للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وُجُوبًا بِطَوَافِ الْوَدَاعِ الْمُسَمَّى أَيْضًا بِطَوَافِ الصَّدَرِ (قَاصِدُ سَيْرِ) مَسَافَةِ (الْقَصْرِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَكَذَا دُونَهَا عَلَى الصَّحِيحِ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ (مِنْ مَكَّةَ) بَعْدَ فَرَاغِ النُّسُكِ إنْ كَانَ فِي نُسُكٍ حَاجًّا كَانَ أَوْ مُعْتَمِرًا مَكِّيًّا أَوْ آفَاقِيًّا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا فَرَغَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ طَافَ لِلْوَدَاعِ» وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ خَبَرَ «لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ» أَيْ: الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَلَا وَدَاعَ عَلَى قَاصِدِ الْإِقَامَةِ وَلَا قَاصِدِ السَّيْرِ قَبْلَ فَرَاغِ الْأَعْمَالِ فَلَا وَدَاعَ عَلَى قَاصِدِ عَرَفَاتٍ نَعَمْ يُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ ثُمَّ قَالَ وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ نَصِّهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَفِيهِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي نَصْرٍ أَنَّهُ لَا وَدَاعَ عَلَى الْمُقِيمِ بِمَكَّةَ الْخَارِجِ إلَى التَّنْعِيمِ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَخَا عَائِشَةَ بِأَنْ يُعْمِرَهَا مِنْ التَّنْعِيمِ وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِوَدَاعٍ» .

وَأَلْحَقَ الْقَمُولِيُّ بِالتَّنْعِيمِ نَحْوَهُ وَهَذَا فِيمَنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ ثُمَّ يَعُودُ وَمَا مَرَّ عَنْهُ أَعْنِي صَاحِبَ الْمَجْمُوعِ فِي الْقَاصِدِ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فِيمَنْ خَرَجَ إلَى مَنْزِلِهِ أَوْ مَحَلٍّ يُقِيمُ فِيهِ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا قَالَ وَلَوْ طَافَ يَوْمَ النَّحْرِ لِلرُّكْنِ ثُمَّ الْوَدَاعِ ثُمَّ أَتَى مِنًى ثُمَّ أَرَادَ النَّفْرَ مِنْهَا فِي وَقْتِهِ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ الطَّوَافُ عَلَى الصَّحِيحِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَطَوَافُ الْوَدَاعِ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ طَوَافٍ آخَرَ (لَا لِحَائِضٍ) بِزِيَادَةِ اللَّامِ أَيْ: وَأُمِرَ بِطَوَافِ الْوَدَاعِ قَاصِدُ السَّيْرِ مِنْ مَكَّةَ لَا الْحَائِضُ لِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ» إلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ. وَعَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ صَفِيَّةَ حَاضَتْ فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَنْصَرِفَ بِلَا وَدَاعٍ» وَلِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْ الْمَسْجِدِ (وَعَادَ لَا إنْ وَصَلَا مِقْدَارَهُ لَهُ) أَيْ: وَعَادَ وُجُوبًا الْخَارِجُ مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنًى بِلَا وَدَاعٍ وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا لِطَوَافِ الْوَدَاعِ إنْ لَمْ يَصِلْ مِقْدَارَ سَيْرِ الْقَصْرِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ بِخِلَافِ مَنْ وَصَلَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِلْمَشَقَّةِ.

فَإِنْ عَادَ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الدَّمُ لِاسْتِقْرَارِهِ بِالسَّيْرِ الطَّوِيلِ بِخِلَافِ مَنْ عَادَ مِنْ دُونِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ فَلَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الدَّمُ فَاسْتِقْرَارُهُ مَوْقُوفٌ عَلَى سَيْرِ الْقَصْرِ كَمَا أَنَّ انْصِرَافَ طَوَافِ الْوَدَاعِ لِلْوَاجِبِ مَوْقُوفٌ عَلَى عَدَمِ الْمُكْثِ بَعْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي وَمَا يُقَالُ مِنْ أَنَّ فِي تَعْلِيلِ سُقُوطِهِ عَنْهُ بِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ نَظَرًا إذَا سَوَّيْنَا بَيْنَ السَّيْرِ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ فِي وُجُوبِ الْوَدَاعِ قَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ فِي اسْتِقْرَارِهِ إشْغَالَ الذِّمَّةِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَعْلِهِ كَالْمُقِيمِ فِي دَفْعِ إشْغَالِهَا جَعْلُهُ كَذَلِكَ فِي دَفْعِ وُجُوبِ طَوَافِ الْوَدَاعِ الْمُنَاسِبِ لِمُفَارَقَةِ مَكَّةَ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَامَ بِمَنْزِلِهِ وَكَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الدَّمُ إلَّا إذَا أَيِسَ مِنْ عَوْدِهِ (وَإِنْ تَطْهُرْ) أَيْ:

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: نَعَمْ يُسَنُّ لَهُ إلَخْ) أَيْ: إنْ كَانَ مَكِّيًّا أَوْ كَانَ آفَاقِيًّا فَلَا يُسَنُّ لِلْمُفْرِدِينَ وَالْقَارِنِينَ الْآفَاقِيِّينَ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَحَلَّلَا مِنْ مَنَاسِكِهِمَا وَلَيْسَتْ مَكَّةُ مَحَلَّ إقَامَتِهِمَا. (قَوْلُهُ: عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِيضَاحِ وَأَمَرَ الْإِمَامُ فِيهَا أَيْ: فِي خُطْبَةِ السَّابِعِ الْمُتَمَتِّعِينَ أَنْ يَطُوفُوا قَبْلَ الْخُرُوجِ وَهَذَا الطَّوَافُ مُسْتَحَبٌّ لَهُمْ لَيْسَ بِوَاجِبٍ قَالَ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ كَذَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ هُنَا بِاسْتِحْبَابِ هَذَا الطَّوَافِ وَكَانَ وَجْهُ تَخْصِيصِ الْمُتَمَتِّعِينَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُفْرِدَ وَالْقَارِنَ مِمَّنْ قَدِمَ مَكَّةَ كَذَلِكَ إنَّمَا يَتَوَجَّهُونَ لِإِتْمَامِ نُسُكِهِمْ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُمْ هَذَا الطَّوَافُ لِلْوَدَاعِ إلَى أَنْ قَالَ السَّيِّدُ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بَعْدَ تَفْسِيرِهِ بِمَا سَبَقَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ وَأَرَادَ الْخُرُوجَ إلَى عَرَفَاتٍ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَخْرُجَ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَيْهِ وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ النَّصِّ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا يُتَصَوَّرُ فِي صُورَتَيْنِ وَهُمَا الْمُتَمَتِّعُ وَالْمَكِّيُّ إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ اهـ. إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ السَّيِّدُ. (قَوْلُهُ السَّابِقُ إنَّمَا يَتَوَجَّهُونَ لِإِتْمَامِ نُسُكِهِمْ) أَيْ: بِخِلَافِ الْمُتَمَتِّعِ فَإِنَّ تَوَجُّهَهُ لِابْتِدَاءِ نُسُكٍ آخَرَ فَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يُوَدِّعَ لِمُشَابَهَتِهِ لِمَنْ قَضَى نُسُكَهُ وَأَرَادَ التَّوَجُّهَ لِبَلَدِهِ كَذَا أَفْصَحَ بِذَلِكَ غَيْرُهُ. (مَنْ عَادَ مِنْ دُونِهِ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ مَنْزِلَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَعَلَى هَذَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: فِي دَفْعِ وُجُوبِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ فِي دَفْعِ الْوُجُوبِ دَفْعُ الِاشْتِغَالِ الْمُوَافِقِ لِأَصْلِ الْبَرَاءَةِ.

ــ

[حاشية الشربيني]

الْجَبَلَيْنِ إلَى الْمَقْبَرَةِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: بِطَوَافِ الْوَدَاعِ) وَيَجِبُ دَمٌ بِتَرْكِ بَعْضِهِ كَتَرْكِ كُلِّهِ وَلَيْسَ كَالرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ لِشَبَهِهِ بِالصَّلَاةِ فَمَنْ تَرَكَ بَعْضَهُ تَرَكَ كُلَّهُ اهـ إرْشَادٌ (قَوْلُهُ: مَسَافَةَ الْقَصْرِ مِنْ مَكَّةَ) أَيْ: لَا الْحَرَمِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: بَعْدَ فَرَاغِ النُّسُكِ) أَمَّا قَبْلَهُ فَطَوَافُهُ لِلْوَدَاعِ عِنْدَ خُرُوجِهِ لِمِنًى أَوْ عَرَفَاتٍ سُنَّةٌ كَذَا وَلَوْ خَرَجَ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَا وَدَاعَ) أَيْ: وَاجِبٌ كَمَا يُفِيدُهُ لَفْظُ عَلَى.

(قَوْلُهُ: يُقِيمُ فِيهِ إلَخْ) أَيْ: إقَامَةً قَاطِعَةً لِلسَّفَرِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْطِنْ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْزِهِ) إذْ لَا يُسَمَّى طَوَافَ وَدَاعٍ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ جَمِيعِ الْمَنَاسِكِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَصِلْ مُقَدَّرَ سَيْرِ الْقَصْرِ) أَيْ: وَلَمْ يَبْلُغْ نَحْوَ وَطَنِهِ مِنْ مَوْضِعٍ قَصَدَ الْإِقَامَةَ فِيهِ نَحْوَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ إذَا كَانَ نَحْوُ الْوَطَنِ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ وَبِرْمَاوِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَزَمَ عَلَى الْإِقَامَةِ بِغَيْرِهَا كَانَ كَالْمُسَافِرِ سَفَرًا طَوِيلًا بِجَامِعِ انْقِطَاعِ نِسْبَةِ كُلٍّ عَنْ مَكَّةَ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ بَيْنَ السَّيْرِ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْقَصِيرَ الَّذِي جُعِلَ كَالطَّوِيلِ إنَّمَا هُوَ السَّفَرُ إلَى وَطَنِهِ أَوْ نَحْوُهُ بِقَصْدِ الْإِقَامَةِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَمَّ سَفَرُهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ لَمْ يَتِمَّ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَحَوَاشِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهَا وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ: لَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الدَّمُ إلَخْ مَمْنُوعٌ تَدَبَّرْ. ثُمَّ رَأَيْت مِثْلَ مَا ذَكَرْته عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ

<<  <  ج: ص:  >  >>