للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَتَقْيِيدُهُمْ الْعَقْدَيْنِ بِاخْتِلَافِهِمَا حُكْمًا لِبَيَانِ مَحَلِّ الْخِلَافِ فَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ مُتَّفِقَيْنِ كَشَرِكَةٍ وَقِرَاضٍ كَأَنْ خَلَطَ أَلْفَيْنِ لَهُ بِأَلْفٍ لِغَيْرِهِ وَقَالَ: شَارَكْتُك عَلَى أَحَدِهِمَا وَقَارَضْتُك عَلَى الْآخَرِ فَقَبِلَ صَحَّ جَزْمًا لِرُجُوعِهِمَا إلَى الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ (أَوْ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ يَجْمَعُ) أَيْ أَوْ يَجْمَعُ الْعَقْدُ حَلَالًا أَيْ: قَابِلًا لِذَلِكَ الْعَقْدِ وَحَرَامًا أَيْ غَيْرَ قَابِلٍ لَهُ فَيَصِحُّ فِي الْحَلَالِ دُونَ الْحَرَامِ إعْطَاءً لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ.

(نَحْوُ كِتَابَةٍ وَبَيْعٍ) بِأَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ كَاتَبْتُك عَلَى نَجْمَيْنِ وَبِعْتُك كَذَا بِأَلْفٍ فَالْكِتَابَةُ تَصِحُّ بِقِسْطِهَا مِنْ الْمُسَمَّى، وَالْبَيْعُ (يُدْفَعُ) أَيْ يَبْطُلُ لِتَقَدُّمِ أَحَدِ شِقَّيْهِ عَلَى مَصِيرِ الْعَبْدِ مِنْ أَهْلِ مُبَايَعَةِ السَّيِّدِ وَنَحْوُ بَيْعِهِ خَلًّا وَخَمْرًا أَوْ عَبْدَهُ وَحُرًّا أَوْ شَاتَه وَخِنْزِيرًا فَيَصِحُّ فِي الْحَلَالِ فَقَطْ بِقِسْطِهِ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَرَامُ مَجْهُولًا لِيَتَأَتَّى التَّقْسِيطُ فَلَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ وَعَبْدًا آخَرَ بَطَلَ فِيهِمَا وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْحَرَامِ عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهُ قِيمَةً كَذَا صَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ التَّقْدِيرَ بِالشَّبَهِ فَيُقَدِّرُ الْخَمْرَ خَلًّا وَالْخِنْزِيرَ شَاةً، وَلَوْ كَانَ الْحَرَامُ غَيْرَ مَقْصُودٍ كَالدَّمِ فَيَظْهَرُ أَنَّ الصِّحَّةَ بِكُلِّ الثَّمَنِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ فِي النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْقِسْمِ مَا إذَا أَجَرَ الرَّاهِنُ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى مَحَلِّ الدَّيْنِ وَمَا إذَا اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ بِدَيْنٍ فَزَادَ عَلَيْهِ وَمَا إذَا زَادَ فِي الْعَرَايَا عَلَى الْقَدْرِ الْجَائِزِ أَوْ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ فَاضِلٍ فِي الرِّبَوِيِّ حَيْثُ مَنَعْنَاهُ كَمُدَبَّرٍ بِمَدِينٍ مِنْهُ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَبْطُلُ فِي جَمِيعِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ فِي الْحَلَالِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ.

لَكِنَّ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ آخِرًا الْبُطْلَانُ كَمَا قَالَهُ الرَّبِيعُ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: إنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ (أَوْ كَانَ) أَيْ حَصَلَ (فِي الْبَعْضِ) مِنْ الْمَبِيعِ (انْفِسَاخٌ) فَيَصِحُّ فِي بَعْضِهِ الْآخَرِ بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى إذَا وُزِّعَ عَلَيْهِمَا (وَتَلَفْ قَابِلِ إفْرَادٍ بِعَقْدٍ كَالسَّقَفْ) بِتَحْرِيكِ الْقَافِ لِلْوَزْنِ وَفَتْحِهَا لِلْخِفَّةِ وَالْمُنَاسَبَةِ أَيْ كَسَقْفِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ فَإِنَّهُ إذَا تَلِفَ حَرْقًا أَوْ نَحْوَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِيهِ وَاسْتَمَرَّتْ صِحَّتُهُ فِي الْبَاقِي بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى إذَا وُزِّعَ عَلَى قِيمَتِهِ وَقِيمَةِ التَّالِفِ وَلَا تَضُرُّ جَهَالَةُ الثَّمَنِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَتَقْيِيدُهُمْ الْعَقْدَيْنِ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ مُحْتَرَزَ الْعَقْدَيْنِ وَقَالَ غَيْرُهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ يَخْرُجُ بِهِ مَا لَوْ جَمَعَ عَقْدٌ وَاحِدٌ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ كَمَا لَوْ بَاعَ صَاعًا مِنْ الشَّعِيرِ وَثَوْبًا بِصَاعِ حِنْطَةٍ فَإِنَّ مَا يُقَابِلُ الْحِنْطَةَ مِنْ الشَّعِيرِ يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ وَمَا يُقَابِلُ الثَّوْبَ لَا يُشْتَرَطُ قَالَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ يَعْنِي الْإِرْشَادَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الْأَحْكَامِ وَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِجَرَيَانِ قَوْلَيْ التَّفْرِيقِ فِيهِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ عَبْدَيْنِ وَشَرَطَ الْخِيَارَ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا الْخِيَارَ يَوْمَيْنِ وَفِي الْآخَرِ ثَلَاثًا فَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الْأَحْكَامِ فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ: عَقْدَيْنِ لَتَنَاوَلَ ذَلِكَ بِرّ. (قَوْلُهُ: صَحَّ جَزْمًا) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْجَائِزَيْنِ يُسَامَحُ فِيهِمَا وَيُتَوَسَّعُ بِخِلَافِ اللَّازِمَيْنِ بِرّ. (قَوْلُهُ: بِقِسْطِهَا) هَلْ يُوَزِّعُ قِسْطَهَا عَلَى النَّجْمَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ، أَوْ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيَانِ كَأَنْ يَقُولَ: عَلَى نَجْمَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ مَثَلًا؟ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَرَامُ مَجْهُولًا) جَعَلَ فِي الْعُبَابِ مِنْ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ بَيْعَ مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ كَمَرْئِيٍّ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَرَامُ مَجْهُولًا أَيْ: بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ كَمَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ تَمْثِيلُهُ. (قَوْلُهُ: وَالْخِنْزِيرُ شَاةً) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضَةِ أَيْ: شَاةُ عَنْزٍ لَا شَاةُ ضَأْنٍ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْعَنْزَ فِي الشَّكْلِ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ آخِرًا الْبُطْلَانُ) اُنْظُرْ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ بَاعَ عَبْدَهُ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ أَلْفٍ تُقْسَمُ عَلَى الْمَبِيعِ وَغَيْرِهِ؟ بِرّ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ ثَمَنًا مَجْهُولٌ حَالًا ثُمَّ ابْتِدَاءً وَمَا ذُكِرَ ثَمَنًا هُنَا غَيْرُ مَجْهُولٍ وَأَمَّا ثَمَنُ الْحَلَالِ فَجَهْلُهُ ضِمْنِيٌّ لَا قَصْدِيٌّ.

ــ

[حاشية الشربيني]

الِاتِّفَاقِ فِي الْجَوَازِ وَاللُّزُومِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِمَا. اهـ. شَيْخُنَا. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ، وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا أَيْ: ز ي الصِّحَّةَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْجِعَالَةِ وَالْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ اهـ أَيْ: أَمَّا الَّذِي فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ بِلَفْظِ السَّلَمِ فَلَا يَصِحُّ جَمْعُهُ مَعَ الْجِعَالَةِ لِاقْتِضَائِهِ قَبْضَ الْعِوَضِ فِي الْمَجْلِسِ دُونَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ لَكِنْ عَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ الْجَمْعُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ لِلِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِصِحَّتِهِ وَنَقَلَ سم عَلَى التُّحْفَةِ عَنْ م ر عَنْ وَالِدِهِ أَنَّ الْعِلَّةَ مَجْمُوعُ الِاخْتِلَافِ جَوَازًا وَلُزُومًا وَأَحْكَامًا وَعَلَيْهِ لَا إشْكَالَ بِوَجْهٍ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ جَمْعُهُمَا مَعَ الْجِعَالَةِ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ التَّأْقِيتِ وَالتَّقْدِيرِ بِمَحَلِّ عَمَلٍ بِخِلَافِ الْجِعَالَةِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ مُتَّفِقَيْنِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا ذ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ اتِّفَاقُ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي الْجَائِزَيْنِ وَهُوَ مُقْتَضَى مَا نَقَلَهُ الْمُحَشِّي عَنْ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ فَلْيُحَرَّرْ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: فَيَظْهَرُ إلَخْ) وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِغَيْرِ الْمَقْصُودِ أَوْ جَاهِلًا بِهِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ س ل وَاسْتَظْهَرَهُ ز ي وَنَظَرَ فِيهِ سم لِلُحُوقِ الضَّرَرِ لِلْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى إلَخْ) قَالَ م ر لِخُرُوجِهِ بِالزِّيَادَةِ عَنْ الْوَلَايَةِ عَلَى الْعَقْدِ فَلَمْ يُمْكِنْ التَّبْعِيضُ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ الَّذِي رَجَعَ إلَخْ) رُدَّ بِأَنَّ الْمُتَأَخِّرَ إنَّمَا يَكُونُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ إذَا تَأَخَّرَ الْإِفْتَاءُ بِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ، أَمَّا إذَا ذَكَرَهُ فِي مَقَامِ الِاسْتِنْبَاطِ وَالتَّرْجِيحِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْأَوَّلِ فَلَا. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: إذَا وُزِّعَ عَلَى قِيمَتِهِ وَقِيمَةِ التَّالِفِ) فَيُقَوَّمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>