بِالْعَجْزِ عَنْ الشَّاةِ فِي مَوْضِعِ الذَّبْحِ، فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ مَالُهُ الْغَائِبُ عَنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ يُعْتَبَرُ فِيهَا الْعَدَمُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ فِي بَدَلِ الدَّمِ تَأْقِيتًا بِكَوْنِهِ فِي الْحَجِّ.
وَلَا تَأْقِيتَ فِي الْكَفَّارَةِ، وَلَا يَجِبُ تَحْصِيلُ الدَّمِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَجِدُهُ قَبْلَ فَرَاغِ بَدَلِهِ لَمْ يَجِبْ انْتِظَارُهُ، وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ الثَّلَاثَةِ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ؛ إذْ الْأَوْلَى فِطْرُهُ كَمَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ فَيُنْدَبُ لِلْمُتَمَتِّعِ الْعَاجِزِ عَنْ الدَّمِ أَنْ يُحْرِمَ قَبْلَ سَادِسِ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَمْتَنِعُ تَقْدِيمُ الصَّوْمِ عَلَى الْإِحْرَامِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ؛ وَلِأَنَّ الْعِبَادَةَ الْبَدَنِيَّةَ لَا تَتَقَدَّمَ وَقْتَهَا فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ إلَى دَارِهِ بِأَنْ تَوَطَّنَ بِمَكَانٍ آخَرَ صَامَ بِهِ السَّبْعَةَ، وَلَا يَجُوزُ صَوْمُهَا فِي تَوَجُّهِهِ إلَى دَارِهِ؛ لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ لِلْعِبَادَةِ الْبَدَنِيَّةِ عَلَى وَقْتِهَا وَيُنْدَبُ تَتَابُعُ الثَّلَاثَةِ، وَالسَّبْعَةِ (وَفَرَّقَ الْقَضَا) أَيْ: وَلَوْ فَاتَهُ الثَّلَاثَةُ فِي الْحَجِّ فَرَّقَ فِي الْقَضَاءِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّبْعَةِ (عَلَى مِقْدَارِهِ) أَيْ: مِقْدَارِ تَفْرِيقِهِ بَيْنَهُمَا فِي الْأَدَاءِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ وَمُدَّةُ إمْكَانِ سَيْرِهِ إلَى دَارِهِ عَلَى الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ لِيَتِمَّ مُحَاكَاةُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: مَالُهُ الْغَائِبُ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: الْغَائِبُ) وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يُقْرِضَهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَالتَّيَمُّمِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِي بَدَلِ الدَّمِ تَأْقِيتًا بِكَوْنِهِ فِي الْحَجِّ) هَذَا قَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ دِمَاءَ الْحَجِّ الَّتِي لَا تَأْقِيتَ فِيهَا كَالْكَفَّارَةِ يُعْتَبَرُ فِيهَا الدَّمُ مُطْلَقًا فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ) وَلَا بِهِ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِمُؤَنِ سَفَرِهِ الْجَائِزِ فِيمَا يَظْهَرُ.
(قَوْلُهُ: صَامَ بِهِ السَّبْعَةَ) فَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ صَوْمِ بَعْضِ السَّبْعَةِ فِيهِ عَنْ التَّوَطُّنِ فِيهِ فَهَلْ لَهُ إتْمَامُ السَّبْعَةِ، وَلَوْ فِي حَالِ السَّيْرِ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ السَّبْعَةَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ فَلَا يُؤَثِّرُ مَا طَرَأَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا كَمَا لَوْ وَجَدَ الْهَدْيَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ، أَوْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ تَأْخِيرُ الْبَاقِي إلَى أَنْ يَتَوَطَّنَ غَيْرَهُ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَنْ شَرَعَ فِي السَّبْعَةِ بَعْدَ رُجُوعِهِ لِوَطَنِهِ الْأَصْلِيِّ، ثُمَّ قَبْلَ تَمَامِ السَّبْعَةِ اخْتَارَ تَرْكَ التَّوَطُّنِ فِيهِ فِي ذَلِكَ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ صَوْمِ الْعَشَرَةِ وَأَرَادَ قَرِيبُهُ أَنْ يَصُومَ عَنْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّفْرِيقُ فَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ مَكِّيًّا، وَكَانَ قَرِيبُهُ بِمِصْرَ وَأَرَادَ الصَّوْمَ عَنْهُ فَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ اللَّازِمَ لَهُ التَّفْرِيقُ بِمَا كَانَ يَلْزَمُ الْمَيِّتَ التَّفْرِيقُ بِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ التَّفْرِيقُ بِقَدْرِ مُدَّةِ السَّفَرِ إلَى مِصْرَ وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ مِصْرِيًّا مَثَلًا، لَكِنْ قَصَدَ التَّوَطُّنَ بِمَكَّةَ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الصَّوْمِ وَأَرَادَ قَرِيبُهُ بِمِصْرَ الصَّوْمَ عَنْهُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ التَّفْرِيقُ بِمَا كَانَ يَلْزَمُ الْمَيِّتَ لَوْ صَامَ بِمَكَّةَ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الْمُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ، أَوْ بِقَدْرِ الْمَسَافَةِ إلَى مِصْرَ أَيْضًا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهُ فِيمَا يَلْزَمُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ لَوْ فَاتَهُ الثَّلَاثَةُ فِي الْحَجِّ إلَخْ) بَحَثَ فِي الْخَادِمِ وُجُوبَ قَضَاءِ الثَّلَاثَةِ فَوْرًا، إذَا فَاتَتْ بِغَيْرِ عُذْرٍ بِخِلَافِ السَّبْعَةِ بِرّ (تَنْبِيهٌ)
لَوْ تَرَكَ الثَّلَاثَةَ فِي الْحَجِّ لِعَارِضٍ وَغَيْرِهِ سَاغَ فِعْلُهَا فِي حَالِ الرُّجُوعِ، ثُمَّ إذَا وَصَلَ قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: أَخَّرَ السَّبْعَةَ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ. اهـ. فَانْظُرْ مَا مُرَادُهُ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ قَدْرَ مَسَافَةِ السَّيْرِ إلَى حِينِ الشُّرُوعِ فِي صَوْمِ الثَّلَاثَةِ أَيْ مَعَ أَرْبَعَةٍ أَيْضًا كَمَا أَنَّهُ، إذَا صَامَهَا فِي أَوَّلِ الرُّجُوعِ مَثَلًا لَا تَفْرِيقَ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَهُوَ مَا فِي غَيْرِ الدَّمِ الْمُرَتَّبِ الْمُقَدَّرِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ سَادِسِ ذِي الْحِجَّةِ) كَذَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَأَقَرُّوهُ وَقَالَ عَبْدُ الرَّءُوفِ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْجَمَّالِ فِي شَرْحِ الْإِيضَاحِ: يُحْرِمُ بِالْحَجِّ لَيْلَةَ الْخَامِسِ، ثُمَّ يُبَيِّتُ النِّيَّةَ وَيَصُومُهُ، وَالسَّادِسَ، وَالسَّابِعَ؛ لِأَنَّهُ يُسَنُّ فِي حَقِّهِ فِطْرُ الثَّامِنِ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ السَّفَرِ. اهـ. مَدَنِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ) هَذَا فِي التَّمَتُّعِ، وَالْقِرَانِ وَمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ، وَالْفَوَاتِ وَنَاذِرِ الْمَشْيِ، أَوْ الرُّكُوبِ إذَا أَخْلَفَهُ؛ فَإِنَّهَا الَّتِي يُمْكِنُ فِيهَا فِعْلُ الثَّلَاثَةِ فِي الْحَجِّ، أَمَّا الَّتِي لَا يُمْكِنُ فِيهَا أَدَاءُ الثَّلَاثَةِ فِي الْحَجِّ وَهِيَ مَا بَقِيَ فَيَفْصِلُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ، وَالسَّبْعَةِ بِيَوْمٍ إلَّا طَوَافَ الْوَدَاعِ فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِمُدَّةِ إمْكَانِ سَيْرِهِ مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي تَقَرَّرَ فِيهِ الدَّمُ عَلَيْهِ إلَى وَطَنِهِ وَذَلِكَ الْمَحَلُّ الَّذِي يَتَقَرَّرُ فِيهِ الدَّمُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ مَسَافَةَ الْقَصْرِ وَوَصَلَ لِوَطَنِهِ فَصَلَ بِيَوْمٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ. اهـ. شَرْحُ بَافَضْلٍ لِحَجَرٍ وَالْمَدَنِيِّ عَلَيْهِ قَالَ الْمَدَنِيُّ: وَقَدْ أَطْبَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَفْصِلُ فِيمَا مَرَّ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَفِي الْبَيَانِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَجِبُ إلَّا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَمُدَّةُ إمْكَانِ السَّيْرِ إلَى وَطَنِهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ فِي الْأَدَاءِ أَنْ يَجْعَلَ آخِرَ الثَّلَاثَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَيَنْفِرُ النَّفْرَ الْأَوَّلَ وَيَرُوحُ إلَى مَكَّةَ وَيُوَدِّعُ، ثُمَّ يَبْدَأُ بِالسَّيْرِ إلَى بَلَدِهِ آخِرَ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَهُوَ قَوِيٌّ جِدًّا فَلَوْ سَافَرَ إلَى بَلَدِهِ آخِرَ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ لَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ. اهـ. وَعِبَارَةُ سم فِي شَرْحِ ع بَعْدَ نَقْلِ مَا قَالَهُ فِي الْبَيَانِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَكَلَامُهُ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا نَفَرَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ النَّفْرَ الْأَوَّلَ. اهـ. وَقَوْلُ حَجَرٍ فِيمَا مَرَّ فَيَفْصِلُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ، وَالسَّبْعَةِ بِيَوْمٍ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِمُدَّةِ السَّفَرِ