للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَدَاخِلِهَا لَا يَجِبُ غَسْلُهُمَا كَالشَّعْرِ النَّابِتِ تَحْتَ الذَّقَنِ وَلِعُسْرِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِمَا وَلِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ فَغَرَفَ غَرْفَةً غَسَلَ بِهَا وَجْهَهُ وَكَانَتْ لِحْيَتُهُ الْكَرِيمَةُ كَثِيفَةً وَبِالْغَرْفَةِ الْوَاحِدَةِ لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَى ذَلِكَ أَمَّا الْخَفِيفَةُ فَيَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِهَا لِسُهُولَةِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهَا كَالسِّلْعَةِ الْمُتَدَلِّيَةِ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ.

وَإِطْلَاقُهُ كَالرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَ النَّازِلِ الْخَفِيفِ وَالْكَثِيفِ وَمَا ذَكَرْته مِنْ التَّفْصِيلِ هُوَ مَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ وَصَوَّبَهُ قَالَ وَكَلَامُ الْبَاقِينَ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ وَمُرَادُهُمْ الْكَثِيفُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ شُعُورِ الْوَجْهِ الْخَارِجَةِ عَنْ حَدِّهِ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ (وَ) عَمَّ (الْغَمَمْ) وَهُوَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الْجَبْهَةِ إذْ لَا عِبْرَةَ بِنَبَاتِهِ فِي غَيْرِ مَنْبَتِهِ كَمَا لَا عِبْرَةَ بِانْحِسَارِ شَعْرِ النَّاصِيَةِ كَمَا سَيَأْتِي (وَ) عَمَّ (مَنْبِتًا) أَيْ (بَشَرَةً بَيْنَ الشَّعَرْ) أَيْ شَعْرِ الْوَجْهِ مِنْ لِحْيَةٍ وَغَيْرِهَا لِدُخُولِهِ فِي حَدِّ الْوَجْهِ وَالتَّصْرِيحُ بِالْغَمَمِ وَبِتَفْسِيرِ الْمَنْبَتِ بِمَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا ذَاكَ) أَيْ الْمَنْبَتِ (مِنْ كَثِيفِ لِحْيَةِ الذَّكَرْ) وَإِنْ لَمْ تَنْزِلْ أَيْ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ لِمَا مَرَّ فِي بَاطِنِ شَعْرِهَا الْكَثِيفِ وَإِنَّمَا وَجَبَ غَسْلُ الْكَثِيفِ وَمَنْبَتِهِ فِي الْغُسْلِ مِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ لِقِلَّةِ وُقُوعِهِ فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ مَنْبَتِ الْخَفِيفِ مِنْ لِحْيَةِ الذَّكَرِ لِسُهُولَةِ الْإِيصَالِ وَمَنْبَتُ الْكَثِيفِ مِنْ لِحْيَةِ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى لِنُدْرَتِهَا وَنُدْرَةِ كَثَافَتِهَا؛ وَلِأَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْأُنْثَى نَتْفُهَا، أَوْ حَلْقُهَا؛ لِأَنَّهَا مُثْلَةٌ فِي حَقِّهَا.

وَالْأَصْلُ فِي أَحْكَامِ الْخُنْثَى الْعَمَلُ بِالْيَقِينِ وَكُلُّ مَنْبَتٍ وَجَبَ غَسْلُهُ وَجَبَ غَسْلُ شَعْرِهِ وَتَرَكَهُ فِي النَّظْمِ كَأَصْلِهِ إمَّا لِشُمُولِ صَدْرِ كَلَامِهِمَا لَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

الْبَشَرَةُ تَحْتَ شَعْرِهَا وَبِدَاخِلِهَا خِلَالُ شَعْرِهَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ هُوَ الْأَوَّلُ لِوُقُوعِ الْبَاطِنِ فِي مُقَابَلَةِ الظَّاهِرِ وَالدَّاخِلُ الْمُتَنَاوِلُ لِخِلَالِ الشَّعْرِ وَمَنَابِتِهِ وَذَلِكَ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ مَا عَدَا جَمِيعَ ذَلِكَ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا يَأْتِي قُبَيْلَ وَلَا اشْتِبَاهُهَا إلَخْ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا تَحْتَ اللِّحْيَةِ إلَخْ، حَيْثُ أُرِيدَ بِالْبَاطِنِ فِيهِ خِلَالُ الشَّعْرِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ فِي مُقَابَلَةِ الظَّاهِرِ فَشَمَلَ ذَلِكَ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ فَيَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِهَا) يَشْمَلُ الشَّعْرَ النَّابِتَ عَلَى آخِرِ مُنْتَهَى الذَّقَنِ مِمَّا عَلَى جِهَةِ الصَّدْرِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّ وَجْهَ هَذَا الشَّعْرِ مِمَّا يَلِي جِهَةَ الصَّدْرِ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى مَنْبَتِهِ الَّذِي هُوَ الْمُنْتَهَى الْمَذْكُورُ وَوَجْهُهُ الَّذِي يَلِي جِهَةَ الصَّدْرِ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَيْ بَشَرَةً) فَهُوَ عَطْفُ بَيَانٍ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ) أَيْ كَثِيفُ لِحْيَةِ الذَّكَرِ.

(قَوْلُهُ وَجَبَ غَسْلُ شَعْرِهِ إلَخْ) فَيَجِبُ غَسْلُ شَعْرِ لِحْيَةِ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى لِوُجُوبِ غَسْلِ مَنْبَتِهِمَا كَمَا شَمَلَهُ قَوْلُهُ: وَمَنْبَتَا شَعْرِهِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا لِشُمُولِ صَدْرِ كَلَامِهِمَا إلَخْ) كَأَنَّهُ أَرَادَ صَدْرَ كَلَامِهِمَا.

(قَوْلُهُ: بَيْنَ الرَّأْسِ وَانْتِهَاءِ الذَّقَنِ) ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ غَسْلِ ذَلِكَ شَامِلٌ لِغَسْلِ مَا فِيهِ مِنْ الشَّعْرِ.

(قَوْلُهُ: وَجَبَ غَسْلُهُ) أَيْ: وَكُلُّ مَنْبَتٍ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ شَعْرِهِ فَلَا يَجِبُ غَسْلُ دَاخِلِ شَعْرِ لِحْيَةِ الذَّكَرِ الْكَثِيفَةِ لِعَدَمِ وُجُوبِ غَسْلِ مَنْبَتِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ لَا ذَاكَ إلَخْ وَأَمَّا ظَاهِرُ ذَلِكَ الشَّعْرِ فَيَجِبُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَعَمَّ مِنْ نَازِلِ اللِّحْيَةِ وَجْهًا وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُفِيدُ وُجُوبَ غَسْلِ ظَاهِرِ

ــ

[حاشية الشربيني]

غَيْرُهُ فَقَدْ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ سَابِقًا وَهُوَ أَنْ يَغْسِلَ مَا ظَهَرَ بَيْنَ الرَّأْسِ وَمُنْتَهَى الذَّقَنِ إلَخْ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ وَمُرَادُهُمْ الْكَثِيفُ) أَيْ: مُرَادُ الْبَاقِينَ بِقَوْلِهِمْ لَا خِلَافَ أَنَّ غَسْلَ الشَّعْرِ الْخَارِجِ أَيْ تَعْمِيمُ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ بِالْمَاءِ لَا يَجِبُ وَهَلْ يَجِبُ إفَاضَةُ الْمَاءِ عَلَى ظَاهِرِهِ فِيهِ الْقَوْلَانِ الْكَثِيفُ الْخَارِجُ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ لَا الْخَفِيفُ الْخَارِجُ عَنْهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إذْ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا صَرَّحَ؛ بِأَنَّهُ يَكْتَفِي فِي الْخَفِيفِ بِالْإِفَاضَةِ عَلَى ظَاهِرِهِ عَلَى قَوْلِ الْوُجُوبِ أَيْ بَلْ الْقَوْلَانِ يَجِبُ غَسْلُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لَا يَجِبُ ذَلِكَ هَذَا كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَالشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - جَرَى عَلَى الْأَصَحِّ مِنْهُ اهـ.

ثُمَّ، إنَّك تَعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ كَلَامَهُ فِي خُصُوصِ النَّازِلِ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِيمَا فِي حَدِّهِ، إنَّ فِيهِ الْقَوْلَيْنِ يَجِبُ غَسْلُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا أَوْ لَا يَجِبُ أَصْلًا، بَلْ يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ وَغَسْلُ الْبَشَرَةِ تَحْتَهُ بِلَا خِلَافٍ، كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.

(قَوْلُهُ: فِي الصَّحِيفَةِ الْآتِيَةِ وَشُعُورِ الْوَجْهِ إلَخْ) قَالَ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَةِ الْعِرَاقِيِّ حَاصِلُهُ أَنَّ الْخَارِجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ يُفَصَّلُ فِيهِ بَيْنَ خَفِيفَةٍ وَكَثِيفَةٍ سَوَاءٌ كَانَ الْكَثِيفُ اللِّحْيَةَ وَالْعَارِضَيْنِ وَالْعِذَارَيْنِ أَمْ غَيْرَهَا وَأَنَّ الدَّاخِلَ فِي حَدِّهِ يَفْصِلُ فِيهِ بَيْنَ مَا الْغَالِبُ فِيهِ الْخِفَّةُ وَمَا لَيْسَ الْغَالِبُ فِيهِ ذَلِكَ وَهُوَ اللِّحْيَةُ وَالْعَارِضَانِ فَقَطْ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ اهـ.

وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِمَا قَالَهُ ع ش مِمَّا سَيَأْتِي عَنْهُ بِالْهَامِشِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا ذَاكَ) أَيْ: الْمَنْبَتُ أَيْ:؛ لِأَنَّ الْمُوَاجِهَةَ تَحْصُلُ بِالشَّعْرِ فَتَجِبُ إفَاضَةُ الْمَاءِ عَلَيْهِ فَقَطْ وَلِأَنَّهُ بَاطِنٌ دُونَهُ حَائِلٌ مُعْتَادٌ فَهُوَ كَدَاخِلِ الْفَمِ وَالْأَنْفِ اهـ.

مِنْ الْمَجْمُوعِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي بَاطِنِ الشَّعْرِ وَيَضُمُّ لَهُ مَا مَرَّ مِنْ الْحَدِيثِ.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا وَجَبَ غَسْلٌ إلَخْ) رَدٌّ لِمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ كَمَا سَوَّيْنَا بَيْنَ الْخَفِيفِ وَالْكَثِيفِ فِي الْجَنَابَةِ وَأَوْجَبْنَا غَسْلَ مَا تَحْتَهُمَا فَكَذَا نُسَوِّي بَيْنَهُمَا فِي الْوُضُوءِ فَلَا تَوْجِيهَ.

(قَوْلُهُ وَجَبَ غَسْلٌ إلَخْ) أَيْ: ظَاهِرًا وَبَاطِنًا كَمَا هُوَ مَعْنَى الْغُسْلِ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ بِخِلَافِ الْإِفَاضَةِ. اهـ. مَجْمُوعٌ.

(قَوْلُهُ: وَغَسْلُ مَا عَدَا اللِّحْيَةَ) اُنْظُرْ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ ظَهَرَ هَذَا وَقَدْ يُقَالُ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى الشَّعْرُ وَظَاهِرُهُ كُلُّهُ أَمَّا شُمُولُ صَدْرِ الْكَلَامِ لِلْخَارِجِ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ تَدَبَّرْ

<<  <  ج: ص:  >  >>