للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَلْيَرْقَ قَامَةً عَلَيْهِ) أَيْ: وَلْيَصْعَدْ الرَّجُلُ نَدْبًا الصَّفَا قَدْرَ قَامَةِ إنْسَانٍ حَتَّى يَرَى الْبَيْتَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقَى عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ وَأَنَّهُ فَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا» أَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا يُسَنُّ لَهَا الرُّقِيُّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْخُنْثَى مِثْلُهَا وَالْوَاجِبُ عَلَى مَنْ لَمْ يَرْقَ أَنْ يُلْصِقَ عَقِبَهُ بِأَصْلِ مَا يَذْهَبُ مِنْهُ وَيُلْصِقَ رُءُوسَ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ بِمَا يَذْهَبُ إلَيْهِ مِنْ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ (وَدَعَا) نَدْبًا (مَا) أَيْ: بِمَا (شَا) دِينًا وَدُنْيَا بَعْدَ اسْتِقْبَالِ الْبَيْتِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ بِقَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَوْلَانَا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ.

وَيُعِيدُ الذِّكْرَ وَالدُّعَاءَ ثَانِيًا وَثَالِثًا لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَلِلْمَرْوَةِ يَمْشِي) أَيْ: وَيَمْشِي عَلَى هِينَتِهِ نَدْبًا مِنْ الصَّفَا إلَى الْمَرْوَةِ وَكَذَا عَكْسُهُ (وَ) لَكِنْ (سَعَى) فِي مَشْيِهِ نَدْبًا فِي كُلِّ مَرَّةٍ سَعْيًا شَدِيدًا فَوْقَ الْخَبَبِ (إذْ) أَيْ: حَيْثُ صَارَ (بَيْنَهُ وَ) بَيْنَ (الْمِيلِ) الْأَخْضَرِ الْمُعَلَّقِ بِجِدَارِ الْمَسْجِدِ (سِتُّ أَذْرُعِ إلَى حِذَا الْمِيلَيْنِ) الْأَخْضَرَيْنِ أَيْ: مُقَابِلِهُمَا أَحَدُهُمَا بِجِدَارِ الْمَسْجِدِ وَالْآخَرُ مُقَابِلُهُ بِدَارِ الْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِمَا فِي خَبَرِ جَابِرٍ مِنْ قَوْلِهِ «ثُمَّ نَزَلَ يَعْنِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصَّفَا إلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى إذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعَى حَتَّى إذَا صَعِدَتَا مَشَى إلَى الْمَرْوَةِ» فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ تَشَبَّهَ كَمَا فِي الرَّمَلِ ثُمَّ مَحَلُّ ذَلِكَ فِي الرَّجُلِ أَمَّا الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى فَلَا يُنْدَبُ لَهُمَا ذَلِكَ وَلَوْ بِخَلْوَةٍ وَلَيْلٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُكْرَهُ لِلسَّاعِي أَنْ يَقِفَ فِي سَعْيِهِ وَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَقُولَ فِيهِ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ إلَى آخِرِهِ وَالذِّرَاعُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ.

فَيَجُوزُ تَرْكُ التَّاءِ فِي عَدَدِهِ كَمَا صَنَعَ النَّاظِمُ وَإِثْبَاتُهَا فِيهِ كَمَا صَنَعَ الْحَاوِي (وَلْيَرْتَفِعْ) أَيْ: الرَّجُلُ دُونَ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى نَدْبًا عَلَى الْمَرْوَةِ وَقَدْرَ قَامَةٍ لِمَا مَرَّ فِي الصَّفَا (وَلْيَدْعُ) بِهَا نَدْبًا بِمَا شَاءَ دِينًا وَدُنْيَا بَعْدَ الِاسْتِقْبَالِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ كَمَا مَرَّ فِي الصَّفَا وَتُسَنُّ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ مَرَّاتِ السَّعْيِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَافِ.

(وَالْإِمَامُ فَرْدَةً خَطَبْ مِنْ بَعْدِ ظُهْرِ سَابِعٍ أَوْ مَنْ نَصَبْ بِمَكَّةَ) بِصَرْفِهَا لِلْوَزْنِ أَيْ: وَخَطَبَ نَدْبًا الْإِمَامُ أَوْ مَنْصُوبُهُ بِمَكَّةَ خُطْبَةً وَاحِدَةً بَعْدَ صَلَاةِ ظُهْرِ سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ أَيْ: أَوْ جُمُعَتِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى الظُّهْرِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ وَقَوْلُهُ: أَوْ مَنْ نُصِبْ مِنْ زِيَادَتِهِ (يُنْبِي) أَيْ: يُخْبِرُنَا فِي الْخُطْبَةِ (بِمَا أَمَامَنَا مِنْ نُسُكٍ وَ) مِنْ (سَيْرِنَا إلَى مِنَى) قَالَ ابْنُ عُمَرَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا كَانَ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ خَطَبَ النَّاسَ وَأَخْبَرَهُمْ بِمَنَاسِكِهِمْ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.

وَيَوْمُ التَّرْوِيَةِ الْيَوْمُ الثَّامِنُ سُمِّيَ بِهِ لِتَرَوِّيهِمْ فِيهِ الْمَاءَ وَيُسَمَّى يَوْمَ النَّقْلَةِ لِانْتِقَالِهِمْ فِيهِ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى وَالسَّابِعُ يُسَمَّى يَوْمَ الزِّينَةِ لِتَزْيِينِهِمْ فِيهِ هَوَادِجَهُمْ وَيُسَنُّ أَنْ يَفْتَتِحَ الْخُطْبَةَ بِالتَّلْبِيَةِ إنْ كَانَ مُحْرِمًا وَإِلَّا فَبِالتَّكْبِيرِ وَقَدَّمْت فِي بَابِ صَلَاةِ الْعِيدِ أَنَّ خُطَبَ الْحَجِّ أَرْبَعٌ هَذِهِ وَخُطْبَةُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ النَّحْرِ وَيَوْمِ النَّفْرِ الْأَوَّلِ كُلُّهَا فُرَادَى وَبَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ إلَّا يَوْمَ عَرَفَةَ فَثِنْتَانِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يُخْبِرُهُمْ فِي كُلِّ خُطْبَةٍ بِمَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنْ الْمَنَاسِكِ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ الْخَبَرُ السَّابِقُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِمْلَاءِ لَكِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ يُخْبِرُهُمْ فِي كُلِّ خُطْبَةٍ بِمَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنْ الْمَنَاسِكِ إلَى الْخُطْبَةِ الْأُخْرَى قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَسَاقَ نَصَّهُ فِي الْإِمْلَاءِ وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِ الْحَاوِي وَغَيْرِهِ بِالْغُدُوِّ إلَى مِنًى أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ إلَيْهَا بُكْرَةَ النَّهَارِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَلَا يُسَنُّ لَهَا الرُّقِيُّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَلَوْ فَصَلَ فِيهِمَا أَيْ: فِي الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِخَلْوَةٍ أَوْ بِحَضْرَةِ مَحَارِمَ وَأَنْ لَا يَكُونَ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي جَهْرِ الصَّلَاةِ لَمْ يَبْعُدْ اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ: بِمَا) قَدْ يَضْمَنُ دُعَاءً يَعْنِي السُّؤَالَ فَلَا يَحْتَاجُ لِحَذْفِ الْجَارِّ أَيْ: سَأَلَ اللَّهَ مَا شَاءَ.

. (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) لَا يُقَالُ كَانَ تُفِيدُ التَّكْرَارَ وَلَا تَكْرَارَ هُنَا إذْ لَمْ يَحُجَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَعْدَ النُّبُوَّةِ إلَّا حَجَّةَ الْوَدَاعِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ كَانَ لَا تُفِيدُ التَّكْرَارَ مَعَ الْمَاضِي وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا قَالَ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ كَانَ مَعَ الْمُضَارِعِ لِلتَّكْرَارِ قَالَ الْكَمَالُ فِي حَاشِيَتِهِ اُحْتُرِزَ بِالْمُضَارِعِ عَنْ الْمَاضِي فَلَا تَدُلُّ مَعَهُ عَلَى التَّكْرَارِ اهـ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ لُغَةً مَعَ الْمُضَارِعِ لَا لِلتَّكْرَارِ كَقَوْلِ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ إلَخْ مَا ذَكَرَهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ)

ــ

[حاشية الشربيني]

مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخَائِرِ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي التَّقْبِيلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.

. (قَوْلُهُ: فَرَقَى عَلَيْهِ) يُقَالُ رَقِيَ بِكَسْرِ الْقَافِ يَرْقَى بِفَتْحِهَا. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَفِي الْمِصْبَاحِ وَرَقِيت فِي السُّلَّمِ وَغَيْرِهِ أَرْقَى مِنْ بَابِ تَعِبَ رُقِيًّا عَلَى فُعُولٍ وَرَقْيًا كَفَلْسٍ وَارْتَقَيْت وَتَرَقَّيْت مِثْلُهُ وَرَقِيت السَّطْحَ وَالْجَبَلَ عَلَوْته وَالْمَرْقَى وَالْمُرْتَقَى مَوْضِعُ الرُّقِيِّ وَالْمِرْقَاةُ مِثْلُهُ وَيَجُوزُ فِيهَا فَتْحُ الْمِيمِ عَلَى أَنَّهَا مَوْضِعُ الِارْتِقَاءِ وَيَجُوزُ الْكَسْرُ تَشْبِيهًا بِاسْمِ الْآلَةِ وَرَقَيْته أَرْقِيه مِنْ بَابِ رَمَى رَقْيًا عَوَّذْته بِاَللَّهِ وَالِاسْمُ الرُّقْيَا عَلَى فُعْلَى وَالْمَرَّةُ رُقْيَةٌ وَالْجَمْعُ رُقًى مِثْلُ مُدْيَةٍ وَمُدًى اهـ. وَبَقِيَ مَعْنًى ثَالِثٌ وَهُوَ الرُّقِيُّ فِي الْمَعَالِي أَيْ: التَّنَفُّلُ فِي صِفَاتِ الْكَمَالِ وَيُقَالُ فِيهِ رَقَى بِالْفَتْحِ يَرْقَى فَالْفَارِقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرُّقِيِّ فِي السُّلَّمِ فَتْحُ الْقَافِ فِي الْأَوَّلِ وَكَسْرُهَا فِي الثَّانِي وَمُضَارِعُهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ يَرْقَى كَيَرْضَى اهـ جَمَلٌ عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ انْصَبَّتْ) أَيْ: نَزَلَتْ.

.

<<  <  ج: ص:  >  >>