للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالرَّابِعُ لِلْعُمْرَةِ إزَالَةُ شَعَرَاتٍ مِنْ الرَّأْسِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ ثَلَاثُ شَعْرِ رَأْسِ الرَّجُلِ تُزَالُ) بِإِسْكَانِ الْعَيْنِ أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ السَّعْيِ إزَالَةُ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ مِنْ رَأْسِ الرَّجُلِ وَلَوْ بِنَتْفٍ أَوْ إحْرَاقٍ أَوْ قَصٍّ أَوْ نُورَةٍ وَيَكْتَفِي بِإِزَالَتِهَا فِي دَفْعَاتٍ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْمَنَاسِكِ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا تَصْحِيحُ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِأَخْذِهَا بِذَلِكَ فَإِنَّهُمَا بَنَيَاهُ عَلَى تَكْمِيلِ الدَّمِ بِذَلِكَ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ التَّكْمِيلِ بَلْ يَجِبُ ثَلَاثَةُ أَمْدَادٍ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْبِنَاءِ الِاتِّحَادُ فِي التَّصْحِيحِ (أَوْ تَقْصِيرُهَا) عَطْفٌ عَلَى تُزَالُ أَيْ: يَجِبُ إزَالَةُ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ مِنْ رَأْسِ الرَّجُلِ أَوْ تَقْصِيرُهَا مِنْ رَأْسِ الرَّجُلِ أَوْ الْمَرْأَةِ أَوْ الْخُنْثَى بِقَرِينَةِ إطْلَاقِهِ التَّقْصِيرَ بَعْدَ تَقْيِيدِهِ الْإِزَالَةَ بِالرَّجُلِ بِجَعْلِ الضَّمِيرِ عَائِدًا إلَى ثَلَاثِ شَعْرِ الرَّأْسِ بِدُونِ قَيْدِ الرَّجُلِ تَعْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ فَالرَّجُلُ يُزِيلُ أَوْ يُقَصِّرُ وَالْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى يُقَصِّرَانِ فَقَطْ رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ خَبَرَ «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ إنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ» .

وَيُكْرَهُ لَهُمْ الْحَلْقُ لِنَهْيِهِنَّ عَنْ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقِيسَ بِالنِّسَاءِ الْخَنَاثَى وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ أَقَلَّ الْوَاجِبِ ثَلَاثٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: ٢٧] أَيْ: شَعْرَهَا؛ لِأَنَّهَا نَفْسَهَا لَا تَحْلِقُ وَلَا تُقَصِّرُ وَالشَّعْرُ جَمْعٌ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثٌ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَذَا احْتَجُّوا بِهِ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ بَلْ هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْنَا؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ الْمُضَافَ يُفِيدُ الْعُمُومَ وَيَدُلُّ لَهُ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعَمْ الطَّرِيقُ فِي التَّوْجِيهِ أَنْ يُقَدَّرَ لَفْظُ الشَّعْرِ مُنَكَّرًا مَقْطُوعًا عَنْ الْإِضَافَةِ أَيْ: شَعْرًا مِنْ رُءُوسِكُمْ أَوْ نَقُولُ قَامَ الْإِجْمَاعُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِيعَابُ فَاكْتَفَيْنَا فِي الْوُجُوبِ بِمُسَمَّى الْجَمِيعِ اهـ.

فَلَا يَكْفِي مَا دُونَ ثَلَاثٍ وَلَا ثَلَاثٌ مِنْ غَيْرِ الرَّأْسِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: ثُمَّ ثَلَاثُ شَعْرِ إلَخْ) . (فَرْعٌ)

لَوْ تَفَرَّعَتْ الشَّعْرَةُ ثَلَاثَ فُرُوعٍ مَثَلًا مَعَ اتِّحَادِ أَصْلِهَا فَهَلْ يَكْفِي إزَالَتُهَا نَظَرًا لِفُرُوعِهَا أَوْ لَا نَظَرًا لِأَصْلِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَّجَهُ الثَّانِي بِرّ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الرَّوْضَةِ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ: وَالشَّعْرَةُ الْوَاحِدَةُ إذَا أَزَالَهَا فِي ثَلَاثِ دَفْعَاتٍ إنْ كَانَ مَعَ تَقَطُّعِ الزَّمَنِ فَكَالثَّلَاثِ الْمُتَفَرِّقَةِ وَإِنْ كَانَ مَعَ تَوَاصُلِهِ فَكَالْوَاحِدَةِ بِرّ وَفِيهِ نَظَرٌ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِيمَا قُلْنَاهُ لَا يَأْتِي فِي الشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ الْمَأْخُوذَةِ بِدُفْعَاتٍ وَإِنْ سَوَّى الْأَصْلُ بَيْنَهُمَا فِي الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ اهـ. (فَرْعٌ)

لَوْ خُلِقَ لَهُ رَأْسَانِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا زِيدَ أَوْ تَمَيَّزَ فَالْعِبْرَةُ بِالْأَصْلِيِّ فَلَا يَكْفِي إزَالَةُ شَعْرِ الزَّائِدِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَةِ ثَلَاثٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِتَتَحَقَّقَ الْإِزَالَةُ مِنْ الْأَصْلِيِّ وَإِنْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ فَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِأَحَدِهِمَا هَذَا كُلُّهُ هُوَ الْمُتَّجَهُ. (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى تُزَالُ) يُمْكِنُ جَعْلُ الْمَعْطُوفِ مَحْذُوفًا رَافِعًا لِقَوْلِهِ تَقْصِيرُهَا أَيْ: أَوْ يُوجَدُ أَوْ يَحْصُلُ تَقْصِيرُهَا. (قَوْلُهُ: بِدُونِ قَيْدِ الرَّجُلِ) هَذَا خِلَافُ الظَّاهِرِ جِدًّا يَحْتَاجُ إلَى الْقَرِينَةِ فَإِنَّهُ بَعْدَ عَطْفِهِ عَلَى خَبَرِ ثَلَاثُ الْمُقَيَّدِ بِشَعْرِ الرَّجُلِ كَيْفَ يَكُونُ خَبَرًا عَنْهَا بِدُونِ الْقَيْدِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالْمَرْأَةُ) أَيْ: وَلَوْ صَغِيرَةً خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ بَلْ غَلَّطَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي قَوْلِهِ يُسَنُّ لَهَا الْحَلْقُ حَجَرٌ وَعِنْدِي أَنَّ التَّغْلِيطَ تَسَاهُلٌ قَبِيحٌ إذْ لَا يَصُدُّ عَمَّا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ نَقْلٌ وَلَا عَقْلٌ وَغَايَةُ مَا هُنَاكَ إطْلَاقٌ لَا يُنَافِي التَّقْيِيدَ الشَّاهِدَ لَهُ الْمَعْنَى فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: عَنْ التَّشَبُّهِ بِالرَّجُلِ) قَدْ يُقَالُ التَّشَبُّهُ بِالرَّجُلِ حَرَامٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ لَمْ يَحْرُمْ أَوْ يَمْنَعْ أَنَّ الْحَلْقَ مِنْ صِفَاتِ الرِّجَالِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِمْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِهِ دُونَ النِّسَاءِ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَهُمْ بِهِ، وَالتَّشَبُّهُ إنَّمَا يَحْرُمُ إذَا كَانَ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ الرِّجَالُ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: مُنَكَّرًا مَقْطُوعًا إلَخْ) يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَى الْحِذْقِ هُوَ طَرِيقُ الْإِضَافَةِ لَا طَرِيقُ التَّنْكِيرِ وَالْقَطْعِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَرِينَةٍ تَصْرِفُ عَنْ الْمُتَبَادِرِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَقُولُ قَامَ الْإِجْمَاعُ إلَخْ) يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا الْإِجْمَاعَ مُنَازَعٌ فِي ثُبُوتِهِ فَقَدْ نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وُجُوبُ التَّعْمِيمِ سم.

ــ

[حاشية الشربيني]

عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَوْ وَصَلَهَا وَتَرَكَ الْعَوْدَ فِي طَرِيقِهِ وَعَدَلَ إلَى الْمَسْجِدِ وَابْتَدَأَ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الصَّفَا أَيْضًا لَمْ يَصِحَّ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمَا بَنَيَاهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَيَجْزِي ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ دُفْعَةً مِنْ الرَّأْسِ لِوُجُوبِ الدَّمِ بِإِزَالَتِهَا الْمُحَرَّمَةِ لَا دَفْعَاتٍ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ تَكْمِيلِ الدَّمِ بِإِزَالَتِهَا الْمُحَرَّمَةِ وَهَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهِ مِنْ الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ لَكِنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَمَنَاسِكِهِ الِاكْتِفَاءُ بِهَا مَعَ فَوَاتِ الْفَضِيلَةِ وَيُجَابُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَنَيَاهُ) أَيْ: بَنَيَا الِاكْتِفَاءَ بِإِزَالَتِهَا مَعَ التَّفْرِيقِ عَلَى تَكْمِيلِ الدَّمِ بِإِزَالَتِهَا مُفَرَّقَةً وَالْأَصَحُّ عَدَمُ تَكْمِيلِهِ بِإِزَالَتِهَا كَذَلِكَ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِإِزَالَتِهَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: مُنَكَّرًا مَقْطُوعًا عَنْ الْإِضَافَةِ) لِأَنَّهُ يَتِمُّ بِهِ الْكَلَامُ وَلَا دَلِيلَ عَلَى الزَّائِدِ (قَوْلُهُ: قَامَ الْإِجْمَاعُ) أَيْ: إجْمَاعُ الْخَصْمَيْنِ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي إجْمَاعَ الْكُلِّ فَلَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِ أَنَّ أَحْمَدَ وَغَيْرَهُ قَائِلُونَ بِوُجُوبِهِ. اهـ. شَرْحُ م ر لِلْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: بِمُسَمَّى الْجَمْعِ) أَيْ: فِي الْمَعْنَى وَإِلَّا فَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدٍ بِالتَّاءِ اهـ جَمَلٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي مَا دُونَ ثَلَاثٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>