للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَصَاتَيْنِ دُفْعَةً وَاحِدَةً إحْدَاهُمَا بِالْيُمْنَى وَالْأُخْرَى بِالْيُسْرَى لَمْ يُحْسَبْ لَهُ إلَّا وَاحِدَةٌ بِالِاتِّفَاقِ.

وَهَذِهِ وَارِدَةٌ عَلَى النَّاظِمِ وَأَصْلِهِ وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُمَا بِالرَّمْيِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي وَضْعُ الْحَجَرِ فِي الْمَرْمَى وَهُوَ كَذَلِكَ وَيُشْتَرَطُ قَصْدُ الْمَرْمَى فَلَوْ رَمَى فِي الْهَوَاءِ فَوَقَعَ فِيهِ لَمْ يَكْفِ وَحُصُولُ الْحَجَرِ فِيهِ فَلَوْ شَكَّ فِيهِ لَمْ يَكْفِ وَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاؤُهُ فِيهِ فَلَوْ تَدَحْرَجَ لَمْ يَضُرَّ وَلَا كَوْنُ الرَّامِي خَارِجًا عَنْ الْجَمْرَةِ فَلَوْ وَقَفَ فِي طَرَفٍ مِنْهَا وَرَمَى إلَى طَرَفٍ آخَرَ أَجْزَأَهُ وَيَجِبُ كَوْنُ الرَّمْيِ بِالْيَدِ فَلَا يُجْزِئُ بِقَوْسٍ أَوْ رِجْلٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُسَنُّ أَنْ يَغْسِلَ حَصَا الْجِمَارِ وَأَنْ لَا يَكْسِرَهَا (وَلِلرَّمْيِ) أَيْ: لِابْتِدَائِهِ (قَطَعْ) أَيْ: الرَّامِي (تَلْبِيَةً) لِأَخْذِهِ فِي أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ هَذَا إنْ سَلَكَ الْأَفْضَلَ مِنْ تَقْدِيمِ الرَّمْيِ فَلَوْ قَدَّمَ الطَّوَافَ أَوْ الْحَلْقَ عَلَيْهِ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ مِنْ حِينَئِذٍ (وَعِنْدَ كُلٍّ) مِنْ الرَّمَيَاتِ (كَبَّرَا) مَكَانَ التَّلْبِيَةِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّمْيَ وَاجِبٌ لَكِنْ لَمَّا جُبِرَ بِالدَّمِ جَرَى مَجْرَى الْأَبْعَاضِ فِي الصَّلَاةِ وَلِهَذَا ذَكَرَهُ فِي النَّظْمِ وَأَصْلِهِ فِي السُّنَنِ (وَبَعْدَهُ) أَيْ: الرَّمْيِ (الْهَدْيُ هُنَاكَ) أَيْ: بِمِنًى (نَحَرَا) إنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ.

(وَبِمِنًى يَحْلِقُ) الرَّجُلُ أَوْ يُقَصِّرُ (وَلْنُقَصِّرْ) الْمَرْأَةُ وَكَذَا الْخُنْثَى (وَلِطَوَافِ الرُّكْنِ) الْمُسَمَّى أَيْضًا بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالزِّيَارَةِ وَالْفَرْضِ وَالصَّدَرِ بِفَتْحِ الدَّالِ (بِالْعَوْدِ مُرْ لِمَكَّة) بِصَرْفِهَا لِلْوَزْنِ أَيْ: وَمُرْ أَنْت الرَّامِيَ بِعَوْدِهِ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ لِطَوَافِ الرُّكْنِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَيَسْعَى بَعْدَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ كَمَا مَرَّ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَطُوفَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَشْرَبَ مِنْ سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَطْلَقَ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ الْعَوْدَ إلَى مَكَّةَ عَلَى مَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ تَغْلِيبًا أَوْ حَمْلًا لِلْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ إذْ الْعَوْدُ يُقَالُ عَلَى الرُّجُوعِ وَعَلَى الصَّيْرُورَةِ ابْتِدَاءً كَمَا يُقَالُ عَادَ عَلَيَّ مِنْ فُلَانٍ مَكْرُوهٌ أَيْ: صَارَ إلَيَّ مِنْهُ الْمَكْرُوهُ ابْتِدَاءً كَمَا قَدَّمْته فِي بَابِ الْجُمُعَةِ وَقَدْ قِيلَ: بِالْمَعْنَيَيْنِ فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٍ عَنْ الْمُسْتَكْبِرِينَ مِنْ قَوْمِ شُعَيْبٍ {لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} [الأعراف: ٨٨] إذْ شُعَيْبُ لَمْ يَكُنْ فِي مِلَّتِهِمْ قَطُّ لَكِنْ غَلَّبُوا الْجَمَاعَةَ عَلَى الْوَاحِدِ فَخُوطِبَ هُوَ وَقَوْمُهُ بِخِطَابِهِمْ أَوْ اسْتَعْمَلُوا الْعَوْدَ بِمَعْنَى الصَّيْرُورَةِ ابْتِدَاءً.

وَغُلِّبَ الْوَاحِدُ لِعَظَمَةٍ هُنَا عَلَى الْجَمَاعَةِ أَيْ: أَوْ لَتَصِيرَنَّ فِي مِلَّتِنَا وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ فِي الْآيَةِ أَيْضًا الْمَعْنَيَانِ مَعًا إعْمَالًا لِلْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ (وَبَعْدَهَا) أَيْ: مَكَّةَ أَيْ: بَعْدَ طَوَافِهِ بِهَا مُرْهُ بِالْعَوْدِ مِنْهَا (إلَى مِنَى) فَلْيُصَلِّ بِهَا الظُّهْرَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفَاضَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فِي الصَّلَاةِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْأَبْعَاضِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ قِيلَ بِالْمَعْنَيَيْنِ) الْمُتَبَادِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعْنَيَيْنِ التَّغْلِيبُ وَحَمْلُ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ لَكِنَّهُ قَدَّرَ الْأَوَّلَ وَهُوَ التَّغْلِيبُ بِوَجْهَيْنِ تَغْلِيبِ الْعَوْدِ بِمَعْنَى الرُّجُوعِ وَتَغْلِيبِ الْعَوْدِ بِمَعْنَى الصَّيْرُورَةِ فَفِي الْأَوَّلِ تَغْلِيبُ الْأَكْثَرِ وَفِي الثَّانِي تَغْلِيبُ الْأَعْظَمِ وَأَمَّا الْمَعْنَى الثَّانِي فَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَتَجُوزُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَغَلَّبَ الْوَاحِدَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِ النُّحَاةِ أَنَّ عَادَ يَكُونُ بِمَعْنَى صَارَ كَوْنُهَا لِكَوْنِ الصَّيْرُورَةِ لَا تُفِيدُ الِابْتِدَاءَ وَعَلَى هَذَا فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّغْلِيبِ فَلْيُتَأَمَّلْ -.

ــ

[حاشية الشربيني]

رُوِيَ هَذَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا. (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ قَصْدُ الْمَرْمَى) وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا عَدَمُ الصَّارِفِ فَلَوْ قَصَدَ الْمَرْمَى لِغَرَضٍ آخَرَ لَمْ يَكْفِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ جَمِيعَ الْأَرْكَانِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ عَدَمِ الصَّارِفِ مَا عَدَا الْوُقُوفَ كَمَا نُقِلَ عَنْ م ر. (قَوْلُهُ: قَصْدُ الْمَرْمَى) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْفِي حِينَئِذٍ وَلَوْ رَمَى مِنْ أَعْلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ م ر أَيْضًا وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَيَجِبُ رَمْيُهَا مِنْ بَطْنِ الْوَادِي وَلَا يَجُوزُ مِنْ أَعْلَى الْجَبَلِ خَلْفَهَا اهـ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ بِمَعْنَى فِي وَافَقَ غَيْرَهُ وَإِلَّا كَانَ بَعِيدَ الْوَجْهِ جِدًّا فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ بَعْدَ قَوْلِ الْعُبَابِ وَهِيَ أَيْ: جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ أَسْفَلُ الْجَبَلِ الْمُسَمَّى بِالْعَقَبَةِ فَوْقَ الطَّرِيقِ الْجَادَّةِ عَنْ يَمِينِ الذَّاهِبِ إلَى مَكَّةَ مَا نَصُّهُ فَعُلِمَ مِنْ أَنَّ مَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ جُهَلَاءِ الْحُجَّاجِ مِنْ رَمْيِهِمْ مِنْ أَعْلَاهَا بَاطِلٌ لِأَنَّهَا لَيْسَ لَهَا إلَّا مَرْمًى وَاحِدٌ وَهُوَ مَا بِأَسْفَلِهَا عَلَى الْجَادَّةِ دُونَ مَا عَدَاهُ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَ الْحَاوِي عَنْ الشَّافِعِيِّ وَلَا يُمْكِنُهُ غَيْرُ ذَلِكَ لِأَنَّهَا عَلَى أَكَمَةٍ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ رَمْيِهَا إلَّا كَذَلِكَ فَإِنْ رَمَاهَا مِنْ فَوْقِهَا وَلَمْ يَرْمِهَا مِنْ بَطْنِ الْوَادِي أَجْزَأَهُ. اهـ. لِأَنَّ مَعْنَاهُ فِيمَا يَظْهَرُ أَنَّهُ جَاءَ مِنْ فَوْقِهَا وَرَمَى إلَى أَسْفَلِهَا إلَّا أَنَّهُ رَمَاهَا مِنْ وَرَائِهَا وَهَذَا ظَاهِرٌ يُوَافِقُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَرَوَيْنَا أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خَافَ الزِّحَامَ فَرَمَاهَا مِنْ فَوْقِهَا إلَى أَسْفَلِهَا اهـ بِاخْتِصَارٍ وَقَوْلُهُ: مِنْ وَرَائِهَا أَيْ: فِي مَوْضِعِ وُقُوفِ الرَّامِي عَلَى الْعَادَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ التُّحْفَةِ خَلْفَهَا أَيْ لَا يَجُوزُ الرَّمْيُ مِنْ أَعْلَى الْجَبَلِ فِي خَلْفِهَا الَّذِي هُوَ مَوْضِعُ وُقُوفِ الرَّامِينَ عَلَى الْعَادَةِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ رَمَى فِي الْهَوَاءِ إلَخْ) أَيْ: مَا لَمْ يَقْصِدْ الْوُقُوعَ فِي الْمَرْمَى بِقُوَّةِ رَمْيِهِ كَمَا نَقَلَهُ سم فِي شَرْحِ ع عَنْ الْمُحِبِّ. (قَوْلُهُ إلَى طَرَفٍ آخَرَ) خَرَجَ مَا لَوْ رَمَى تَحْتَ رِجْلَيْهِ فَلَا يَكْفِي إلَّا أَنْ سُمِّيَ رَمْيًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: أَوْ رِجْلٍ) قَالَ حَجَرٌ يُجْزِئُ عِنْدَ الْعَجْزِ وَمِثْلُهُ الرَّمْيُ بِالْفَمِ لَكِنْ سَكَتَ عَنْهُ م ر فِي شَرْحِهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَكْفِي إلَّا أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>