للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُجُوبِ الْفِدْيَةِ، وَالْفِدْيَةُ تَجِبُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ دُونَ الْأُولَيَيْنِ وَعَلَى قَوْلِ النَّوَوِيِّ فِي الْأَخِيرَةِ دُونَ الثَّلَاثِ قَبْلَهَا. .

(وَدَهْنِ رَأْسٍ) بِفَتْحِ الدَّالِ (وَلِحًى) بِكَسْرِ اللَّامِ وَضَمِّهَا جَمْعُ لِحْيَةٍ بِكَسْرِهَا أَيْ: وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَلَوْ امْرَأَةً تَدْهِينُ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ (وَإِنْ حَلَقْ) بِأَيِّ دُهْنٍ كَانَ مِنْ سَمْنٍ وَزُبْدٍ وَزَيْتٍ وَذَائِبِ شَحْمٍ وَشَمْعٍ وَغَيْرِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ طِيبٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَزْيِينِ الشَّعْرِ وَتَنْمِيَتِهِ الْمُنَافِيَيْنِ لِخَبَرِ «الْمُحْرِمُ أَشْعَثُ أَغْبَرُ» أَيْ: شَأْنُهُ الْمَأْمُورُ بِهِ ذَلِكَ بِخِلَافِ اللَّبَنِ وَإِنْ كَانَ يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ السَّمْنُ وَخَرَجَ بِالتَّدْهِينِ الْأَكْلُ فَلَا يَحْرُمُ (لَا دَهْنِ رَأْسِ) شَخْصٍ (أَصْلَعَ) بِصَرْفِهِ لِلْوَزْنِ وَهُوَ الَّذِي انْحَسَرَ شَعْرُ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ وَالْمُرَادُ لَا دَهْنُ مَوْضِعِ صَلَعِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ وَكَذَا دَهْنُ رَأْسِ أَقْرَعَ وَذَقَنِ أَمْرَدَ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى بِخِلَافِ الْمَحْلُوقِ لِتَأْثِيرِ الدُّهْنِ فِيمَا يَنْبُتُ (وَ) لَا دَهْنُ (مَا بَطْن مِنْ رَأْسِ مَشْجُوجٍ) وَلَا دَهْنُ (وَسَائِرِ الْبَدَنْ) شَعْرًا وَبَشَرًا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إذْ لَا يُقْصَدُ بِهِ التَّزَيُّنُ.

لَكِنْ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ غَيْرَ اللِّحْيَةِ مِنْ شَعْرِ الْوَجْهِ كَالْحَاجِبِ وَالشَّارِبِ وَالْعَنْفَقَةِ وَالْعِذَارَيْنِ كَاللِّحْيَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَقَوْلُ النَّظْمِ وَمَا بَطَنَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا) يَحْرُمُ (الْخِضَابُ) لِشَعْرِهِ بِالْحِنَّاءِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَمِّي الشَّعْرَ وَلَيْسَ تَطْيِيبًا وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ «أَنَّ نِسَاءَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُنَّ يَخْتَضِبْنَ بِالْحِنَّاءِ وَهُنَّ مُحْرِمَاتٌ» .

(وَ) يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ (إبَانَةُ الظُّفُرْ) مِنْهُ بِقَلْمٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَ) إبَانَةُ (الشَّعْرِ) مِنْهُ بِحَلْقٍ أَوْ غَيْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ} [البقرة: ١٩٦] أَيْ: شَعْرَهَا وَقِيسَ بِشَعْرِهَا شَعْرُ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ وَبِالْحَلْقِ غَيْرُهُ وَبِإِبَانَةِ الشَّعْرِ إبَانَةُ الظُّفْرِ بِجَامِعِ التَّرَفُّهِ فِي الْجَمِيعِ وَالْمُرَادُ بِالشَّعْرِ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْوَاحِدَةِ فَأَكْثَرَ وَبِبَعْضِهَا لِمَا مَرَّ قَبْلَ الْفَصْلِ.

وَالنَّاسِي يَلْزَمُهُ بِإِبَانَةِ ذَلِكَ الْفِدْيَةُ وَإِنْ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْإِتْلَافَاتِ بِخِلَافِهِ فِي التَّمَتُّعِ بِاللُّبْسِ وَالطِّيبِ وَالدُّهْنِ وَالْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

فِعْلُهُ لِذَلِكَ نِسْيَانًا فِيمَا يَظْهَرُ إلْحَاقًا لَهُ بِالصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ بِرّ.

. (قَوْلُهُ: وَكَذَا دَهْنُ رَأْسٍ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَا يَشْكُلُ هَذَا بِالْحُرْمَةِ وَلُزُومِ الْفِدْيَةِ لِلْأَخْشَمِ إذَا تَطَيَّبَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى هُنَا مُنْتَفٍ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّ الْمَعْنَى فِيهِ التَّرَفُّهُ بِالطِّيبِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِالتَّطَيُّبِ وَإِنْ كَانَ الْمُتَطَيِّبُ بِهِ أَخْشَمَ اهـ. (قَوْلُهُ: كَالْحَاجِبِ وَالشَّارِبِ) لَوْ كَانَ الْغَالِبُ مِنْ أَكْلِ الدُّهْنِ إصَابَةَ أَطْرَافِ الشَّارِبِ مَثَلًا هَلْ يَجِبُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ حَتَّى إذَا قَصَّرَ فَدَى أَوْ يُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِلْمَشَقَّةِ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: بِالْحِنَّاءِ وَنَحْوِهِ) شَامِلٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَهُ خَضْبُ لِحْيَتِهِ وَغَيْرِهَا مِنْ الشُّعُورِ بِالْحِنَّاءِ وَنَحْوِهِ إلَخْ اهـ. وَقَضِيَّةُ إبَاحَةِ الْحِنَّاءِ لِلرَّجُلِ فِي شُعُورِ بَدَنِهِ.

(قَوْلُهُ: وَالنَّاسِي) أَيْ: وَالْجَاهِلُ كَمَا فِي الرَّوْضِ تَلْزَمُهُ بِإِبَانَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْفِدْيَةُ اهـ. قَالَ شَيْخُنَا وَهَذِهِ غَيْرُ جَهْلِ كَوْنِهِ طِيبًا اهـ فَتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْعُبَابِ مَا نَصُّهُ وَتَلْزَمُ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ وَإِنْ جَهِلَ وُجُوبَ الْفِدْيَةِ أَوْ ظَنَّ نَوْعًا مِنْهُ لَيْسَ بِطِيبٍ اهـ قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ عِبَارَةِ الْمَجْمُوعِ أَوْ ظَنَّ نَوْعًا مِنْهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ لِتَقْصِيرِهِ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ هِيَ عِبَارَةُ الْجَوَاهِرِ وَهِيَ مُشْكِلَةٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَوْلَهُمْ لَيْسَ بِطِيبٍ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ ظَنِّهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَقْصِيرَ أَلْبَتَّةَ لِأَنَّ مَنْ ظَنَّ أَنَّ الْكَافُورَ غَيْرُ طِيبٍ أَيُّ تَقْصِيرٍ يُنْسَبُ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ حُرْمَةَ جِنْسِ الطِّيبِ.

فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا يَرْجِعُ لِمَا قَبْلَهُ بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الطِّيبِ الْمُحَرَّمِ وَلَكِنْ يَظُنُّ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ الَّذِي اسْتَعْمَلَهُ لَا يَحْرُمُ لِقِلَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُنْسَبُ إلَى نَوْعِ تَقْصِيرٍ. اهـ. - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

. (قَوْلُهُ وَدَهْنُ رَأْسٍ إلَخْ) وَلَوْ شَعْرَةً وَاحِدَةً م ر سم عَلَى التُّحْفَةِ وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ الدَّهْنَ غَيْرَ الطِّيبِ مُطْلَقًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَذَوَائِبِ شَحْمٍ وَشَمْعٍ) أَيْ: ضُمَّا إلَى بَعْضٍ وَإِلَّا فَالشَّمْعُ وَحْدَهُ لَيْسَ بِدُهْنٍ إنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ تَنْمِيَةُ الشَّعْرِ وَتَزْيِينُهُ وَإِلَّا فَهُوَ دُهْنٌ أَيْضًا قَالَهُ الْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِ الْإِيضَاحِ. اهـ. مَدَنِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ «الْمُحْرِمُ أَشْعَثُ أَغْبَرُ» ) قَالَ الْمَدَنِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ أَطْبَقُوا عَلَى ذِكْرِهِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ فَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ وَإِلَّا فَهُوَ رِوَايَةٌ بِالْمَعْنَى وَلَفْظُ مَا وَقَفْت عَلَيْهِ الْحَاجُّ الشُّعْثُ التُّفْلُ وَالشُّعْثُ تَلَبُّدُ الشَّعْرِ الْمُغَبَّرِ وَالتُّفْلُ الْكَرِيهُ الرَّائِحَةِ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ أَهْلَ السَّمَاءِ فَيَقُولُ اُنْظُرُوا إلَى عِبَادِي جَاءُونِي شُعْثًا غُبْرًا» اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ: شَأْنُهُ الْمَأْمُورُ بِهِ ذَلِكَ) فَسَّرَهُ بِهِ لِيُفِيدَ حُرْمَةَ مُقَابِلِهِ وَالْحَامِلُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّ حَمْلَهُ عَلَى مُجَرَّدِ الْإِخْبَارِ يُخْرِجُ كَلَامَ الشَّارِعِ عَنْ الْفَائِدَةِ. اهـ. مَدَنِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْرُمُ) وَلْيُتَنَبَّهْ لِمَا يُغْفَلُ عَنْهُ كَثِيرًا وَهُوَ تَلْوِيثُ الشَّارِبِ وَالْعَنْفَقَةِ بِالدُّهْنِ عِنْدَ أَكْلِ اللَّحْمِ فَإِنَّهُ مَعَ الْعِلْمِ وَالتَّعَمُّدِ حَرَامٌ فِيهِ الْفِدْيَةُ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ وَذَقَنِ أَمْرَدَ) قَالَ حَجَرٌ م ر وَابْنُ عَلَّانَ فِي شُرُوحِ الْإِيضَاحِ يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا مَنْ لَا شَعْرَ بِذَقَنِهِ وَإِنْ فَاتَ أَوَانُ طُلُوعِ لِحْيَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ أَمْرَدَ فِي النَّظَرِ وَنَحْوِهِ. اهـ. مَدَنِيٌّ.

(قَوْلُهُ الشَّعْرِ) بِسُكُونِ الْعَيْنِ يُجْمَعُ عَلَى شُعُورٍ كَفَلْسٍ وَفُلُوسٍ وَبِفَتْحِهَا يُجْمَعُ عَلَى أَشْعَارٍ كَسَبَبٍ وَأَسْبَابٍ وَهُوَ مُذَكَّرٌ الْوَاحِدَةُ شَعْرَةٌ وَإِنَّمَا جُمِعَ تَشْبِيهًا لِاسْمِ الْجِنْسِ بِالْمُفْرَدِ. اهـ. مَدَنِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِحَلْقٍ أَوْ غَيْرِهِ) وَتَلْزَمُ الْفِدْيَةُ الْمُكْرِهَ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَيَكُونُ الْمُكْرَهُ بِفَتْحِهَا طَرِيقًا فَقَطْ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَبِبَعْضِهَا) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>