الدَّالِ وَضَمِّهَا أَيْ عِنْدَ (مَجْلِسِهِ) أَيْ: الْعَقْدِ (قَبْلَ تَخَايَرَا) أَيْ: أَنْ يَخْتَارَ الْعَاقِدَانِ لُزُومَ الْعَقْدِ هَذَا فِي الْبَيْعِ لِأَحَدِهِمَا جِنْسُهُ لِغَيْرِ مِمَّا يُشَارِكُهُ فِي عِلَّةِ الرِّبَا كَبُرٍّ بِشَعِيرٍ
. (وَ) كَذَا فِي الْبَيْعِ (لَهْ بِجِنْسِهِ) كَبُرٍّ بِبُرٍّ (بِالْعِلْمِ) أَيْ مَعَ عِلْمِ الْعَاقِدَيْنِ (بِالْمُمَاثَلَهْ) بَيْنَهُمَا رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلًا بِمِثْلٍ» وَأَنَّهُ قَالَ: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» أَيْ: مُقَابَضَةً قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَمِنْ لَازِمِهِ الْحُلُولُ، وَإِلَّا لَجَازَ تَأْخِيرُ التَّسْلِيمِ إلَى زَمَنِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَهُ، وَمِنْ لَازِمِهِ الْحُلُولُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَقَضِيَّةُ آخِرِ الْخَبَرِ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الطَّعَامِ بِالنَّقْدِ إلَّا مُقَابَضَةً لَكِنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بِالْإِجْمَاعِ. وَعِلَّةُ الرِّبَا فِي الطَّعَامِ الطَّعْمُ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ فِي الْخَبَرِ الْأَوَّلِ الْحُكْمَ بِاسْمِ الطَّعَامِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْمَطْعُومِ، وَالْمُعَلَّقُ بِالْمُشْتَقِّ مُعَلَّلٌ بِمَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ كَالْقَطْعِ، وَالْجِلْدِ الْمُعَلَّقَيْنِ بِاسْمِ السَّارِقِ، وَالزَّانِي، وَفِي جَوْهَرِيِّ الثَّمَنِ جَوْهَرِيَّتِهِ وَتَعْبِيرِ النَّظْمِ مُشْعِرٌ بِذَلِكَ، وَالطَّعَامُ
ــ
[حاشية العبادي]
يُمْكِنُ عَطْفُهُ عَلَى غَيْرُ مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ أَيْ: أَوْ وَاقِعٌ مَعَ تَأْخِيرِهِ، وَإِنْ كَانَ مَعْلُومَ التَّمَاثُلِ سم
(قَوْلُهُ: مِثْلًا بِمِثْلٍ) يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ حَالًّا مِنْ قَبِيلِ يَدًا بِيَدٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرُ مِثْلًا بِمِثْلٍ حَالَ كَوْنِهِ مِثْلًا مَبِيعًا بِمَثَلٍ. (قَوْلُهُ: سَوَاءً بِسَوَاءٍ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ مِثْلًا بِمِثْلٍ حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُمَاثَلَةِ اتِّحَادُ الْجِنْسِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ) أَيْ يُبَاعُ بِهِ (قَوْلُهُ: يَدًا بِيَدِ) أَيْ: مُقَابَضَةً أَيْ: مُتَقَابِضَيْنِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بِيَدٍ صِفَةً لِيَدٍ أَيْ: مُلْتَبِسَةٍ بِيَدٍ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَيَكْفِي قَبْضُ وَارِثِ الْعَاقِدِ لِنَفْسِهِ إنْ كَانَ حَاضِرًا وَبَقِيَ الْعَاقِدَانِ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يُعْتَبَرْ بَقَاءُ الْمَيِّتِ فِي الْمَجْلِسِ بَلْ الْمُعْتَبَرُ مَجْلِسُ الْوَارِثِ عِنْدَ بُلُوغِهِ الْخَبَرَ فَإِنْ تَعَدَّدَ اُعْتُبِرَ مَجْلِسُ الْأَخِيرِ قَالَ شَيْخُنَا: وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَحْصُلْ قَبْضٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ مَجْلِسُ مَنْ حَصَلَ مِنْهُ الْقَبْضُ إنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ الْقَبْضُ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ. اهـ. قَالَ شَيْخُنَا ذ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَارِثَ إذَا تَعَدَّدَ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ، أَوْ لَا فَفِي الْحَالَةِ الْأُولَى مَجْلِسُهُمْ مَجْلِسُ الْعَقْدِ، ثُمَّ إنْ أَقْبَضَ كُلٌّ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ، أَوْ وَكَّلُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ فِي الْإِقْبَاضِ كَفَى، ثُمَّ يُعَدُّ ذَلِكَ إنْ تَفَرَّقُوا جَمِيعًا قَبْلَ قَبْضِهِمْ مِنْ الْعَاقِدِ بَطَلَ الْعَقْدُ فَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَقَبَضَ دَامَتْ الصِّحَّةُ فَلَوْ أُقْبِضَ الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ وَلَمْ يَحْصُلْ إذْنٌ بَطَلَ فِي نَصِيبِ مَنْ لَمْ يَقْبِضْ وَلَمْ يَأْذَنْ، وَأَمَّا فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ فَابْتِدَاءُ مَجْلِسِهِمْ مِنْ بُلُوغِهِمْ الْخَبَرَ فَيُوَكِّلُونَ فِي الْإِقْبَاضِ، ثُمَّ إنْ فَارَقُوا الْمَجْلِسَ إلَّا وَاحِدًا وَقَبَضَ دَامَتْ الصِّحَّةُ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ بَطَلَ الْعَقْدُ فَإِنْ وَكَّلَ بَعْضَهُمْ فِي الْإِقْبَاضِ دُونَ الْبَعْضِ وَفَارَقَ الْبَعْضُ الثَّانِي مَجْلِسَهُ بَطَلَ فِي حِصَّتِهِ فَقَطْ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا حَفِظَهُ اللَّهُ وَهُوَ مُفَادُ ع ش. اهـ. مِنْ هَامِشِ شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ بِخَطِّ شَيْخِنَا ذ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. اهـ. وَقَوْلُ ق ل خِلَافًا لِ سم فِي الْمَيِّتِ عِبَارَةُ سم: حَاصِلُ مَا يُفِيدُهُ شَرْحُ الْمَنْهَجِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ قَبْضُ الْمَأْذُونِ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْآذِنِ الْمَجْلِسَ وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ الْوَارِثِينَ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْمُورَثَيْنِ الْمَيِّتَيْنِ قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُورَثَ بِالْمَوْتِ خَرَجَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ بِالْقَبْضِ وَعَدَمِهِ، وَالْتَحَقَ بِالْجَمَادَاتِ بِخِلَافِ الْآذِنِ. اهـ. هَذَا وَأَمَّا الْعَاقِدُ الْحَيُّ فَالْوَجْهُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ بَقَاؤُهُ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ الْآخَرُ بَلْ هُوَ كَمَا فِي الْكَاتِبِ بِالْبَيْعِ لِلْغَائِبِ. اهـ. ق ل وَقَدْ مَرَّ فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ: وَتَقَابُضٍ) أَيْ: الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ لِلْعِوَضَيْنِ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الْقَبْضِ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ، وَلَوْ مَعَ حَقِّ الْحَبْسِ فَلَا يَكْفِي الْإِبْرَاءُ وَلَا الْحَوَالَةُ وَيَبْطُلُ الْعَقْدُ بِمُجَرَّدِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا إجَازَةٌ قَبْلَ قَبْضٍ وَلَا يَكْفِي الضَّمَانُ وَإِنْ أُقْبِضَ الضَّامِنُ فِي الْمَجْلِسِ، لَكِنْ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ بِمُجَرَّدِهِ بَلْ إنْ حَصَلَ التَّقَابُضُ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، وَالتَّخَايُرِ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا. اهـ. ع ش بِالْمَعْنَى وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا ذ عَنْ شَيْخِهِ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ تَخَايَرَا) قُدِّرَتْ أَنْ كَمَا قُدِّرَتْ فِي تَسْمَعَ بِالْمُعِيدِي وَتَخَايَرَا بِصِيغَةِ الْمَاضِي. اهـ. عِرَاقِيٌّ
(قَوْلُهُ: بِالْمُمَاثَلَةِ) أَيْ يَقِينًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: مِثْلًا بِمِثْلٍ) أَيْ: حَالَةَ كَوْنِ الْمَطْعُومَيْنِ مِثْلًا مُقَابَلًا بِمِثْلٍ لَهُ أَيْ: مُتَمَاثِلَيْنِ فِي الْمِقْدَار بِاعْتِبَارِ الْكَيْلِ. (قَوْلُهُ: يَدًا بِيَدٍ) أَيْ: حَالَ كَوْنِهِمَا مَقْبُوضَيْنِ لِلْعَاقِدَيْنِ، أَوْ وَكِيلَيْهِمَا أَوْ وَارِثَيْهِمَا عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ، وَفِي الْمُغْنِي فِي قَوْلِك بِعْته أَيْ: فُلَانًا يَدًا بِيَدٍ أَيْ: مُتَقَابِضَيْنِ أَنَّ يَدًا حَالٌ مِنْ الْفَاعِلِ، وَالْمَفْعُولِ وَبِيَدٍ بَيَانٌ قَالَ سِيبَوَيْهِ: كَمَا كَانَ لَك فِي سَقْيًا لَك بَيَانًا أَيْضًا فَيَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ اُسْتُؤْنِفَ لِلتَّبْيِينِ وَفِيهِ فِي سَقْيًا لِزَيْدٍ التَّقْدِيرُ إرَادَتِي لِزَيْدِ. اهـ. وَلَعَلَّ التَّقْدِيرَ هُنَا تَقَابُضًا بِيَدٍ. اهـ. هَامِشُ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) وَأَلْفَاظُ الشَّارِحِ إذَا وَرَدَتْ مِنْهُ تُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ لَا عَلَى الْأُمُورِ النَّادِرَةِ فَلَا يُقَالُ: لَا يَلْزَمُ إرَادَةُ اللَّازِمِ غَالِبًا. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَفِي جَوْهَرِيِّ الثَّمَنِ جَوْهَرِيَّتُهُ) يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَوْهَرِ هُنَا الْحَقِيقَةُ وَقَوْلُهُمْ: وَفِي جَوْهَرَيْ الثَّمَنِ أَيْ: حَقِيقَتَيْ أَيْ: الْحَقِيقَتَانِ الْمَوْضُوعَانِ لِلثَّمَنِ، وَالْجَوْهَرِيَّةُ الْكَوْنُ حَقِيقَةٌ الثَّمَنِ. اهـ. مِنْ هَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ بِخَطِّ