للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَسْتَعْمِلُ الرَّقِيقَ فِي ذَبْحِ الصَّيْدِ وَنَحْوِهِ، وَالْإِثْمُ عَلَيْهِمَا

(وَ) يَتَحَلَّلُ جَوَازًا (الَّذِي أُحْصِرَ) ، وَلَوْ حَصْرًا خَاصًّا كَمَحْبُوسٍ بِدَيْنٍ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَدَائِهِ (عَنْ وُقُوفِهِ) بِعَرَفَةَ.

(وَ) عَنْ (كَعْبَةِ اللَّهِ) أَيْ: الطَّوَافِ بِهَا سَوَاءٌ أُحْصِرَ عَنْ الرُّجُوعِ أَيْضًا أَمْ لَا (بِأَنْ يَحْتَاجَ) أَيْ: مَعَ احْتِيَاجِهِ (فِي الدَّفْعِ إلَى قِتَالِ لِلْمُحْصَرِينَ) لَهُ وَلَوْ كُفَّارًا دُونَ الضَّعْفِ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ قِتَالُهُمْ إنْ عَرَفُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ الْقُوَّةَ نُصْرَةً لِلْإِسْلَامِ وَإِتْمَامًا لِلنُّسُكِ (أَوْ عَطَاءِ) أَيْ: أَوْ إلَى إعْطَاءِ (مَالِ) ، وَإِنْ قَلَّ بَلْ يُكْرَهُ بَذْلُهُ إنْ كَانَ الطَّالِبُ كَافِرًا لِمَا فِيهِ مِنْ الصَّغَارِ (بِنِيَّةٍ) أَيْ: وَيَتَحَلَّلُ الْمَمْنُوعُ، وَالْمُحْصَرُ بِنِيَّةِ التَّحَلُّلِ أَيْ: الْخُرُوجِ مِنْ النُّسُكِ بِالْمَنْعِ، أَوْ الْإِحْصَارِ كَمَا فِي خُرُوجِهِ مِنْ الصَّوْمِ لِعُذْرٍ؛ وَلِاحْتِمَالِهِ لِغَيْرِ التَّحَلُّلِ (وَحَلْقِهِ) ، وَلَوْ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ؛ لِأَنَّهُ نُسُكٌ، وَالتَّحَلُّلُ بِالنِّيَّةِ، وَالْحَلْقُ فَقَطْ مُخْتَصٌّ بِالرَّقِيقِ (وَالْحُرُّ كَذَا) أَيْ: يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ، وَالْحَلْقِ (بِذَبْحِ) أَيْ: مَعَ ذَبْحِ (الشَّاةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: ١٩٦] أَيْ: وَأَرَدْتُمْ التَّحَلُّلَ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ نَزَلَتْ الْآيَةُ «لَمَّا أُحْصِرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَكَانَ مُحْرِمًا بِالْعُمْرَةِ، فَنَحَرَ، ثُمَّ حَلَقَ وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: قُومُوا فَانْحَرُوا، ثُمَّ احْلِقُوا» .

وَتَجِبُ النِّيَّةُ عِنْدَ كُلٍّ مِنْ الْحَلْقِ، وَالذَّبْحِ؛ لِمَا مَرَّ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الذَّبْحُ عَلَى الرَّقِيقِ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ وَيُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ الذَّبْحِ عَلَى الْحَلْقِ لِلْخَبَرِ

ــ

[حاشية العبادي]

لَهُ حَلَالٌ لِلسَّيِّدِ لَيْسَ بِمَيْتَةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ سم

(قَوْلُهُ: الَّذِي أُحْصِرَ) لَوْ أُحْصِرَ الْقَارِنُ فَهَلْ لَهُ التَّحَلُّلُ مِنْ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ دُونَ الْآخَرِ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: فِيهِ نَظَرٌ. اهـ. قُلْت: وَيُتَّجَهُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ إحْرَامٌ وَاحِدٌ فَلَا يَتَبَعَّضُ بَقَاءً وَعَدَمَهُ وَلِأَنَّ التَّحَلُّلَ شُرِعَ لِلْخَلَاصِ مِنْ الْحَصْرِ، وَالْخُرُوجُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْخَلَاصُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.

(قَوْلُهُ: بِنِيَّةٍ) قَدْ يُتَوَهَّمُ إشْكَالُ اعْتِبَارِ النِّيَّةِ فِي الْحَلْقِ مَعَ أَنَّهُ رُكْنٌ وَنِيَّةُ النُّسُكِ شَامِلَةٌ لَهُ وَهَذَا غَلَطٌ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ النُّسُكِ لَمْ تَشْمَلْهُ مِنْ حَيْثُ التَّحَلُّلُ بِهِ بِالْحَصْرِ (تَنْبِيهٌ)

قَدْ تُوَهِّمَ إشْكَالُ وُجُوبِ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ عَلَى الْمُصَحَّحِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْخُرُوجِ مِنْ النُّسُكِ قَبْلَ تَمَامِهِ وَهُنَاكَ فِي الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ تَمَامِهَا فَنَظِيرُ مَا هُنَاكَ تَمَامُ النُّسُكِ هُنَا وَهُوَ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ وَنَظِيرُ مَا هُنَا الْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ تَمَامِهَا كَأَنْ يَقْطَعَهَا لِإِنْقَاذِ نَحْوِ مُشْرِفٍ عَلَى الْهَلَاكِ وَنَلْتَزِمُ هُنَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ ذَلِكَ، وَالْإِحْرَامُ الْقَطْعُ. (قَوْلُهُ: مُخْتَصٌّ بِالرَّقِيقِ) قَدْ يُفْهَمُ أَنَّهُ لَا صَوْمَ عَلَيْهِ لَكِنَّ قَوْلَ الرَّوْضِ كَأَصْلِهِ فَمَتَى نَوَى أَيْ: الْعَبْدُ التَّحَلُّلَ وَحَلَقَ تَحَلَّلَ وَلَا يَتَوَقَّفُ تَحَلُّلُهُ عَلَى الصَّوْمِ. اهـ.

يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَيْهِ التَّحَلُّلُ. وَأَظْهَرُ مِنْ عِبَارَةِ الرَّوْضِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْوُجُوبِ قَوْلُ الْعُبَابِ: فَإِذَا نَوَى وَحَلَقَ حَلَّ، وَإِنْ تَأَخَّرَ صِيَامُهُ. اهـ. وَفِي شَرْحِ الْحَاوِي لِابْنِ الْمُلَقِّنِ، وَوَقَعَ فِي التَّعْلِيقَةِ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَتَحَلَّلُ بِالْحَلْقِ؛ إذْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِحَقِّ السَّيِّدِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ إلَى أَنْ قَالَ: وَتَوَقَّفَ الْقَاضِي شَرَفُ الدِّينِ الْبَارِزِيُّ فِي الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْحَلْقُ فِي حَقِّ الْعَبْدِ كَالْحُرِّ إذْ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَهُمَا وَيَلْزَمُهُ الصَّوْمُ، لَكِنْ لَا يَتَوَقَّفُ التَّحَلُّلُ عَلَيْهِ وَلِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ. اهـ. فَنَصَّ الْبَارِزِيُّ عَلَى لُزُومِ الصَّوْمِ كَمَا تَرَى. (قَوْلُهُ: مُخْتَصٌّ بِالرَّقِيقِ) وَقَوْلُ صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ تَحَلُّلُهُ بِالنِّيَّةِ فَقَطْ وَلَا يَحْلِقُ؛ لِعَدَمِ إذْنِ السَّيِّدِ فَلَا يَتَصَرَّفُ فِي حَقِّهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الشَّعْرَ إنْ كَانَ لَا يُزَيِّنُهُ إبْقَاؤُهُ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ أَلْبَتَّةَ فَلَا يَتَوَقَّفُ إزَالَتُهُ عَلَى إذْنِ السَّيِّدِ، وَإِلَّا كَفَى تَقْصِيرُ جُزْءٍ مِنْ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ مِمَّا يُقْطَعُ بِرِضَا السَّيِّدِ وَعَدَمِ حُصُولِ شَيْنٍ بِإِزَالَتِهِ حَجَرٌ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إنَّ مَنْعَهُ لَهُ مِنْ الْإِتْمَامِ يَتَضَمَّنُ الْإِذْنَ فِي الْحَلْقِ. (قَوْلُهُ: وَالْحُرُّ كَذَا بِذَبْحِ الشَّاةِ) لَوْ أَحْرَمَ السَّيِّدُ عَنْ عَبْدِهِ الصَّغِيرِ، أَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ الْمُمَيِّزِ فِي الْإِحْرَامِ، ثُمَّ أَرَادَ تَحْلِيلَهُ عِنْدَ الْحَصْرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحْلِلْهُ بِحَلْقِ رَأْسِهِ أَعْنِي رَأْسَ الْعَبْدِ مَعَ النِّيَّةِ وَبِذَبْحِهِ شَاةً مَعَ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَلِيِّ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ، وَقَدْ قَالُوا: عَلَى الْوَلِيِّ مَا يَجِبُ فِي النُّسُكِ مِنْ نَحْوِ فِدْيَةِ، وَكَفَّارَةِ جِمَاعٍ أَيْ: عَلَيْهِ ذَلِكَ أَصَالَةً لَا بِطَرِيقِ التَّحَمُّلِ عَلَى الْأَوْجَهِ مِنْ تَرَدُّدٍ لِلزَّرْكَشِيِّ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الْمُوَرِّطُ لَهُ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَيْ: مَعَ ذَبْحِ الشَّاةِ) هَكَذَا عِبَارَتُهُمْ وَظَاهِرُهَا عَدَمُ تَوَقُّفِ التَّحَلُّلِ عَلَى تَفْرِقَةِ اللَّحْمِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الذَّبْحَ مَقْصُودٌ أَيْضًا بِدَلِيلِ عَدَمِ إجْزَاءِ تَسْلِيمِهِ حَيًّا وَيُحْتَمَلُ التَّوَقُّفُ.

(قَوْلُهُ: الذَّبْحِ عَلَى الْحَلْقِ) هَلْ يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِالذَّبْحِ لَمْ أَرَ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَيَسْتَعْمِلُ الرَّقِيقَ فِي ذَبْحِ الصَّيْدِ إلَخْ) أَمَّا إذَا قُلْنَا: إنَّ مَذْبُوحَهُ حَلَالٌ لِسَيِّدِهِ دُونَهُ كَمَا عَلَيْهِ حَجَرٌ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا إذَا قُلْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>