للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعْتَادُ النِّسَاءُ وَالْأَشْرَافُ تَنْحِيَةَ شَعْرِهِ لِيَتَّسِعَ الْوَجْهُ (وَ) مَوْضِعُ (صَلَعٍ) وَهُوَ مَا انْحَسَرَ عَنْهُ الشَّعْرُ مِنْ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ (وَجَنْبَيْ الْمَوْصُوفِ) أَيْ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الصَّلَعُ وَجَنْبَاهُ النَّزْعَتَانِ وَهُمَا بَيَاضَانِ يَكْتَنِفَانِ النَّاصِيَةَ وَالتَّصْرِيحُ بِسُنِّيَّةِ غَسْلِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ مَزِيدٌ عَلَى الْحَاوِي وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ غَسْلُهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْوَجْهِ لِدُخُولِهَا فِي تَدْوِيرِ الرَّأْسِ وَيُنْدَبُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَاءَ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا وَيَبْدَأَ بِأَعْلَى وَجْهِهِ لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّهُ أَمْكَنُ وَأَعْلَاهُ أَشْرَفُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ السُّجُودِ الْفَرْضُ الثَّانِي النِّيَّةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: ٥] وَالْإِخْلَاصُ النِّيَّةُ وَالْأَمْرُ بِهِ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» أَيْ الْأَعْمَالُ الْمُعْتَدُّ بِهَا شَرْعًا وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ فِعْلِيَّةٌ مَحْضَةٌ فَاعْتُبِرَ فِيهِ النِّيَّةُ كَالصَّلَاةِ فَخَرَجَ بِالْعِبَادَةِ الْأَكْلُ وَنَحْوُهُ وَبِالْفِعْلِيَّةِ الْأَذَانُ وَالْخُطْبَةُ وَنَحْوُهُمَا وَبِالْمَحْضَةِ الْعِدَّةُ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ وَنَحْوُهُمَا.

وَالْكَلَامُ عَلَى النِّيَّةِ مِنْ سَبْعَةِ أَوْجُهٍ حَقِيقَتُهَا وَحُكْمُهَا وَمَحَلُّهَا وَالْمَقْصُودُ بِهَا وَشَرْطُهَا وَوَقْتُهَا وَكَيْفِيَّتُهَا فَحَقِيقَتُهَا لُغَةً الْقَصْدُ وَشَرْعًا قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ وَالْمُتَقَدِّمُ عَزْمٌ إذْ الْقَصْدُ النَّشَاطُ حَالَ الْإِيجَادِ وَالْعَزْمُ قَدْ يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ وَيَقْبَلُ الشِّدَّةَ وَالضَّعْفَ بِخِلَافِ الْقَصْدِ وَحُكْمُهَا الْوُجُوبُ كَمَا عُلِمَ وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ

ــ

[حاشية العبادي]

عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ مَعَ أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَالْإِخْلَاصُ النِّيَّةُ) فِيهِ شَيْءٌ مَعَ لَهُ

(قَوْلُهُ مُقْتَرِنًا) اعْتِبَارُ الِاقْتِرَانِ فِي الْحَقِيقَةِ يُشْكِلُ بِنَحْوِ الصَّوْمِ وَالِاسْتِثْنَاءِ فِي مُقَوِّمَاتٍ وَالْحَقِيقَةُ مِمَّا لَا يَعْنِي لَهُ كَمَا لَا يَخْفَى اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا اسْمًا اُعْتُبِرَ فِيهِ لَازِمٌ غَالِبِيٌّ، وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ حَقِيقَتُهَا لَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ أَوْ يَلْتَزِمُ أَنَّ السَّابِقَ فِي الصَّوْمِ لَيْسَ بِنِيَّةٍ، بَلْ هُوَ عَزْمٌ اكْتَفَى بِهِ لِضَرُورَةٍ سم.

(قَوْلُهُ: مُقْتَرِنًا) أَيْ غَالِبًا فَلَا يَرِدُ الصَّوْمُ.

(قَوْلُهُ: قَدْ يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ) يُفْهَمُ أَنَّهُ قَدْ يُقَارِنُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الْمُقَارِنَ يَتَعَلَّقُ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْ الْأَجْزَاءِ.

(قَوْلُهُ: وَحُكْمُهَا الْوُجُوبُ) قَدْ يَرِدُ أَنَّ النِّيَّةَ قَدْ تَكُونُ مَنْدُوبَةً لَا يُقَالُ كَلَامُهُ فِي النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ لَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ صَرِيحُ سِيَاقِهِ يَرُدُّ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ الْآتِي كَأَوَّلِ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ هُنَا وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْوُجُوبُ غَالِبًا سم

ــ

[حاشية الشربيني]

الْإِيعَابِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ عِبَارَةَ الْحَاوِي تُفِيدُ السُّنِّيَّةَ لَا عَلَى وَجْهِ التَّصْرِيحِ وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ قَالَ فَرْضُ الْوُضُوءِ غَسْلُ مَا بَيْنَ الرَّأْسِ إلَخْ ثُمَّ قَالَ لَا غَسْلُ مَوْضِعِ التَّحْذِيفِ وَالصَّلَعِ وَجَانِبَيْهِ فَنَفَى عَنْ ذَلِكَ الْفَرْضِيَّةَ فَقَطْ اهـ فَيُفِدْ سَنَّ غَسْلِهِ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ أَمْكَنُ) أَيْ: الْأَخْذُ بِالْيَدَيْنِ وَالْبُدَاءَةُ بِالْأَعْلَى أَمْكَنُ فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْمَاءِ فَيَكُونُ أَسْبَغَ وَفِي جَرَيَانِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَجْرِي حِينَئِذٍ بِطَبْعِهِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْ: الْأَعْمَالُ الْمُعْتَدُّ بِهَا إلَخْ) قَدَّرَ بَعْضُهُمْ صِحَّةَ الْأَعْمَالِ لِأَنَّ الصِّحَّةَ أَلْزَمُ لِلْحَقِيقَةِ مِنْ الْكَمَالِ وَمَا كَانَ أَلْزَمَ كَانَ أَقْرَبَ خُطُورًا بِالْبَالِ عِنْدَ إطْلَاقِ اللَّفْظِ فَكَانَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ أَوْلَى لِأَنَّهُ لِمُوَافَقَتِهِ ظَاهِرَ اللَّفْظِ لَا يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ خَارِجٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ قَدَّرَ الْكَمَالَ خَصَّهُ بِالْوَسَائِلِ إذْ لَا خِلَافَ فِي اشْتِرَاطِهَا فِي الْمَقَاصِدِ فَيَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ لِإِخْرَاجِ الْوَسَائِلِ اهـ.

إيعَابٌ.

(قَوْلُهُ: أَيْ: الْأَعْمَالُ الْمُعْتَدُّ بِهَا شَرْعًا) وَهِيَ الصَّحِيحَةُ وَهَذَا أَقْرَبُ مِنْ تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ لِأَخْذِهِ مِنْ لَامِ الْعَهْدِ بِلَا تَقْدِيرِ شَيْءٍ أَجْنَبِيٍّ وَأَفَادَ قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» وُجُوبَ تَعْيِينِ الْمَنْوِيِّ فَهُوَ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ قَالَهُ الْخَطَّابِيِّ نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ، لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ النَّفَلَ الْمُطْلَقَ لَا يَجِبُ فِيهِ التَّعْيِينُ إلَّا أَنْ يُقَالَ، إنَّ إطْلَاقَهُ وَعَدَمَ تَعْيِينِهِ تَعْيِينٌ لَهُ لِانْصِرَافِ النَّفْلِ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَقَدْ عَلَّلُوا بِذَلِكَ عَدَمَ احْتِيَاجِهِ لِلتَّعْيِينِ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: الْعِدَّةُ إلَخْ) لِأَنَّ الْعِدَّةَ لَيْسَتْ عِبَادَةً مَحْضَةً إذْ الْمَقْصُودُ مِنْهَا غَالِبًا مَعْرِفَةُ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ وَإِنْ كَانَ شَرْطًا إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ عِبَادَةً مَحْضَةً بَلْ الْمُرَادُ مِنْهُ الصِّيَانَةُ عَنْ الْعُيُونِ وَلِهَذَا يَجِبُ سَتْرُ عَوْرَةِ مَنْ لَيْسَ مُكَلَّفًا وَلَا مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ وَالْعِبَادَةِ كَمَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ لَا يُمَيِّزُ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى وَلِيِّهِ سَتْرُ عَوْرَتِهِ اهـ.

مَجْمُوعٌ.

(قَوْلُهُ: الْعِدَّةُ) يَقْتَضِي أَنَّهَا فِعْلِيَّةٌ غَيْرُ مَحْضَةٍ وَفِيهِ أَنَّهَا مُدَّةَ التَّرَبُّصِ وَتَرَكَهَا حَجَرٌ وَاقْتَصَرَ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ الْمُهَذَّبِ هَكَذَا وَأَمَّا الطَّهَارَةُ عَنْ الْحَدَثِ فَلَا تَصِحُّ إلَّا بِالنِّيَّةِ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ طَرِيقُهَا الْأَفْعَالُ فَلَمْ تَصِحَّ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ كَالصَّلَاةِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَاحْتُرِزَ بِالْمَحْضَةِ عَنْ الْعِدَّةِ وَقَوْلُهُ: طَرِيقُهَا الْأَفْعَالُ وَاحْتِرَازٌ عَنْ الْأَذَانِ وَالْخُطْبَةِ اهـ.

وَالشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدَّمَ وَأَخَّرَ إلَّا أَنْ تُفَسَّرَ الْعِدَّةُ بِالتَّرَبُّصِ وَالِانْتِظَارِ وَهُوَ فِعْلٌ بَلْ قَدْ يُقَالُ، إنَّ هَذَا لَازِمٌ إذْ لَيْسَتْ الْمُدَّةُ مِنْ الْعِبَادَةِ فِي شَيْءٍ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ) وَذَلِكَ الشَّيْءُ هُوَ الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ الْمُكَلَّفُ بِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ النَّشَاطُ حَالَ الْإِيجَادِ) قَالَ فِي الْإِيعَابِ وَمِنْ ثَمَّ اشْتَرَطَ هُنَا كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مَا يَأْتِي فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ فِعْلِهَا وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي إحْضَارُ نَفْسِ الْقَصْدِ فِي نِيَّةِ نَحْوِ الْوُضُوءِ وَالطَّهَارَةِ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ الْفِعْلِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ) ؛ لِأَنَّهَا إرَادَةٌ مَخْصُوصَةٌ وَهِيَ كَالْعِلْمِ وَالظَّنِّ أَعْمَالٌ قَائِمَةٌ بِالنَّفْسِ الْمُرَادِفَةِ لِلرُّوحِ وَالْعَقْلِ عِنْدَ طَائِفَةٍ وَهُوَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>