وَبَدَلُهُ إنْ تَلِفَ كَالْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ؛ إذْ الْفِعْلُ لَا يَدُلُّ بِوَضْعِهِ.
وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيِّ، وَغَيْرِهِمَا أَنَّهَا تَكْفِي فِيمَا تُعَدُّ فِيهِ بَيْعًا؛ إذْ لَمْ يَثْبُتْ اشْتِرَاطُ لَفْظِ فَيَرْجِعُ لِلْعُرْفِ وَيَصِحُّ عَقْدُ الْأَخْرَسِ بِالْإِشَارَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الطَّلَاقِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: مِنْ زِيَادَتِهِ إذَا لَمْ يَكُ ضِمْنِيًّا الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ كَاِعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِكَذَا، فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِيجَابُ، وَالْقَبُولُ بَلْ يَكْفِي فِيهِ الِالْتِمَاسُ، وَالْجَوَابُ وَيَجُوزُ تَقَدُّمُ لَفْظِ الْمُشْتَرِي عَلَى لَفْظِ الْبَائِعِ كَمَا أَفْهَمَهُ عَطْفُ الْقَبُولِ بِالْوَاوِ: لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مَعَهُ وَمَنَعَ الْإِمَامُ تَقَدُّمَ قَبِلْت؛ إذْ لَا يَنْتَظِمُ الِابْتِدَاءُ بِهِ، وَالْأَوْجَهُ جَوَازُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي نَظِيرِهِ فِي النِّكَاحِ
. (وَكَذَا إنْ بَاعَا) أَيْ: الْوَلِيُّ مِنْ أَبٍ، أَوْ جَدٍّ (مِنْ نَفْسِهِ لِطِفْلِهِ) ، وَإِنْ نَزَلَ (مَتَاعَا، وَالْعَكْسُ) بِأَنْ بَاعَ مِنْ طِفْلِهِ لِنَفْسِهِ، وَكَذَا مِنْ طِفْلِهِ لِطِفْلِهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَنْعَقِدُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ مِنْهُ، وَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا؛ إذْ مَعْنَى التَّحْصِيلِ غَيْرُ مَعْنَى الْإِزَالَةِ وَكَالطِّفْلِ فِي ذَلِكَ الْمَجْنُونُ، وَكَذَا السَّفِيهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِي الْمَالِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَهَذَا إذَا بَلَغَ سَفِيهًا وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ الْحَاكِمُ
(لَا) بِقَبُولٍ (مِنْ وَارِثِ الْمُخَاطَبِ) بِالْإِيجَابِ فَلَوْ مَاتَ الْمُخَاطَبُ بِهِ قَبْلَ قَبُولِهِ فَقَبِلَ وَارِثُهُ لَمْ يَنْعَقِدْ وَخَرَجَ بِوَارِثِهِ وَكِيلُهُ إذَا قَبِلَ فِي حَيَاتِهِ فَفِي الْمَطْلَبِ يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ يَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ ابْتِدَاءً صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا. وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الصِّحَّةِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْوَكِيلَ كَانَ لَهُ عِنْدَ الْإِيجَابِ وِلَايَةُ الْقَبُولِ وَبِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَقَعُ لَهُ بَلْ لِمُوَكِّلِهِ، بِخِلَافِ الْوَارِثِ فِيهِمَا أَمَّا قَبُولَهُ بَعْدَ مَوْتِ مُوَكِّلِهِ، فَلَا يَصِحُّ
ــ
[حاشية العبادي]
الْفَاسِدِ فَلَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا رِضَا صَاحِبِهِ بِبَقَاءِ مَالِهِ عِنْدَهُ تَحْتَ يَدِهِ لَمْ يَجِبْ الرَّدُّ، أَوْ عَلِمَ رِضَاهُ بِانْتِفَاعِهِ بِنَحْوِ أَكْلِهِ، أَوْ لُبْسِهِ جَازَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، لَكِنْ لَا يَتَصَرَّفُ بِنَحْوِ بَيْعِهِ أَوْ هِبَتِهِ عَنْ جِهَةِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ عَنْ جِهَةِ نَفْسِهِ، وَإِنْ عَلِمَ رِضَاهُ م ر (تَنْبِيهٌ)
لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِمَّا يَرَى الْمُعَاطَاةَ كَالْمَالِكِيِّ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَهُ الْعَمَلُ بِاعْتِقَادِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ إلَّا إنْ حَكَمَ عَلَيْهِ بِهِ حَاكِمٌ يَرَى الرَّدَّ وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْآخَرِ الْعَمَلُ بِاعْتِقَادِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ وَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيمَا مَعَهُ بِنَحْوِ بَيْعٍ وَلَا بِنَحْوِ الِانْتِفَاعِ إلَّا إنْ عَلِمَ الرِّضَا فَلْيُتَأَمَّلْ فَلَوْ أَمْسَكَ الْمَالِكِيُّ مَا أَخَذَ عَمَلًا بِاعْتِقَادِهِ وَامْتَنَعَ مِنْ قَبُولِ مَا رَدَّهُ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فَهَلْ لِلشَّافِعِيِّ بَيْعُهُ عَلَى وَجْهِ الظَّفَرِ وَاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ بِمُقْتَضَى اعْتِقَادِهِ؟ لَا يَبْعُدُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ الْقَبُولِ حَيْثُ امْتَنَعَ مِنْ رَدِّ مَا بِيَدِهِ فِيمَا يَظْهَرُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ: وَبَدَلَهُ إنْ تَلِفَ) ظَاهِرُهُ وُجُوبُ رَدِّ الْبَدَلِ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ الْمَالِكُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ التَّوْبَةِ الْوَاجِبَةِ لِلْخُرُوجِ مِنْ مَعْصِيَةِ هَذَا الْعَقْدِ الْفَاسِدِ نَعَمْ إنْ عَلِمَ، أَوْ ظَنَّ رِضَاهُ بِتَأْخِيرِ رَدِّ الْبَدَلِ فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الرَّدُّ إلَّا بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ وَيُتَّجَهُ أَنْ لَا تَتَوَقَّفَ التَّوْبَةُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْأَصْلُ بَاقِيًا وَعَلِمَ، أَوْ ظَنَّ رِضَاهُ بِبَقَائِهِ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الرَّدُّ إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ وَأَنْ لَا تَتَوَقَّفَ التَّوْبَةُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَيَنْبَغِي حَيْثُ عَلِمَ، أَوْ ظَنَّ الرِّضَا بِبَقَائِهِ، أَوْ بِبَقَاءِ بَدَلِهِ تَحْتَ يَدِهِ أَنْ لَا يَكُونَ عَاصِيًا بِبَقَائِهِ تَحْتَ يَدِهِ فَلَوْ شَكَّ فِي رِضَاهُ بِبَقَائِهِ تَحْتَ يَدِهِ فَهَلْ تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ إلَى الرَّدِّ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ، أَوْ لَا تَجِبُ إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ رِضَاهُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ التَّسْلِيمُ؟ فِيهِ نَظَرٌ (تَنْبِيهٌ)
قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: هَذَا كُلُّهُ فِي الدُّنْيَا، أَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَلَا مُطَالَبَةَ؛ لِطِيبِ النَّفْسِ بِهَا. وَاخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِيهَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ وَأَقَرَّهُ. اهـ. فَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ: لِطِيبِ النَّفْسِ بِهَا عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً فَقَضِيَّتُهُ أَنْ لَا مُطَالَبَةَ فِي الْآخِرَةِ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِجْرَارِ، وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا بِالِاتِّفَاقِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ بَاعَا) يَنْبَغِي تَعَلُّقُهُ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: إنَّمَا يَنْعَقِدُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ إنْ بَاعَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: مِنْ أَبٍ، أَوْ جَدٍّ) يَنْبَغِي، أَوْ أُمٍّ بِأَنْ كَانَتْ وَصِيَّةً. (قَوْلُهُ: مِنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ) فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ إذَا وَكَّلَ الْأَبُ، وَكِيلًا لِيَبِيعَ مَالَهُ مِنْ وَلَدِهِ الطِّفْلِ أَعْنِي وَلَدَ الْمُوَكِّلِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْوَكِيلِ لَا تَصْلُحُ لِطَرَفَيْ الْعَقْدِ، فَأَمَّا إذَا وَكَّلَهُ بِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ وَتَوَلَّى الْأَبُ الطَّرَفَ الْآخَرَ فَيَجُوزُ وَيُجْعَلُ كَأَنَّ الْأَبَ يُحَصِّلُهُ بِنَفْسِهِ وَلِسَانُ الْوَكِيلِ كَلِسَانِ الْمُوَكِّلِ. اهـ. بِرّ وَكَذَا يَجُوزُ إذَا وَكَّلَ اثْنَانِ وَاحِدًا فِي طَرَفِ الْآخَرِ فِي الْآخَرِ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا إذَا وَكَّلَ عَنْ نَفْسِهِ، فَإِذَا وَكَّلَ عَنْ الطِّفْلِ فِي طَرَفِهِ وَتَوَلَّى هُوَ طَرَفُهُ، وَلَوْ بِوَكِيلٍ عَنْهُ فَيَصِحُّ أَيْضًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ.
(قَوْلُهُ: وَالْعَكْسُ) كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ يَنْبَغِي رَفْعُهُ عَلَى الِابْتِدَاءِ أَيْ: إنَّمَا يَنْعَقِدُ بِمَا ذُكِرَ
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ) أَيْ: بَيْنَ الْوَارِثِ، وَالْوَكِيلِ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَيَحْرُمُ تَعَاطِيهَا عَلَى الْقَوْلِ بِفَسَادِهَا كَبَقِيَّةِ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ قَالَ حَجَرٌ الْهَيْتَمِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلشَّمَائِلِ: يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ تَحْرِيمِ تَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ الْفَاسِدُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الصَّحِيحِ كَالْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ فَإِنَّهَا كَالصَّحِيحَةِ فِي الْعِتْقِ وَتَوَابِعِهِ. (قَوْلُهُ: وَبَدَلَهُ إنْ تَلِفَ) أَيْ: الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ، وَالْقِيمَةَ فِي الْمُتَقَوِّمِ. اهـ. وَقَوْلُنَا: وَالْقِيمَةَ أَيْ: أَقْصَى الْقِيَمِ؛ لِأَنَّهُ يُضْمَنُ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ. اهـ. جَمَلٌ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهَا تَكْفِي فِيمَا بَعْدُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ وَجَمَاعَةٌ الِانْعِقَادَ فِي كُلٍّ أَيْ: بِكُلٍّ مَا يَعُدُّهُ النَّاسُ بَيْعًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ اشْتِرَاطُ لَفْظٍ فَيُرْجَعُ لِلْعُرْفِ كَسَائِرِ الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ. اهـ. فَانْظُرْ هَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا؟ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ تَقَدُّمُ لَفْظِ الْمُشْتَرِي) وَلَوْ كَانَ لَفْظُ نَعَمْ يُفِيدُ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْمُتَوَسِّطِ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ تَقْدِيمُهُ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ جَوَازُهُ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُقْصَدَ بِهِ الْجَوَابُ بَلْ الِابْتِدَاءُ أَوْ يُطْلَقُ. اهـ. سم
(قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ بَاعَ إلَخْ) وَقِيلَ يَكْفِي أَحَدُ اللَّفْظَيْنِ وَقِيلَ: تَكْفِي النِّيَّةُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ قَوِيٌّ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ إنَّمَا اُشْتُرِطَ لِيَدُلَّ عَلَى الرِّضَا وَلَمْ يَتَقَيَّدْ بِهِ. اهـ. اهـ عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: وَكَالطِّفْلِ إلَخْ) فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ لِمُوَلِّيهِ غَيْرِ الرَّشِيدِ كَانَ أَوْلَى.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ الْحَاكِمُ) وَفِي هَذِهِ لَوْ أَقَامَهُ الْحَاكِمُ وَصِيًّا عَلَى وَلَدِهِ لَا يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ كَالْحَاكِمِ هَكَذَا رَأَيْته. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ
(قَوْلُهُ: وَكِيلُهُ) إذَا قَبِلَ فِي