للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِخِلَافِ مَا لَوْ أَبَانَهُ مَجْنُونٌ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ صَبِيٌّ غَيْرُ مُمَيِّزٍ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّ النَّاسِيَ يَعْقِلُ فِعْلَهُ فَيُنْسَبُ إلَى تَقْصِيرٍ بِخِلَافِ هَؤُلَاءِ عَلَى أَنَّ الْجَارِيَ عَلَى قَاعِدَةِ الْإِتْلَافِ لُزُومُهَا لَهُمْ أَيْضًا وَمِثْلُهُمْ فِي ذَلِكَ النَّائِمُ (لَا مَا دَاخِلَ) أَيْ: لَا إبَانَةُ شَعْرٍ نَبَتَ فِي دَاخِلِ (الْجَفْنِ) وَكَانَ (يَضُرْ) بَقَاؤُهُ فَإِنَّهَا لَا تَحْرُمُ وَلَا فِدْيَةَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ مُؤْذٍ بِنَفْسِهِ كَالصَّيْدِ الصَّائِلِ وَمِثْلُهُ إبَانَةُ مَا انْكَسَرَ مِنْ ظُفْرِهِ وَتَأَذَّى بِهِ بِخِلَافِ الْحَلْقِ لِلتَّأَلُّمِ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ كَمَا مَرَّ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ يَضُرُّ الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي إبَانَةُ مَا لَا يَضُرُّ فَتَحْرُمُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ السَّابِقُ.

(وَلَا إذَا شَيْئًا لَهُ شَعْرٌ قَطَعْ أَوْ ظُفُرٌ) ذِكْرُ الظُّفْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ: وَلَا إذَا قَطَعَ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ عَلَيْهِ شَعْرٌ أَوْ ظُفْرٌ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ بِالْإِحْرَامِ وَإِنْ حَرُمَ بِغَيْرِهِ عَلَى الْمُحْرِمِ وَغَيْرِهِ وَلَا فِدْيَةَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَبَعٌ لِقَطْعِ مَا هُوَ عَلَيْهِ كَمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (فَالشَّعْرُ وَالظُّفْرُ تَبَعْ) وَشَبَّهُوهُ بِالزَّوْجَةِ تُقْتَلُ فَلَا يَجِبُ مَهْرُهَا عَلَى الْقَاتِلِ وَلَوْ أَرْضَعَتْهَا زَوْجَتُهُ الْأُخْرَى لَزِمَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ فِي تِلْكَ تَلِفَ تَبَعًا بِخِلَافِهِ فِي هَذِهِ وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا هُنَا فِي هَذِهِ لَزِمَهَا الْمَهْرُ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ وَيُمْكِنُ عَلَى بُعْدٍ حَمْلُهُ عَلَى صَغِيرَةٍ وَطِئَهَا الزَّوْجُ بِأَنْ احْتَمَلَتْهُ (قُلْتَ كَمَا) أَيْ: كَشَعْرٍ (مِنْ حَاجِبَيْهِ) أَوْ رَأْسِهِ (طَالَا) بِحَيْثُ سَتَرَ بَصَرَهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ قَطْعُ السَّاتِرِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُؤْذٍ فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ (وَلَا دَمَ إنْ شَكَّ الِانْسِلَالَا بِالنَّفْسِ أَوْ مُشْطٍ) أَيْ: وَلَا دَمَ عَلَيْهِ فِيمَا لَوْ شَكَّ هَلْ انْسَلَّ شَعْرُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِالْمُشْطِ الَّذِي امْتَشَطَ بِهِ؛ لِأَنَّ النَّتْفَ لَمْ يَتَحَقَّقْ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَيُكْرَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يَمْتَشِطَ وَأَنْ يُفَلِّيَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ وَأَنْ يَحُكَّ شَعْرَهُ لَا جَسَدَهُ بِأَظْفَارِهِ لَا بِأَنَامِلِهِ (وَلَمْ نَكْرَهْ) نَحْنُ (لَهُ) أَيْ: لِلْمُحْرِمِ (وَلَوْ بِخَطْمِيٍّ وَسِدْرٍ) رَقِيقَيْنِ (غُسْلَهُ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَغْتَسِلُ وَهُوَ مُحْرِمٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ لِإِزَالَةِ الْأَوْسَاخِ بِخِلَافِ الدَّهْنِ فَإِنَّهُ لِلتَّنْمِيَةِ كَمَا مَرَّ لَكِنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ بِالْخِطْمِيِّ وَالسِّدْرِ خَوْفَ انْتِتَافِ الشَّعْرِ وَلِأَنَّ فِيهِ تَزْيِينًا وَأَفْهَمَ اقْتِصَارُهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَحْتَجِمَ وَيَفْتَصِدَ مَا لَمْ يَقْطَعْ شَعْرًا أَوْ أَنْ يَنْظُرَ فِي الْمِرْآةِ.

(قُلْتُ وَجَوَّزُوا لَهُ بِمَا لَا يُجْعَلُ فِيهِ الطِّيبُ الِاكْتِحَالَا) أَيْ: جَوَّزُوا لَهُ الِاكْتِحَالَ بِمَا لَا طِيبَ فِيهِ بِلَا كَرَاهَةٍ كَمَا نَقَلَهُ الْمُزَنِيّ لَكِنْ فِي الْإِمْلَاءِ أَنَّهُ يُكْرَهُ وَتَوَسَّطَ قَوْمٌ فَقَالُوا إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ زِينَةٌ كَالتُّوتِيَا لَمْ يُكْرَهْ وَإِنْ كَانَ فِيهِ زِينَةٌ كَالْإِثْمِدِ كُرِهَ إلَّا لِحَاجَةِ رَمَدٍ وَنَحْوِهِ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَصَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ التَّوَسُّطَ وَنَقَلَهُ عَنْ الْجُمْهُورِ وَحُمِلَ النَّصُّ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْكَرَاهَةُ فِي الْمَرْأَةِ أَشَدُّ أَمَّا مَا فِيهِ طِيبٌ فَيَحْرُمُ اكْتِحَالُهُ بِهِ.

. (فَرْعٌ) لِلْمُحْرِمِ دَهْنُ الْحَلَالِ

ــ

[حاشية العبادي]

ذَلِكَ الْفِدْيَةُ وَفِي الرَّوْضِ وَيَضْمَنُهُ أَيْ: الصَّيْدَ مُحْرِمٌ نَسِيَ أَيْ: الْإِحْرَامَ لَا إنْ جُنَّ اهـ وَقَوْلُهُ: نَسِيَ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَمِثْلُهُ الْجَاهِلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَوْلُهُ: لَا إنْ جُنَّ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَمِثْلُهُ لَوْ أَحْرَمَ الْوَلِيُّ عَنْ الْمَجْنُونِ أَوْ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَقَتَلَ صَيْدًا فَلَا يَضْمَنُهُ هُوَ وَلَا الْوَلِيُّ أَخْذًا مِنْ ظَاهِرِ مَا قَدَّمْته فِي إزَالَةِ الشَّعْرِ وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ خِلَافَهُ كَمَا مَرَّ اهـ. وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي مَحَلِّهِ. (قَوْلُهُ: قَوْلٌ مَرْجُوحٌ) أَوْ تَجَوَّزْنَا بِإِطْلَاقِ الْمَهْرِ عَلَى بَعْضِهِ لِظُهُورِ الْمُرَادِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: كَشَعْرٍ) فَمَا نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ بِطَالَ. (قَوْلُهُ: مِنْ حَاجِبَيْهِ) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ طَالَ. (قَوْلُهُ: لَا بِأَنَامِلِهِ) قَدْ يَشْتَدُّ الْحَكُّ بِالْأَنَامِلِ حَتَّى يَصِيرَ مَظِنَّةَ نَتْفِ الشَّعْرِ بَلْ قَدْ يَغْلِبُ مِنْهُ الِانْتِتَافُ فَلَا يَبْعُدُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ كَالْحَكِّ بِالْأَظْفَارِ سم. (قَوْلُهُ: غُسْلَهُ) ظَاهِرُ

ــ

[حاشية الشربيني]

بَلْ عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْجَارِيَ إلَخْ) لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُكَلَّفِ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا خَالَفُوا فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَمِثْلُهُمْ النَّائِمُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ فِعْلَهُمْ فَلَا يُنْسَبُونَ إلَى تَقْصِيرٍ أَلْبَتَّةَ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ وَلَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ مَعَ كَوْنِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَإِلَّا أَشْكَلَ بِحَقِّ الْآدَمِيِّ الْمُتْلِفِ لِهَؤُلَاءِ اهـ ثُمَّ رَأَيْت ع ش كَتَبَ عَلَى قَوْلِ م ر عَلَى أَنَّ الْجَارِيَ إلَخْ مَا نَصُّهُ لَكِنْ لَمَّا كَانَ فِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ خُفِّفَ عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَالسَّبَبُ فِي خُرُوجِ ذَلِكَ عَنْ الْقَاعِدَةِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: نَبَتَ فِي دَاخِلِ الْجَفْنِ) وَمِمَّا جَرَّبَ لِإِزَالَتِهِ دَهْنَهُ بَعْدَ نَتْفِهِ بِالزَّبَادِ أَوْ بِدَمِ الضِّفْدَعِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِنْ خَوَاصِّ الْيَرْبُوعِ كَمَا قَالَهُ الدَّمِيرِيِّ أَنَّهُ إذَا نَتَفَ الشَّعْرَ الَّذِي يَنْبُتُ فِي الْعَيْنِ وَدَهَنَ مَكَانَهُ بِدَمِ الْيَرْبُوعِ فَإِنَّهُ لَا يَنْبُتُ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْيَرْبُوعُ حَيَوَانٌ صَغِيرٌ يُشْبِهُ الْفَأْرَ أَبْيَضُ الْبَطْنِ أَغْبَرُ الظَّهْرِ قَالَهُ الشَّيْخُ الْحِفْنِيُّ. اهـ. جَمَلٌ. (قَوْلُهُ: وَكَانَ يَضُرُّ بَقَاؤُهُ) وَإِنْ قَلَّ التَّأَذِّي بِهِ. اهـ. ع ش. اهـ. شَيْخُنَا ذ. (قَوْلُهُ: مَا انْكَسَرَ) وَلَوْ قُطِعَ مَعَ الشَّعْرِ أَوْ الظُّفْرِ الْمُؤْذِي مَا لَا يَتَأَتَّى قَطْعُ الْمُؤْذِي إلَّا بِهِ جَازَ وَلَزِمَتْ الْفِدْيَةُ. اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ فِي شَرْحِ الْإِيضَاحِ. (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ) إلَّا إنْ تَوَقَّفَتْ إزَالَةُ مَا يَضُرُّ عَلَى إزَالَتِهِ فَلَا يَحْرُمُ وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ. (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ إلَخْ) وَمَنَعَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ الِامْتِشَاطَ مُطْلَقًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) دَلِيلٌ لِجَوَازِ أَصْلِ الْغُسْلِ وَمَا بَعْدَهُ دَلِيلٌ لِلْغَايَةِ.

. (قَوْلُهُ: لِلْمُحْرِمِ إلَخْ) لِلْمُحْرِمِ وَالْحَلَالِ أَيْضًا إبَانَةُ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ مِنْ الْمُحْرِمِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْحَلْقِ مِنْ حَيْثُ انْتِفَاءُ حُرْمَةِ الْإِحْرَامِ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّمَا يُتَّجَهُ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي وُقُوعِ الْحَلْقِ عَنْ النُّسُكِ قَصْدُ الْمَحْلُوقِ وَإِلَّا فَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِهِ تَحَلُّلٌ فَتَجِبُ الْفِدْيَةُ عَلَى الْحَالِقِ وَإِنْ دَخَلَ وَقْتُ التَّحَلُّلِ قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ عب وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>