للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

؛ لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ فِي الْحَالِ

(نُظِرَا) أَيْ: إنَّمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْع فِي نَافِعٍ مَنْظُورٍ أَيْ: مَرْئِيٍّ لِلْعَاقِدَيْنِ، فَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعُ مَا لَمْ يَرَيَاهُ، أَوْ أَحَدُهُمَا لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ. وَأَمَّا خَبَرُ «مَنْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إذَا رَآهُ» فَضَعِيفٌ كَمَا قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَالْبَيْهَقِيُّ (لَا قَبْلَهُ فِي غَالِبٍ تَغَيُّرَا) بِنَصْبِ تَغَيَّرَا تَمْيِيزًا أَيْ: لَا مَا رُئِيَ قَبْلَ الْعَقْدِ وَكَانَ مِمَّا يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ مِنْ وَقْتِ الرُّؤْيَةِ إلَى الْعَقْدِ كَالْأَطْعِمَةِ الَّتِي يُسْرِعُ فَسَادُهَا، فَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعُهُ دُونَ مَا لَا يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ كَالْأَوَانِي، وَالْأَرَاضِيِ، وَالنُّحَاسِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ فِيهِمَا وَدُونَ مَا يَحْتَمِلُ التَّغَيُّرَ وَعَدَمَهُ عَلَى السَّوَاءِ كَالْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْمَرْئِيِّ بِحَالِهِ فَإِنْ بَانَ مُتَغَيِّرًا خُيِّرَ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِنَّمَا تَكْفِي الرُّؤْيَةُ السَّابِقَةُ إذَا كَانَ حَالَ الْعَقْدِ ذَاكِرًا لِلْأَوْصَافِ فَإِنْ نَسِيَهَا لِطُولِ الْمُدَّةِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ بَيْعُ غَائِبٍ، وَهُوَ وَإِنْ اسْتَغْرَبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ظَاهِرٌ وَبِهِ جَزَمَ الرُّويَانِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَالَ النَّشَائِيُّ فِي نُكَتِهِ: إنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ (أَوْ بَعْضُهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي نَظَرَ أَيْ: نَظَرَ هُوَ كُلَّ الْمَبِيعِ، أَوْ بَعْضَهُ (إنْ دَلَّ) عَلَى بَاقِيهِ كَظَاهِرِ صُبْرَةِ الْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ، وَإِنْ الْتَصَقَتْ حَبَّاتُهُ، وَالدَّقِيقِ وَأَعْلَى السَّمْنَ، وَالْخَلِّ وَسَائِرِ الْمَائِعَاتِ فِي الظُّرُوفِ، بِخِلَافِ مَا لَا يَدُلُّ بَعْضُهُ عَلَى بَاقِيهِ كَصُبْرَةِ الْبِطِّيخِ، وَالسَّفَرْجَلِ، وَالرُّمَّانِ؛ لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا وَتُبَاعُ عَدَدًا، فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ رُؤْيَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهَا.

(أَوْ صِوَانٌ) بِكَسْرِ الصَّادِ وَضَمِّهَا مَا يُصَانُ فِيهِ الشَّيْءُ أَيْ: أَوْ نَظَرَ صِوَانَ بَاقِي الْمَبِيعِ، وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ كَقِشْرِ الرُّمَّانِ، وَالْبَيْضِ، وَالْخُشْكَنَانِ؛ لِأَنَّ صَلَاحَ بَاطِنِهِ فِي بَقَائِهِ فِيهِ، بِخِلَافِ جَوْزِ الْقُطْنِ وَجِلْدِ الْكِتَابِ وَنَحْوِهِمَا، وَكَذَا الْفَأْرَةُ وَفِيهَا الْمِسْكُ؛ إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِبَقَائِهِ فِيهَا كَثِيرُ صَلَاحٍ بَلْ لَوْ كَانَتْ مَفْتُوحَةً لَا يَصِحُّ أَيْضًا، وَلَا يَصِحُّ بَيْعٌ دَاخِلَ الصُّوَانِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَرْئِيٍّ، وَالصِّوَانُ الْمَرْئِيُّ غَيْرُ مَبِيعٍ، وَلَا تَكْفِي رُؤْيَةُ مَا فِي قَارُورَةٍ مِنْ وَرَائِهَا؛ لِانْتِفَاءِ تَمَامِ الْمَعْرِفَةِ وَتَعَلُّقِ صَلَاحِ بَقَائِهِ فِيهَا، بِخِلَافِ رُؤْيَةِ السَّمَكِ فِي الْمَاءِ الصَّافِي، وَالْأَرْضُ تَحْتَهُ وَيُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ كُلِّ شَيْءٍ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ فَتُعْتَبَرُ فِي الدَّارِ رُؤْيَةُ الْبُيُوتِ، وَالسُّقُوفِ، وَالسُّطُوحِ، وَالْجُدَرَانِ، وَالْمُسْتَحَمِّ، وَالْبَالُوعَةِ، وَفِي الْبُسْتَانِ رُؤْيَةُ الْأَشْجَارِ، وَالْجُدَرَانِ وَمَسَايِلِ الْمَاءِ، وَفِي الْعَبْدِ، وَالْأَمَةِ مَا عَدَا الْعَوْرَةَ، وَاللِّسَانَ، وَالْأَسْنَانَ.

وَفِي الدَّابَّةِ رُؤْيَةُ مُقَدَّمِهَا وَمُؤَخَّرِهَا وَقَوَائِمِهَا وَظَهْرِهَا، وَفِي الثَّوْبِ الصَّفِيقِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا عَلِمَ التَّوْزِيعَ قَبْلَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامِهِمْ وَاسْتَدَلَّ بِفَرْعٍ ذَكَرُوهُ فِي الْوَكَالَةِ قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ احْتَرَزَ عَمَّا إذَا فَصَّلَ الثَّمَنَ مِثْلُ بِعْتُك الْعَبْدَيْنِ بِمِائَةٍ: سِتُّونَ لِهَذَا وَأَرْبَعُونَ لِهَذَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: لَيْسَ الثَّمَنُ هُنَا وَاحِدًا بَلْ ثَمَنَيْنِ ش ع. (قَوْلُهُ: لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ فِي الْحَالِ) ، فَإِذَا عَلِمَ مَا يَخُصُّهُ قَبْلَ الْعَقْدِ صَحَّ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا فِي الْهَامِشِ فِي مَسْأَلَةِ عَبِيدِ الْجَمْعِ

(قَوْلُهُ: نَظَرًا) هُوَ بِالنَّظَرِ إلَى شَرْطِ الْعِلْمِ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْوَصْفِ فِي الْمُعَيَّنِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي؛ لِأَنَّ وَرَاءَ الْوَصْفِ أُمُورًا تَضِيقُ الْعِبَارَةُ عَنْهَا بِرّ.

(قَوْلُهُ: نَظَرًا) يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ ذِكْرِهِ مَعَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ شَرْطِ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ ذَكَرَ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ: لَا قَبْلَهُ إلَخْ وَمِنْهُ، أَوْ بَعْضُهُ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ: الَّتِي يُسْرِعُ فَسَادُهَا أَيْ: فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ. (قَوْلُهُ: دُونَ مَا لَا يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ) أَيْ: بِأَنْ غَلَبَ عَدَمُ تَغَيُّرِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَعْلَى السَّمْنِ، وَالْخَلِّ وَسَائِرِ الْمَائِعَاتِ فِي الظُّرُوفِ) كَذَا فِي الرَّوْضِ أَيْضًا وَذَكَرَ أَيْضًا قَبْلَ ذَلِكَ مَا نَصُّهُ مَعَ شَرْحِهِ: فَإِنْ عَلِمَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ أَنَّ تَحْتَهَا أَيْ: الصُّبْرَةِ دَكَّةً، أَوْ مَوْضِعًا مُنْخَفِضًا أَوْ اخْتِلَافَ أَجْزَاءِ الظُّرُوفِ الَّذِي فِيهِ الْعِوَضُ مِنْ نَحْوِ عَسَلٍ وَسَمْنٍ رِقَّةً وَغِلَظًا بَطَلَ الْعَقْدُ لِمَنْعِهَا تَخْمِينَ الْقَدْرِ فَيَكْثُرُ الْغَرَرُ نَعَمْ إنْ رَأَى ذَلِكَ قَبْلَ وَضْعِ الْعِوَضِ فِيهِ صَحَّ الْبَيْعُ لِحُصُولِ التَّخْمِينِ، وَإِنْ جَهِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا ذَلِكَ بِأَنَّ ظَنَّ أَنَّ الْمَحَلَّ مُسْتَوٍ فَظَهَرَ خِلَافَهُ خُيِّرَ مَنْ لَحِقَهُ النَّقْصُ بَيْنَ الْفَسْخِ، وَالْإِمْضَاءِ؛ إلْحَاقًا لِمَا ظَهَرَ بِالْعَيْبِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ. اهـ. وَقَدْ يَقْتَضِي تَصْوِيرَ الْجَهْلِ بِظَنِّ الِاسْتِوَاءِ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ عَدَمَهُ، أَوْ شَكَّ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فَلْيُرَاجَعْ لَوْ ذَكَرَ أَيْضًا بَعْدَ ذَلِكَ مَا نَصُّهُ، وَكَذَا أَيْ: يَكْفِي رُؤْيَةُ الْحِنْطَةِ مِنْ كُوَّةٍ، أَوْ بَابٍ مِنْ بَيْتٍ إنْ عُرِفَ عُمْقُهُ وَسِعَتُهُ، وَإِلَّا فَلَا قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَهَذَا الشَّرْطُ لَا يَخْتَصُّ بِهَذِهِ فَسَائِرُ الصُّوَرِ السَّابِقَةِ كَذَلِكَ أَيْ: فَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي كُلِّ بَيْعٍ لِمَا فِي الْوِعَاءِ جُزَافًا قَالَ: فَلَوْ ذَكَرُوهُ فِي الْجَمِيعِ كَانَ أَوْلَى بَلْ تَرْكُهُ أَصْلًا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ الْجَهْلِ بِالْمِقْدَارِ لَا عَدَمَ الرُّؤْيَةِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: وَالرُّمَّانِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ كَأَصْلِهِ: وَمِثْلُهُ الْعِنَبُ. اهـ. وَذَكَرَ فِي شَرْحِهِ مُنَازَعَةً فِيهَا. (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ كَانَتْ مَفْتُوحَةً لَا يَصِحُّ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: نَعَمْ لَوْ رَآهُ خَارِجَهَا، ثُمَّ اشْتَرَاهُ بَعْدَ رَدِّهِ إلَيْهَا، أَوْ رَآهَا فَارِغَةً، ثُمَّ مُلِئَتْ مِسْكًا لَمْ يَرَهُ، ثُمَّ رَأَى رَأْسَهَا أَيْ: رَأَى أَعْلَاهُ مِنْ رَأْسِهَا جَازَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ غَائِبٍ. (قَوْلُهُ: وَتَعَلَّقَ) مَعْطُوفٌ عَلَى تَمَامِ. (قَوْلُهُ: الْعَوْرَةَ) أَيْ: مَا بَيْنَ السُّرَّةِ، وَالرُّكْبَةِ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ: وَاللِّسَانَ، وَالْأَسْنَانَ مَعْطُوفَانِ عَلَى الْعَوْرَةَ) أَيْ مَا عَدَا الثَّلَاثَةَ حَتَّى الشَّعْرَ مِنْ عَبْدٍ، أَوْ أَمَةٍ مُطْلَقًا وَحَتَّى بَاطِنَ قَدَمِهِمَا خِلَافًا لِمَنْ نَازَعُوا فِي ذَلِكَ وَأَطَالُوا ش ع، وَكَتَبَ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ بَاطِنِ قَدَمِ الْأَمَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: مَرْئِيٍّ لِلْعَاقِدَيْنِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ فِي الرُّؤْيَةِ غَيْرَهُ، ثُمَّ يَعْقِدَ قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ عب: وَهُوَ مَا فِي الْأَنْوَارِ وَنَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ الصِّحَّةَ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعٌ مَا لَمْ يَرَيَاهُ) وَإِنْ بُولِغَ فِي وَصْفِهِ وَبَلَغَ الْمُخْبِرُ عَدَدَ التَّوَاتُرِ؛ لِأَنَّ الْعِبَارَةَ لَا تُحِيطُ بِمَا يُحِيطُ بِهِ الْبَصَرُ كَمَا فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ» . اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ جَوْزِ الْقُطْنِ) أَيْ الَّذِي يَتِمُّ صَلَاحُهُ قَبْلَ تَفَتُّحِهِ، أَمَّا مَا لَا يَتِمُّ صَلَاحُهُ إلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>