للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِأَنْ كَانَ إذْ ذَاكَ يُنَادِي عَلَيْهِ لِطَلَبِ الزِّيَادَةِ وَقَرَارِ الثَّمَنِ بِالتَّرَاضِي بِهِ صَرِيحًا بِخِلَافِ السُّكُوتِ وَغَيْرِ الصَّرِيحِ.

(وَ) يَحْرُمُ (الْبَيْعُ) عَلَى الْبَيْعِ قَبْلَ لُزُومِهِ بِأَنْ يَرْغَبَ الْمُشْتَرِي فِي الْفَسْخِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِيَبِيعَهُ خَيْرًا مِنْهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ أَوْ مِثْلَهُ بِأَقَلَّ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ» زَادَ النَّسَائِيّ «حَتَّى يَبْتَاعَ أَوْ يَذَرَ» وَالْمَعْنَى فِيهِ الْإِيذَاءُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَشَرَطَ ابْنُ كَجٍّ لِتَحْرِيمِ ذَلِكَ أَنْ لَا يَفْرُطَ غَبْنُ الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَفْرَطَ فَلَهُ أَنْ يُعَرِّفَهُ وَيَبِيعَ عَلَى بَيْعِهِ؛ لِأَنَّهُ ضَرْبٌ مِنْ النَّصِيحَةِ، قَالَ النَّوَوِيُّ انْفَرَدَ بِذَلِكَ ابْنُ كَجٍّ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ إطْلَاقِ الْحَدِيثِ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ عَلَى نَهْيِ الرَّجُلِ أَنْ يَبِيعَ الْمُشْتَرِيَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ سِلْعَةً مِثْلَ الَّتِي اشْتَرَاهَا خَشْيَةَ أَنْ يَرُدَّ الْأُولَى وَظَاهِرٌ أَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ فِيمَا قَالَهُ كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ.

(وَ) يَحْرُمُ (الشِّرَا) عَلَى الشِّرَاءِ قَبْلَ لُزُومِهِ بِأَنْ يَرْغَبَ الْبَائِعُ فِي الْفَسْخِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِيَشْتَرِيَهُ مِنْهُ بِأَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ عَلَى الْبَيْعِ وَفِي مُسْلِمٍ «الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَذَرَ» وَذِكْرُ الْمُؤْمِنِ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ؛ بَلْ لِأَنَّهُ أَسْرَعُ امْتِثَالًا وَتَوْجِيهُ ذِكْرِ الْأَخِ فِيمَا مَرَّ يَأْتِي هُنَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَحْرُمُ طَلَبُ السِّلْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِزِيَادَةِ رِبْحٍ وَالْبَائِعُ حَاضِرٌ لِأَدَائِهِ إلَى الْفَسْخِ أَوْ النَّدَمِ (عَلَى الْجَمِيعِ) أَيْ السَّوْمِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَيْ: يَحْرُمُ السَّوْمُ عَلَى السَّوْمِ وَالْبَيْعُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءُ عَلَى الشِّرَاءِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ فِيهَا مَنْ يَتَأَذَّى بِهَا فَيَرْتَفِعُ التَّحْرِيمُ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَهَلْ شَرْطُ التَّحْرِيمِ تَحْقِيقُ مَا وَعَدَ بِهِ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ؟ يَظْهَرُ اشْتِرَاطُهُ عَلَى تَعْلِيلِ حُرْمَةِ الْبَيْعِ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى الشِّرَاءِ بِالتَّسَبُّبِ إلَيْهِمَا دُونَ تَعْلِيلِهِمَا بِكَوْنِ ذَلِكَ إفْسَادًا لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ مُطْلَقًا؛ لِوُجُودِ الْمَعْنَى السَّابِقِ وَهُوَ الْإِيذَاءُ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ.

، ثُمَّ أَخَذَ النَّاظِمُ فِي بَيَانِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا فِي الْأَحْكَامِ أَوْ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ فِي الدَّوَامِ وَقَدْ ذَكَرَهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (وَصَحَّ) الْبَيْعُ (بِالْقِسْطِ) مِنْ الْمُسَمَّى (إذَا عَقْدٌ) وَاحِدٌ (جَمَعْ عَقْدَيْنِ خُلْفُ الْحُكْمِ فِيهِمَا وَقَعْ) كَبِعْتُكَ عَبْدِي وَأَجَرْتُك دَارِي سَنَةً بِكَذَا أَوْ بِعْتُك كَذَا فِي ذِمَّتِي سَلَمًا وَأَجَرْتُك دَارِي شَهْرًا بِكَذَا فَيَصِحُّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى إذَا وُزِّعَ عَلَى قِيمَةِ الْمَبِيعِ أَوْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَأُجْرَةِ الدَّارِ لِصِحَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا فَلَا يَضُرُّ الْجَمْعُ وَلَا أَثَرَ لِاخْتِلَافِ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ كَمَا لَا أَثَرَ لَهُ فِي بَيْعٍ مَشْفُوعٍ وَسَيْفٍ وَاخْتِلَافِ الْحُكْمِ فِي الْمِثَالَيْنِ بِاشْتِرَاطِ التَّأْقِيتِ فِي الْإِجَارَةِ وَبُطْلَانِ الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ بِهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ جَائِزًا كَالْبَيْعِ وَالْجِعَالَةِ إذْ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُسَابَقَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

فِي الْإِجَارَةِ عَلَى الْإِجَارَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ حَجَرٍ ش ع. (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ إذْ ذَاكَ إلَخْ) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ لِمَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ لُزُومِهِ) لَوْ كَانَ بَعْدَ اللُّزُومِ لَكِنْ هُنَاكَ تَمَكَّنَ مِنْ الْإِقَالَةِ بِسَبَبِ مُحَابَاةٍ، أَوْ خَوْفٍ فَالْوَجْهُ التَّحْرِيمُ كَمَا بَحَثَهُ الْجَوْجَرِيُّ وَقَالَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُشَكَّ فِيهِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ لُزُومِهِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ أَوْ بَعْدَ اللُّزُومِ وَوُجِدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبٌ وَلَمْ يَكُنْ التَّأْخِيرُ مُضِرًّا حَجَرٌ ش. (قَوْلُهُ: بِمِثْلِ ثَمَنِهِ إلَخْ) وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذِكْرَهُمْ الْمِثْلَ وَالْأَقَلَّ وَالْأَكْثَرَ هُنَا أَيْ: فِي الْبَيْعِ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى الشِّرَاءِ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ، بَلْ لِلْغَالِبِ ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ بَحَثَ بَعْضَ ذَلِكَ فَقَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَطْلُبَهَا مِنْ الْبَائِعِ بِزِيَادَةٍ، أَوْ بِالثَّمَنِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ حَجَرٌ ع. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْتَاعَ) يُتَأَمَّلْ مَعْنَاهُ. (قَوْلُهُ: خَشْيَةَ أَنْ يَرُدَّ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ أَنَّهُ يَأْخُذُهُمَا مَعًا فَلَا تَحْرِيمَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَذَكَرَ الدَّارِمِيُّ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ جَازَ إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ بِهِ عَنْ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: لِيَشْتَرِيَهُ مِنْهُ بِأَكْثَرَ) سَوَاءٌ طَلَبَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ، أَوْ سَأَلَهُ فِيهِ الْبَائِعُ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ وَإِنْ رَجَّحَ الْأَذْرَعِيُّ خِلَافَهُ؛ لِأَنَّ الْمَلْحَظَ الْإِيذَاءُ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِيهِمَا حَجَرٌ ع. (قَوْلُهُ: أَوْ النَّدَمِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا بَعْدَ اللُّزُومِ وَمَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَأْذَنَ فِيهَا مَنْ يَتَأَذَّى بِهَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعَاقِدُ وَلِيًّا، أَوْ وَصِيًّا، أَوْ وَكِيلًا، أَوْ نَحْوَهُ فَلَا عِبْرَةَ بِإِذْنِهِ إنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمَالِكِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ.

(قَوْلُهُ: مَا لَوْ كَانَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ جَائِزًا) قِيلَ لَيْسَ السَّبَبُ حِينَئِذٍ فِي الْمَنْعِ جَوَازَ أَحَدِهِمَا، بَلْ تَنَافِيَ أَحْكَامِهِمَا وَقَدْ يَرُدُّهُ جَوَازُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ مَعَ تَنَافِي أَحْكَامِهِمَا بِنَحْوِ اشْتِرَاطِ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ فِي السَّلَمِ دُونَ الْمَبِيعِ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْعِلَّةُ مَجْمُوعَ الْجَوَازِ وَالِاخْتِلَافِ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِعَدَمِ إمْكَانِ الْجَمْعِ فَإِنْ أُرِيدَ أَنَّ الْعَقْدَ الْوَاحِدَ لَا يُمْكِنُ اتِّصَافُهُ بِالْجَوَازِ وَاللُّزُومِ مَعًا فَقَدْ يُقَالُ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ بِاعْتِبَارَيْنِ وَجِهَتَيْنِ.

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْتَاعَ إلَخْ) لَعَلَّ مَعْنَاهُ حَتَّى يَنْظُرَ مَا يَئُولُ إلَيْهِ الْأَمْرُ بِأَنْ يَبْتَاعَ أَيْ: يَلْزَمَ الْبَيْعُ فَيَتْرُكَهُ أَوْ يَذَرَ أَيْ: يَفْسَخَ الْبَيْعَ فَيَبِيعَهُ غَيْرَهُ فَهُوَ غَايَةٌ لِمُدَّةِ مَنْعِ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ فِي الْحَدِيثِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ تَوَقُّفُ الْمُحَشِّي. (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَفْرُطَ غَبْنُ الْمُشْتَرِي) نَعَمْ تَعْرِيفُ الْمَغْبُونِ بِغَبْنِهِ لَا مَحْذُورَ فِيهِ إنْ نَشَأَ الْغَبْنُ عَنْ نَحْوِ غِشِّ الْبَائِعِ لِإِثْمِهِ حِينَئِذٍ فَلَمْ يُبَالِ بِإِضْرَارِهِ. اهـ. تُحْفَةٌ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ) وَلَا يُزَالُ الضَّرَرُ بِالضَّرَرِ. (قَوْلُهُ: مَنْ يَتَأَذَّى بِهَا) هَذَا إنْ كَانَ الْآذِنُ مَالِكًا فَإِنْ كَانَ وَلِيًّا أَوْ وَصِيًّا أَوْ وَكِيلًا أَوْ نَحْوَهُ فَلَا عِبْرَةَ بِإِذْنِهِ إنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمَالِكِ، كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ سم.

(قَوْلُهُ: وَصَحَّ الْبَيْعُ بِالْقِسْطِ إلَخْ) وَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا عِنْدَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ الْجُمْلَةُ وَلَا يُفْضِي هُنَا إلَى تَنَازُعٍ. (قَوْلُهُ: كَالْبَيْعِ وَالْجِعَالَةِ) أَيْ: وَكَإِجَارَةٍ وَجِعَالَةٍ الْمُرَادُ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ يَقْتَضِيَانِ الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ كَالرِّبَوِيِّ وَالسَّلَمِ وَإِجَارَةِ الذِّمَّةِ، أَمَّا بَيْعُ الْمُعَيَّنِ وَإِجَارَةُ الْمُعَيَّنِ فَيَصِحُّ جَمْعُهُمَا مَعَ الْجِعَالَةِ فَحِينَئِذٍ مَدَارُ الصِّحَّةِ عَلَى إمْكَانِ الْجَمْعِ وَمَدَارُ الْفَسَادِ عَلَى عَدَمِهِ وَلَيْسَ الْمَدَارُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>