للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْخَنَاثَى فِي هَذَا كَالرِّجَالِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَيَنْبَغِي لِمَنْ تَعَذَّرَ رَمَلُهُ أَنْ يَتَحَرَّك فِي مَشْيِهِ وَيَرَى مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ الرَّمَلُ رَمَلَ وَمَحَلُّ أَفْضَلِيَّةِ الْقُرْبِ إذَا لَمْ يُؤْذِ أَحَدًا وَلَمْ يَتَأَذَّ بِالزَّحْمَةِ وَإِلَّا فَالْأَبْعَدُ أَوْلَى وَيُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ أَوْ الْخُنْثَى حَاشِيَةُ الْمَطَافِ إلَّا أَنْ يَخْلُوَ مِنْ الرِّجَالِ.

(وَ) السُّنَّةُ (رَكْعَتَاهُ) أَيْ: الطَّوَافِ بَعْدَهُ (مِنْ وَرَا الْمَقَامِ) أَيْ: مَقَامِ إبْرَاهِيمَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَمَنَعَ وُجُوبَهُمَا خَبَرُ «هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ لَا إلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ» وَيَتَأَدَّيَانِ بِالْفَرِيضَةِ وَالرَّاتِبَةِ وَيَقْرَأُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَى {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: ١] وَفِي الثَّانِيَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] (فَالْحِجْرِ) أَيْ: فَإِنْ لَمْ يُصَلِّهِمَا وَرَاءَ الْمَقَامِ فَفِي الْحِجْرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ تَحْتَ الْمِيزَابِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يُصَلِّهِمَا فِي الْحِجْرِ فَفِي (الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَيْثُ يَشَا) مِنْ الْأَمْكِنَةِ (مَتَى يَشَا) مِنْ الْأَزْمِنَةِ وَلَا تَفُوتُ إلَّا بِمَوْتِهِ وَوَصَفَ مِنْ زِيَادَتِهِ الْمَسْجِدَ بِالْحَرَامِ احْتِرَازًا عَنْ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ لَكِنَّهُ قَدْ يُوهِمُ إرَادَةَ كُلِّ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَعَانِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمُرَادُ إنَّمَا هُوَ نَفْسُ الْمَسْجِدِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ اخْتَارَ جَعْلَ الْحَرَمِ كُلِّهِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَفِيهِ بُعْدٌ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ عِبَارَتُهُ قَاصِرَةٌ عَنْ الْغَرَضِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا ثُمَّ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ مِنْ الْحَرَمِ وَغَيْرِهِ وَاعْتَرَضَهُمَا فِي الْمُهِمَّاتِ فَقَالَ الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ كَمَا فِي تَحْرِيرِ الْجُرْجَانِيِّ ثُمَّ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ فِي الْحَرَمِ فِيمَا شَاءَ مِنْ غَيْرِهِ اهـ.

وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ يَلُوحُ بِهِ وَهُوَ مُتَعَيَّنٌ ثُمَّ هَذَا التَّرْتِيبُ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ فَلَوْ صَلَّاهُمَا فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ أَجْزَأَهُ وَلَوْ وَالَى أُسْبُوعَيْنِ فَأَكْثَرَ صَلَّى لِكُلِّ أُسْبُوعٍ رَكْعَتَيْهِ جَازَ بِلَا كَرَاهَةٍ لَكِنَّهُ تَرَكَ الْأَفْضَلَ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ: وَيُنْدَبُ أَنْ يَدْعُوَ عَقِبَ صَلَاتِهِ هَذِهِ خَلْفَ الْمَقَامِ بِمَا أَحَبَّ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَنْ يَدْعُوَ بِمَا دَعَا بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُنَاكَ مِنْ قَوْلِهِ «اللَّهُمَّ هَذَا بَلَدُك وَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ وَبَيْتُك الْحَرَامُ وَأَنَا عَبْدُك ابْنُ عَبْدِك ابْنُ أَمَتِك أَتَيْتُك بِذُنُوبٍ كَثِيرَةٍ وَخَطَايَا جَمَّةٍ وَأَعْمَالٍ سَيِّئَةٍ وَهَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِك مِنْ النَّارِ فَاغْفِرْ لِي إنَّك أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ اللَّهُمَّ إنَّك دَعَوْت عِبَادَك إلَى بَيْتِك الْحَرَامِ وَقَدْ جِئْت طَالِبًا رَحْمَتَك مُبْتَغِيًا رِضْوَانَك وَأَنْتَ مَنَنْت عَلَيَّ بِذَلِكَ فَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي إنَّك عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (وَالْحَجَرَا مَسَّ) أَيْ: اسْتَلَمَهُ نَدْبًا بَعْدَ فَرَاغِ الرَّكْعَتَيْنِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِيَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ مَا ابْتَدَأَ بِهِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ حِينَئِذٍ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ وَلَا السُّجُودُ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَعَلَّ سَبَبَهُ الْمُبَادَرَةُ لِلسَّعْيِ.

(وَمِنْ بَابِ الصَّفَا فَلْيَظْهَرَا) بِإِبْدَالِ أَلِفِهِ مِنْ نُونِ التَّوْكِيدِ الْخَفِيفَةِ أَيْ: يَخْرُجُ مِنْهُ نَدْبًا لِلسَّعْيِ لِلِاتِّبَاعِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ إلَخْ) كَانَ يُمْكِنُ خِلَافُ هَذَا الْمَأْخُوذِ نَظَرًا لِلِاحْتِيَاطِ وَلِهَذَا سُنَّ لِلْخُنْثَى حَاشِيَةُ الْمَطَافِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الْخَنَاثَى إلَخْ) يَعْنِي إذَا خَافَ مُصَادَفَةَ الْخَنَاثَى لَوْ بَعُدَ فَإِنَّهُ يَبْعُدُ وَلَا يُرَاعَى نَقْضُ الْوُضُوءِ بِلَمْسِ الْخُنْثَى بِرّ.

. (قَوْلُهُ: مِنْ وَرَاءِ الْمَقَامِ) قَالَ الشِّهَابُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَالْمُرَادُ بِخَلْفِهِ كُلُّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ عُرْفًا وَحَدَثَ الْآنَ فِي السَّقْفِ خَلْفَهُ زِينَةٌ عَظِيمَةٌ بِذَهَبٍ وَغَيْرِهِ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الصَّلَاةِ تَحْتَهَا وَيَلِيهِ فِي الْفَضْلِ دَاخِلَ الْكَعْبَةِ فَتَحْتَ الْمِيزَابِ فَبَقِيَّةُ الْحِجْرِ فَالْحَطِيمُ فَوَجْهُ الْكَعْبَةِ فَبَيْنَ الْيَمَانِيَّيْنِ فَبَقِيَّةُ الْمَسْجِدِ فَدَارُ خَدِيجَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَمَكَّةُ فَالْحَرَمُ كَمَا بَيَّنْته فِي الْحَاشِيَةِ أَوْ غَيْرِهَا اهـ وَانْظُرْ مَا ضَابِطُ الْكَوْنِ وَرَاءَ الْمَقَامِ وَلَعَلَّهُ أَمْرٌ عُرْفِيٌّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَتَحَقَّقُ مَعَ الْيَسِيرِ مِنْ الْبَيْتِ مِنْ أَوَّلِ التَّيَاسُرِ أَوْ التَّأَخُّرِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَكَانُ الْمَقَامِ الَّذِي هُوَ الْحِجْرُ حَتَّى لَوْ نُقِلَ عَنْ مَوْضِعِهِ الْآنَ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَالْمَطْلُوبُ الصَّلَاةُ خَلْفَ مَوْضِعِهِ الْأَصْلِيِّ دُونَ الْمَوْضِعِ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَالرَّاتِبَةِ) اُنْظُرْ النَّافِلَةَ الْمُطْلَقَةَ. (قَوْلُهُ: تَحْتَ الْمِيزَابِ) أَيْ: ثُمَّ بَقِيَّةِ الْحِجْرِ. (قَوْلُهُ: وَلَا تَفُوتُ إلَخْ) هَلْ الْمُرَادُ مَا لَمْ يَأْتِ بَعْدَ الطَّوَافِ بِفَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا تَتَأَدَّى بِهِمَا أَوْ مُطْلَقًا فَيَكُونُ الْمُتَأَدِّي بِذَلِكَ أَصْلَ الطَّلَبِ لَا خُصُوصَهُ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ إلَخْ) قَدْ يُمْنَعُ الْأَخْذُ إذْ يَصْدُقُ عَلَى مَجْمُوعِ الْمَسِّ وَالتَّقْبِيلِ وَالسُّجُودِ الْمُتَنَاسِبَةِ الْمُتَشَارِكَةِ فِي أَنَّهَا مُقَدِّمَةُ الطَّوَافِ أَنَّهُ ابْتَدَأَ بِهِ سم.

. (قَوْلُهُ: لِلسَّعْيِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الظَّاهِرُ سَنُّ ذَلِكَ م ر -.

ــ

[حاشية الشربيني]

ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَعْنَى أَبْعَدُ لِغَيْرِ نِسْوَةٍ لَا لِنِسْوَةٍ أَيْ: لَا يَبْعُدُ مُنْتَهِيًا إلَيْهِنَّ فَاللَّامُ بِمَعْنَى إلَى تَدَبَّرْ.

. (قَوْلُهُ: مِنْ وَرَاءِ الْمَقَامِ) قِيلَ وَرَاءَ وَخَلْفَ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ؛ لِأَنَّ بَابَهُ كَاتِّجَاهِ الْكَعْبَةِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ وَرَاءِ الْمَقَامِ) أَيْ: مَا يُقَالُ لَهُ عُرْفًا وَرَاءَهُ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِالسَّقْفِ الْمَوْجُودِ ثَمَّ شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَالرَّاتِبَةِ) فِي الْمَنْهَجِ وَنَافِلَةٍ. (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَأَوْلَاهُ مَا قَرُبَ مِنْ الْبَيْتِ ثُمَّ فِي الْحَطِيمِ وَعِبَارَةُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ عب بَعْدَ قَوْلِهِ تَحْتَ الْمِيزَابِ ثُمَّ فِي بَقِيَّةِ السِّتَّةِ أَذْرُعٍ الَّتِي مِنْ الْبَيْتِ فِي الْحِجْرِ اهـ. أَيْ: لِأَنَّ السِّتَّةَ أَذْرُعٍ مِنْهَا تَحْتَ الْمِيزَابِ ثُمَّ فِي بَقِيَّةِ الْحِجْرِ. (قَوْلُهُ: اخْتَارَ إلَخْ) يُفْهِمُ أَنَّهُ قِيلَ بِهِ وَلَمْ أَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَعَيَّنٌ) وَهَذَا هُوَ الْغَرَضُ الَّذِي قَصُرَتْ عِبَارَتُهُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ إلَخْ) لِأَنَّهُ إنَّمَا ابْتَدَأَ بِالِاسْتِلَامِ وَقَدْ دَفَعَهُ الْمُحَشِّي وَالْأَوْجَهُ نَدْبُ ذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَعِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تُشِيرُ إلَيْهِ وَصَحَّ كُلٌّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>