للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِنُزُولِ الْعَذَابِ فِيهِ عَلَى أَصْحَابِ الْفِيلِ وَلِأَنَّ النَّصَارَى كَانَتْ تَقِفُ فِيهِ فَأَمَرَنَا بِمُخَالَفَتِهِمْ وَيَقُولُ الْمَارُّ بِهِ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

إلَيْك تَعْدُو قَلِقًا وَضِينُهَا ... مُعْتَرِضًا فِي بَطْنِهَا جَنِينَهَا

مُخَالِفًا دِينَ النَّصَارَى دِينُهَا

وَالْوَضِينُ حَبْلٌ كَالْحِزَامِ.

(وَبِمِنًى بَعْدَ طُلُوعِهَا) أَيْ: الشَّمْسِ (ابْتَدَرْ) وَهُوَ رَاكِبٌ قَبْلَ نُزُولِهِ (لِلْحَجِّ) أَيْ: لِأَجْلِهِ (سَبْعَ رَمَيَاتٍ بِحَجَرْ وَ) لَوْ (نَحْوُ يَاقُوتٍ) كَزُمُرُّدٍ وَزَبَرْجَدٍ وَبِلَّوْرٍ وَعَقِيقٍ وَرُخَامٍ وَبِرَامٍ، وَحَجَرِ حَدِيدٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ» الَّذِي يَرْمِي بِهِ الْجَمْرَةَ (وَالْإِثْمِد) وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُسَمَّى حَجَرًا كَلُؤْلُؤٍ وَزِرْنِيخٍ وَمَدَرٍ وَجِصٍّ وَنُورَةٍ وَآجُرٍّ وَخَزَفٍ وَمِلْحٍ وَجَوَاهِرَ مُنْطَبِعَةٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ نُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ أَوْ حَدِيدٍ أَوْ نَحْوِهَا (امْتَنَعْ) أَيْ: الرَّمْيُ بِهِ وَكَذَا مَا لَيْسَ مِنْ طَبَقَاتِ الْأَرْضِ وَيَكْفِي حَجَرُ النُّورَةِ قَبْلَ الطَّبْخِ وَيُسَنُّ أَنْ يَرْمِيَ بِقَدْرِ حَصَا الْخَذْفِ وَهُوَ قَدْرُ الْبَاقِلَا وَيُكْرَهُ أَنْ يَرْمِيَ بِأَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْبَرَ وَبِالْمُتَنَجِّسِ وَبِالْمَأْخُوذِ مِنْ الْحِلِّ أَوْ مِنْ الْمَسْجِدِ أَيْ: إنْ لَمْ يَكُنْ جُزْءًا مِنْهُ وَإِلَّا حَرُمَ وَبِالْمَرْمِيِّ بِهِ لِمَا قِيلَ: إنَّ الْمَقْبُولَ يُرْفَعُ وَالْمَرْدُودَ يُتْرَكُ فَإِنْ رَمَى بِشَيْءٍ مِنْهَا جَازَ.

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنْ قِيلَ: لِمَ جَازَ الرَّمْيُ بِحَجَرِ رُمِيَ بِهِ دُونَ الْوُضُوءِ بِمَا تَوَضَّأَ بِهِ قُلْنَا فَرَّقَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْوُضُوءَ بِالْمَاءِ إتْلَافٌ لَهُ كَالْعِتْقِ فَلَا يُتَوَضَّأُ بِهِ مَرَّتَيْنِ كَمَا لَا يُعْتَقُ الْعَبْدُ عَنْ الْكَفَّارَةِ مَرَّتَيْنِ وَالْحَجَرُ كَالثَّوْبِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ صَلَوَاتٍ (لِلْجَمْرَةِ) أَيْ: ابْتَدَرَ يَوْمَ النَّحْرِ سَبْعَ رَمَيَاتٍ بِالْحَجَرِ إلَى الْجَمْرَةِ (الْأُولَى) جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ الَّتِي تَلِي مَكَّةَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَخَرَجَ بِالْحَجِّ الْعُمْرَةُ فَلَا رَمْيَ فِيهَا وَالْمُعْتَبَرُ تَعَدُّدُ الرَّمْيِ دُونَ الرَّمْيِ كَمَا أَفْهَمَهُ تَعْبِيرُهُ كَأَصْلِهِ بِسَبْعِ رَمَيَاتٍ بِخِلَافِ التَّعْبِيرِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فَلَوْ رَمَى عَدَدًا مَعًا فَرَمْيَةٌ وَاحِدَةٌ سَوَاءٌ وَقَعَ مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا وَلَوْ رَمَى حَجَرًا وَاحِدًا سَبْعَ مَرَّاتٍ حُسِبَ سَبْعًا كَمَا لَوْ دَفَعَ مُدًّا إلَى فَقِيرٍ عَنْ كَفَّارَتِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَدَفَعَهُ إلَى آخَرَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ رَمَى حَصَاةً ثُمَّ أَتْبَعَهَا أُخْرَى حُسِبَتَا لَهُ وَإِنْ وَقَعَتَا مَعًا أَوْ وَقَعَتْ الثَّانِيَةُ قَبْلَ الْأُولَى عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ جَمَاعَاتٍ وَلَوْ رَمَى

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلِنُزُولِ الْعَذَابِ بِهِ إلَخْ) قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِذَلِكَ سَنُّ الْإِسْرَاعِ فِيهِ لِغَيْرِ الْحَاجِّ أَيْضًا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ أَنَّهُ يُسَنُّ لِمَنْ مَرَّ بِدِيَارِ قَوْمٍ مُعَذَّبِينَ كَدِيَارِ ثَمُودَ أَنْ يُسْرِعَ فِي مَشْيِهِ خَشْيَةَ أَنْ يُصِيبَهُ مَا أَصَابَهُمْ وَإِنْ قِيلَ: إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ اخْتِصَاصُهُ بِالْحَاجِّ الْمُنْصَرِفِ مِنْ عَرَفَاتٍ حَجَرٌ.

(قَوْلُهُ: وَحَجَرِ حَدِيدٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْأَحْجَارَ الَّتِي يُتَّخَذُ مِنْهَا الْحَدِيدُ وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ يَصِحُّ الرَّمْيُ بِهَا وَذَكَرَ لِي شَخْصٌ أَنَّ هَذِهِ أَحْجَارٌ مَخْصُوصَةٌ إذَا طُبِخَتْ وَأُضِيفَ لَهَا شَيْءٌ آخَرُ مَعْرُوفٌ تَصِيرُ حَدِيدًا وَذَهَبًا وَفِضَّةً كَالتُّرَابِ الْمَخْصُوصِ الَّذِي يُطْبَخُ فَيَصِيرُ بَارُودًا ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ السُّبْكِيّ نَقْلًا عَنْ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الرَّافِعِيَّ عَلَّلَ الْإِجْزَاءَ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهُ حَجَرٌ فِي الْحَالِ إلَّا أَنَّ فِيهِ حَدِيدًا كَامِنًا يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ بِالْعِلَاجِ اهـ. فَلِلَّهِ الْحَمْدُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ فَإِنَّ ظَاهِرَ مَا حَكَاهُ أَنَّهُ ذَكَرَهُ لَهُ يُخَالِفُ مَا حَكَاهُ السُّبْكِيُّ عَنْ تَعْلِيلِ الرَّافِعِيِّ كَمَا لَا يَخْفَى وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي حَجَرِ الْحَدِيدِ يُقَالُ مِثْلُهُ فِي حَجَرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الطَّبْخِ) يَحْتَمِلُ أَنَّ حَجَرَ الْجِصِّ قَبْلَ الطَّبْخِ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ قَصْدُ الْمَرْمَى إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ رَمَى إلَى الْعَلَمِ الْمَنْصُوبِ فِي الْجَمْرَةِ أَوْ الْحَائِطِ الَّتِي بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَأَصَابَهُ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْمَرْمَى لَا يُجْزِئُ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ فِيهِ بِفِعْلِهِ مَعَ قَصْدِ الرَّمْيِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالثَّانِي مِنْ احْتِمَالَيْهِ أَقْرَبُ اهـ كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا يَخْفَى عَدَمُ مُنَاسَبَةِ احْتِمَالِهِ الثَّانِي لِاشْتِرَاطِهِ قَصْدَ الْمَرْمَى فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ احْتِمَالِهِ الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ رَمَى فِي الْهَوَاءِ بِقَصْدِ أَنْ يَقَعَ فِي الْمَرْمَى أَجْزَأَ وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ؛ لِأَنَّهُ قَاصِدُ الْمَرْمَى فِي الْحَقِيقَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ -.

ــ

[حاشية الشربيني]

إلَّا أَنْ لُوحِظَ الْمُضَافُ الْمَحْذُوفُ خِلَافًا لِلشَّرْحِ فَتَدَبَّرْ. وَقَوْلُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَيَكُونُ تَحْدِيدُ الْأَزْرَقِيِّ لِذَلِكَ الْوَادِي ظَاهِرَهُ أَنَّ هَذَا الْوَادِيَ هُوَ الَّذِي يُسْرِعُونَ فِيهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ رَمْيَةَ الْحَجَرِ لَا تَسْتَوْعِبُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِهِ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ النَّصَارَى إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ حَجَرٍ لِلْعُبَابِ وَلِأَنَّ نَصَارَى الْعَرَبِ كَانَ مُحَسِّرٌ مَوْقِفَهُمْ اهـ أَيْ: كَانُوا يَقِفُونَ فِيهِ بَدَلَ عَرَفَاتٍ.

. (قَوْلُهُ: مُنْطَبِعَةٍ) أَيْ: بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ وَإِنْ كَانَتْ قِطْعَةَ ذَهَبٍ خَالِصَةٍ مِنْ الْحَجَرِ فَإِنْ كَانَتْ بِحَجَرِهَا أَجْزَأَتْ. اهـ. تَقْرِيرُ قُوَيْسَنِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَبِالْمُتَنَجِّسِ) وَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِغَسْلَةٍ إنْ لَمْ تُؤْخَذْ مِنْ مَوْضِعٍ نَجِسٍ يُورِثُهُ اسْتِقْذَارًا كَالْحَشِّ وَإِلَّا لَمْ تَزَلْ بِهِ حَجَرٌ شَرْحُ عب. (قَوْلُهُ: وَبِالْمَأْخُوذِ مِنْ الْحِلِّ) عَلَّلَهُ حَجَرٌ بِإِدْخَالِهِ الْحَرَمَ مَا لَيْسَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: جُزْءًا مِنْهُ) مِثْلُهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَالْمُشْتَرَى لَهُ وَكَذَا مَا فِيهِ نَفْعٌ لَهُ وَلِلْمُصَلِّينَ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَرُمَ) أَيْ: مَعَ الْإِجْزَاءِ. اهـ. شَيْخُنَا ذ. (قَوْلُهُ: لِمَا قِيلَ إلَخْ) قَدْ شُوهِدَ ذَلِكَ لِشَيْخِ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ كَرَامَةً. اهـ. مَدَنِيٌّ وَيَشْهَدُ الْحِسُّ بِذَلِكَ شَهَادَةً لَا رَيْبَ فِيهَا لِأَحَدٍ فَإِنَّهُ يَجْتَمِعُ بِمِنًى كُلَّ عَامٍ فَوْقَ سِتِّمِائَةِ أَلْفٍ وَيَرْمِي كُلُّ وَاحِدٍ سَبْعِينَ حَصَاةً مِنْ لَدُنْ إبْرَاهِيمَ إلَى الْآنَ ثُمَّ لَا يَظْهَرُ لَهُ ارْتِفَاعٌ مِنْ الْأَرْضِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَقْبُولَ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَكْثَرُ مِنْ الْمَرْدُودِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.

(قَوْلُهُ: لِمَا قِيلَ إلَخْ) رَوَى الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ «مَا يُقْبَلُ مِنْهَا رُفِعَ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَرَأَيْتهَا مِثْلَ الْجِبَالِ» فِي رِوَايَةٍ «لَسَدَّ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ» وَفِي الْمَجْمُوعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>