للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَظْرُ جُهِلْ) أَيْ: وَعَمْدُ وَطْئِهِ عَالِمًا بِحُرْمَتِهِ (وَلَوْ) كَانَ (بِرِقٍّ) أَيْ: مَعَ رِقٍّ (وَصِبَى مِنْ قَبْلِ حِلْ شَيْءٍ مِنْ الْحَرَامِ) أَيْ: الْمُحْرِمِ (بِالْإِحْرَامِ) بِأَنْ وَطِئَ فِي الْحَجِّ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ الْأَوَّلِ وَفِي الْعُمْرَةِ قَبْلَ فَرَاغِهَا (يُفْسِدُ) النُّسُكَ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي الْحَجِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا رَفَثَ} [البقرة: ١٩٧] وَالْأَصْلُ فِي النَّهْيِ الْفَسَادُ وَقِيسَ بِالْحَجِّ الْعُمْرَةُ.

وَوَجْهُ الْإِفْسَادِ بِوَطْءِ الرَّقِيقِ أَنَّهُ مُكَلَّفٌ وَبِوَطْءِ الصَّبِيِّ أَيْ: الْمُمَيِّزِ أَنَّ عَمْدَهُ عَمْدٌ لَا سِيَّمَا فِي الْعَبْدِ وَخَرَجَ بِالْعَبْدِ الْوَطْءُ بِنِسْيَانِ كَوْنِهِ فِي الْإِحْرَامِ كَمَا فِي الصَّوْمِ وَعَمْدُ مُقَدِّمَاتِهِ وَإِنْ أَنْزَلَ وَبِقَوْلِهِ لَا أَنَّ الْحَظْرَ جَهِلَ مَا إذَا وَطِئَ جَاهِلًا بِالْحُرْمَةِ وَفِي مَعْنَاهُ وَطْءُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَلَا يَفْسُدُ النُّسُكُ بِوَطْءِ الْمُشْكِلِ غَيْرَهُ وَلَا بِوَطْءِ غَيْرِهِ لَهُ فِي قُبُلِهِ وَخَرَجَ بِقُبُلٍ الْحِلُّ مَا لَوْ وَطِئَ بَعْدَهُ وَلَوْ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ لِضَعْفِ الْإِحْرَامِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ حَرُمَ الْوَطْءُ حِينَئِذٍ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: قُبُلٌ لَا الْوَطْءُ إلَّا بِالثَّلَاثِ (كَالرِّدَّةِ) فِي النُّسُكِ (عَنْ إسْلَامِ) فَإِنَّهَا تُفْسِدُهُ وَإِنْ قَصُرَ زَمَنُهَا وَكَانَتْ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ كَالصَّلَاةِ وَإِنْ اقْتَضَتْ عِبَارَتُهُ تَقْيِيدَ ذَلِكَ بِمَا قَبْلَ التَّحَلُّلَيْنِ.

(وَيُوجِبُ) أَيْ: عَمْدُ وَطْئِهِ الْمَذْكُورِ (الْإِتْمَامَ) لِلنُّسُكِ الَّذِي أَفْسَدَهُ بِالْوَطْءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ بِخِلَافِ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ لِلْخُرُوجِ مِنْهَا بِالْفَسَادِ نَعَمْ يَجِبُ إمْسَاكُ بَقِيَّةِ النَّهَارِ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ لِحُرْمَةِ زَمَانِهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (دُونَ الرِّدَّهْ) فَإِنَّهَا لَا تُوجِبُ الْإِتْمَامَ كَمَا لَا تُوجِبُ الْكَفَّارَةَ وَلَوْ أَسْلَمَ؛ لِأَنَّهَا مُحْبِطَةٌ لِلنُّسُكِ بِالْكُلِّيَّةِ (وَ) يُوجِبُ عَمْدُ الْوَطْءِ (الِانْقِلَابَ) أَيْ: انْقِلَابَ النُّسُكِ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ لَهُ (لِلْأَجِيرِ عِنْدَهُ) أَيْ: عِنْدَ إفْسَادِهِ بِالْوَطْءِ فَيَفْسُدُ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ وَالْقَضَاءُ لِنَفْسِهِ لِإِتْيَانِهِ بِغَيْرِ مَا أُمِرَ بِهِ كَالشِّرَاءِ عَلَى غَيْرِ الصِّفَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا وَإِذَا انْقَلَبَ لَهُ فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَيْنِيَّةً انْفَسَخَتْ أَوْ فِي الذِّمَّةِ تَخَيَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ لِتَأْخِيرِ الْمَقْصُودِ وَإِذَا اخْتَارَ الْبَقَاءَ قَضَى الْأَجِيرُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ أَتَى بِمَا لِلْمُسْتَأْجِرِ (كَالْحُكْمِ فِي تَحَلُّلٍ لِمُحْصَرِ) أَيْ: لِأَجِيرٍ مُحْصَرٍ عَنْ إتْمَامِ النُّسُكِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ انْقِلَابَهُ لَهُ فَيَلْزَمُهُ مَا تَحَلَّلَ بِهِ إذْ لَمْ يَحْصُلْ غَرَضُ الْمُسْتَأْجِرِ كَذَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ لَا يَنْقَلِبُ لَهُ كَمَا لَوْ مَاتَ إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ.

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: عَالِمًا بِحُرْمَتِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ عِلْمُهُ بِامْتِنَاعِ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ إلَّا وَبِمُنَافَاتِهِ لِلنُّسُكِ. (قَوْلُهُ: يُفْسِدُ النُّسُكَ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فِي بَابِ الْإِحْرَامِ وَمَنْ جَامَعَ مُعْتَمِرًا ثُمَّ قَرَنَ بِأَنْ نَوَى الْحَجَّ انْعَقَدَ حَجُّهُ لِإِحْرَامِهِ بِهِ قَبْلَ فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِ الْعُمْرَةِ فَاسِدًا لِإِدْخَالِهِ عَلَى عُمْرَةٍ فَاسِدَةٍ وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ لِلْإِفْسَادِ وَدَمُ قِرَانٍ بِشَرْطِهِ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا اهـ. فَلَوْ جَامَعَ بَعْدَ أَنْ نَوَى الْحَجَّ وَانْعَقَدَ لَهُ فَاسِدًا فَهَلْ نَقُولُ يُفْسِدُهَا هَذَا الْفَاسِدُ فَسَادًا آخَرَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ لُزُومُ الْبَدَنَةِ وَالْقَضَاءِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْحُكْمِ بِفَسَادِ الْفَاسِدِ وَلَا تَجِبُ الْبَدَنَةُ كَمَا فِي الْجِمَاعِ بَعْدَ إفْسَادِ الصَّحِيحِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ يُتَّجَهُ الثَّانِي بَلْ قَدْ يُقَالُ لَا وَجْهَ لِلْحُكْمِ بِالْفَسَادِ لِأَجْلِ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ وَاجِبٌ بِالْفَسَادِ الْأَوَّلِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ شَرْحِ الرَّوْضِ السَّابِقِ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ إلَخْ بَلْ عَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ وَيَلْزَمُهُ الْمُضِيُّ وَقَضَاءُ النُّسُكَيْنِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَنَّ عَمْدَهُ عَمْدٌ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ فِي حَقِّهِ عِلْمُهُ بِالتَّحْرِيمِ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ لَكِنْ هَلْ يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِأَنَّ عَلَى الْوَلِيِّ مَنْعَهُ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ عِلْمِهِ التَّحْرِيمَ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْتَقِدَ تَعَلُّقًا لِلنَّهْيِ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ لَا أَثَرَ لَهُ فِيهِ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ وَإِنْ أَنْزَلَ) أَيْ: بِخِلَافِ الصَّوْمِ. (قَوْلُهُ: وَطْءُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ) أَخْرَجَ الْمُمَيِّزَ. (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْهَمَهُ) أَيْ: حُرْمَةُ الْوَطْءِ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ دُونَ الرِّدَّةِ) تَقَدَّمَ فِي هَامِشِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالْوَطْءِ مِنْ بَابِ الصَّوْمِ أَنَّ طُرُوُّ الرِّدَّةِ بَعْدَ لُزُومِ الْكَفَّارَةِ لَا يُسْقِطُهَا وَقِيَاسُهُ أَنَّ طُرُوُّ الرِّدَّةِ فِي أَثْنَاءِ الْحَجِّ لَا يُسْقِطُ مَا لَزِمَهُ مِنْ كَفَّارَاتٍ قَبْلَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُحْبِطَةٌ لِلنُّسُكِ بِالْكُلِّيَّةِ) قَدْ يَقْتَضِي سُقُوطَ مَا لَزِمَهُ مِنْ الْكَفَّارَاتِ قَبْلَ الرِّدَّةِ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ السُّقُوطِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَلَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ النُّسُكِ وَقَدْ لَزِمَهُ كَفَّارَاتٌ فَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ سُقُوطِهَا لِبَقَاءِ أَثَرِ الْإِحْرَامِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ مَنْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ بَعْدَ أَنْ أَفْسَدَهُ بِالْجِمَاعِ فَإِنَّهُ تَسْقُطُ عَنْهُ الْكَفَّارَاتُ فَانْظُرْ مَنْ ارْتَدَّ ثُمَّ رَأَيْته تَقَدَّمَ قَوْلَهُ لِأَنَّهَا مُحْبِطَةٌ إلَخْ لَا يُقَالُ الرِّدَّةُ إنَّمَا تُحْبِطُ الْعَمَلَ بِالْكُلِّيَّةِ إذَا مَاتَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي رِدَّةٍ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ.

(قَوْلُهُ: مُحْبِطَةٌ لِلنُّسُكِ إلَخْ) لِمُنَافَاتِهَا لَهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ بِالِارْتِدَادِ أَثْنَاءَ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ لَا يُبْطِلُ مَا مَضَى بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ كَمَّلَ بِنِيَّتِهِ فَلِأَيِّ شَيْءٍ هُنَا لَمْ يُكَمِّلْ بِنِيَّةٍ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ النِّيَّةَ فِي الْوُضُوءِ يُمْكِنُ تَوْزِيعُهَا عَلَى أَعْضَائِهِ نَعَمْ يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ بَعْضِهَا بُطْلَانُ كُلِّهَا بِخِلَافِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَوْزِيعُهَا عَلَى أَجْزَائِهِ فَكَانَ الْمُنَافِي لَهَا مُبْطِلًا لَهَا مِنْ أَصْلِهَا فَفَسَدَ الْحَجُّ بِهَا مُطْلَقًا حَجَرٌ. (قَوْلُهُ أَوْ فِي الذِّمَّةِ تَخَيَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ) فَلَا تَنْفَسِخُ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِزَمَانٍ بِخِلَافِ إجَارَةِ الْعَيْنِ كَمَا مَرَّ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَيَّدَ بِالسَّنَةِ الْحَاضِرَةِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ انْفَسَخَتْ حِينَئِذٍ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ لَا يَنْقَلِبُ لَهُ) أَيْ: وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ الْعَيْنِيَّةُ دُونَ الذِّمِّيَّةِ فَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَإِنْ كَانَ الْحَاجُّ عَنْ غَيْرِهِ أَيْ: الَّذِي مَاتَ أَوْ تَحَلَّلَ لِلْإِحْصَارِ أَجِيرُ عَيْنٍ انْفَسَخَتْ أَوْ أَجِيرَ ذِمَّةٍ فَلَا تَنْفَسِخُ بَلْ لِوَرَثَتِهِ أَيْ: الْأَجِيرِ

ــ

[حاشية الشربيني]

مُحَرَّمَاتِهِ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَلَا بِوَطْءِ غَيْرِهِ لَهُ) فَإِنْ وُجِدَا مَعًا كَأَنْ أَوْلَجَ فِي غَيْرِهِ وَغَيْرُهُ فِيهِ فَسَدَ نُسُكُهُ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ وَاضِحًا وَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي قُبُلِهِ مَا لَوْ وَطِئَهُ غَيْرُهُ فِي دُبُرِهِ فَإِنْ كَانَ الْغَيْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>