للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ»

(فَرْضُ الْوُضُوءِ) مُفْرَدٌ مُضَافٌ إلَى مَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ كُلَّ فَرْضٍ مِنْهُ أَيْ فُرُوضُهُ سِتَّةٌ الْأَوَّلُ (غَسْلُ وَجْهٍ) قَالَ تَعَالَى {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦] وَالْمُرَادُ انْغِسَالُهُ وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَعْضَاءِ وَقَدَّمَهُ عَلَى النِّيَّةِ لِيَرْبِطَ بِأَوَّلِهِ حُكْمَ مُقَارَنَتِهَا ر وَمَا لِلِاخْتِصَارِ الْمَقْصُودِ لَهُ (وَهْوَ أَنْ يَغْسِلَ) الْمُتَوَضِّئُ مَا ظَهَرَ (بَيْنَ) مُنْحَدِرِ تَدْوِيرِ (الرَّأْسِ وَانْتِهَا) بِمَعْنَى مُنْتَهَى (الذَّقَنْ) بِمُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ (وَ) أَنْ يَغْسِلَ (وَجْهَ لَحْيَيْهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى الْمَشْهُورِ الْعَظْمَانِ اللَّذَانِ عَلَيْهِمَا الْأَسْنَانُ السُّفْلَى وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَدْخُلُ مُنْتَهَى الذَّقَنِ الَّذِي أَخْرَجَهُ ظَاهِرُ الْبَيْنِيَّةِ (وَ) أَنْ يَغْسِلَ مَا ظَهَرَ بَيْنَ (أُذْنَيْهِ) فَدَخَلَ فِي الْوَجْهِ الْجَبِينَانِ وَهُمَا جَانِبَا الْجَبْهَةِ وَمَا ظَهَرَ مِنْ أَنْفِهِ، أَوْ شَفَتِهِ بِالْقَطْعِ وَالْبَيَاضُ الَّذِي بَيْنَ الْأُذُنِ وَالْعِذَارِ وَهُوَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الْعَظْمِ النَّاتِئِ بِقُرْبِ الْأُذُنِ وَخَرَجَ عَنْهُ دَاخِلُ الْأَنْفِ وَالْعَيْنِ وَالْفَمِ وَإِنْ انْفَتَحَا بِقَطْعِ جَفْنٍ، أَوْ شَفَةٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ وَمَوْضِعُ الصَّلَعِ وَالتَّحْذِيفِ وَالنَّزْعَتَانِ.

وَسَتَأْتِي الثَّلَاثَةُ وَالصُّدْغَانِ وَهُمَا الْمُتَّصِلَانِ بِالْعِذَارَيْنِ مِنْ فَوْقُ وَوَتَدَا الْأُذُنِ قَالَ الْبَغَوِيّ إلَّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ غَسْلُ الْوَجْهِ إلَّا بِغَسْلِهِمَا يَعْنِي بِغَسْلِ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَيَجِبُ غَسْلُ جُزْءٍ مِنْ رَأْسِهِ وَرَقَبَتِهِ وَمَا تَحْتَ ذَقَنِهِ مَعَ الْوَجْهِ لِيَعْلَمَ اسْتِيعَابَهُ كَإِمْسَاكِ جَزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ فِي الصَّوْمِ وَكَذَا يَزِيدُ أَدْنَى زِيَادَةٍ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ (وَعَمْ مِنْ نَازِلِ اللِّحْيَةِ) وَهِيَ بِكَسْرِ اللَّامِ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الذَّقَنِ (وَجْهًا) أَيْ وَعَمَّ الْمُتَوَضِّئُ بِالْغَسْلِ ظَاهِرَ اللِّحْيَةِ أَيْ الْكَثِيفَةِ مِنْ النَّازِلِ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ تَبَعًا لَهُ وَلِوُقُوعِ الْمُوَاجِهَةِ بِهِ بِخِلَافِ بَاطِنِهِمَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: كُلُّ فَرْضٍ مِنْهُ) لَا يُقَالُ دَلَالَةُ الْعَامِّ كُلِّيَّةٌ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْفُرُوضِ غَسْلُ الْوَجْهِ وَمَا بَعْدَهُ وَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ كَوْنُ دَلَالَتِهِ كُلِّيَّةً هُوَ الْغَالِبُ فِيهِ وَقَدْ يَكُونُ كُلٌّ أَيْ: الْحُكْمُ فِيهِ عَلَى الْمَجْمُوعِ

(قَوْلُهُ: بَيْنَ مُنْحَدَرٍ) وَهُوَ مُبْتَدَأُ تَسْطِيحِ الْجَبْهَةِ (قَوْلُهُ: وَجْهُ لِحْيَتِهِ) وَمِنْهُ مُنْتَهَى الذَّقَنِ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ وَأَنْ يَغْسِلَ وَجْهَ لِحْيَتِهِ وَلَمْ يَعْطِفْ وَجْهَ لِحْيَتِهِ عَلَى الذَّقَنِ.

(قَوْلُهُ وَمَا ظَهَرَ مِنْ أَنْفِهِ إلَخْ) أَيْ: مَحَلُّ الْقَطْعِ مِنْهُمَا لَا مَا كَانَ مُسْتَتِرًا تَحْتَ الْمَقْطُوعِ أَيْضًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي، وَإِنْ انْفَتَحَا إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: الْعِذَارُ الشَّعْرُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَهُمَا الْمُتَّصِلَانِ بِالْعِذَارَيْنِ) قَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ جُزْءًا مِمَّا فَوْقَ الْعِذَارَيْنِ مُحَاذٍ لِوَتَدِ الْأُذُنِ الَّذِي يَكُونُ مَا حَاذَاهُ مِنْ الْوَجْهِ، بَلْ تَعْبِيرُهُ بِمَا بَيْنَ أُذُنِهِ يَقْتَضِي إدْخَالَ الْمُحَاذِي لِجَمِيعِ الْأُذُنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ مَا عَدَا ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: إلَّا بِغَسْلِهِمَا) أَيْ: وَتَدِ الْأُذُنَيْنِ.

(قَوْلُهُ مِنْ النَّازِلِ) كَأَنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ كَالْمَتْنِ لِقَوْلِهِ الْآتِي وَمَنْبَتًا إلَخْ فَفِيهِ بَيَانُ غَيْرِ النَّازِلِ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ بَاطِنِهَا وَدَاخِلِهَا) هَلْ الْمُرَادُ بِبَاطِنِهَا الْوَجْهُ الَّذِي يَلِي الصَّدْرَ مِنْهَا وَبِدَاخِلِهَا خِلَالُ الشَّعْرِ وَمَنَابِتُهُ أَوْ الْمُرَادُ بِبَاطِنِهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

شَهْرًا مِنْ الْهِجْرَةِ وَلَعَلَّهُمْ عَلَى هَذَا كَانُوا لَا يُصَلُّونَ إلَّا بِهِ، لَكِنْ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ أَوْ النَّظَافَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ وَلَمْ يَنْقُلْ وُقُوعَ صَلَاةٍ بِغَيْرِ عُذْرٍ بِدُونِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقَدَّمَهُ) أَيْ: النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِيَرْبِطَ؛ بِأَوَّلِهِ حُكْمَ مُقَارَنَتِهَا) حُكْمُهَا هُوَ الْوُجُوبُ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْحَالِيَّةِ وَقَوْلُهُ: بِأَوَّلِهِ أَيْ: الْغُسْلِ وَذَلِكَ مَذْكُورٌ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي أَوَّلَهُ.

(قَوْلُهُ: مَا ظَهَرَ إلَخْ) خَرَجَ دَاخِلُ الْعَيْنِ وَالْفَمِ وَالْأَنْفِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْحَاوِي فَرْضُ الْوُضُوءِ غَسْلُ مَا بَيْنَ الرَّأْسِ وَمُنْتَهَى الذَّقَنِ وَاللَّحْيَيْنِ وَالْأُذُنَيْنِ قَالَ شَارِحُهُ أَيْ: فَرْضُ الْوُضُوءِ غُسْلُ الْوَجْهِ وَهُوَ مَا بَيْنَ مَنْبَتِ شَعْرِ الرَّأْسِ غَالِبًا وَبَيْنَ مُنْتَهَى الذَّقَنِ فِي الطُّولِ وَبَيْنَ اللَّحْيَيْنِ فِي أَقْصَرِ الطُّولَيْنِ وَبَيْنَ الْأُذُنَيْنِ فِي الْعَرْضِ ثُمَّ اُعْتُرِضَ بِخُرُوجِ مُنْتَهَى الذَّقَنِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْعَزِيزِ بِدُخُولِهِ اهـ.

وَعُذْرُهُ فِي ذَلِكَ جَعْلُ الْمُتَعَاطِفَاتِ مُتَتَابِعَةً لَكِنَّ زِيَادَةَ الْمُصَنِّفِ لَفْظَةَ وَجْهُ تَقْتَضِي مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ إذْ لَا دَخْلَ لِوَجْهِ اللَّحْيَيْنِ فِي تَحْدِيدِ أَقْصَرِ الطُّولَيْنِ وَإِلَّا لَذَكَرَ فِي أَطْوَلِهِمَا.

(قَوْلُهُ: وَمَوْضِعُ الصَّلَعِ) أَيْ: قَطْعًا إذْ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ مِنْ الرَّأْسِ وَقَوْلُهُ: وَالتَّحْذِيفُ أَيْ: عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ قَوْلَيْ الْإِمَامِ وَقِيلَ هُمَا وَجْهَانِ وَنَسَبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لِلْغَلَطِ وَقَوْلُهُ: وَالنَّزْعَتَانِ أَيْ: عَلَى الْأَصَحِّ.

(قَوْلُهُ: النَّزَعَتَانِ) بِفَتْحِ الزَّايِ عَلَى الْأَفْصَحِ وَفِي لُغَةٍ إسْكَانُهَا كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ.

(قَوْلُهُ وَالصُّدْغَانِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ خِلَافٍ حَكَاهُ فِي الصُّدْغِ الثَّالِثُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْفَيَّاضِ وَجُمْهُورِ الْبَصْرِيِّينَ، إنَّ مَا اسْتَعْلَى عَنْ الْأُذُنَيْنِ مِنْهُ فَهُوَ مِنْ الرَّأْسِ وَمَا انْحَدَرَ عَنْهُمَا فَهُوَ مِنْ الْوَجْهِ قَالَ الرُّويَانِيُّ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ يَتَّضِحُ مَا قَالَهُ سم فِي الْحَاشِيَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: بِالْعِذَارَيْنِ) الْعِذَارُ هُوَ النَّابِتُ عَلَى الْعَظْمِ الْمُحَاذِي لِلْأُذُنَيْنِ مُتَّصِلٌ أَعْلَاهُ بِالصُّدْغِ وَأَسْفَلُهُ بِالْعَارِضِ إيعَابٌ.

(قَوْلُهُ: مِنْ النَّازِلِ) أَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>