للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَبْعِيضِ الدَّمِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ التَّرْكُ مِنْ الْجَمْرَةِ الْأَخِيرَةِ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ وَإِلَّا فَالْمَتْرُوكُ أَكْثَرُ مِنْ رَمْيَةٍ وَرَمْيَتَيْنِ لِمُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ فَالْوَاجِبُ دَمٌ وَلَا فَرْقَ فِي تَرْكِ مَا ذُكِرَ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ (كَفِي) أَيْ: كَمَا يَجِبُ الدَّمُ وَالْمُدُّ فِي (حَلْقٍ يُذَمْ) بِهِ الْمُحْرِمُ فَفِي حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ أَوْ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الرَّأْسِ بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ دَمٌ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا سَيَأْتِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ} [البقرة: ١٩٦] أَيْ: شَعْرَهَا الصَّادِقَ بِثَلَاثٍ عَلَى مَا مَرَّ {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} [البقرة: ١٩٦] أَيْ: فَحَلَقَ فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَإِذَا وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ مَعَ الْعُذْرِ فَبِدُونِهِ أَوْلَى وَقِيسَ بِالرَّأْسِ غَيْرُهُ بِجَامِعِ التَّرَفُّهِ هَذَا إذَا حَلَقَ الثَّلَاثَ دُفْعَةً وَاحِدَةً بِمَكَانٍ وَاحِدٍ فَإِنْ فَرَّقَ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا فَسَيَأْتِي وَفِي شَعْرِهِ مُدٌّ وَشَعْرَتَيْنِ مُدَّانِ لِمَا مَرَّ فِي الرَّمْيَةِ وَالرَّمْيَتَيْنِ وَلِأَنَّهُ قَدْ عُهِدَ تَعْدِيلُ الْجُبْرَانِ بِالطَّعَامِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ وَغَيْرِهِ وَالشَّعْرَةُ نِهَايَةُ الْقِلَّةِ فَقُوبِلَتْ بِأَقَلِّ وَاجِبٍ فِي الْكَفَّارَةِ وَهُوَ الْمُدُّ وَبَحَثَ الْمُتَوَلِّي إيجَابَ صَاعٍ أَوْ صَوْمَ يَوْمٍ؛ لِأَنَّ الدَّمَ مُقَابَلٌ فِي فِدْيَةِ الْحَلْقِ بِثَلَاثَةِ آصُعٍ أَوْ صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَكَالشَّعْرَةِ فِيمَا ذُكِرَ بَعْضُهَا وَالْمُرَادُ مِنْ الْحَلْقِ الْإِبَانَةُ كَمَا عَبَّرَ بِهَا فِي مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ " يُذَمُّ " الْحَلْقُ الْوَاقِعِ فِي أَوَانِهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ لَكِنَّهُ يُوهِمُ خُرُوجَ الْحَلْقِ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ لِعُذْرٍ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ مَدْفُوعٌ بِقَوْلِهِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي كَالْحَلْقِ دُونَ الْوَقْتِ لِلتَّأَلُّمِ فَالْمُرَادُ حَلْقٌ يُذَمُّ بِهِ بِلَا تَأَلُّمٍ.

(وَالثَّانِ مِنْ قَبْلِ غُرُوبِهِ نَفَرْ) أَيْ: وَمَنْ نَفَرَ قَبْلَ

ــ

[حاشية العبادي]

الدَّمَ أَوْ الْإِطْعَامَ أَوْ الصِّيَامَ. (قَوْلُهُ: حَلْقٌ يُذَمُّ بِهِ إلَخْ) كَأَنَّ الْمُرَادَ حَلْقٌ يُذَمُّ بِهِ لَوْ خَلَا عَنْ التَّأَلُّمِ فَيَشْمَلُ الْحَلْقَ لِلتَّأَلُّمِ بِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَلْقٌ يُذَمُّ بِهِ لَوْ خَلَا عَنْ التَّأَلُّمِ كَمَا يَشْمَلُ الْحَلْقَ بِغَيْرِ عُذْرٍ إذْ يَصْدُقُ أَنَّهُ حَلْقٌ يُذَمُّ بِهِ لَوْ خَلَا عَنْ التَّأَلُّمِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَبِتْهُمَا) صَادِقٌ بِبَيَاتِ أَحَدِهِمَا وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيُتَّجَهُ طَرْدُ ذَلِكَ فِي الرَّمْيِ أَيْضًا شَرْحُ الرَّوْضِ فَمَنْ لَمْ يَرْمِ الْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لَمْ يَسْقُطْ مَبِيتُ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ وَلَا رَمْيُ يَوْمِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ -

ــ

[حاشية الشربيني]

تَبْعِيضُ الدَّمِ وَكَذَا الصَّوْمُ إذْ يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِهِ تَكْمِيلُ الْمُنْكَسِرِ عَدَلَ إلَى جِنْسٍ آخَرَ أَحَقَّ مِنْهُمَا قَصْدًا إلَى السُّهُولَةِ وَنَزَّلَ الْمَعْدُولَ إلَيْهِ مَنْزِلَةَ أَصْلِ الْمَعْدُولِ عَنْهُ حَتَّى لَيْسَ لِلْقَادِرِ عَلَيْهِ بَدَلُهُ وَهُوَ صَوْمُ ثُلُثِ الْعَشَرَةِ بِخِلَافِ الْعَاجِزِ قَالَهُ ابْنُ الْجَمَّالِ فِي شَرْحِ الْإِيضَاحِ وَتَوْضِيحُهُ أَنَّهُ لَا شُبْهَةَ أَنَّ الْوَاجِبَ أَصَالَةً ثُلُثُ الدَّمِ فِي الْحَصَاةِ وَثُلُثَاهُ فِي الْحَصَاتَيْنِ.

فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ فَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ أَنْ يَكُونَ وَاجِبُهُ صَوْمَ ثُلُثِ الْعَشَرَةِ فِي الْأَوَّلِ وَثُلُثَيْهَا فِي الثَّانِي لَكِنْ أُقِيمَ الْمُدُّ وَالْمُدَّانِ مَقَامَ ثُلُثِ الدَّمِ أَوْ ثُلُثَيْهِ لِعُسْرِ تَبْعِيضِ الدَّمِ لَا أَنَّهُ جُعِلَ بَعْدَهُ فِي الرُّتْبَةِ لِتَخَالُفِ دَمِ التَّرْتِيبِ وَالتَّعْدِيلِ الْآتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِذَا عَجَزَ عَنْ نَحْوِ الْمُدِّ الَّذِي هُوَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الدَّمِ فَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ الدَّمِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ حِينَئِذٍ وَلَا يُخْرِجُهُ هَذَا عَنْ كَوْنِهِ دَمَ تَرْتِيبٍ وَتَقْدِيرٍ إذْ لَيْسَ الصَّوْمُ بَدَلًا عَنْ الْمُدِّ وَالْمُدَّيْنِ بَلْ عَنْ الدَّمِ الْقَائِمِ هُوَ مَقَامَهُ لِلتَّخْفِيفِ وَأَمَّا مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ: وَكَذَا الصَّوْمُ إذْ يَلْزَمُ إلَخْ مِنْ أَنَّ الْمُدَّ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الصَّوْمِ أَيْضًا وَأَنَّهُ عِنْدَ الْعَجْزِ يَرْجِعُ إلَيْهِ فَلَيْسَ بِمُرَادٍ بَلْ إنَّمَا هُوَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الدَّمِ فَقَطْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ ثُلُثَ الدَّمِ فِي الْحَصَاةِ أَجْزَأَ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلَا يُقَالُ يَنْبَغِي الصَّوْمُ إذَا عَجَزَ عَنْهُ بِدُونِ اشْتِرَاطِ الْعَجْزِ عَنْ الْمُدِّ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُدَّ إنَّمَا هُوَ قَائِمٌ مَقَامَهُ سَوَاءٌ فِي حَقِّ مُرِيدِ إخْرَاجِ ثُلُثِ الدَّمِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ الصَّوْمُ إلَّا بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْمُدِّ وَأَجْزَأَ ثُلُثُ الدَّمِ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ أَصْلُهُ. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلرَّاجِحِ فِي حَلْقِ الشَّعْرَةِ وَالشَّعْرَتَيْنِ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ الْمُدُّ وَإِنْ اخْتَارَ الصَّوْمَ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْمَتْرُوكُ إلَخْ) أَيْ: إلَّا يَكُنْ مِنْ الْجَمْرَةِ الْأَخِيرَةِ بِأَنْ كَانَ مِنْ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ وَلَوْ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ فَإِنَّهُ يَلْغُو مَا بَعْدَهَا أَوْ كَانَ مِنْ الْأَخِيرَةِ لَا فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ فَإِنْ رَمَى الْيَوْمَ الَّذِي بَعْدَهُ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ يَلْغُو تَدَبَّرْ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَنْهَجِ قَوْلُهُ: مِنْ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَتْرُوكُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ وَلَوْ رَمْيَةً وَاحِدَةً يَلْزَمُهُ دَمٌ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الرَّمْيِ بَعْدَ ذَلِكَ يُفْسِدُ لِاشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّ الرَّمْيَ بِقَصْدِ الْيَوْمِ لَا يَمْنَعُ مِنْ وُقُوعِهِ عَنْ الْمَاضِي وَهُوَ الصَّحِيحُ أَمْ لَا وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِي الرَّمْيَةِ وَالرَّمْيَتَيْنِ) قَدْ يُقَالُ إنَّ الْعُسْرَ هَذَا غَيْرُ مَوْجُودٍ لِجَوَازِ أَنْ يَخْتَارَ الْإِطْعَامَ أَوْ الصَّوْمَ بَدَلَ الدَّمِ وَلَا تَكْمِيلَ لِمُنْكَسِرٍ هُنَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الشَّعْرَةِ صَاعٌ أَوْ يَوْمٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذِهِ الْكَفَّارَةَ مُخَيَّرٌ فِي جَمِيعِ مَرَاتِبِهَا فَإِنْ اخْتَارَ الدَّمَ لَزِمَ مَا ذُكِرَ وَإِنْ مُنِعَ مِنْهُ بِأَنْ وَجَبَ اخْتِيَارُ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حُكْمَ هَذِهِ الْكَفَّارَةِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى اخْتِيَارِ الدَّمِ أَمَّا عَلَى اخْتِيَارِ الْإِطْعَامِ أَوْ الصَّوْمِ فَوُجُوبُ الصَّاعِ أَوْ صَوْمِ الْيَوْمِ لَيْسَ بَحْثًا لِلْمُتَوَلِّي بَلْ هُوَ قَوْلٌ فِي أَصْلِ الْمَذْهَبِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا. (قَوْلُهُ: إيجَابَ صَاعٍ إلَخْ) أَيْ: حَيْثُ عَسُرَ تَبْعِيضُ الدَّمِ وَفِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْكَفَّارَةَ مُخَيَّرٌ فِي جَمِيعِ أَفْرَادِهَا وَعَلَى مَا بَحَثَهُ يَمْتَنِعُ التَّخْيِيرُ فِي أَوَّلِهَا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ) أَيْ: حَيْثُ كَانَ الْبَعْضُ كَالْكَامِلِ.

. (قَوْلُهُ: مِنْ قَبْلِ غُرُوبِهِ نَفَرَ) أَيْ: بَعْدَ الزَّوَالِ وَالرَّمْيِ أَمَّا إذَا نَفَرَ قَبْلَ الزَّوَالِ سَوَاءٌ أَنَفَرَ فِي يَوْمِ النَّفْرِ الْأَوَّلِ أَوْ فِيمَا قَبْلَهُ فَإِنْ عَادَ وَزَالَتْ الشَّمْسُ

<<  <  ج: ص:  >  >>