للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَعَمْ إنْ كَانَ فِي الْحَجِّ وَتَيَقَّنَ زَوَالَ الْحَصْرِ فِي مُدَّةٍ يُمْكِنُ إدْرَاكُ الْحَجِّ بَعْدَهَا، أَوْ فِي الْعُمْرَةِ وَتَيَقَّنَ قُرْبَ زَوَالِهِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ امْتَنَعَ تَحَلُّلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَتَقْيِيدُ الذَّبْحِ بِالْحُرِّ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ.

(حَيْثُ الْحَصْرُ) أَيْ: يَذْبَحُ حَيْثُ أُحْصِرَ وَلَوْ بِالْحِلِّ وَيُفَرِّقُ اللَّحْمَ عَلَى مَسَاكِينِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ «فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُحْصِرَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فَذَبَحَ بِهَا» وَهِيَ مِنْ الْحِلِّ؛ وَلِأَنَّهُ مَوْضِعُ التَّحَلُّلِ كَالْحَرَمِ. وَلَا يَلْزَمُهُ بَعْثُ الْهَدْيِ إلَى الْحَرَمِ، وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ نَعَمْ الْأَوْلَى بَعْثُهُ إنْ تَمَكَّنَ وَلَا يَجُوزُ الذَّبْحُ بِمَوْضِعٍ مِنْ الْحِلِّ غَيْرِ الَّذِي أُحْصِرَ فِيهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (كَمَا عَرَاهُ) أَيْ: كَالدَّمِ الَّذِي لَزِمَ الْمُحْصَرِ (مِنْ دَمِ) ارْتِكَابِ (الْحَرَامِ وَكَالْهَدَايَا) الَّتِي مَعَهُ، وَلَوْ غَيْرَ لَازِمَةٍ فَإِنَّهُ يَذْبَحُهَا حَيْثُ أُحْصِرَ فَقَوْلُهُ: وَكَالْهَدَايَا بِالْكَافِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي: وَهَدْيِهِ (ثُمَّ) إنْ عَجَزَ عَنْ الذَّبْحِ تَحَلَّلَ بِالنِّيَّةِ، وَالْحَلْقِ (بِالطَّعَامِ) أَيْ: مَعَ الطَّعَامِ الْمُسَاوِي لِقِيمَةِ الشَّاةِ وَيُفَرِّقُهُ حَيْثُ أُحْصِرَ (لَا) إنْ تَحَلَّلَ بِالنِّيَّةِ، وَالْحَلْقِ (بِالصِّيَامِ) أَيْ: مَعَ الصِّيَامِ حَالَةَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُ وَمِنْ الطَّعَامِ (بَدَلًا عَنْهُ) أَيْ: عَمَّا قَبْلَهُ الطَّعَامُ عَنْ الدَّمِ، وَالصِّيَامُ عَنْ الطَّعَامِ (فَلَا تَقِفْ) أَنْتَ (عَلَى صِيَامِهِ التَّحَلُّلَا بَلْ لَازِمٌ لِلْفَاقِدِ الطَّعَامَا صَوْمٌ) عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا.

(مَتَى شَاءَ، وَحَيْثُ رَامَا) أَيْ: شَاءَ؛ إذْ مُدَّتُهُ تَطُولُ فَتَعْظُمُ مُدَّةُ الْمُصَابَرَةِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ دَمَ الْإِحْصَارِ مُرَتَّبٌ مُعَدَّلٌ، وَنَبَّهَ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ لِلْخِلَافِ فِي أَنَّ لِدَمِ الْإِحْصَارِ بَدَلًا أَوَّلًا، وَصَحَّحُوا أَنَّ لَهُ بَدَلًا قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الدِّمَاءِ اللَّازِمَةِ لِلْمُحْرِمِ وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ، فَلَا تَقِفُ إلَى آخِرِهِ إيضَاحٌ (وَلَيْسَ يَقْضِي مُحْصَرٌ) أَيْ: لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا تَحَلَّلَ عَنْهُ؛ لِعَدَمِ وُرُودِهِ وَلِأَنَّ الْفَوَاتَ نَشَأَ عَنْ الْإِحْصَارِ الَّذِي لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ وَلِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ لَا قَضَاءَ عَلَى الْمُحْصَرِ بَلْ الْأَمْرُ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، فَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، أَوْ فَرْضًا مُسْتَقِرًّا عَلَيْهِ كَالْقَضَاءِ، وَالنَّذْرِ وَكَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ سِنِي

ــ

[حاشية العبادي]

ذَكَرُوهَا. (قَوْلُهُ: حَيْثُ الْحَصْرُ) قَالَ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ ذَبَحَهُ حَيْثُ أُحْصِرَ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ فُقَرَاءُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ تَحْوِيلُهُ إلَى مَكَان فِيهِ الْفُقَرَاءُ اهـ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ فُقَرَاءُ فَيَنْبَغِي جَوَازُ نَقْلِهِ إلَّا أَنْ يُمْكِنَ نَقْلُ اللَّحْمِ إلَيْهِمْ. اهـ. مَا ذَكَرَهُ السَّيِّدُ وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ مِنْ جَوَازِ نَقْلِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى أَقْرَبُ مَكَان فِيهِ فُقَرَاءُ وَقَوْلُ ابْنِ الْعِمَادِ: إلَّا أَنْ يُمْكِنَ إلَخْ فَيَذْبَحُ حَيْثُ أُحْصِرَ، ثُمَّ يَنْقُلُ اللَّحْمَ فَلْيُتَأَمَّلْ (تَنْبِيهٌ)

لَوْ عُدِمَ الْفُقَرَاءُ بِمَحَلِّ الْحَصْرِ فَإِنْ جَوَّزْنَا النَّقْلَ عَنْهُ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى عَنْ الزَّرْكَشِيّ وَابْنِ الْعِمَادِ فَيَنْبَغِي تَعَيُّنُ النَّقْلِ إلَى أَقْرَبِ مَكَان يُوجَدُ فِيهِ الْفُقَرَاءُ وَيَتَعَيَّنُ الذَّبْحُ بِمَحَلِّ الْحَصْرِ إنْ أَمْكَنَ الذَّبْحُ فِيهِ، ثُمَّ النَّقْلُ قَبْلَ فَسَادِ اللَّحْمِ وَأَنْ لَا يَتَوَقَّفَ التَّحَلُّلُ عَلَى النَّقْلِ إنْ لَمْ يَتَأَتَّ عَلَى قُرْبٍ لِمَشَقَّةِ مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ وَإِنْ مَنَعْنَا النَّقْلَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَاتِهِمْ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَوَقَّفَ التَّحَلُّلُ عَلَى الذَّبْحِ إنْ لَمْ يُرْجَ وُجُودُ الْفُقَرَاءِ عَنْ قُرْبٍ لِمَشَقَّةِ الْمُصَابَرَةِ وَأَنْ لَا يُعْتَدَّ بِالذَّبْحِ مَعَ الْعِلْمِ بِفَقْدِهِمْ وَأَنَّهُ لَوْ طَرَأَ فَقْدُهُمْ بَعْدَ الذَّبْحِ اعْتَدَّ بِالذَّبْحِ وَتَحَلَّلَ فِي الْحَالِ، وَإِنْ قُلْنَا: يَتَوَقَّفُ التَّحَلُّلُ عَلَى التَّفْرِقَةِ إنْ لَمْ يَرْجُ وُجُودَهُمْ عَنْ قُرْبٍ لِلْمَشَقَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَنَّهُ لَوْ خَشِيَ فَسَادَ اللَّحْمِ قَبْلَ وُجُودِهِمْ بَاعَهُ، ثُمَّ إذَا وَجَدَهُمْ كَفَى شِرَاءُ اللَّحْمِ لَهُمْ وَلَا يَجِبُ الذَّبْحُ لِلِاعْتِدَادِ بِالذَّبْحِ السَّابِقِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ الْآتِي فِي هَامِشِ قُلْت: وَبِالنِّيَّةِ صَرْفُ اللَّحْمِ، ثُمَّ فِيمَا لَوْ سُرِقَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ الْعَطْفَ عَلَى دَمٍ فَلَا يَشْمَلُ غَيْرَ اللَّازِمِ. (قَوْلُهُ: إيضَاحٌ) لِفَهْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ لَا بِالصِّيَامِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ فَرْضًا مُسْتَقِرًّا) إلَى قَوْلِهِ: بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ اعْلَمْ أَنَّهُمْ قَالُوا وَاللَّفْظُ لِلرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَإِنْ أَفْسَدَ الْقَارِنُ نُسُكَهُ لَزِمَهُ بَدَنَةٌ وَاحِدَةٌ مَعَ دَمِ الْقِرَانِ الَّذِي أَفْسَدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ بِالشُّرُوعِ فَلَا يَسْقُطُ بِالْإِفْسَادِ وَلَزِمَهُ دَمٌ آخَرُ لِلْقِرَانِ الَّذِي الْتَزَمَهُ بِالْإِفْسَادِ فِي الْقَضَاءِ وَلَوْ أَفْرَدَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِالْإِفْرَادِ وَإِذَا فَاتَ الْقَارِنُ الْحَجَّ فَالْعُمْرَةُ فَائِتَةٌ تَبَعًا لَهُ، لَكِنْ يَلْزَمُهُ دَمَانِ: دَمٌ لِلْفَوَاتِ وَدَمٌ لِأَجْلِ الْقِرَانِ وَفِي الْقَضَاءِ دَمٌ ثَالِثٌ وَإِنْ أَفْرَدَهُ. اهـ. بِتَلْخِيصٍ وَاخْتِصَارٍ وَحِينَئِذٍ فَهَلْ التَّحَلُّلُ بِالْحَصْرِ كَالْإِفْسَادِ؟ وَالْفَوَاتِ حَتَّى لَوْ تَحَلَّلَ الْقَارِنُ بِالْحَصْرِ لَزِمَهُ مَعَ دَمِ التَّحَلُّلِ دَمَ الْقِرَانِ وَلَزِمَهُ دَمٌ آخَرُ فِي الْقَضَاءِ لِلْفَوَاتِ، وَإِنْ أَفْرَدَ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ كَذَلِكَ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّهُ لَزِمَ بِالشُّرُوعِ وَبِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِالْإِفْرَادِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: كَالْقَضَاءِ، وَالنَّذْرِ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَإِنْ أُحْصِرَ فِي قَضَاءٍ، أَوْ نَذْرٍ مُعَيَّنٍ فِي الْعَامِ الَّذِي أُحْصِرَ فِيهِ فَهُوَ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَكَذَا حَجَّةُ الْإِسْلَامِ، أَوْ حَجَّةُ نَذْرٍ قَدْ اسْتَقَرَّتْ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَيْهِ بِأَنْ اجْتَمَعَ فِيهَا شُرُوطُ الِاسْتِطَاعَةِ قَبْلَ الْعَامِ الَّذِي أُحْصِرَ فِيهِ، وَإِلَّا بِأَنْ أُحْصِرَ فِي تَطَوُّعٍ، أَوْ حَجَّةِ إسْلَامٍ، أَوْ نَذْرٍ وَلَمْ يَسْتَقِرَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي التَّطَوُّعِ أَصْلًا وَلَا فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَالنَّذْرِ حَتَّى يَسْتَطِيعَ بَعْدُ. اهـ. وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ النَّذْرَ إنَّمَا يُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ سَبْقِ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَتَارَةً يَكُونُ ضَيِّقًا فَالْأَفْضَلُ التَّعْجِيلُ؛ لِأَنَّ مُصَابَرَةَ الْإِحْرَامِ مَعَ التَّرَدُّدِ فِي إدْرَاكِ النُّسُكِ مَشَقَّةٌ، وَالتَّرَدُّدُ لَا يُنَافِي تَوَقُّعَ الزَّوَالِ، أَمَّا إذَا لَمْ يُتَوَقَّعْ فَلَا فَرْقَ فِي أَفْضَلِيَّةِ التَّعْجِيلِ وَوُجُوبِ الْقَضَاءِ إذَا صَابَرُوا وَفَاتَهُمْ بَيْنَ سِعَةِ الْوَقْتِ وَضِيقِهِ. اهـ. شَيْخُنَا ذ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالْحِلِّ) وَلَا يَجُوزُ الذَّبْحُ بِغَيْرِهِ مَتَى أَمْكَنَ فِيهِ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ فُقَرَاءُ تَعَيَّنَ الذَّبْحُ فِيهِ إنْ أَمْكَنَ وَجَازَ نَقْلُ اللَّحْمِ لِأَقْرَبِ مَوْضِعٍ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الْحَصْرُ بِالْحَرَمِ جَازَ الذَّبْحُ، وَالتَّفْرِقَةُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْهُ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ يَقْضِي مُحْصَرٌ) أَيْ: حَيْثُ لَمْ يُفْسِدْهُ، وَإِلَّا بِأَنْ أَفْسَدَهُ، ثُمَّ أُحْصِرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>