للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُنْصَرُ فَسَوَاءٌ قَصَدَ بِهِ نَفْسَهُ أَمْ غَيْرَهُ. اهـ.

وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْحَامِلَ جَعَلَ نَفْسَهُ آلَةً لِمَحْمُولَيْهِ فَانْصَرَفَ فِعْلُهُ عَنْ الطَّوَافِ، وَالْوَاقِعُ لَهُمَا طَوَافُهُمَا لَا طَوَافُهُ كَمَا فِي رَاكِبِ الدَّابَّةِ بِخِلَافِ النَّاوِي فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ فَإِنَّهُ أَتَى بِطَوَافٍ، لَكِنَّهُ صَرَفَهُ لِطَوَافٍ آخَرَ فَلَمْ يَنْصَرِفْ كَنَظِيرِهِ فِي الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَقْصِدْهُ لَهُمَا بِأَنْ أَطْلَقَ، أَوْ قَصَدَهُ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِكِلَيْهِمَا فَهُوَ لَهُ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ حَصَلْ لَهُ كَقَصْدِ النَّفْسِ، أَوْ كِلَيْهِمَا) أَيْ: كَمَا يَحْصُلُ لَهُ إذَا قَصَدَهُ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِكِلَيْهِمَا أَيْ: نَفْسِهِ وَمَحْمُولَيْهِ بَلْ، أَوْ وَأَحَدُهُمَا وَإِنْ قُصِدَ الْمَحْمُولَانِ لَهُمَا لِعَدَمِ الصَّارِفِ عَنْهُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَخِيرَةِ لَمْ يُصَرِّحْ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِتَصْحِيحِهِ، لَكِنَّهُ صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ وَاعْتَرَضَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى وُقُوعِهِ لِلْمَحْمُولِ وَفِي الْإِمْلَاءِ عَلَى وُقُوعِهِ لَهُمَا كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ فَالنَّصَّانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى نَفْيِ هَذَا الْمُصَحَّحِ وَنَصُّهُ فِي الْأُمِّ أَقْوَى عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَهُوَ هُنَا بِخُصُوصِهِ أَظْهَرُ مِنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ فَيَجِبُ الْأَخْذُ بِهِ

وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ فَإِنَّهُ لَوْ نَوَى الْحَجَّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَقَعَ لَهُ فَكَذَا رُكْنُهُ

وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ مَبْنَاهُ عَلَى الْخَبَرِ، وَالْقِيَاسِ وَهُوَ حَسَنٌ فِي ذَاتِهِ، لَكِنَّهُ لَا يَكْفِي فِي رَدِّ النَّصِّ كَمَا لَا يَخْفَى قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْتَحِقَ بِالْحَلَالِ، وَالْمُحْرِمِ الَّذِي طَافَ لِنَفْسِهِ فِيمَا ذُكِرَ مُحْرِمٌ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ طَوَافِهِ كَمُحْرِمٍ بِحَجٍّ حَمَلَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ قَبْلَ انْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ وَظَاهِرٌ أَنَّ تَصْوِيرَ الْمَسْأَلَةِ بِحَمْلِ وَاحِدٍ اثْنَيْنِ مِثَالٌ فَلَوْ كَانَ الْحَامِلُ اثْنَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ الْمَحْمُولُ وَاحِدًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ وَيَنْشَأُ مِنْ ذَلِكَ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ

الرُّكْنُ الرَّابِعُ لِلْحَجِّ وَالثَّالِثُ لِلْعُمْرَةِ السَّعْيُ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَبَعْدَ هَذَا السَّعْيُ سَبْعًا لَهُمَا) أَيْ: وَبَعْدَ الطَّوَافِ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ السَّعْيُ لَهُمَا وَلَوْ مُتَرَاخِيًا عَنْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَلَوْ مُتَفَرِّقَةً (بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) جَبَلَيْنِ (الذَّهَابُ مِنْهُ) إلَيْهَا مَحْسُوبٌ (بِمَرَّةٍ كَذَا الْإِيَابُ) إلَيْهِ مِنْهَا مَحْسُوبٌ بِمَرَّةٍ أُخْرَى لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ابْدَأْ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ «ابْدَءُوا» بِلَفْظِ الْأَمْرِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ قُلْت: رَفْعُ الْجُنَاحِ فِي آيَةِ إنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّعْيَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ قُلْنَا جَوَابُهُ مَا أَجَابَتْ بِهِ عَائِشَةُ لَمَّا سَأَلَهَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ هَذَا فَقَالَتْ: إنَّمَا نَزَلَتْ الْآيَةُ هَكَذَا؛ لِأَنَّ الْأَنْصَارَ كَانُوا يَتَحَرَّجُونَ مِنْ الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَيْ: يَخَافُونَ الْحَرَجَ فِيهِ فَسَأَلُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْآيَةَ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَيَجِبُ الِابْتِدَاءُ مِنْ الصَّفَا فَلَوْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ لَمْ تُحْسَبْ تِلْكَ الْمَرَّةُ وَالْعَوْدُ مِنْ الْمَرْوَةِ فِي طَرِيقِهِ وَاجِبٌ فَلَوْ عَرَجَ وَبَدَأَ ثَانِيًا بِالصَّفَا لَمْ يَصِحَّ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَفَادَ النَّاظِمُ بِالْبَعْدِيَّةِ وُجُوبَ تَأَخُّرِ السَّعْيِ عَنْ الطَّوَافِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الطَّهَارَةُ وَالسَّتْرُ كَمَا فِي الْوُقُوفِ وَالْحَلْقِ بِخِلَافِ الطَّوَافِ لِمَا مَرَّ.

الرُّكْنُ الْخَامِسُ لِلْحَجِّ

ــ

[حاشية العبادي]

وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَإِنْ حَمَلَهُ فِي الْوُقُوفِ أَجْزَأَ عَنْهُمَا يَعْنِي مُطْلَقًا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ ثَمَّ السُّكُونُ وَقَدْ وُجِدَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَهُنَا الْفِعْلُ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لِكِلَيْهِمَا فَهُوَ إلَخْ) أَيْ: نَفْسِهِ وَمَحْمُولَيْهِ

(قَوْلُهُ: حَصَلَ لَهُ) أَيْ: لِلْمُحْرِمِ الَّذِي مَا طَافَ (قَوْلُهُ: أَوْ لِكِلَيْهِمَا) وَلَا يَحْصُلُ لِلْمَحْمُولِ بِدَلِيلِ كَلَامِ الْمُهِمَّاتِ فَتَأَمَّلْهُ

(قَوْلُهُ: كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَاعْتَرَضَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْبَحْرِ مِنْ نَقْلِهِ عَنْ الْإِمْلَاءِ مِنْ وُقُوعِهِ لَهُمَا غَلَطٌ بَلْ الَّذِي فِيهِ فِي عِدَّةِ نُسِخَ عَنْ الْإِمْلَاءِ وُقُوعُهُ لِلْحَامِلِ دُونَ الْمَحْمُولِ وَرَجَّحَهُ الْأَصْحَابُ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْقِيَاسِ فَإِنَّهُ لَوْ نَوَى الْحَجَّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَقَعَ لَهُ فَكَذَا رُكْنُهُ

(قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ الْحَامِلُ اثْنَيْنِ إلَخْ) يَنْبَغِي فِيمَا إذَا كَانَ الْحَامِلُ مُتَعَدِّدًا، وَالْمَحْمُولُ وَاحِدًا وَنَوَاهُ أَحَدُ الْحَامِلَيْنِ لِنَفْسِهِ، وَالْآخَرُ لِلْمَحْمُولِ عَدَمُ وُقُوعِهِ لِلْمَحْمُولِ لِأَنَّ الدَّوَرَانَ الْمُحَقِّقَ لِلطَّوَافِ مِنْ الْحَامِلَيْنِ وَقَدْ قَصَدَ بِهِ أَحَدُهُمَا نَفْسَهُ

. (قَوْلُهُ: وَبَعْدَ هَذَا) خَبَرٌ مُبْتَدَؤُهُ السَّعْيُ. (قَوْلُهُ: الذَّهَابُ مِنْهُ إلَيْهِمَا) أَيْ: مِنْ الصَّفَا إلَى الْمَرْوَةِ وَكَذَا قَوْلُهُ: الْإِيَابُ إلَيْهِ فِيهَا. (قَوْلُهُ: عَنْ هَذَا) أَيْ: السُّؤَالِ.

ــ

[حاشية الشربيني]

الْبَيْتِ بِقَصْدِ تَحْصِيلِ غَرِيمٍ وَقَوْلُهُ إلَى طَوَافٍ آخَرَ أَيْ: لَهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مَحْمُولٌ وَلَا دَوَرَانٌ بِقَصْدِ غَرِيمٍ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ حَصَلَ لَهُ قَصْدُ النَّفْسِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ نَوَاهُ الْمَحْمُولُ حِينَئِذٍ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّهُ إذَا نَوَاهُ الْمَحْمُولُ دُونَ الْحَامِلِ وَكَانَا مُحْرِمَيْنِ وَقَعَ لِلنَّاوِي فَتُقَيَّدُ مَسْأَلَةُ الْإِطْلَاقِ هُنَا بِمَا إذَا لَمْ يَنْوِ الْمَحْمُولَ وَهُوَ بَعِيدٌ إذَا كَانَ طَوَافُ الْحَامِلِ فِي ضِمْنِ نُسُكٍ وَدَخَلَ وَقْتُهُ وَلَمْ يَفْعَلْهُ بَلْ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ حِينَئِذٍ نَاوَلَهُ حُكْمًا تَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّرْحِ: وَإِنْ قَصَدَهُ الْمَحْمُولَانِ لَهُمَا وَهُوَ صَرِيحٌ فِي رَدِّهِ إنْ رَجَعَ لِلْإِطْلَاقِ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: وَفِي الْإِمْلَاءِ عَلَى وُقُوعِهِ لَهُمَا) نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ ذَلِكَ عَنْ الْبَحْرِ وَرَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ غَلَطٌ وَاَلَّذِي فِي الْبَحْرِ فِي عِدَّةِ نَسْخٍ عَنْ الْإِمْلَاءِ وُقُوعُهُ لِلْحَامِلِ فَقَطْ وَرَجَّحَهُ الْأَصْحَابُ لِمُوَافَقَتِهِ الْقِيَاسَ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ لَا يَكْفِي إلَخْ) قَدْ عَرَفْت أَنَّ الَّذِي فِي الْإِمْلَاءِ وُقُوعُهُ لِلْحَامِلِ (قَوْلُهُ: فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ) لَكِنْ لَوْ قَصَدَهُ وَاحِدٌ لِنَفْسِهِ، وَالْآخَرُ لِلْمَحْمُولِ لَمْ يَقَعْ لِلْمَحْمُولِ ق ل وَغَيْرُهُ وَهُوَ فِي الْحَاشِيَةِ

(قَوْلُهُ: أَبْدَأُ) مُضَارِعٌ ضَمِيرُهُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ جَوَابٌ لِقَوْلِهِمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِمَاذَا تَبْدَأُ إذَا طُفْت وَقَوْلُهُ: وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ «ابْدَءُوا» بِلَفْظِ الْأَمْرِ أَيْ: جَوَابًا لِقَوْلِهِمْ بِمَاذَا نَبْدَأُ إذَا طُفْنَا فَلَعَلَّ السُّؤَالَ تَعَدَّدَ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: كَانُوا يَتَحَرَّجُونَ إلَخْ) لِأَنَّ الصَّنَمَ الْمُسَمَّى إسَافًا كَانَ عَلَى الصَّفَا وَالصَّنَمَ الْمُسَمَّى نَائِلَةً كَانَ عَلَى الْمَرْوَةِ وَكَانَ الْجَاهِلِيَّةُ إذَا سَعَوْا يَمْسَحُونَهُمَا فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ تَحَرَّجَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ السَّعْيِ لِذَلِكَ فَنَزَلَتْ الْآيَةُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَرَجَ إلَخْ) -

<<  <  ج: ص:  >  >>