للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْمُتَمَتِّعِ. وَتَقْيِيدُهُمْ بِقَبْلِ يَوْمِ عَرَفَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْعَوْدُ إلَى الْمِيقَاتِ، ثُمَّ إلَى عَرَفَاتٍ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ، وَإِلَّا فَإِنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ. وَتَعْبِيرُهُ بِحَاضِرِ الْمَسْجِدِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْمَكِّيِّ، وَتَفْسِيرُهُ لَهُ بِقَوْلِهِ: مَنْ لَا بَعُدَا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَأَلِفُ أَفْسَدَا لِلْإِطْلَاقِ كَأَلِفِ بَعُدَا كَمَا عُرِفَ، وَيَجُوزُ جَعْلُهَا ضَمِيرًا لِلْمُتَمَتِّعِ، وَالْقَارِنِ (وَ) يَلْزَمُهُ شَاةٌ (فِي الْفَوَاتِ) لِخَبَرِ عُمَرَ السَّابِقِ وَلِأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنْ تَرْكِ الْمِيقَاتِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الدَّمِ الْفَوَاتُ لَا أَنَّهُ يَذْبَحُهُ فِي سَنَتِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَأْخِيرُهُ إلَى سَنَةِ الْقَضَاءِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ قَبْلُ بِقَوْلِهِ: وَلْيَقْضِ بِدَمٍ، فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا دَمٌ وَاحِدٌ، وَوَقْتُ وُجُوبِهِ إذَا أَحْرَمَ بِالْقَضَاءِ كَمَا يَجِبُ دَمُ التَّمَتُّعِ بِالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَلِهَذَا لَوْ ذَبَحَ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ مِنْ الْفَائِتِ لَمْ يُجْزِهِ كَمَا لَوْ ذَبَحَ الْمُتَمَتِّعُ قَبْلَ فَرَاغِ عُمْرَتِهِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.

(وَ) فِي (تَرْكِ الْإِحْرَام مِنْ الْمِيقَاتِ) مَعَ إرَادَتِهِ الْإِحْرَامَ لِخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ «مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ» (إلَّا عَلَى مَنْ قَبْلَ نُسْكٍ رَجَعَا) أَيْ: إلَّا مَنْ رَجَعَ إلَى الْمِيقَاتِ، أَوْ مِثْلِهِ مَسَافَةً، وَلَوْ بَعْدَ إحْرَامِهِ قَبْلَ تَلَبُّسِهِ بِنُسُكٍ، فَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ الْمِيقَاتِ؛ لِقَطْعِهِ الْمَسَافَةَ مُحْرِمًا، وَأَدَائِهِ الْمَنَاسِكَ بَعْدَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعُدْ، أَوْ عَادَ بَعْدَ تَلَبُّسِهِ بِنُسُكٍ، وَلَوْ نَفْلًا كَطَوَافِ الْقُدُومِ (وَ) فِي تَرْكِ (الرَّمْيِ) كُلِّهِ، أَوْ ثَلَاثِ رَمَيَاتٍ كَمَا مَرَّ وَإِنَّمَا أَعَادَهُ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَقْدِيرٍ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا هُنَا كَانَ أَخْصَرَ (وَ) فِي تَرْكِ (الطَّوَافِ مِمَّنْ وَدَّعَا) أَيْ: طَوَافِ

ــ

[حاشية العبادي]

قِيلَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْرِقَةِ، وَالتَّعْلِيلِ بِرَدِّهِ الْمُدْرَكِ؛ إذْ الَّذِي لَحَظُوهُ فِي اسْتِوَائِهِمَا فِي أَنَّ الْعَوْدَ إنَّمَا يَنْفَعُ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ وَاجِبٍ كَالْوُقُوفِ أَوْ مَنْدُوبٍ كَطَوَافِ الْقُدُومِ أَوْ الْوَدَاعِ الْمَسْنُونُ هُوَ أَنَّهُ بِالتَّلَبُّسِ بِذَلِكَ صَارَ مُتَلَبِّسًا بِالْمَقْصُودِ كَالْوُقُوفِ، أَوْ بِمَا يُشْبِهُهُ كَالطَّوَافِ وَبِالتَّلَبُّسِ بِذَلِكَ يَتَعَذَّرُ الدَّمُ فَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَ لِذَلِكَ قَبْلَ تَلَبُّسِهِ بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَضَى لِإِيجَابِ الدَّمِ وَهُوَ رِبْحُ الْمِيقَاتِ كَمَا قَدْ زَالَ بِعَوْدِهِ إلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ قَطْعُ مِثْلِهِ مَسَافَةً أَدْنَى الْمَوَاقِيتِ مُحْرِمًا، وَمِنْ ثَمَّ اُكْتُفِيَ هُنَا بِالْمِيقَاتِ الْأَقْرَبِ بِخِلَافِهِ فِي الْمُجَاوَزَةِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ قَضَاءٌ لِمَا فَوَّتَهُ بِإِسَاءَتِهِ؛ لِأَنَّهُ دَمُ إسَاءَةٍ بِخِلَافِهِ هُنَا. اهـ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ) الشَّرْطُ أَنْ يَعُودَ قَبْلَ الْوُقُوفِ، وَلَوْ كَانَ قَدْ تَلَبَّسَ بِنُسُكٍ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَفِيهِ مَا عَلِمْته مِنْ الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى.

(قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُتَمَتِّعِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَوْدِهِ إلَى الْمِيقَاتِ عَوْدُهُ إلَى الْمِيقَاتِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ، أَوْ إلَى مِثْلِ مَسَافَتَهُ أَوْ إلَى مِيقَاتٍ آخَرَ، وَإِنْ كَانَ دُونَ مَسَافَةِ مِيقَاتِهِ كَمَا صَرَّحَ فِي الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ بِذَلِكَ فِي الْمُتَمَتِّعِ وَزَادَ فِي الْعُبَابِ نِيَّةَ الْعَوْدِ إلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ سِكَّةٍ قِيلَ: أَخَذَهُ مِمَّا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْفُورَانِيِّ وَأَقَرَّهُ، وَالْكِفَايَةُ وَغَيْرُهَا عَنْ الْعِدَّةِ، وَالْإِبَانَةِ وَمِمَّا فِي التَّهْذِيبِ، وَالْبَحْرِ مِنْ أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ لَوْ سَافَرَ بَعْدَ عُمْرَتِهِ مِنْ مَكَّةَ سَفَرَ قَصْرٍ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ سَنَةٍ لَا دَمَ عَلَيْهِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَرْحَلَتَيْنِ أَشْبَهَا مِيقَاتِ ذَاتِ عِرْقٍ وَغَيْرِهِ، وَالْعَوْدُ إلَى الْمِيقَاتِ يَسْقُطُ فَكَذَا مَا هُوَ عَلَى مَسَافَتِهِ وَلَيْسَ هَذَا مَبْنِيًّا عَلَى الضَّعِيفِ فِي حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؛ لِأَنَّ الْمَلْحَظَ هُنَا غَيْرُهُ، ثَمَّ وَهُوَ عَدَمُ رِبْحِ مِيقَاتٍ، وَمَنْ عَادَ لِمِثْلِ مَسَافَةِ أَدْنَى الْمَوَاقِيتِ لَمْ يَرْبَحْ مِيقَاتًا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ. اهـ. مَعَ تَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ ذَبَحَ الْمُتَمَتِّعُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ إجْزَاءُ إخْرَاجِ دَمِ الْفَوَاتِ بَيْنَ التَّحَلُّلِ، وَالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَهَذَا ظَاهِرٌ لَكِنْ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْإِحْرَامِ بِالْقَضَاءِ وَذَلِكَ فِي قَابِلٍ كَمَا أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَحَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ دَخَلَ وَقْتَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ، وَكَلَامُ الْأَصْلِ تَبَعًا لِلْعِرَاقِيِّينَ دَالٌّ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ. فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَيْ: صَاحِبِ الرَّوْضِ: وَلَا يُجْزِئُهُ إلَّا بَعْدَ إحْرَامِهِ بِالْقَضَاءِ تَصَرُّفٌ مِنْهُ هَكَذَا أَفْهَمَهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا يُخَالِفُهُ. اهـ. وَقَضِيَّةُ هَذَا مَعَ مَا يَأْتِي فِي الصَّوْمِ مِنْ أَنَّهُ يَصُومُ الثَّلَاثَةَ مَا بَيْنَ يَوْمِ النَّحْرِ، وَالْإِحْرَامِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَيَمْتَنِعُ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ فِي دَمِ الْفَوَاتِ وَإِنْ جَوَّزْنَا الذَّبْحَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ وَسَبَبُهُ أَنَّ الشَّرْعَ يَشْرِطُ كَوْنَ الثَّلَاثَةِ فِي الْحَجِّ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ.

(قَوْلُهُ: مَعَ إرَادَتِهِ الْإِحْرَامَ) حِينَ مُرُورِهِ بِهِ. (قَوْلُهُ: إلَى الْمِيقَاتِ، أَوْ مِثْلِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: مِنْ مِيقَاتٍ آخَرَ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: أَوْ إلَى مِيقَاتٍ مِثْلِهِ مَسَافَةً. اهـ. لَا إلَى مِيقَاتٍ آخَرَ دُونَ مِيقَاتِهِ عَلَى الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ وَلَا إلَى مِثْلِ مَسَافَةِ مِيقَاتِهِ مِنْ غَيْرِ وُصُولٍ لِمِيقَاتٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ وَفَارَقَ الْمُعْتَمِرَ بِأَنَّ هَذَا قَضَاءٌ لِمَا فَوَّتَهُ بِإِسَاءَتِهِ؛ لِأَنَّهُ دَمُ إسَاءَةٍ أَيْ: بِاعْتِبَارِ مَا مِنْ شَأْنِهِ فَاحْتِيجَ إلَى تَدَارُكِهِ وَلَا يَتِمُّ إلَّا بِعَيْنِهِ، أَوْ مِثْلُهَا فِي خُصُوصِ وَصْفِهِ وَهُوَ كَوْنُهُ مِيقَاتًا بِخِلَافِهِ ثَمَّ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ عَوْدُهُ بَعْدَ أَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ إلَى جِهَةِ مَكَّةَ بِقَدْرِ

ــ

[حاشية الشربيني]

سَيَذْكُرُهُ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُتَمَتِّعِ) مُقْتَضَى شَرْحِ م ر لِلْمِنْهَاجِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَوْدِ الْمُتَمَتِّعِ لِلْمِيقَاتِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ بِالْعُمْرَةِ، أَوْ مِثْلِ مَسَافَتِهِ، وَفِي غَيْرِهِ مَا يُفِيدُ الِاكْتِفَاءَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: إذَا أَحْرَمَ بِالْقَضَاءِ) أَيْ: دَخَلَ وَقْتُهُ.

(قَوْلُهُ: وَفِي تَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ) أَيْ: وَجَاوَزَهُ إلَى جِهَةِ مَكَّةَ، أَمَّا لَوْ جَاوَزَهُ إلَى جِهَةِ يَمِينِهِ، أَوْ يَسَارِهِ وَأَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقِيَاسُهُ فِي الْمَكِّيِّ أَنْ يُجَاوِزَ إلَى غَيْرِ جِهَةِ عَرَفَةَ ثُمَّ يُحْرِمُ مُحَاذِيًا لِمَكَّةَ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ قَالَ: وَلَمْ أَرَ مُصَرِّحًا بِهَذَا. اهـ. نَاشِرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: مِنْ الْمِيقَاتِ) الْمُرَادُ بِالْمِيقَاتِ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ، وَلَوْ مَوْضِعَ إرَادَةِ النُّسُكِ بَعْدَ الْمِيقَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>