للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَوْمَ النَّحْرِ إلَى الْبَيْتِ فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ» لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَفَاضَ قَبْلَ الزَّوَالِ فَطَافَ وَصَلَّى الظُّهْرَ بِمَكَّةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا ثُمَّ رَجَعَ إلَى مِنًى فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ مَرَّةً أُخْرَى إمَامًا لِأَصْحَابِهِ كَمَا صَلَّى بِهِمْ فِي بَطْنِ نَخْلٍ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِطَائِفَةٍ وَمَرَّةً بِأُخْرَى فَرَوَى ابْنُ عُمَرَ صَلَاتَهُ بِمِنًى وَجَابِرٌ صَلَاتَهُ بِمَكَّةَ وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَّرَ طَوَافَ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى اللَّيْلِ» فَجَوَابُهُ أَنَّ رِوَايَاتِ غَيْرِهِ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ وَأَكْثَرُ رُوَاةً وَأَنَّهُ يُتَأَوَّلُ قَوْلُهُ أَخَّرَ طَوَافَ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى اللَّيْلِ بِطَوَافِ نِسَائِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: هَذَا التَّأْوِيلُ يَرُدُّهُ رِوَايَةُ «وَزَارَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ نِسَائِهِ لَيْلًا» قُلْنَا لَعَلَّهُ عَادَ لِلزِّيَارَةِ لَا لِلطَّوَافِ فَزَارَ مَعَ نِسَائِهِ ثُمَّ عَادَ إلَى مِنًى فَبَاتَ بِهَا (وَبَاتَ) وُجُوبًا (فِي لَيْلَاتِ تَشْرِيقٍ هُنَا) أَيْ: بِمِنًى إلَّا أَنْ يَنْفِرَ فِي ثَانِي أَيَّامِهَا فَيَسْقُطُ مَبِيتُ الثَّالِثَةِ كَمَا سَيَأْتِي وَيَحْصُلُ الْمَبِيتُ بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ بِسَاعَةٍ فِي نِصْفِهِ الثَّانِي بِمُزْدَلِفَةَ عَلَى مَا مَرَّ؛ لِأَنَّ نَصَّ الشَّافِعِيِّ وَقَعَ فِيهَا بِخُصُوصِهَا إذْ بَقِيَّةُ الْمَنَاسِكِ يَدْخُلُ وَقْتُهَا بِالنِّصْفِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ مُشِقَّةٌ فَسُومِحَ فِي التَّخْفِيفِ لِأَجْلِهَا (وَبَيْنَ مَا زَالَتْ) أَيْ: الشَّمْسُ (إلَى الْغُرُوبِ) الْمُنَاسِبِ لِبَيْنَ وَالْغُرُوبُ بِالْوَاوِ وَكَمَا عَبَّرَ بِهَا الْحَاوِي (بِكُلِّ جَمْرَةٍ مَعَ التَّرْتِيبِ فَلْيَرْمِ سَبْعًا كُلَّ يَوْمٍ) أَيْ: وَبَيْنَ الزَّوَالِ وَالْغُرُوبِ فَلْيَرْمِ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إنْ لَمْ يَنْفِرْ فِي الثَّانِي مِنْهَا كَمَا سَيَأْتِي سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي كُلٍّ مِنْ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ مَعَ مُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ بِأَنْ يَبْدَأَ بِاَلَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخِيفِ ثُمَّ بِالْوُسْطَى ثُمَّ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ حَتَّى لَا يَعْتَدَّ بِرَمْيِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْأُولَى وَلَا بِالثَّالِثَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْأُولَيَيْنِ.

فَرَمَيَاتُ كُلِّ يَوْمٍ إحْدَى وَعِشْرُونَ وَمَجْمُوعُهَا بِرَمَيَاتِ يَوْمِ النَّحْرِ سَبْعُونَ وَخَرَجَ بِبَيْنَ الزَّوَالِ وَالْغُرُوبِ غَيْرُهُ فَلَا يَرْمِي فِيهِ أَيْ: اخْتِيَارًا لَا جَوَازًا لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الرَّمْيَ الْمُتَدَارَكَ فِي بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ يَقَعُ أَدَاءً نَعَمْ رَمْيُ كُلِّ يَوْمٍ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى زَوَالِ شَمْسِهِ وَبِغُرُوبِ شَمْسِ الثَّالِثِ يَفُوتُ جَمِيعُ الرَّمْيِ وَيُسَنُّ أَنْ يَرْمِيَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ إلَّا يَوْمَ النَّحْرِ فَيَجْعَلُهَا عَنْ يَسَارِهِ وَالْجَمْرَةَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَأَنْ يَرْمِيَ فِي آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ رَاكِبًا كَيَوْمِ النَّحْرِ وَفِي الْبَاقِي مَاشِيًا.

(وَلْيُنِبْ) وَلَوْ بِأُجْرَةٍ (فِي الرَّمْيِ لَا) فِي (التَّكْبِيرِ مَنْ عَنْهُ غَلَبْ) أَيْ: مَنْ غَلَبَ عَنْ الرَّمْيِ (لِعِلَّةٍ) كَمَرَضٍ وَحَبْسٍ وَلَوْ بِحَقٍّ كَمَا نُقِلَ فِي الْمَجْمُوعِ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ لَكِنْ شَرَطَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنْ يُحْبَسَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَذَكَرَ أَنَّ الْبَنْدَنِيجِيَّ حَكَاهُ عَنْ النَّصِّ (لَا يُرْتَجَى أَنْ تُعْدَمَا) أَيْ: الْعِلَّةُ لَا يُرْتَجَى عَدَمُهَا أَيْ: زَوَالُهَا (قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ رَمْيِ) خَشْيَةَ فَوَاتِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ إلَخْ) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَ هَذَا وَالْجَمِيعُ بِهَذَا قَدْ يُؤَثِّرُ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِرِوَايَةِ أَنَّ عُمَرَ. (قَوْلُهُ: الْمُنَاسِبِ لِبَيْنَ إلَخْ) تَوْجِيهُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَدَّرَ مُضَافٌ أَيْ: وَبَيْنَ إجْزَاءِ وَقْتِ مَا زَالَتْ إلَى الْغُرُوبِ كَمَا قَالُوا فِي قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ. (قَوْلُهُ: بِكُلِّ جَمْرَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَيَلْزَمُ وَالْبَاءُ لِلظَّرْفِيَّةِ.

ــ

[حاشية الشربيني]

الرَّمْيَ بِالْقَوْسِ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ بِالرِّجْلِ وَبِالرِّجْلِ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ بِالْفَمِ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: فَلْيَرْمِ سَبْعًا) وَالْقَصْدُ بِالرَّمْيِ إحْيَاءُ مَآثِرِ سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ بِتَذَكُّرِ مَا وَقَعَ لَهُ مَعَ إبْلِيسَ لَمَّا أَرَادَ ذَبْحَ وَلَدِهِ بِأَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى فَحَصَبَهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى سَاخَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ عِنْدَ الْوُسْطَى فَحَصَبَهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى سَاخَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ عِنْدَ الْأَخِيرَةِ فَحَصَبَهُ بِسَبْعٍ حَتَّى سَاخَ وَلَمْ يَعُدْ وَلِذَا قَالَ الْحَلِيمِيُّ يَنْوِي الرَّامِي عِنْدَ رَمْيِهِ أَنَّهُ يُجَاهِدُ الشَّيْطَانَ وَيَقُولُ إنْ ظَهَرْت لِي حَصَبْتُك هَكَذَا وَفِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ هُنَاكَ لِيُدْخِلَ عَلَيْهِ فِي حَجِّهِ شُبْهَةً فَأَمَرَهُ اللَّهُ بِرَمْيِهِ بِالْحِجَارَةِ طَرْدًا لَهُ. اهـ. شَرْحُ عب بِاخْتِصَارٍ.

(قَوْلُهُ: مَسْجِدَ الْخِيفِ) نِسْبَةٌ إلَى مَحَلِّهِ لِأَنَّ الْخِيفَ اسْمٌ لِمَكَانٍ ارْتَفَعَ عَنْ الْمُسَبَّلِ وَانْحَطَّ عَنْ غِلَظِ الْجَبَلِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ إلَخْ) يُفِيدُ جَوَازَ تَقْدِيمِهِ عَلَى زَوَالِ شَمْسِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ فَيَجْعَلُهَا عَنْ يَسَارِهِ إلَخْ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَاخْتُصَّتْ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ فِي هَذَا الْيَوْمِ لِانْفِرَادِهَا فِيهِ عَنْ الْأَخِيرَتَيْنِ فَمُيِّزَتْ بِكَيْفِيَّةٍ تَخُصُّهَا لِيَظْهَرَ تَمْيِيزُهَا بِخِلَافِهَا فِي الْبَقِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمَّا اجْتَمَعَتَا مَعَهَا لَمْ يَكُنْ لِتَمَيُّزِهَا عَلَيْهِمَا مَعْنًى. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.

. (قَوْلُهُ: وَلْيُنِبْ فِي الرَّمْيِ) ذِكْرُهُمْ الِاسْتِبَانَةَ لِلْعَاجِزِ عَنْ الرَّمْيِ وَسُكُوتُهُمْ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَوَاجِبَاتِهِ يَقْتَضِي عَدَمَ الِاسْتِنَابَةِ فِيهَا وَيُصَرِّحُ بِهِ مَا قَالُوهُ فِي الْحَائِضِ مِنْ أَنَّ الطَّوَافَ يَبْقَى فِي ذِمَّتِهَا وَلَمْ يَقُولُوا يَجُوزُ اسْتِنَابَتُهَا فِيهِ فَرَاجِعْهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: لَا التَّكْبِيرِ) أَيْ: إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَإِلَّا كَبَّرَ النَّائِبُ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: كَمَرَضٍ) قَالَ فِي الْإِيعَابِ بِخِلَافِ قَادِرٍ عَادَتُهُ الْإِغْمَاءُ قَالَ لِآخَرَ إذَا أُغْمِيَ عَلَيَّ فَارْمِ عَنِّي فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ فَإِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ دَمٌ وَلَوْ اعْتَادَ طُرُوُّهُ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَبَقَاءَهُ إلَى آخِرِهِ وَإِنْ كَانَ لُزُومُ الدَّمِ لَهُ مُشْكِلًا لَكِنْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا نَادِرٌ فِي هَذَا الْجِنْسِ. (قَوْلُهُ: لَا يُرْتَجَى زَوَالُهَا) وَيَكْفِي قَوْلُ طَبِيبٍ أَوْ مَعْرِفَةُ نَفْسِهِ وَفَارَقَ الْمَرَضَ الْمَخُوفَ حَيْثُ اُشْتُرِطَ فِيهِ اثْنَانِ بِأَنَّ فِيهِ حَقًّا لِآدَمِيٍّ وَهُوَ الْوَارِثُ بِخِلَافِهِ هُنَا اهـ حَجَرٌ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>