الْوَدَاعِ لِخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ السَّابِقِ فَقَوْلُهُ (شَاةُ مُضَحٍّ) فَاعِلُ تَلْزَمُ كَمَا تَقَرَّرَ، وَيَجُوزُ جَعْلُهُ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَفَاعِلَ يَلْزَمُ ضَمِيرًا يَرْجِعُ لِلدَّمِ قَبْلَهُ وَنَبَّهَ بِإِضَافَةِ شَاةٍ إلَى مُضَحٍّ عَلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهَا صِفَةُ الْأُضْحِيَّةِ (وَعَلَى الْأَجِيرِ تِلْكَ) أَيْ الشَّاةُ (إذَا خَالَفَ) مُسْتَأْجِرَهُ (فِي الْمَأْمُورِ) بِهِ لِلُزُومِهَا بِمُخَالَفَتِهِ، سَوَاءٌ تَضَمَّنَ أَمْرُهُ لُزُومَ دَمٍ كَأَنْ أَمَرَهُ بِالْقِرَانِ فَتَمَتَّعَ أَوْ بِالْعَكْسِ، وَلَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ فِيهِمَا أَمْ لَمْ يَتَضَمَّنْ ذَلِكَ كَأَنْ أَمَرَهُ بِالْإِفْرَادِ فَتَمَتَّعَ، أَوْ قَرَنَ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْعُدُولَ عَنْ الْجِهَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا إلَى غَيْرِهَا لَا يَقْدَحُ فِي وُقُوعِ النُّسُكِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَأَوْرَدَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إذَا خَالَفَ لَمْ يَقَعْ الْمَأْتِيُّ بِهِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْإِذْنِ لَهُ كَمَا فِي مُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ مُوَكِّلَهُ وَأَجَابَ الْإِمَامُ بِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْمُسْتَأْجِرِ فِي ذَلِكَ كَمُخَالَفَةِ الشَّرْعِ فِيمَا لَا يَفْسُدُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ النُّسُكُ لِنَفْسِهِ بَلْ لِلَّهِ تَعَالَى قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يُحَصِّلُهُ لِنَفْسِهِ بَلْ يُحَصِّلُهُ لِيُخْرِجَ نَفْسَهُ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ، وَالْمُخْرَجُ مُخْتَلِفُ الْفَضَائِلِ فَلْيُرَاعَ غَرَضُهُ فِيهِ، ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ مُخَالَفَةَ الشَّرْعِ فِيمَا لَا يَفْسُدُ بِهَا يَسْتَحِيلُ وُقُوعُهُ مَعَهَا بِغَيْرِ الْمُبَاشِرِ، وَقَدْ أَتَى بِهِ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ مُخَالَفَةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ؛ إذْ لَا ضَرُورَةَ فِيهَا إلَى وُقُوعِهِ عَنْهُ مَعَهَا بَلْ يُمْكِنُ صَرْفُهُ لِلْمُبَاشِرِ عَلَى الْمَعْهُودِ فِي نَظَائِرِهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يُخَالِفْهُ فَالدَّمُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى مَا أَمَرَهُ بِهِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ مُعْسِرًا فَالصَّوْمُ عَلَى الْأَجِيرِ لِاعْتِبَارِ بَعْضِهِ فِي الْحَجِّ (بِحَطِّنَا) أَيْ مَعَ حَطِّنَا مِنْ الْمُسَمَّى لِلْأَجِيرِ (تَفَاوُتًا) بَيْنَ أُجْرَتَيْ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَالْمَأْتِيِّ بِهِ.
(مَعَ) لُزُومِ (الدَّمِ) لَهُ وَلَا يَمْنَعُ لُزُومُهُ حَطَّ التَّفَاوُتِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَا يُجْبِرُهُ الْحَطُّ الَّذِي هُوَ حَقُّ الْآدَمِيِّ كَمَا فِي التَّعَرُّضِ لِلصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ (كَالْحُكْمِ فِيهِمَا) أَيْ: الدَّمِ، وَحَطِّ التَّفَاوُتِ (إذَا لَمْ يُحْرِمْ لِمَنْ لَهُ اكْتَرَى) أَيْ: إذَا لَمْ يَحْرُمْ الْأَجِيرُ لِمَنْ أَكْتَرَاهُ لِلنُّسُكِ (مِنْ الْمِيقَاتِ) الشَّرْعِيِّ، أَوْ الْمُعَيَّنِ بَلْ
ــ
[حاشية العبادي]
مَسَافَةِ الْقَصْرِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْعَكْسِ) أَيْ: وَلَمْ يُعَدِّدَ الْأَفْعَالَ بِخِلَافِ مَا، إذَا عَدَّدَهَا بِأَنْ أَتَى بِطَوَافَيْنِ وَسَعْيَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ خِلَافًا لِمَا زَعَمَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ يَعْنِي الْجَوْجَرِيَّ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْعَكْسِ) قَالَ الْقَرَافِيُّ: أَيْ: إنْ لَمْ يُعَدِّدْ الْأَفْعَالَ فَإِنْ عَدَّدَهَا فَالدَّمُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا يُحَطُّ شَيْءٌ مِنْ الْمُسَمَّى. اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَإِنْ قَرَنَ أَيْ: مَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْمُتَمَتِّعِ وَعَدَّدَ أَفْعَالَ النُّسُكَيْنِ، فَقَدْ زَادَ خَيْرًا. اهـ. وَبَيَّنَ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِتَعَدُّدِهَا أَنْ يَأْتِيَ بِطَوَافَيْنِ وَسَعْيَيْنِ وَرَدَّ قَوْلَ الْإِسْنَوِيِّ: إنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْعَوْدُ إلَى الْمِيقَاتِ وَقَوْلَهُ: فَقَدْ زَادَ خَيْرًا قَالَ فِي شَرْحِهِ: لِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِالنُّسُكَيْنِ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَكَانَ مَأْمُورًا بِأَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: فِيهِمَا) مَفْهُومُهُ فِيمَا لَوْ أَمَرَهُ بِالتَّمَتُّعِ فَقَرَنَ أَنَّهُ لَوْ عَادَ لِلْمِيقَاتِ وَلَمْ يُعَدِّدْ الْأَفْعَالَ لَمْ يَلْزَمْهُ الدَّمُ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا فِي الرَّوْضِ وَلَا فِي شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَرَنَ) وَلَمْ يُعَدِّدْ الْأَفْعَالَ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: لَا يَقْدَحُ فِي وُقُوعِ النُّسُكِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ فِي الْجُمْلَةِ أَوْ، إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ قَدْ لَا يَقَعُ عَنْهُ مَا أَتَى بِهِ كُلُّهُ، أَوْ بَعْضُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا نَقَلَهُ عَنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِقَوْلِهِ الْآتِي آخِرَ الصَّفْحَةِ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْقِرَانِ، أَوْ التَّمَتُّعِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ مُعْسِرًا إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ (فَرْعٌ)
وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ شَخْصٌ لِحَجٍّ وَآخَرُ لِعُمْرَةٍ فَتَمَتَّعَ عَنْهُمَا، أَوْ اعْتَمَرَ أَجِيرٌ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ، ثُمَّ حَجَّ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ كَانَ قَدْ تَمَتَّعَ بِالْإِذْنِ مِنْ الْمُسْتَأْجَرِينَ، أَوْ أَحَدِهِمَا فِي الْأُولَى، وَمِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الثَّانِيَةِ فَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْإِذْنَيْنِ، أَوْ الْآذِنِ، وَالْأَجِيرِ نِصْفُ الدَّمِ إنْ أَيْسَرَ، أَوْ أَعْسَرَ، أَوْ أَحَدُهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ فَالصَّوْمُ عَلَى الْأَجِيرِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُ فِي الْحَجِّ، أَوْ تَمَتَّعَ بِلَا إذْنٍ مِمَّنْ ذُكِرَ لَزِمَهُ دَمَانِ دَمٌ لِلتَّمَتُّعِ وَدَمٌ لِأَجْلِ الْإِسَاءَةِ بِمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ. (قَوْلُهُ: مَعَ لُزُومِ الدَّمِ) وَهُوَ
[حاشية الشربيني]
اهـ. نَاشِرِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْعَكْسِ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلتَّمَتُّعِ فَقَرَنَ وَعَدَّدَ أَفْعَالَ النُّسُكَيْنِ فَقَدْ زَادَ خَيْرًا؛ لِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِالنُّسُكَيْنِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَكَانَ مَأْمُورًا بِأَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَفْعَالِ الْحَجِّ حُطَّ التَّفَاوُتُ وَعَلَيْهِ دَمٌ لِنُقْصَانِ الْأَفْعَالِ، لَكِنْ إنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ كَانَ الدَّمُ عَلَيْهِ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ وَإِنْ عَدَّدَ الْأَفْعَالَ وَمَفْهُومُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ عَادَ لِلْمِيقَاتِ وَلَمْ يُعَدِّدْ الْأَفْعَالَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الدَّمُ وَقَدْ عَلِمْت مِنْ كَلَامِ شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ دَمَ عَدَمِ الْعَوْدِ لِلْمِيقَاتِ إنَّمَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ لِمَا مَرَّ، وَالدَّمُ اللَّازِمُ لِلْأَجِيرِ سَبَبُهُ عَدَمُ تَعَدُّدِ الْأَفْعَالِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) قَالَ حَجَرٌ فِي حَوَاشِي الْإِرْشَادِ: لَك أَنْ تَقُولَ الْحَقُّ مَا أَجَابَ بِهِ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَهُ لِغَرَضِ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ عَنْ الْعُهْدَةِ اللَّازِمَةِ لَهُ بِالْإِجَارَةِ إنَّمَا يُعَدُّ مِنْ الِانْتِفَاعَاتِ الْأُخْرَوِيَّةِ لَا الدُّنْيَوِيَّةِ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا فَاتَّضَحَ بِهَذَا أَنَّ الْمُخَالَفَةَ هُنَا كَمُخَالَفَةِ الشَّرْحِ فِيمَا لَا تُفْسِدُهُ الْمُخَالَفَةُ وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا فِي فَرْقِ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ أَنَّهُ يُحَصِّلُهُ لِنَفْسِهِ لِيُخْرِجَهَا عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَصْدَ يُصَيِّرُهُ مِنْ الِانْتِفَاعَاتِ الْأُخْرَوِيَّةِ وَهِيَ لَا دَخْلَ لَهَا فِي الْوُقُوعِ عَنْ النَّفْسِ بِالنِّسْبَةِ لِأَحْكَامِ الدُّنْيَا وَلَا فِي عَدَمِ الْوُقُوعِ وَكَوْنُ الْمَخْرَجِ مُخْتَلِفِ الْفَضَائِلِ أَمْرٌ تَابِعٌ لَا مَقْصُودٌ فَلَمْ يَنْظُرُوا إلَيْهِ عَلَى أَنَّهُمْ رَاعُوهُ بِإِيجَابِهِمْ فِي الْمُخَالَفَةِ الدَّمَ، وَالْحَطَّ اللَّذَيْنِ يُصَيِّرَانِ مَا أَتَى بِهِ فَاضِلًا فَكَأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ. اهـ. أَيْ مَعَ جَوَازِ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ الْإِفْرَادُ وَأَخَوَاهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَجَازَتْ لِلْأَجِيرِ أَيْضًا مَعَ جَبْرِ النَّقْصِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت حَاصِلَ هَذَا الْجَوَابِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْفَرْقُ إلَخْ) هُوَ لِلرَّافِعِيِّ أَيْضًا فَهُوَ اعْتِرَاضٌ بِالْفَرْقِ بَعْدَ الْمَنْعِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَتَى إلَخْ) لَعَلَّهُ حَالٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute