للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ ذَكَرَهُ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ فِي الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ لِمَا قِيلَ مِنْ وُجُوبِ اللَّفْظِ أَيْضًا فِي الصَّلَاةِ لِعِظَمِهَا وَمِنْ الِاكْتِفَاءِ بِاللَّفْظِ فِي الزَّكَاةِ لِشَبَهِهَا بِأَدَاءِ الدَّيْنِ وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْكُلِّ الْقَلْبُ نَعَمْ التَّلَفُّظُ مَنْدُوبٌ، وَلَوْ جَرَى بِلِسَانِهِ حَدَثٌ، أَوْ تَبَرَّدَ وَفِي قَلْبِهِ خِلَافُهُ فَالْعِبْرَةُ بِمَا فِي الْقَلْبِ وَالْمَقْصُودُ بِهَا تَمْيِيزُ الْعِبَادَةِ عَنْ الْعَادَةِ، أَوْ تَمْيِيزُ رُتَبِهَا، وَشَرْطُهَا إسْلَامُ النَّاوِي وَتَمْيِيزُهُ وَعِلْمُهُ بِالْمَنْوِيِّ وَعَدَمِ إتْيَانِهِ بِمَا يُنَافِيهَا بِأَنْ يَسْتَصْحِبَهَا حُكْمًا، وَوَقْتُهَا أَوَّلَ الْفُرُوضِ كَأَوَّلِ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ هُنَا لِوُجُودِ مُسَمَّى الْغُسْلِ بِخِلَافِ مُقَارَنَتِهَا لِبَعْضِ تَكْبِيرِ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ التَّكْبِيرِ لَا يُسَمَّى تَكْبِيرًا وَإِنَّمَا لَمْ يُوجِبُوا الْمُقَارَنَةَ فِي الصَّوْمِ لِعُسْرِ مُرَاقَبَةِ الْفَجْرِ وَتَطْبِيقِ النِّيَّةِ عَلَيْهِ.

وَكَيْفِيَّتُهَا تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْأَبْوَابِ وَقَدْ ذَكَرَ النَّاظِمُ وُجُوبَهَا وَوَقْتَهَا وَكَيْفِيَّتَهَا فَقَالَ (مَقْرُونَةً) بِنَصْبِهِ حَالًا، أَيْ: فَرْضُ الْوُضُوءِ غَسْلُ الْوَجْهِ حَالَةَ كَوْنِهِ مَقْرُونًا بِأَوَّلِ (نِيَّةُ رَفْعِهِ الْحَدَثْ) أَيْ يَرْفَعُ حُكْمَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ تَمْيِيزُ رُتَبِهَا) أَيْ: بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ.

(قَوْلُهُ: الْمُقَارَنَةُ فِي الصَّوْمِ) وَإِنَّمَا لَمْ يُجَوِّزْهَا فِيهِ؛ لِأَنَّهَا لِعُسْرِهَا مَظِنَّةُ الْخَطَأِ بِالتَّأْخِيرِ وَالتَّقْدِيمِ فَأَوْجَبُوا التَّقْدِيمَ احْتِيَاطًا.

(قَوْلُهُ: أَيْ: رُفِعَ حُكْمُهُ) وَعَلَى هَذَا، فَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُ الضَّرُورَةِ بِهَذِهِ النِّيَّةِ لِانْصِرَافِ الْحَدَثِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَى الرَّفْعِ الْمُطْلَقِ أَيْ: الَّذِي لَا يَتَقَيَّدُ بِفَرْضٍ وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ نَوَى ذُو الضَّرُورَةِ رَفْعَ الْحَدَثِ بِمَعْنَى رَفْعِ الْمَنْعِ عَنْ فَرْضٍ وَاحِدٍ فَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ هَذَا التَّأْوِيلُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا أُرِيدَ بِالْحَدَثِ الْأَسْبَابُ بِخِلَافِ مَا إذْ أُرِيدَ بِهِ الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ أَوْ الْمَنْعُ فَتَأَمَّلْ حِينَئِذٍ مَا الدَّاعِي إلَيْهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الدَّاعِيَ إلَيْهِ سِيَاقُ الْمُصَنِّفِ كَقَوْلِهِ أَوْ مَا سِوَى إحْدَاثِهِ إلَخْ إذْ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْمُعْتَمَدِ وَالْغَلَطِ لَا يَتَأَتَّى فِي نَفْسِ الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ وَلَا الْمَنْعِ إذْ هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَا تَعَدُّدَ فِيهِ إلَّا بِاعْتِبَارِ أَسْبَابِهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ إرَادَةُ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ دُونَ مَا عَلَيْهِ إلَّا بِاعْتِبَارِ أَسْبَابِهِ نَعَمْ يُمْكِنُ الْتِزَامُ الثَّانِي الْمَذْكُورِ لَكِنْ بِتَكَلُّفٍ بِأَنْ يَنْوِيَ الْأَمْرَ الِاعْتِبَارِيَّ أَوْ الْمَنْعَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى الْمَسِّ دُونَ اللَّمْسِ مَثَلًا وَكَقَوْلِهِ كَاللَّمْسِ وَالْمَسِّ تَمْثِيلًا لِبَعْضِ الْأَحْدَاثِ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الْأَسْبَابِ إلَّا أَنَّ تَقْدِيرَ الشَّارِحِ يَدُلُّ عَلَى تَأْوِيلِ هَذَا التَّمْثِيلِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِمَا قَرَّرَهُ بِهِ بَيَانَ حَاصِلِ الْمَعْنَى فَلْيُتَأَمَّلْ سم

ــ

[حاشية الشربيني]

الْقَلْبِ عِنْدَنَا فَكَذَا مُرَادِفُهُ اهـ.

إيعَابٌ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ ذَكَرَهُ النَّاظِمُ) أَيْ: ذَكَرَ أَنَّ الْوَاجِبَ النِّيَّةُ بِالْقَلْبِ مَعَ أَنَّهُ لَا تَكُونُ إلَّا بِهِ لِأَنَّهُ مَحَلُّهَا رَدًّا لِمَا قِيلَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لِمَا قِيلَ) هُوَ وَجْهٌ قَالَ النَّوَوِيُّ إنَّهُ غَلَطٌ.

(قَوْلُهُ: لِشَبَهِهَا؛ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ) وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ النِّيَّةُ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ نَاجِزَةٌ وَصُورَتُهُ كَافِيَةٌ فِي حُصُولِهِ كَرَدِّ الْمَغْصُوبِ وَلِذَا لَا تَجِبُ فِي لَفْظٍ صَرِيحٍ فِي مَعْنَاهُ وَلَا تَجِبُ فِي تَرْكٍ إلَّا لِحُصُولِ الثَّوَابِ وَلَا فِي عِبَادَةٍ لَا تَلْتَبِسُ بِعَادَةٍ وَلَا تَتَنَوَّعُ كَالْإِيمَانِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَكَذَا النِّيَّةُ نَفْسُهَا لِانْصِرَافِهَا بِصُورَتِهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِنَفْسِهَا كَاَلَّذِي قَبْلَهَا وَيَقَعُ الثَّوَابُ عَلَيْهَا وَحْدَهَا وَاحِدَةً وَمَعَ الْفِعْلِ عَشْرًا لِفَضْلِ الْمَقَاصِدِ اهـ.

إيعَابٌ.

(قَوْلُهُ: تَمْيِيزُ الْعِبَادَةِ عَنْ الْعَادَةِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْفِعْلَ إنْ وَقَعَ مِثْلُهُ عَادَةً كَانَتْ النِّيَّةُ فِيهِ لِتَمْيِيزِ الْعِبَادَةِ عَنْ الْعَادَةِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ كَذَلِكَ كَانَتْ لِتَمْيِيزِ رُتْبَتِهَا مِنْ فَرْضٍ وَنَفْلٍ وَأَدَاءٍ وَقَضَاءٍ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا الْوَقْتُ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْقَرَائِنَ الْحَالِيَّةَ وَالزَّمَانِيَّةَ لَا تُخَصِّصُ النِّيَّاتِ اهـ.

إيعَابٌ.

(قَوْلُهُ: وَشَرْطُهَا إسْلَامُ النَّاوِي) هَذَا شَرْطٌ فِي حَقِّ اللَّهِ فَلَا يُنَافِي صِحَّةَ نِيَّةِ الذِّمِّيَّةِ الطَّهَارَةَ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَصِحُّ لِحَقِّ الزَّوْجِ وَهُوَ حِلُّ الْوَطْءِ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ إذَا أَسْلَمَتْ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَعِلْمُهُ بِالْمَنْوِيِّ) لَا يَكْفِي عَنْ التَّمْيِيزِ؛ لِأَنَّ الشُّرُوطَ لَا يُكْتَفَى فِيهَا بِدَلَالَةِ الِالْتِزَامِ وَلِتَأَخُّرِهِ اهـ.

إيعَابٌ.

(قَوْلُهُ: وَعِلْمُهُ بِالْمَنْوِيِّ) ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ بِالشَّيْءِ يَسْتَحِيلُ مِنْهُ قَصْدُهُ.

(قَوْلُهُ وَعَدَمُ إتْيَانِهِ إلَخْ) هَذَا شَرْطٌ لِدَوَامِهَا.

(قَوْلُهُ: أَوَّلَ الْفُرُوضِ) أَيْ: أَوَّلَ وَاجِبٍ فِي تَحْصِيلِ الْمَفْعُولِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَفْعُولُ وَاجِبًا أَوْ نَفْلًا.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مُقَارَنَتِهَا لِبَعْضِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ إلَخْ) هَذَا الْفَرْقُ مِنْ طَرَفِ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ اسْتِدَامَةِ ذِكْرِ النِّيَّةِ مِنْ أَوَّلِ التَّكْبِيرَةِ إلَى آخِرِهَا، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ كِفَايَةُ مُقَارَنَتِهَا لِبَعْضِ التَّكْبِيرَةِ سَوَاءٌ الْأَوَّلُ وَالْوَسَطُ وَالْآخِرُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُوجِبُوا الْمُقَارَنَةَ فِي الصَّوْمِ) بَلْ لَا يَجُوزُ الْمُقَارَنَةُ فِيهِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُحَشِّي قَالَ فِي الْإِيعَابِ وَعَدَمُ الْجَوَازِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ وَأَمَّا عَدَمُ الْوُجُوبِ فَقَدْ يَكُونُ فِي غَيْرِهِ وَالضَّابِطُ أَنَّ مَا دَخَلَ فِيهِ الشَّخْصُ بِفِعْلِهِ اُشْتُرِطَتْ فِيهِ الْمُقَارَنَةُ كَالصَّلَاةِ وَمَا دَخَلَ فِيهِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ كَالصَّوْمِ إذْ لَوْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ نَائِمٌ صَحَّ لَا تُشْتَرَطُ فِيهِ وَأُلْحِقَ بِهِ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ الزَّكَاةُ وَالْكَفَّارَةُ وَالْأُضْحِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَقَعُ بِالنِّيَابَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَكَيْفِيَّتُهَا) أَيْ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ قَوْلِهِ نِيَّةُ رَفْعِهِ الْحَدَثَ أَوْ فَرَّقَ أَوْ غَيْر النَّفْي اهـ.

(قَوْلُهُ: نِيَّةُ رَفْعِهِ الْحَدَثَ) وَرَفْعُهُ إنَّمَا هُوَ بِعَمَلِهِ فَهُوَ مَنْوِيٌّ فَلَا يَرُدُّ مَا أَوْرَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ الرَّفْعَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَهُوَ لَا يُنْوَى وَإِنَّمَا يُنْوَى الْعَمَلُ كَالْوُضُوءِ وَأَجَابَ وَلَدُهُ الْجَلَالُ؛ بِأَنَّ مُقَارَنَةَ هَذِهِ النِّيَّةِ لِلْعَمَلِ دَالَّةٌ عَلَى قَصْدِ عَمَلِ الرَّفْعِ، لَكِنَّ الْبُلْقِينِيَّ، إنَّمَا أَوْرَدَهُ عَلَى نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَمَا هُنَا نِيَّةُ رَفْعِهِ الْحَدَثَ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِقَيْدٍ.

(قَوْلُهُ: أَيْ رَفْعُ حُكْمِهِ) أَيْ: أَنَّهُ مُنَزَّلٌ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ النَّاوِي وَلَا لَاحَظَهُ؛ لِأَنَّ ارْتِفَاعَ الْأَسْبَابِ وَبَقَاءَهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ لِذَاتِهِ وَإِنَّمَا الْقَصْدُ بِهِ ارْتِفَاعُ حُكْمِهَا وَيَنْصَرِفُ لِلرَّفْعِ الْعَامِّ كَمَا سَيَأْتِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>