مَا قُصِدَ لِطُعْمِ الْآدَمِيِّ اقْتِيَاتًا أَوْ تَأَدُّمًا، أَوْ تَفَكُّهًا، أَوْ تَدَاوِيًا وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرُوا الدَّوَاءَ فِيمَا يَتَنَاوَلُهُ الطَّعَامُ فِي الْأَيْمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلهُ فِي الْعُرْفِ الْمَبْنِيَّةِ هِيَ عَلَيْهِ وَهَذِهِ الْأَقْسَامُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْخَبَرِ السَّابِقِ فَإِنَّهُ نَصَّ فِيهِ عَلَى الْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُمَا التَّقَوُّتُ فَأُلْحِقَ بِهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا كَالْأَرُزِّ، وَالذُّرَةِ وَعَلَى التَّمْرِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ التَّأَدُّمُ، وَالتَّفَكُّهُ فَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالزَّبِيبِ، وَالتِّينِ وَعَلَى الْمِلْحِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِصْلَاحُ فَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالْمَصْطَكَى، وَالزَّنْجَبِيلِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْأَدْوِيَةِ، فَلَا رِبَا فِيمَا اخْتَصَّ بِهِ الْجِنُّ كَالْعَظْمِ، أَوْ الْبَهَائِمُ كَالْحَشِيشِ، وَالتِّبْنِ، أَوْ غَلَبَ تَنَاوُلُهَا لَهُ، أَوْ لَمْ يُقْصَدْ لِلطُّعْمِ كَالْجُلُودِ، وَالتُّرَابِ الْمَأْكُولِ سَفَهًا وَكَدُهْنِ الْكَتَّانِ وَدُهْنِ السَّمَكِ؛ لِأَنَّهُمَا مُعَدَّانِ لِلِاسْتِصْبَاحِ وَدُهْنُ السُّفُنِ لَا لِلْأَكْلِ.
وَلَا رِبَا فِي الْحَيَوَانِ، وَإِنْ جَازَ بَلْعُهُ كَصِغَارِ السَّمَكِ قَالُوا: لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ لِلْأَكْلِ عَلَى هَيْئَتِهِ، وَقَدْ «اشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ بِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ، بِخِلَافِ مَا يُؤْكَلُ نَادِرًا كَالْبَلُّوطِ، وَالطَّرْثُوثِ، وَالسَّقَمُونْيَا، وَالزَّعْفَرَانِ، وَالصَّمْغِ وَدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ، وَالْوَرْدِ، وَكَذَا التُّرَابُ الْأَرْمَنِيُّ فَإِنَّهُ يُتَدَاوَى بِهِ. وَدَخَلَ فِي الطَّعَامِ الْمَاءُ الْعَذْبُ قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: ٢٤٩] ، وَفِي جَوْهَرِيِّ الثَّمَنِ التِّبْرُ، وَالْمَضْرُوبُ، وَالْحُلِيُّ، وَالْأَوَانِي الْمُتَّخَذَةُ مِنْ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَثْمَانًا. وَتَرَكَ كَأَصْلِهِ ذِكْرَ غَالِبًا، وَإِنْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ لِإِخْرَاجِ الْفُلُوسِ إذَا رَاجَتْ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ بِجَوْهَرِيَّةِ الثَّمَنِ فَهِيَ كَغَيْرِهَا مِنْ الْعُرُوضِ إذَا جُعِلَتْ أَثْمَانًا، وَالْمُرَادُ بِالتَّقَابُضِ مَا يَعُمُّ الْقَبْضَ حَتَّى لَوْ كَانَ الْعِوَضُ مُعَيَّنًا كَفَى الِاسْتِقْلَالُ بِقَبْضِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ فَلَا تَكْفِي الْحَوَالَةُ، وَإِنْ حَصَلَ الْقَبْضُ بِهَا فِي الْمَجْلِسِ وَتَكْفِي الْوَكَالَةُ إنْ قَبَضَ الْوَكِيلُ قَبْلَ مُفَارَقَةِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: أَوْ غَلَبَ تَنَاوُلُهَا إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: كَالْقَتِّ فَإِنْ قُلْت نَفْيُ الدِّمَاءِ عَمَّا غَلَبَ تَنَاوُلُهَا لَهُ يُنَافِي تَصْرِيحَهُمْ بِثُبُوتِ الرِّبَا فِيمَا يَتَنَاوَلهُ الْآدَمِيُّ نَادِرًا قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ النَّادِرِ أَنْ لَا يَكُونَ تَنَاوُلُ غَيْرِ الْآدَمِيِّ لَهُ أَغْلَبُ فَلَا مُنَافَاةَ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ كَالْجُلُودِ) أَيْ: الْخَشِنَةِ. (قَوْلُهُ: قَالُوا: لِأَنَّهُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى التَّوَقُّفِ، وَكَأَنَّ وَجْهَهُ عَدَمُ اتِّضَاحِ الدَّلِيلِ بِالنِّسْبَةِ لِصِغَارِ السَّمَكِ.
(قَوْلُهُ: وَتَكْفِي الْوَكَالَةُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَكَذَا أَيْ يَكْفِي قَبْضُ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ مُورَثِهِ فِي الْمَجْلِسِ. اهـ. أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمَوْتِ فِي مَجْلِسِ مَوْتِ الْمُورَثِ عَلَى الْأَوْجَهِ بَلْ الْعِبْرَةُ بِمَجْلِسِ عِلْمِهِ م ر. (قَوْلُهُ: قَبْلَ مُفَارَقَةِ إلَخْ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: إذَا تَفَرَّقَا، وَلَوْ كَرْهًا، أَوْ تَخَايَرَا قَبْلَ قَبْضِ الْكُلِّ بَطَلَ وَأَثِمَا بِالتَّفَرُّقِ طَوْعًا أَيْ: مَعَ التَّذَكُّرِ إنْ لَمْ يَتَفَاسَخَا قَبْلَهُ، أَوْ بَعْدَ قَبْضِ الْبَعْضِ بَطَلَ فِي الْبَاقِي وَهَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي؟ وُجُوهٌ ثَالِثِهَا: نَعَمْ إنْ جَهِلَ انْفِسَاخَ الْبَيْعِ بِذَلِكَ. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَلَوْ كَرْهًا كَالْإِكْرَاهِ النِّسْيَانُ كَمَا فِي الْأُمِّ، وَالْجَهْلِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ نَعَمْ اعْتَمَدَ فِي الرَّوْضِ
ــ
[حاشية الشربيني]
الشَّنَوَانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: مَا قُصِدَ لِطُعْمِ الْآدَمِيِّ) بِأَنْ قُصِدَ بِهِ الْآدَمِيُّونَ خَاصَّةً، أَوْ كَانُوا أَظْهَرَ مَقَاصِدِهِ، سَوَاءٌ اخْتَصَّ بِتَنَاوُلِهِ الْآدَمِيُّونَ أَوْ غَلَبُوا فِيهِ. وَمِثْلُهُمَا فِي الْبَهَائِمِ، أَوْ اسْتَوَوْا فَهَذِهِ عَشَرَةٌ رِبَوِيَّةٌ مُطْلَقًا وَكَذَا إذَا اخْتَصَّ بِتَنَاوُلِهِ الْآدَمِيُّونَ، أَوْ غَلَبَ تَنَاوُلُهُمْ لَهُ، أَوْ اسْتَوَوْا مَعَ الْبَهَائِمِ فِي التَّنَاوُلِ، سَوَاءٌ قُصِدَ الْبَهَائِمُ اخْتِصَاصًا، أَوْ غَلَبَةً أَوْ اسْتَوَوْا فَيَكُونُ الرِّبَوِيُّ تِسْعَةَ عَشَرَ وَإِنْ اخْتَصَّ الْبَهَائِمُ بِأَكْلِهِ، أَوْ غَلَبَ أَكْلُهُمْ لَهُ فَغَيْرُ رِبَوِيٍّ، سَوَاءٌ اخْتَصَّ بِقَصْدِهِ الْبَهَائِمُ، أَوْ غَلَبَ قَصْدُهُمْ، أَوْ اسْتَوَوْا فَيَكُونُ حَاصِلُ الصُّوَرِ خَمْسَةٌ وَعِشْرِينَ تِسْعَةَ عَشْرَ رِبَوِيَّةٌ وَسِتَّةٌ غَيْرُ رِبَوِيَّةٍ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ الَّذِي لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُ. اهـ. قُوَيْسَنِيٌّ. اهـ. مَرْصِفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ وَبِتَأَمُّلِ كَلَامِ الشَّرْحِ مَعَ هَذَا يُعْلَمُ مَا فِيهِ تَدَبَّرْ وَقَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ هُوَ كَذَلِكَ فِي حَاشِيَةِ الْجَمَلِ عَلَى الْمَنْهَجِ وَبَيَّنَهُ أَتَمَّ بَيَانٍ.
(قَوْلُهُ: مَا قُصِدَ إلَخْ) أَيْ: مَا جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِتَحْصِيلِهِ لَا كُلِّ الْآدَمِيِّينَ بِشِرَاءٍ، أَوْ زِرَاعَةٍ، أَوْ ادِّخَارٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: مَا قُصِدَ لِطُعْمِ الْآدَمِيِّ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَإِنْ لَمْ يُؤْكَلْ إلَّا نَادِرًا وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَ الْمَاوَرْدِيِّ: مَا كَانَ تَنَاوَلَ الْبَهَائِمِ لَهُ أَغْلَبَ فَهُوَ غَيْرُ رِبَوِيٍّ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَمْ يُقْصَدْ لِطَعْمِ الْآدَمِيِّ غَالِبًا بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ بِالْحَشِيشِ، وَالتِّبْنِ، وَالنَّوَى. اهـ. شَوْبَرِيٌّ عَنْ شَرْحِ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: فَأُلْحِقَ بِهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا) وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّ تَحْرِيمَ الرِّبَا تَعَبُّدِيٌّ، وَالتَّعَبُّدِيُّ لَا يَدْخُلُ الْقِيَاسَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِأَنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ حُكْمٌ عَلَى الْمَجْمُوعِ بِحَيْثُ لَا يُزَادُ نَوْعٌ ثَالِثٌ عَلَى النَّقْدِ، وَالْمَطْعُومِ فَلَا يُنَافِي الْقِيَاسَ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: فِيمَا اخْتَصَّ بِهِ الْجِنُّ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْقَصْدُ فِي تَحْصِيلِهِ مِنْهُمْ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَتَنَاوَلُوا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَلَبَ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الْآدَمِيُّونَ وَلَمْ يَكُونُوا أَغْلَبَ مَقَاصِدِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ. اهـ. وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: أَوْ غَلَبَ أَيْ: مِنْ حَيْثُ الْقَصْدُ مُطْلَقًا، أَوْ مِنْ حَيْثُ الْقَصْدُ مُطْلَقًا، أَوْ مِنْ حَيْثُ التَّنَاوُلُ مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْقَصْدِ فَلَا اعْتِرَاضَ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِيهِ قَصْدًا وَتَنَاوُلًا فَرِبَوِيٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا يُؤْكَلُ نَادِرًا) اُنْظُرْ مَا مُقَابِلُ هَذَا فِي كَلَامِهِ وَلَعَلَّهُ قَوْلَهُ: لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ لِلْأَكْلِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا يُؤْكَلْ نَادِرًا) أَيْ: فَإِنَّهُ رِبَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: الطُّرْثُوثِ) بِطَاءٍ مَفْتُوحَةٍ وَرَاءٍ سَاكِنَةٍ نَبْتٌ يُؤْكَلُ. اهـ. جَمَلٌ.
(قَوْلُهُ: الْأَرْمَنِيُّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَالْمِيمِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ بِكَسْرِهِمَا نِسْبَةً إلَى إرْمِينْيَةَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ قَرْيَةٌ بِالرُّومِ وَجَزَمَ بِمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ ابْنُ النَّقِيبِ وَغَيْرُهُ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي الْحَوَالَةُ) وَيَبْطُلُ بِهَا الْعَقْدُ كَمَا