للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِمْكَانِ بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ غَيْرَ مُسْتَقَرٍّ كَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ فِي الْأَوْلَى مِنْ سِنِي الْإِمْكَانِ اُعْتُبِرَتْ الِاسْتِطَاعَةُ بَعْدُ. وَكَالْمُحْصَرِ فِي ذَلِكَ الزَّوْجَةُ، وَالْفَرْعُ إذَا تَحَلَّلَا بِأَمْرِ الزَّوْجِ، وَالْأَصْلُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوع

(وَإِنْ عَبَرْ) دَرْبًا (أَطْوَلَ) ، أَوْ أَعْسَرَ (مِنْ مَعْهُودِ دَرْبٍ) أَيْ: مِنْ الدَّرْبِ الْمَعْهُودِ بِسَبَبِ الْحَصْرِ؛ لِيَتَخَلَّصَ مِنْهُ وَعُبُورُهُ وَاجِبٌ، وَإِنْ عَلِمَ الْفَوَاتَ (أَوْ صَبَرْ) عَلَى إحْرَامِهِ (يَرْجُو زَوَالَهُ) أَيْ: لِيَتَوَقَّعَ زَوَالَ الْإِحْصَارِ قَبْلَ الْفَوَاتِ (فَفَاتَ) أَيْ: فَفَاتَهُ النُّسُكُ فِي الصُّورَتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ، وَإِنْ تَرَكَّبَ السَّبَبُ مِنْ الْفَوَاتِ، وَالْإِحْصَارِ؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ مَا فِي وُسْعِهِ كَمَنْ صُدَّ مُطْلَقًا وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ فِي الْأُولَى أَنَّهُ لَوْ عَبَرَ دَرْبًا مِثْلَ الْمَعْهُودِ أَوْ أَقْرَبَ مِنْهُ فَفَاتَهُ النُّسُكُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فَوَاتٌ مَحْضٌ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: فِي الثَّانِيَةِ يَرْجُو زَوَالَهُ مَا إذَا لَمْ يَرْجُهُ فَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ؛ لِشِدَّةِ تَفْرِيطِهِ وَلَا يَجُوزُ التَّحَلُّلُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِحْصَارِ، وَإِنْ خَشِيَ الْفَوَاتَ بَلْ عَلَيْهِ الْمُضِيُّ فَإِنْ فَاتَ تَحَلَّلَ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ وَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَبِمَا تَقَرَّرَ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ حَالَيْ الرَّجَاءِ وَعَدَمِهِ قَرَّرَ السُّبْكِيُّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا قَالَ: وَطَرِيقَةُ الْعِرَاقِيِّينَ مُوجِبَةٌ لِلْقَضَاءِ فِي الْحَالَيْنِ؛ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّحَلُّلِ قَبْلَ الْفَوَاتِ، بِخِلَافِ عُبُورِهِ أَطْوَلَ الدَّرْبَيْنِ؛ إذْ لَا تَفْرِيطَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِعُبُورِهِ (تَنْبِيهٌ)

الْحَصْرُ، وَالْإِحْصَارُ لُغَتَانِ وَقَدْ اسْتَعْمَلَهُمَا النَّاظِمُ يُقَالُ: حَصَرَهُ الْعَدُوُّ أَوْ الْمَرَضُ وَأَحْصَرَهُ أَيْ: مَنَعَهُ، وَالْأُولَى أَشْهَرُ فِي حَصْرِ الْعَدُوِّ، وَالثَّانِيَةُ فِي حَصْرِ الْمَرَضِ

(وَإِذَا يَمْرَضُ) الْمُحْرِمُ (إنْ يَشْرِطْهُ) أَيْ: التَّحَلُّلَ بِالْمَرَضِ (إذْ ذَاكَ) أَيْ: وَقْتَ الْإِحْرَامِ (فَذَا) أَيْ: فَالتَّحَلُّلُ جَائِزٌ لَهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ لَهَا: أَرَدْت الْحَجَّ قَالَتْ: وَاَللَّهِ مَا أَجِدُنِي إلَّا وَجِعَةً فَقَالَ: حُجِّي وَاشْتَرِطِي وَقَوْلِي اللَّهُمَّ مَحَلِّي حَيْثُ حَبَسْتنِي» . وَقِيسَ بِالْحَجِّ الْعُمْرَةُ، وَالتَّحَلُّلُ فِي ذَلِكَ بِالنِّيَّةِ، وَالْحَلْقِ فَقَطْ نَعَمْ إنْ شَرَطَهُ بِهَدْيٍ لَزِمَهُ، أَمَّا إذَا لَمْ يَشْرِطْهُ بِالْمَرَضِ وَقْتَ الْإِحْرَامِ فَلَا تَحَلُّلَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ زَوَالَ الْمَرَضِ، بِخِلَافِ التَّحَلُّلِ بِالْحَصْرِ بَلْ يَصْبِرُ حَتَّى يَبْرَأَ فَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ أَتَمَّهَا، أَوْ بِحَجٍّ وَفَاتَهُ تَحَلَّلَ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ، وَلَوْ قَالَ: إنْ مَرِضْت فَأَنَا حَلَالٌ صَارَ حَلَالًا بِنَفْسِ الْمَرَضِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ وَعَلَيْهِ حَمَلُوا خَبَرَ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «مَنْ كُسِرَ، أَوْ عَرِجَ

ــ

[حاشية العبادي]

الِاسْتِطَاعَةِ عَلَى الْحَصْرِ وَعَدَمِهِ، إذَا كَانَ مُطْلَقًا لَا مُعَيَّنًا فِي عَامِ الْحَصْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَتْ الِاسْتِطَاعَةُ بَعْدُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَحِينَئِذٍ إنْ كَانَ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يُمْكِنُهُ فِيهِ الْحَجُّ فَالْأَوْلَى أَنْ يُحْرِمَ بِهِ وَيَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ بِمُضِيِّهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَعُبُورُهُ وَاجِبٌ، وَإِنْ عَلِمَ الْفَوَاتَ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: لَوْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تَكْفِيهِ لِهَذَا الدَّرْبِ سَاغَ لَهُ التَّحَلُّلُ فِي الْحَالِ وَلَا يَلْزَمُهُ سُلُوكُهُ قَالَ: وَاسْتَنْبَطَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الْحَائِضَ، إذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهَا الطَّوَافُ وَجَاءَتْ لِبَلَدِهَا مُحْرِمَةً، ثُمَّ لَمْ تَجِدْ نَفَقَةً يَسُوغُ لَهَا التَّحَلُّلُ. اهـ. أَقُولُ: فَلَوْ عَلِمَتْ وَهِيَ بِمَكَّةَ أَنَّ أَمْرَهَا سَيَصِيرُ إلَى ذَلِكَ هَلْ يَسُوغُ لَهَا الْخُرُوجُ مِنْ مَكَّةَ؟ هُوَ مُحْتَمَلٌ ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ مَا يُزِيلُ هَذَا حَيْثُ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِيمَنْ لَمْ تُمْكِنْهَا الْإِقَامَةُ بِمَكَّةَ إلَى أَنْ تَطْهُرَ، ثُمَّ اُنْظُرْ هَلْ يَجِبُ صَرْفُ الشَّاةِ لِفُقَرَاءِ الْحَرَمِ؛ نَظَرًا إلَى كَوْنِهِ مَبْدَأَ الْحَصْرِ؟ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ فِي صُورَةِ الصَّبْرِ: وَيَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ أَيْ بِعَمَلِهَا قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ: إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِلَّا تَحَلَّلَ بِتَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَيَتَحَلَّلُ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ إنْ أَمْكَنَهُ أَيْ: التَّحَلُّلُ بِهَا وَلَزِمَهُ دَمُ الْفَوَاتِ وَإِلَّا تَحَلَّلَ بِهَدْيٍ وَلَزِمَهُ آخَرُ لِلْفَوَاتِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يَشْرِطَهُ إلَخْ) هَلْ يُشْتَرَطُ اللَّفْظُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْآتِي؟ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الِاشْتِرَاطِ مِنْ اللَّفْظِ فَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ سم. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ إلَخْ) بَيَّنَ الْعَيْنِيُّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَذَلِكَ نِسْبَةٌ لَهَا إلَى جَدِّهَا فَقَالَ: مَا يَمْنَعُك يَا عَمَّتَاهُ مِنْ الْحَجِّ فَقَالَتْ: أَنَا امْرَأَةٌ سَقِيمَةٌ وَأَنَا أَخَافُ الْحَبْسَ قَالَ: فَاحْرِمِي وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحَلَّك حَيْثُ حُبِسَتْ» وَأَنَّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ عَنْ «ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ قَالَتْ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ فَكَيْفَ أُهِلُّ بِالْحَجِّ؟ قَالَ: قَوْلِي اللَّهُمَّ إنِّي أُهِلُّ بِالْحَجِّ إنْ أَذِنْت لِي بِهِ وَأَعَنْتنِي عَلَيْهِ وَيَسَّرْته لِي، وَإِنْ حَبَسْتَنِي فَعُمْرَةٌ، وَإِنْ حَبَسْتَنِي عَنْهُمَا جَمِيعًا فَمَحَلِّي حَيْثُ حَبَسْتنِي» . (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ التَّحَلُّلِ) فَإِنَّهُ يُفِيدُ زَوَالَ الْحَصْرِ أَيْ: فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا إذَا مَنَعَهُ الْعَدُوُّ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ

ــ

[حاشية الشربيني]

ثُمَّ تَحَلَّلَ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَكِنْ لِلْإِفْسَادِ لَا لِلْإِحْصَارِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ: وَاجِبٌ) أَيْ: لِيَصِلَ الْبَيْتَ وَيَفْعَلَ مَقْدُورَهُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَرَكَّبَ السَّبَبُ) أَيْ سَبَبُ التَّحَلُّلِ. (قَوْلُهُ: تَحَلَّلَ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ) أَيْ: إنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِلَّا تَحَلَّلَ كَالْمُحْصَرِ شَرْحُ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: بِالْمَرَضِ) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ عب: الَّذِي يَظْهَرُ ضَبْطُهُ بِمَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ.

(قَوْلُهُ: مَحِلِّي) بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ: تَحَلُّلِي. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: بِالنِّيَّةِ، وَالْحَلْقِ فَقَطْ) وَفَارَقَ الْمُحْصَرَ بِالْعَدُوِّ بِأَنَّ تَحَلُّلَهُ لَيْسَ مُتَرَتِّبًا عَلَى شَرْطِهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ وُجُودُهُ وَلَا عَدَمُهُ بِخِلَافِ تَحَلُّلِ نَحْوِ الْمَرَضِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ إلَخْ) لَمْ يَجْعَلْهُ مَشْمُولًا لِلْحَدِيثِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ: إذَا مَرِضْت تَخَيَّرْت تَخَيَّرَ إذَا مَرِضَ قَالَهُ الدَّارِمِيُّ اهـ شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.

(قَوْلُهُ: حَمَلُوا إلَخْ) لِتَعَذُّرِ حَمْلِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ بِوِفَاقِ الْخَصْمِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَكَالْمَرَضِ إلَخْ) أَيْ: فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>