فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ» ، وَلَوْ قَالَ: إنْ مَرِضْت قَلَبْت حَجِّي عُمْرَةً صَحَّ. وَكَالْمَرَضِ فِيمَا ذُكِرَ غَيْرُهُ مِنْ الْأَعْذَارِ كَضَلَالِ طَرِيقٍ، وَنَفَادِ نَفَقَةٍ وَخَطَأٍ فِي الْعَدَدِ فَالِاحْتِيَاطُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ
(وَمَنْ يَفُتْهُ الْحَجُّ) بِأَنْ يَفُوتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ بِطُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ، سَوَاءٌ كَانَ بِعُذْرٍ كَنَوْمٍ أَمْ لَا (فَلْيُحَلِّلْ) نَفْسَهُ (بِكُلِّ مَا لِعُمْرَةٍ مِنْ عَمَلِ) مِنْ طَوَافٍ وَسَعْيٍ إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى، وَحَلَقَ لِمَشَقَّةِ مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ، كَذَا عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ: يُوهِمُ عَدَمَ وُجُوبِ تَحَلُّلِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْمَنْقُولُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَغَيْرِهِ وُجُوبُهُ وَأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ اسْتِدَامَةُ إحْرَامِهِ إلَى قَابِلٍ لِزَوَالِ وَقْتِهِ كَالِابْتِدَاءِ فَلَوْ اسْتَدَامَهُ حَتَّى حَجَّ بِهِ مِنْ قَابِلٍ لَمْ يُجْزِهِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الشَّافِعِيِّ؛ لِخُرُوجِهِ مِنْ الْحَجِّ بِفَوَاتِ وَقْتِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ.
قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَكَأَنَّهُ شَبَّهَ الْفَوَاتَ بِالْفَسَادِ. اهـ. وَلَيْسَ مَا تَحَلَّلَ بِهِ عُمْرَةً حَقِيقَةً كَمَا أَفْهَمَهُ تَعْبِيرُ النَّظْمِ بِعَمَلِهَا وَلِهَذَا لَا يُجْزِئُهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ إحْرَامَهُ انْعَقَدَ لِنُسُكٍ، فَلَا يَنْصَرِفُ لِلْآخَرِ كَعَكْسِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَبِمَا فَعَلَهُ مِنْ عَمَلِ الْعُمْرَةِ يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ الثَّانِي، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَيَحْصُلُ بِوَاحِدٍ مِنْ الْحَلْقِ، وَالطَّوَافِ الْمَتْبُوعِ بِالسَّعْيِ لِسُقُوطِ حُكْمِ الرَّمْيِ بِالْفَوَاتِ فَصَارَ كَمَنْ رَمَى وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ الْعُمْرَةِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّظْمِ (وَلْيَقْضِ) عَلَى الْفَوْرِ (حَجًّا) أَيْ: الْحَجَّ الَّذِي فَاتَهُ؛ لِخَبَرِ عُمَرَ الْآتِي، وَلِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ تَقْصِيرٍ كَالْمُفْسِدِ وَبِهَذَا فَارَقَ الْمُحْصَرَ وَأَطْلَقَ كَالشَّافِعِيِّ، وَغَيْرِهِ الْقَضَاءَ وَقَيَّدَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِالنَّقْلِ، أَمَّا الْفَرْضُ فَبَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ يُوهِمُ بَقَاءَهُ عَلَى التَّرَاخِي، وَقَدْ قَالَا فِي الْحَجِّ الْفَاسِدِ بِالتَّسْوِيَةِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: قَلَبْت حَجِّي عُمْرَةً) بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ: إنْ مَرِضْت فَحَجِّي عُمْرَةٌ وَقَضِيَّةُ مَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ السَّابِقَةِ «، وَإِنْ حَبَسْتَنِي فَعُمْرَةٌ» الصِّحَّةُ وَصَيْرُورَةُ إحْرَامُهُ عُمْرَةً. (قَوْلُهُ: قَلَبْت حَجِّي عُمْرَةً) يَنْبَغِي امْتِنَاعُ الْعَكْسِ بِأَنْ يَقُولَ: إنْ مَرِضْتُ قَلَبْت عُمْرَتِي حَجًّا فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ شَرْطُ قَلْبِ الْحَجِّ عُمْرَةً؛ لِأَنَّ فِيهِ تَخْفِيفًا وَلَا تَخْفِيفَ فِي الْعَكْسِ.
(قَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ: فَإِذَا مَرِضَ جَازَ لَهُ قَلْبُهُ عُمْرَةً فَلَوْ وَجَدَ الْمَرَضَ فِي الْحَرَمِ وَأَرَادَ الْقَلْبَ لَمْ يَجِبْ الْخُرُوجُ لِأَدْنَى الْحِلِّ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي الدَّوَامِ م ر
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَفُوتُهُ الْوُقُوفُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ قَبْلَ الْفَوَاتِ، وَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَا يُدْرِكَهُ وَلَهُ نَظَائِرُ سم. (قَوْلُهُ: بِكُلِّ مَا لِعُمْرَةٍ مِنْ عَمَلِ) يَنْبَغِي أَنْ تُشْتَرَطَ النِّيَّةُ فِي ذَلِكَ كَمَا فِي تَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ، ثُمَّ قَوْلُهُ: بِعَمَلِ عُمْرَةٍ يُفِيدُك أَنَّهُ لَا يَجِبُ رَمْيٌ وَلَا مَبِيتٌ وَهُوَ كَذَلِكَ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَقَوْلُهُ: أَنْ تُشْتَرَطَ النِّيَّةُ أَيْ: نِيَّةُ التَّحَلُّلِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِيَ: وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ الْعُمْرَةِ. وَقِيَاسُ كَوْنِهَا لَيْسَتْ عُمْرَةً بَلْ أَعْمَالُ عُمْرَةٍ وُجُوبُ اقْتِرَانِ النِّيَّةِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَعْمَالِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وُجُوبُهُ) أَيْ: فَوْرًا لِئَلَّا يَصِيرَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَتَحَصَّلْ مِنْهُ عَلَى الْمَقْصُودِ؛ إذْ الْحَجُّ عَرَفَةَ كَمَا مَرَّ حَجَرٌ.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مُرَادُهُ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّحَلُّلِ. (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ شَبَّهَ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ فِي قَوْلِهِ: بِالْفَسَادِ. اهـ. وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَفَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَابِرَ الْإِحْرَامَ لِلطَّوَافِ، وَالسَّعْيِ؛ لِبَقَاءِ وَقْتِهِمَا مَعَ تَبَعِيَّتِهِمَا لِلْوُقُوفِ فَإِنَّ الرُّكْنَ الْأَعْظَمَ شَرْحٌ رَوْضٌ. (قَوْلُهُ: بِوَاحِدٍ مِنْ الْحَلْقِ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ صَرِيحٌ
ــ
[حاشية الشربيني]
يَتَحَلَّلُ بِذَلِكَ إلَّا إنْ شَرَطَهُ
(قَوْلُهُ: فَيَحْصُلُ بِوَاحِدٍ) فَإِذَا جَامَعَ لَمْ يَفْسُدْ إحْرَامُهُ. اهـ. سم. (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) تَبِعَهُ حَجَرٌ فِي شَرْحِ بَافَضْلٍ فَقَالَ: وَيَقْضِي حَجَّةً فَوْرًا وُجُوبًا إنْ كَانَ تَطَوُّعًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ تَقْصِيرٍ فَإِنْ كَانَ فَرْضًا بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا كَانَ قَالَ الْمَدَنِيُّ: وَإِنَّمَا وَجَبَ الْفَوْرُ هُنَا فِي التَّطَوُّعِ؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ