للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحْرَمَ مِنْ دُونِهِ وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهِ، أَوْ إلَى مِثْلِهِ مَسَافَةً فَإِنَّ الدَّمَ عَلَى الْأَجِيرِ لِلْإِسَاءَةِ مَعَ حَطِّ التَّفَاوُتِ بَيْنَ أُجْرَتَيْ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَالْمَأْتِيِّ بِهِ، سَوَاءٌ أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ بِعُمْرَةٍ لِنَفْسِهِ أَمْ لَا وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ لِتَرْتِيبِ حُكْمِهِمَا عَلَى الْمُخَالَفَةِ (وَلَا نَحُطُّ) التَّفَاوُتَ (بِحَرَامٍ يَأْتِي) بِهِ الْأَجِيرُ مِنْ حَلْقٍ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ لَزِمَهُ دَمُ الْحَرَامِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ شَيْئًا مِنْ الْعَمَلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَكَ مَأْمُورًا بِهِ كَالرَّمْيِ (وَحُسِبَتْ مَسَافَةٌ) مِنْ مَحَلِّ الْإِجَارَةِ عِنْدَ اعْتِبَارِ أُجْرَتَيْ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَالْمَأْتِيِّ بِهِ؛ إذْ الْأُجْرَةُ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ، وَالسَّيْرِ جَمِيعًا بَلْ تَعَبُ السَّيْرِ أَكْثَرُ وَيُرَاعَى فِيهَا السُّهُولَةُ، وَالْخُشُونَةُ، لَا مُجَرَّدُ الْفَرَاسِخِ وَلَا يَمْنَعُ حِسَابَهَا صَرْفُهُ الْعَمَلِ فِيهَا لِغَرَضِهِ كَأَنْ جَاوَزَ مَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ بِعُمْرَةٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ تَحْصِيلَ نُسُكِ الْمُسْتَأْجِرِ إلَّا أَنَّهُ أَرَادَ رِيحَ عُمْرَةٍ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهِ.

وَأَوْضَحَ النَّاظِمُ مِنْ زِيَادَتِهِ مَا تَضْمَنَّهُ حِسَابُ الْمَسَافَةِ بِقَوْلِهِ: (أَيْ وَيُحَطْ نِسْبَةُ مَا تَفَاوَتَا) أَيْ: الْأَجْرَانِ (بِهِ فَقَطْ) مَعَ أَنَّ هَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فَلَوْ أَمَرَهُ بِحَجٍّ فَأَحْرَمَ بِهِ مِنْ دُونِ الْمِيقَاتِ فَيُحَطُّ بِنِسْبَةِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ أُجْرَةِ حَجَّةٍ مِنْ بَلَدِ الْإِجَارَةِ، إحْرَامُهَا مِنْ الْمِيقَاتِ، وَأُجْرَةِ حَجَّةٍ مِنْ تِلْكَ الْبَلَدِ، إحْرَامُهَا مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ فَإِذَا كَانَتْ الْأُولَى مِائَةً، وَالثَّانِيَةُ تِسْعِينَ حُطَّ عُشْرُ الْمُسَمَّى؛ إذْ التَّفَاوُتُ بِالْعَشَرَةِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ فَأَفْرَدَ فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الْعَيْنِ حَطَّ حِصَّةَ الْعُمْرَةِ لِتَأْخِيرِهَا عَنْ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ، أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ حُطَّ التَّفَاوُتُ، وَإِلَّا، فَلَا؛ لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا، أَوْ بِالْقِرَانِ فَتَمَتَّعَ فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الْعَيْنِ حُطَّ حِصَّةُ الْحَجِّ لِتَأْخِيرِهِ عَنْ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ، أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ حُطَّ التَّفَاوُتُ وَإِلَّا فَلَا، أَوْ بِالْإِفْرَادِ فَقَرَنَ فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الْعَيْنِ فَالْعُمْرَةُ لَمْ تَقَعْ فِي وَقْتِهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْحَجِّ وَحْدَهُ فَقَرَنَ

وَالْأَصَحُّ فِيهِ وُقُوعُ النُّسُكَيْنِ عَنْ الْأَجِيرِ، أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَقَعَا لِلْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهُ كَالْإِفْرَادِ فِي الْإِجْزَاءِ وَيُحَطُّ التَّفَاوُتُ، أَوْ تَمَتَّعَ فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الْعَيْنِ، وَقَدْ أَمَرَهُ بِتَأْخِيرِ الْعُمْرَةِ فَقَدْ وَقَعَتْ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا فَيَحُطُّ حِصَّتَهَا، وَإِنْ أَمَرَهُ بِتَقْدِيمِهَا، أَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ وَقَعَا عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَيُحَطُّ التَّفَاوُتُ وَعَلَى الْأَجِيرِ دَمٌ إنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ (ثُمَّ لِيَصُمْ) أَيْ: ثُمَّ إنْ عَجَزَ عَنْ الشَّاةِ فِي الْمَذْكُورَاتِ السِّتَّةِ مِنْ التَّمَتُّعِ وَمَا بَعْدَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

الشَّاةُ الْمَذْكُورَةُ. (قَوْلُهُ: أَوْ إلَى مِثْلِهِ إلَخْ) قِيَاسُ مَا سَبَقَ فِي الْحَاشِيَةِ عَلَى قَوْلِهِ: الْأَعْلَى مِنْ قَبْلِ نُسُكٍ رَجَعَا اعْتِبَارًا لِرُجُوعِ الْمِيقَاتِ مِثْلُ مَسَافَتِهِ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي الرُّجُوعُ لِمِثْلِ مَسَافَتِهِ مِنْ غَيْرِ وُصُولِ الْمِيقَاتِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقِصْ شَيْئًا مِنْ الْعَمَلِ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: قَدْ نَقَصَ مِنْ فَضْلِ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ارْتِكَابَ الْحَرَامِ فِي النُّسُكِ يُنْقِصُ فَضْلَهُ، وَالْغَرَضُ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.

(قَوْلُهُ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَانْفَسَخَتْ إجَارَةُ عَيْنٍ فِي عُمْرَةٍ إنْ أَبْدَلَ بِقِرَانٍ، أَوْ تَمَتُّعٍ إفْرَادًا أَوْ بِإِفْرَادٍ تَمَتُّعًا وَفِي حَجّ إنْ أَبْدَلَ بِقِرَانٍ تَمَتُّعًا فِيهِمَا إنْ أَبْدَلَ بِإِفْرَادِ قِرَانًا. اهـ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْ: الْإِرْشَادِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ أَبْدَلَ بِالتَّمَتُّعِ قِرَانًا لَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ فِيهِ بَيْنَ إجَارَةِ الذِّمَّةِ، وَالْعَيْنِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ قَالَا: لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا؛ لِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِالنُّسُكَيْنِ مِنْ الْمِيقَاتِ لَوْ كَانَ مَأْمُورًا بِأَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ إنَّ عَدَّدَ الْأَفْعَالَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا أَطْلَقَاهُ كَالْمُتَوَلِّي وَنَازَعَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ انْتِفَاءَ الدَّمِ مَمْنُوعٌ لِتَصْرِيحِ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ بِوُجُوبِهِ وَإِنْ عَدَّدَ الْأَفْعَالَ، وَرُدَّ بِأَنَّ مُرَادَهُمَا أَنَّهُ لَا دَمَ عَلَى الْأَجِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسِئْ بِالْمُخَالَفَةِ بَلْ زَادَ خَيْرًا فَالدَّمُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِإِذْنِهِ فِي مُوجِبِهِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: لِتَأْخِيرِهَا إلَخْ) فَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِيهَا.

(قَوْلُهُ: لِتَأْخِيرِهِ) فَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ إلَخْ) أَيْ: فَتُفْسَخُ الْإِجَارَةُ فِيهِمَا مَعًا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَفْتَرِقَانِ لِاتِّحَادِ الْإِحْرَامِ وَلَا يُمْكِنُ صَرْفُ مَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ الْمُسْتَأْجِرِ إلَيْهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَحَلُّ وُقُوعِهِمَا لِلْأَجِيرِ مَا إذَا كَانَ الْمَحْجُوجُ عَنْهُ حَيًّا فَإِنْ كَانَ مَيِّتًا وَقَعَا لَهُ بِلَا خِلَافٍ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَالْأَصْحَابُ قَالُوا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ الْأَجْنَبِيُّ وَيَعْتَمِرَ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ وَلَا إذْنِ وَارِثٍ بِلَا خِلَافٍ كَمَا يَقْضِيَ دَيْنَهُ شَرْحُ رَوْضٍ. (قَوْلُهُ: وُقُوعُ النُّسُكَيْنِ) فَقَدْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ: فَقَدْ وَقَعَتْ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا) نَعَمْ إنْ أَتَى بِهَا عَنْهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْحَجِّ فَلَا انْفِسَاخَ فَلْيُحْمَلْ الِانْفِسَاخُ فِيهَا عَلَى الِانْفِسَاخِ ظَاهِرًا، أَوْ عَلَى الِانْفِسَاخِ فِي الْعُمْرَةِ الَّتِي قَدَّمَهَا وَمَا قَالَهُ قَيَّدَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِمَا قَيَّدَ بِهِ مَسْأَلَةَ الْقِرَانِ السَّابِقَةِ شَرْحُ رَوْضٍ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمَرَهُ بِتَقْدِيمِهَا) وَقَوْلُهُمْ: وَأُمِرَ بِتَقْدِيمِهَا فِيهِ تَسَمُّحٌ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَهَا لَا يَأْتِي فِي الْإِفْرَادِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ، ثُمَّ قَالَ: فَلْيُؤَوَّلْ عَلَى أَمْرِهِ بِتَقْدِيمِهَا عَلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ أَيْ: فَيَكُونُ ذَلِكَ إفْرَادًا عَلَى وَجْهٍ وَيَكُونُ صُورَتُهَا أَنْ يَأْتِيَ بِهَا الْأَجِيرُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لِيُتَصَوَّرَ لُزُومُ الدَّمِ حَجَرٌ وَشَرْحٌ رَوْضٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: مِنْ مَحَلِّ الْإِجَارَةِ) أَيْ: إلَى بُلُوغِ الْمَقْصِدِ لِمَعْرِفَةِ قَدْرِ التَّفَاوُتِ الْمَحْطُوطِ مِنْ الْمُسَمَّى. (قَوْلُهُ: صَرْفُهُ الْعَمَلِ فِيهَا لِغَرَضِهِ) أَيْ فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ لَهُ مِنْ الْمِيقَاتِ الْمُعَيَّنِ لَهُ، ثُمَّ يَحُجُّ لِلْمُسْتَأْجِرِ مِنْ دُونِهِ وَلَمْ يَعُدْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ إلَخْ) هَذَا مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ إشَارَةِ الْمُتَوَلِّي وَقَالَ: إنَّهُ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ وَمَنَعَ الزَّرْكَشِيُّ الْقِيَاسَ وَفَرَّقَ بِأَنَّهُ ثَمَّ لَمَّا أَفْرَدَ انْقَضَى وَقْتُ الْعُمْرَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَمَتَّعَ، فَإِنَّ وَقْتَ الْحَجِّ بَاقٍ وَإِنَّمَا مَضَى بَعْضُهُ وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وُقُوعُ النُّسُكَيْنِ عَنْ الْأَجِيرِ) أَيْ: إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَحْجُوجُ عَنْهُ مَيِّتًا وَإِلَّا وَقَعَا لَهُ لِجَوَازِ الْحَجِّ، وَالِاعْتِمَارِ عَنْهُ بِلَا إذْنٍ وَلَا وَصِيَّةٍ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ وَقَدْ تَقَدَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>