُ نَفْلًا وَكَذَا السَّكْرَانُ إنْ زَالَ عَقْلُهُ وَأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ وُقُوفُهُ وَلَا يَقَعُ حَجُّهُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا إنْ لَمْ يُفِقْ لَحْظَةً وَكَذَا السَّكْرَانُ لَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَعِبَارَةُ الْعَزِيزِيِّ الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ النَّفْرُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَزَالَ عَقْلُهُ بِالسُّكْرِ وَدَامَ كَذَلِكَ جَمِيعَ وَقْتِ الْوُقُوفِ انْقَلَبَ حَجُّهُ نَفْلًا وَيُكْمِلُهُ الْوَلِيُّ عَنْهُ وَعَنْ الْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّ لَهُمَا وَلِيًّا فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُحْضِرَ مَنْ ذُكِرَ الْمَوَاقِفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>